خلاف يتم التكتم عليه بين البنك المركزي العراقي والشركة المنفِّذة لمبنى زُها حديد.. هذه تفاصيله
انفوبلس/ تقرير
وسط صمت الجهات الحكومية المختصة، خاضَ البنك المركزي العراقي معركة قضائية مع الشركة المنفِّذة لمبنى زُها حديد CME Consulting على إثر خلافات تتعلق بالمستحقات، وقد انتهت بإلزام محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية، العراق بدفع مبلغ قدره 13 مليون دولار للشركة.
وتتولى شركة CME Consulting أعمال إنشاء مقر البنك المركزي الجديد الذي صمّمته المعمارية زُها حديد وسط العاصمة العراقية بغداد.
وخسر العراق دعوى قضائية في محكمة التحكيم الدولية التابعة لغرفة التجارة الدولية، وعلى إثر ذلك يتوجب عليه دفع نحو 13 مليون دولار لشركة CME Consulting التي تتولى أعمال إنشاء مقر البنك المركزي الجديد الذي صمّمته المعمارية زُها حديد، وذلك بحسب تقرير لموقع "فوربس" اطلعت عليه "انفوبلس".
وأضاف التقرير، أنه "في 26 شباط 2023، قضت محكمة التحكيم الدولية بانتهاك البنك المركزي العراقي لعقده مع شركة CME الاستشارية، وأمرت بغداد بدفع نحو 13 مليون دولار كمستحقات للشركة وبدل أتعاب وإعادة أموال خطاب الضمان".
وفي عام 2020، اختلفت شركة CME الاستشارية مع البنك المركزي العراقي إثر توقف السلطات العراقية عن سداد فواتير الشركة، ونتيجة لذلك أبلغت CME البنك المركزي أنها تخطط لتسريح موظفيها بعد 7 أشهر من عدم تسديد الفواتير، وفقا للتقرير.
13 مليون دولار على العراق تسديدها وفق حكم محكمة التحكيم الدولية:
5.8 مليون دولار مستحقات مالية لشركة CME
4.3 مليون دولار تعويضات لشركة CME
1.2 مليون دولار تكاليف الدعوى
1.7 مليون دولار أموال خطاب الضمان.
وبحسب التقرير فإنه في نيسان 2021، أُلقي القبض على روبرت بیتر (أسترالي) وخالد رضوان (مصري)، العاملان في الشركة، أثناء زيارتهما لمصطفى غالب مخيف، محافظ البنك المركزي السابق، بتهمة "الاحتيال"، وحُكم عليهما بالسجن خمس سنوات، وما زالا يقبعان في سجن المثنى ببغداد، حيث قالت CME، "نحتفظ بالثقة الكاملة في النظام القضائي العراقي الذي كان ضحية لأدلة ملفّقة ومخططات خبيثة... بمجرد سحب الأدلة الملفّقة على (روبرت بيثر وخالد رضوان)، فإن إعادة المحاكمة ستبرّئهما سريعاً".
إلى ذلك، أخفى البنك المركزي العراقي خسارته الدعوى عن الإعلام، ولم يرد على الصحافة بشأن تطوراتها، فيما لم تعلّق الحكومة بشأن مصير العاملين المعتقلين من الشركة.
بعد نحو أكثر من عقد على المباشرة بإنشائه، وتأخير لمدة طويلة عن الفترة المخصصة لاكتماله، ما زال مبنى البنك المركزي الجديد في منطقة الجادرية وسط بغداد لم يكتمل لغاية اليوم، على الرغم من استمرار العمل فيه كل تلك المدة، لكن وبسبب جائحة كورونا حدث تباطؤ بالعمل وتأجيل لموعد الافتتاح أكثر من مرة.
"مبنى زها حديد" الاسم الذي يُستخدم عادةً على ألسُن العراقيين بالحديث عن مبنى البنك المركزي الجديد كلّف قرابة الـ 800 مليون دولار، وهو مبلغ يعدّه البعض كبيراً جداً وأحد أوجه الفساد، فيما يعدّه البعض الآخر منطقيا عند مقارنته بمباني بنوك مركزية لدول أخرى، وفي كل الحالات يجمع العراقيون على جمال المبنى وأهميته كصرح بغدادي حديث.
