"المولوية" في العراق.. أفكارهم تهدف العبث بالمعتقدات الدينية وإنكار المراجع: هذه قصتهم
انفوبلس/ تقرير
بين الحين والآخر يعود الحديث عن "المولوية" في العراق، الحركة التي نشطت خلال السنوات الماضية خصوصاً بالمحافظات الجنوبية وبذي قار، في وقت تحذّر فيه جهات أمنية وحكومية ودينية من خطورة هذه الحركة على المجتمع العراقي.
ويعتقدون أنهم ليسوا مجرد جماعة دينية مغمورة فحسب، ولا يشكلون خطراً على المجتمع الذي نشطوا فيه خلال السنوات الماضية، بل يؤمنون بأن لديهم رسالة يسعون لتحقيقها مهما كلّفهم الأمر، لكن أفعالهم تثبت عكس ذلك، ومعطيات نشاطهم تشير إلى أنهم جماعات تتبع فكراً خاصاً يهدف العبث بالمعتقدات الدينية وإنكار أهمية المراجع العظام.
يُطلق عليهم عدة تسميات، منها (السلوكية، المولوية، أولاد الله، المهدوية). إلا إن الناس يرون فيهم حركة دينية غير مستقرة وتميل للعنف وتهدف إلى زعزعة الأمن ومهاجمة مراجع الدين، ومحاولة العبث بالمعتقدات الدينية، ويعتقدون بأن لهم صلة بدعم من جهات مجهولة وربما جهات سياسية معارضة.
مَن هم؟
المولوية تنظيم صوفي ظهر بعد سقوط النظام البائد يضم نحو أربعة آلاف شخص، ينتشرون في المحافظات الجنوبية وينشطون في ذي قار، يرتبط كل 50 شخصاً من الحركة بقيادي يسمى "المولوي"، ويعتبر أَتباع المولوية المرجعية الدينية "بِدعة".
وتعتبر الحركة أن بإمكان الإنسان أن يكون مرجعاً لنفسه، حيث إنها نشطت أواخر عام 2017 تحت اسم "السلوكية"، أو "أولاد الله"، ومن ثم تغير اسمها إلى "المهدوية"، وانتهت عند "المولوية".
*طريقة الانضمام
تقوم طريقة الدعوة وإقناع الأشخاص بالانضمام إلى "المولوية" عبر طريقتين، الأولى خلال أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام)، والطريقة الثانية عبر المقاهي أو المناسبات، حيث يقوم "المولوي" ـ كما يُسمى لديهم ـ بالجلوس مع شخص ويبدأ رحلة إقناع تستمر أحياناً لبضعة أشهر، ولا يفضل الجلوس مع أكثر من شخص، لأن المهمة تكون صعبة وحجّة الإقناع تكون ضعيفة.
*نظامهم الداخلي
يتكون نظام "المولوية" الداخلي على شكل حلقات وكل منها يتراوح أفرادها بين عشرة وخمسين شخصاً، ويكون مسؤول كل حلقة "المولى"، وكل حلقة لا تعرف تفاصيل الأخرى، وكل هذه الحلقات ـ كما يقول أحد قياديها المنشقّين ـ ليس فيها رأس هرم، وينفي وجود شخص بارز يترأس هذه الحلقات، لكن الأجهزة الأمنية تبحث عن خيط للوصول لهذا الرأس منذ ظهورها وحتى الآن.
*مكان الانتشار
يشير سير الأحداث إلى أن ظهور "المولوية" وجماعات دينية أخرى، مُتهمة بإثارة الجدل الديني بالعراق، بعد وفاة المرجع الديني المعروف محمد صادق الصدر عام 1999، وبعدها بدأت فكرة إنكار وجود مراجع دين تظهر بشكل واضح، بما يسمى بالمصطلح الديني "شطحات"، لكن نشاطهم وحركاتهم بدأت تظهر بشكل واضح بعد عام 2003 "أمثال اليماني والصرخي، وغيرهم".
