مسلسل تهريب الاغنام من وإلى العراق يستمر.. الثروة الحيوانية في خطر والحكومة "غائبة"
انفوبلس/ تقرير
تهريب أعداد كبيرة من المواشي كالأبقار والأغنام بات عبئاً إضافياً يتحمله الاقتصاد العراقي وما يؤدي إلى تعرض مربّي المواشي إلى خسائر كبيرة في ظل فارق الأسعار اللافت باللحوم بين المحلّي والمهرّب والذي يصل إلى نحو 50%، حيث أعلنت هيئة الحشد الشعبي، اليوم الخميس 23 مارس/ آذار 2023، إحباط عملية تهريب 600 رأس غنم في محافظة نينوى.
*تهريب 600 رأس غنم في نينوى
وقالت هيئة الحشد الشعبي في بيان ورد لـ "انفوبلس"، إن "قوة من الفوج الثاني في اللواء 30 بالحشد الشعبي، أحبطت عملية تهريب 600 رأس غنم في محافظة نينوى اليوم الخميس الموافق 23 مارس/ آذار 2023". مبينة، إن "ذلك جاء خلال عملية نوعية نفذتها القوة، حيث أحبطت واحدة من أكبر عمليات التهريب والتي بموجبها تم ضبط أكثر من 600 رأس غنم مُعدَّة للتهريب". كما أشارت إلى، أنه "تم تسليمها إلى الجهات المختصة لتتولى إجراءاتها القانونية".
*عمليات ضبط سابقة
أعلنت وزارة الداخلية مؤخراً، إحباط عملية تهريب أغنام من قبل لواء حرس الحدود العاشر. وقالت الوزارة في بيان ورد لـ انفوبلس"، "أحكم لواء حرس الحدود العاشر، سيطرته الأمنية على عمليات التهريب، حيث تمكن الفوج الثالث من ضبط مجموعة من الأغنام التي كانت مُعدَّة للتهريب والبالغ عددها 230 رأساً". وأضافت، "إذ تم تسليمها أصوليا الى الجهات المختصة لإكمال الإجراءات القانونية".
وبين الحين والأخر تضبط القوات الأمنية، عمليات تهريب أعداد كبيرة من المواشي كالأبقار والأغنام في أغلب المحافظات العراقية وقرب الحدود المحاذية لدول الجوار.
وبسبب فقدان السيطرة على الحدود الطولية مع دول الجوار، تستمر عمليات تهريب الأغنام بشكل يومي وأمام أنظار الجميع، وفقاً لتاجر المواشي أبو أحمد الخفاجي.
وقال الخفاجي (67 عاماً)، "ورثتُ مهنة الرَّعي أبّاً عن جد، رعي الأغنام وتربية المواشي والتجارة بهما، تمثلان مصدر رزق لعوائل كثيرة تسكن قرى وأرياف مدن العراق المختلفة، لذا فإن التهريب يهدد رزق هذه العوائل لأنه يسرع في انقراض المهنة".
من جهته، قال ممثل فرع الجمعيات الفلاحية في كركوك رعد العامري، إن "مهنة رعي الأغنام في قرى محافظات كركوك وصلاح الدين وديالى ونينوى، أصبحت شبه معدومة، وتقتصر على مربيها، كون الرعاة تركوا مهنتهم بعد تضررهم بشكل كبير بفعل الأحداث الأمنية والتهريب، ولجأوا إلى العمل بمهن أخرى".
وأضاف، إن "التهريب يؤثر بصورة على الثروة الحيوانية في البلاد، حيث تضاءلت أعدادها خلال السنوات الأخيرة، كون السوق اتجه إلى استيراد اللحوم والألبان ومشتقاتها، مع انعدام الدعم الحكومي لشريحة مربّي الأغنام والمواشي وأصحاب المزارع والرُّعاة".
وتابع، إن "المواشي العراقية مرغوبة بشكل كبير في دول الجوار، لذلك فإن عمليات تهريبها مستمرة، كما أن هناك أعدادا كبيرة من الأغنام يتم تهريبها إلى العراق، لفرق الأسعار، وهذا ما يعود بالفائدة للمهرِّبين".
*هجرة جماعية لمربّي الحيوانات في صلاح الدين
أعلن اتحاد الجمعيات الفلاحية بمحافظة صلاح الدين، ترك أكثر من 60 بالمائة من مربّي الحيوانات عملهم لأسباب وظروف عديدة، فيما أوضح أن أبرز أسباب تدهور هذا القطاع الحيوي غياب الدعم الحكومي وعمليات التهريب المستمرة.
وقال رئيس الاتحاد كريم كردي، إن ظروف الجفاف للموسم الماضي وانعدام دعم الحكومة ووزارة الزراعة لقطاع الثروة الحيوانية تسبب بترك أكثر من 60 بالمائة من المربّين لمهنهم والاتجاه نحو مصالح جديدة".