غيث صالح، المتحدث باسم المكتب الاعلامي في البنك المركزي، كشف سابقاً العديد من تفاصيل المبنى، مؤكداً بأنه فريد من نوعه في العراق، حيث إن "المشروع يحمل الكثير من المميزات، منها الحصول على شهادة بريم للاستدامة، أي إن المبنى يُعد صديقا للبيئة، علاوة على واجهته المصمَّمة مقاومة للانفجارات، وجدرانه مقاومة للحرائق وهو مشروع لا يقبل المقارنة مع غيره من المشاريع". موضحا، أن "المشروع يتكون من 38 طابقاً وبواقع ثلاثة تحت مستوى الأرض و35 طابقا فوق مستوى سطح الأرض وبارتفاع يقارب 180 متراً وبمساحة تُقدر بحوالي 20 ألف متر مربع".
ولفت صالح، إلى أن "جميع التحديات الموجودة في المشروع تم أخذها بنظر الاعتبار من قبل المصمم منها بعض التغييرات المناخية كون المشروع مُحاطاً بنهر دجلة، حيث إن الجدار المحيط بالمبنى يصل عمقه قرابة الـ 50 متراً، إضافة إلى قيام المقاول بأعمال تقوية التربة من خلال الحقن بالكراوت تحقيقا لمتطلبات العمل". مؤكدا، أن "التأثيرات المستقبلية مأخوذة جميعها بنظر الاعتبار من قبل المصمم والمقاول أثناء عملية التنفيذ، بالإضافة إلى أن العمر الافتراضي للمبنى هو أكثر من 100 سنة".
في نهاية عام 2021، كشف البنك المركزي أن نسب الإنجاز بلغت 97 بالمئة للأعمال الكونكريتية، و70 بالمئة للهيكل الإنشائي الحديدي، والذي من المؤمّل إكمال إنجازه نهاية العام الحالي، في حين أن الأعمال الكهربائية "الكابل تراي" أُنجز منها قرابة 20 بالمئة". مبينا، أن "المقاول بدأ بالأعمال الميكانيكية ومنظومة إطفاء الحرائق والتبريد، وتضم البناية 24 مصعداً من ضمنها البانوراما المطلّة على نهر دجلة، والمصاعد الداخلة والحمل والمخصصة لنقل المكائن والمعدات مثل المولدات ومنظومة التبريد".
وسيكون مشروع زها حديد الضخم لمبنى البنك المركزي علامة فارقة في العِمارة العراقية، بحسب تأكيد المسؤول في البنك إحسان شمران الياسري الذي أشار إلى أنه سيكتمل مطلع العام المقبل 2024 بعد تأخر أكثر من عام جرّاء الاحتجاجات وجائحة كورونا، موضحاً أن "المبنى يبلغ ارتفاعه 172 متراً ومؤلفا من 38 طابقاً ثلاثة منها تحت الأرض، وتم تصميمه بعمر افتراضي 100 عام وبكلفة 772 مليون دولار وبجدار تحصيني تبلغ سماكته 573 متراً يضم 270 ركيزة بعمق 50 متراً، واشتركت في الأعمال الإنشائية شركات من فرنسا وأذربيجان وتركيا وبريطانيا، أما المنطقة التي وضع فيها المبنى فهي مطلّة على نهر دجلة قبالة القصر الجمهوري والمنطقة الخضراء".
زها حديد "مهندسة الضوء والحياة"
في العام 2016، توفيت المعمارية العراقية زها حديد عن عمرٍ ناهز الـ65 عاما، في إحدى مستشفيات ميامي بالولايات المتحدة؛ إثر إصابتها بأزمة قلبية والتي اختيرت كرابع أقوى امرأة في العالم عام 2010، ووصفت بأنها أقوى مهندسة في التاريخ. وخلال حياتها كانت قد نفّذت 950 مشروعاً في 44 دولة، ومُنحت العديد من الجوائز الرفيعة والميداليات والألقاب الشرفية في فنون العمارة.
وتعتبر حديد من أوائل النساء اللواتي حصلن على جائزة بريتزكر في الهندسة المعمارية عام 2004، وهي تعادل في قيمتها جائزة نوبل في الهندسة، وهي أول امرأة تحصل على الميدالية الذهبية الملكية ضمن جائزة ريبا للفنون الهندسية عام 2016.