وفي أبريل/ نيسان 2018، قالت اللجنة الأمنية في مجلس محافظة ذي قار جنوب العراق جبار الموسوي، إن هناك نحو أربعة آلاف عضو في جماعة أولاد الله، وتم اعتقال ما يقارب 45 شخصاً منهم حينها بعموم المحافظة، وخضعوا جميعاً لتحقيقات قاسية". مضيفا، إن "المولوية تنظيم منحرف ضد المرجعية الدينية وضد تقليد أي مرجع ديني، ويهدف إلى زعزعة الأمن".
وينشط "المولويون" بشكل خاص في أٌقضية النصر والرفاعي والشطرة شمالي محافظة ذي قار، في حين يقلّ حضورهم في مركز المحافظة وجنوبها.
*معتقداتهم
ويبرز ضمن طروحات حركة المولوية إلغاء معتقد التقليد عند المسلمين الشيعة، وهو الالتزام بتقليد مرجع معين وعدم الخروج عن رأيه، إذ ترى الحركة أنّ الإنسان يمكن أن يكون مرجعا لنفسه دون الحاجة إلى مرجع ديني معينن كما تُنفي الحركة وجوب ولاية الفقيه.
*شروط وصفات مريديهم
تضع "المولوية" عدة شروط لقاء قبول المنتمين لها، لعل أبرزها أن يكون المريد ضعيف الارتباط بالعلماء ليسهل الحطّ من مقامهم عنده، لذلك فقد ركزوا على المنتمين لبعض الفئات من ضعيفي الارتباط بالعلماء، كما يجب أن يكون قليل الثقافة الدينية (أو قليل الثقافة بصورة عامة أو جاهلاً بالعلوم الدينية خاصةً) ليصبح وعاءً يتلقّى فقط، مع ضرورة أن يكون ممن يعاني من عُقدة الاضطهاد والظلم، وكذلك الفقر، ليكون مهيّئاً للتمرّد.
تشدّد المولوية على الشخص المنتمي لها أن يكون ممن يؤمن ويعتقد بالأحلام والرؤيا والجن والسحر والغيبيات، لأن لديهم وسائل إقناع تعتمد هذا النوع، وباختصار فإن خطابهم موجّه بالدرجة الأولى لفئة الشباب الذين تجتمع فيهم صفات (ضعف الارتباط بالعلماء- الجهل- الفقر- الإحساس بالمظلومية- الاستعداد للتمرّد- البحث عن مُنقذ).
*نماذج من ممارساتهم المنحرفة
إن الإنسان الذي يعتقد بإسقاط جميع التكاليف الشرعية، وضرورة إكثار الفساد في الأرض للتعجيل بالظهور، سيكون قطعا مستعداً لفعل أي شيء يؤمَر به أو يُطلب منه، خاصة بعد تعرّضه لعمليات (غسل دماغ) وترويض على الطاعة حوّلته إلى جهاز ينفّذ فقط، لذلك فلا غرابة فيما يصدر من هؤلاء من أفعال مشينة يأباها العقل والذوق والفطرة السليمة، فهم أشبه ما يكونون (بالإنسان المسيّر).
شبكة إنفو بلس سلّطت الضوء على أبرز ممارساتهم المنحرفة، وستستعرض لكم أدناه جملة من هذه الممارسات المُشينة على سبيل المثال لا الحصر:
أ- عملية إلغاء الذات، أو نزع الذات/ حيث يؤمَر التابع بأن يصلي عرياناً، وهو ينزع ذاته ويتوجّه إلى الله عاريا من كل شيء، وهو يجب أن يطيع (المولى)- إذا أمره فعليه الطاعة، فلو قال له إن الشمس تشرق من المغرب فيجب عليه التصديق، وعليهم أن يختبروا أنفسهم في تلك اللحظات فكل من يشك أو يستغرب أو ينفر من هذا المشهد فهنالك خلل في إيمانه وعليه إصلاحه.
ب- يُجيزون الزنا، والشذوذ الجنسي، (اللواط) وأخيرا تبادل الزوجات والزنا بالمحارم، وهو حديث شاع بصورة واسعة جداً عنهم.