وأضاف، إن وزارة الزراعة أوقفت خطط دعم المزارعين بالحبوب العلفية كالحنطة والشعير ما تسبب بتردي قطاع الثروة الحيوانية إلى جانب اضطراب وارتفاع أسعار الأعلاف المستوردة بشكل كبير إلى جانب عمليات تهريب المواشي المنظَّمة من المحافظات إلى خارج البلاد. فيما أشار كردي إلى "ارتفاع أسعار اللحوم من 12 إلى 18 ألف دينار للكيلوغرام الواحد بسبب قلّة الأغنام وتناقصها بشكل كبير".
*ألف رأس غنم يومياً عند الحدود العراقية - السورية
في نفس السياق، تقول مصادر أمنية على الحدود العراقية - السورية، إن "عمليات تهريب المواشي خلال السنوات الماضية ارتفعت بصورة كبيرة للاستفادة من الأسعار المرتفعة".
وتشير المصادر، إلى عدم وجود أرقام دقيقة لعدد الرؤوس المهرَّبة، فيما قدَّرتها بين 500 إلى 1000 رأس مهرَّب يومياً.
وعن طرق التهريب، تكشف المصادر، إن "المهرِّبين يأخذون المواشي والأغنام المُراد تهريبها بالسيارات إلى أقرب نقطة حدودية، وعند حلول الظلام تدخل الأغنام إلى الأراضي العراقية مشياً، ثم يتم تحميلها بعجلات أخرى دون أية عمليات فحص أو رقابة". كما تشير المصادر إلى تورط عشائر في محافظة الانبار بعمليات التهريب المستمرة عند الحدود السورية.
ووفقاً لتجار أغنام، فإن رأس الغنم، يُباع داخل العراق بـ300 دولار تقريباً، بينما لا يتعدى سعره في دول الجوار 100 دولار في أحسن الأحوال، وهو ما يؤثر بصورة كبيرة على أسعار اللحوم والمواشي داخل العراق.
وتُقدّر أعداد الماشية من الأغنام في العراق بنحو 12 مليون رأس، وأكثر من 7 ملايين من الماعز، ومليونين ونصف المليون من البقر، ونحو نصف مليون من الجاموس، ومثلها من الإبل، وفقا لتقديرات غير علمية سابقة صدرت عن الجهاز المركزي للإحصاء قبل عدة سنوات، لكن هذه الأرقام آخذة بالانخفاض في السنوات الأخيرة بسبب الجفاف وانحسار مناطق الرعي.
يذكر أن قطاع الثروة الحيوانية في مناطق وسط وجنوب العراق، يواجه الكثير من التحديات التي تسببت في انخفاض مستوى تربية المواشي والدواجن إلى نسبة تصل إلى أكثر من 50% خلال الفترة الماضية، بسبب عوامل عديدة، منها ارتفاع نسبة الجفاف في العراق وانعدام الدعم الحكومي لقطاع المربّين والتهريب.
* خطة لمنع تصاعد عمليات التهريب
يقترح الباحث في الشأن الاقتصادي محمد عطية، خطة لمنع تصاعد عمليات التهريب، تبدأ من خلال "تكوين قاعدة بيانات شاملة لأعداد المواشي والأغنام في العراق ومراقبة السوق بشكل مستمر، ومعرفة أماكن تواجدها وإمكانية تقديم الدعم الكامل لها".
ويضيف، "كما يجب أن يكون هناك تنسيق أمني على الحدود المشتركة مع دول الجوار لمنع عمليات التهريب، ومخاطبة البرلمان لمناقشة تدهور وضع الثروة الحيوانية داخل البلاد لغرض استضافة القادة الأمنيين وإبلاغهم بمخاطر عمليات التهريب وكيف أنها تؤثر بصورة مباشرة على الاقتصاد العراقي المحلي".
ويشكل قطاع الثروة الحيوانية ثروة وطنية هامة في مجمل النشاط الاقتصادي بشكل عام، والقطاع الزراعي بشكل خاص، ولمختلف دول العالم لدوره في توفير المنتجات الحيوانية ولا سيما الغذائية منها، كونها ذات قيمة غذائية كبيرة لصحة ونشاط الإنسان ورفاهيته، وتزداد حيوية وفاعلية هذا النشاط إذ ما أُدرج ضمن أولويات السياسة الاقتصادية العامة للبلد، وشملته رعاية خاصة واستثمارات كبيرة من خلال الدعم الحكومي الذي يقدَّم له.
حيث يُسهم الإنتاج الحيواني بجزء من إيرادات القطاع الزراعي ما يشكل موردا هاما من موارد الدخل الاقتصادي في العراق فهو يحتل المرتبة الثالثة بعد النفط والزراعة، بيد أن الثروة الحيوانية لم تحظَ بالاهتمام والعناية اللازمة للتطوير والنهوض إلى الحد الذي يؤمّن سد الحاجة المحلية من اللحوم والبيض والحليب والصوف والجلود والعسل.