*خطابهم
خطاب "المولوية" هو تكفيري تخويني معارض للوضع الجديد في العراق بكل تفاصيله، بل إنه يكاد أن يتطابق مع الخطاب التكفيري الوهابي لعصابات داعش في سعيه لإسقاط العملية السياسية، بل ويتطابقان حتى في تكفير عموم الشيعة وتجويز قتلهم، وأهم معالم هذا الخطاب ما يلي:
1ـ يتفقون على الحط من شأن مراجع الدين، ويعتبرون تقليدهم باطلاً، ويثقّفون أتباعهم على أن الإمام إذا ظهر سوف يقتل جميع العلماء، لأنهم علماء ضلال.
2ـ معاداة الديمقراطية ونظام الانتخابات.
3ـ رفض الدستور.
4ـ معاداة العملية السياسية بكل تفاصيلها.
5- الإيمان بمبدأ العنف المسلح، ولديهم ميلشيات.
6- إباحتهم لاستهداف الجيش والشرطة.
7- لهم اتصالات مع المجاميع الإرهابية (الوهابية).
*تمويلهم
تقوم "المولوية" بتمويل نفسها بعدّة طرق، منها التمويل الذاتي والتبرعات، الاعتماد على رموز البعث داخل العراق، فضلا عن دعم خليجي سعودي- إماراتي- قطري مفتوح، وفق بحث كامل أجراه مركز الإمام الصادق (عليه السلام) عن هذه الحركة.
*تحذيرات كبيرة
ويحذر رجال دين من خطورة الحركة، مؤكدين أنّ وراءها فكرا سياسيا تمت توريته بغطاء ديني لإخفاء الأهداف التي تريد تحقيقها.
وقال الشيخ زامل اللامي، وهو أحد شيوخ مساجد محافظة ذي قار، إنّ الحركة ليست جديدة، بل بدأ نشاطها منذ السنوات الأولى للاحتلال الأميركي، لكنها لم تنشط بهذا الشكل، ولم يكن لها كثير من الأتباع، مبيناً أنّ نشاطها أصبح واضحا من خلال كتابات على الجدران، ومنشورات وقصاصات ورقية توزّع داخل المساجد والحسينيات، تضم طروحات تزعم أنها حركة لتحرر الفكر وكسر القيود المتوارثة.
*الانتقاص من دور المرجعية
واعتبر اللامي أنّ الحركة مرتبطة بجهات سياسية غير معروفة، ولها أيديولوجية سياسية دينية، ما يجعلها تحاول أن تنتقص من دور المرجعية الدينية وأثرها في الشارع العراقي، مبينا أنّ هذه المحاولة بائسة، إذ إنّ المرجعية أكبر من أن تتأثر بهكذا حركات.
وأشار إلى أنّه "رغم ذلك، تجب محاربة هذا الفكر دينيا وأمنيا، ونحن بدورنا كرجال دين نقوم بتوعية الشباب من خطورة هذه الحركة وأشباهها"، داعيا، القيادات الأمنية إلى القيام بدورها في اعتقال أتباع الحركة والحد من انتشارها.
*اعتقالات بالجملة
تسببت نشاطات الحركة وفكرها المتطرف، في قلق القيادات الأمنية والسياسية والدينية، وباشرت قوات الأمن بملاحقة أتباعها الذين باتوا ينشطون بشكل سري، ويعقدون لقاءات وندوات أسبوعية، تمنحها المزيد من الأتباع، خاصة من الشباب والطبقات الفقيرة وطلاب الجامعات.
تمكنت القوات الأمنية من القبض على عشرات المنتمين لهذه الحركة وفي مختلف المحافظات أبرزها ذي قار والبصرة، وكان آخر حملتهم اعتقال شخص الشهر الماضي داخل أحد المطاعم الشعبية في بغداد، بعد أن هدّد بتفجير نفسه كذباً ليتم القبض عليه وبيان أنه يرتدي حزاماً ناسفاً وهمياً صُنع من علب السكائر وموصول بأسلاك لغرض إثارة الذعر بين المواطنين، فيما ضُبطت بحوزته أوراق للحركة المولوية.