إقليم كردستان ينقسم رسمياً.. السليمانية تؤسِّس لتعامل مالي "منفصل" مع بغداد في الموازنة
انفوبلس/ تقرير
وسط اعتراض إقليم كردستان على مشروع قانون الموازنة المالية العراقية لعام 2023، والذي أدى إلى تأجيل التصويت عليه رغم حسم اللجنة المالية النيابية غالبية مواد الموازنة وإعلان مجلس النواب عن موعد إقرارها أمس السبت، ظهرت فقرة جديدة كشفت عنها نائبة، تنص على التعامل مع السليمانية مُباشرة مع بغداد باعتبارها محافظة كالمحافظات الجنوبية.
وكان كل من الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الإسلامي الكردستاني قد انسحبا من اجتماعات اللجنة المالية الخميس الماضي احتجاجا على تعديل طرأ على المادتين 13 و14 من قانون الموازنة، بما عدّه الحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود البارزاني انقلابا على الاتفاقيات السياسية التي أفضت لتشكيل تحالف إدارة الدولة وتشكيل الحكومة الحالية التي يتزعمها محمد شياع السوداني.
*السليمانية تؤسِّس لتعامل مالي منفصل مع بغداد في الموازنة
النائبة عن الديمقراطي الكردستاني اخلاص الدليمي أكدت في تصريح صحافي، أن "نواب الاتحاد الوطني أضافوا فقرة للتعامل مع محافظات الإقليم مباشرة في حال عدم التزام حكومة كردستان بالاتفاق الموقع مع حكومة السوداني". مبينة، أن "الفقرة تنص على تعامل السليمانية مباشرةً مع بغداد باعتبارها محافظة مثل محافظات بابل والمثنى وصلاح الدين".
*تفاصيل الخلاف
كانت اللجنة المالية البرلمانية قد صوّتت على عدة تعديلات تتعلق بإقليم كردستان، منها تعديل في المادة (13- ثانيا- أ) التي كانت تنص على التزام إقليم كردستان بتصدير ما لا يقل عن 400 ألف برميل من النفط يوميا، في حين باتت هذه الفقرة بعد التعديل تنص على تسليم الإقليم النفط الخام المُنتَج في حقوله بمعدل لا يقل عن 400 ألف برميل يوميا إلى وزارة النفط لتصديرها عبر شركة سومو الحكومية، أو استخدامها محليا في المصافي العراقية، بحسب ما يؤكده الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي.
وأضاف المرسومي، أن التعديلات شملت النقطة (ج) من المادة ذاتها التي كانت تنص على التزام وزارة المالية بتسديد مستحقات الإقليم شهريا، وإجراء التسويات الحسابية على أساس ربع سنوي، بمعنى أن الإقليم كان يستلم مستحقاته في موازنة 2023 قبل أن يسلّم النفط، إلا أن التعديل ألزم حكومة الإقليم بتسديد إيراداتها النفطية وغير النفطية قبل أن تستلم حصتها من الموازنة.
ولا تقف التعديلات عند ذلك، إذ جرى تعديل المادة (14- أولا) التي كانت تنص على إيداع الإيرادات الكلية لنفط الإقليم في حساب مصرفي واحد، غير أن التعديل بات يلزم الإقليم بإيداع إيرادات النفط في حساب مصرفي يُفتح في البنك المركزي العراقي، في الوقت الذي كان يسعى فيه الإقليم لفتح حساب في مصرف سيتي بنك الأميركي، وفق المرسومي.
ويتفق عضو اللجنة المالية النيابية جمال كوجر مع طرح المرسومي، ويُضيف "أن التعديلات معرقلة لإرسال المستحقات المالية لمواطني الإقليم، حيث لا يمكن الاشتراط على الإقليم تنفيذ الالتزامات الواردة في التعديلات الخاصة بإلزامه تسليم النفط للحكومة الاتحادية، في وقت يمكن فيه أن تكون الحكومة الاتحادية أو شركة سومو الحكومية هي السبب في عدم إرسال الإقليم لما في ذمته من أموال أو نفط".
ويؤكد كوجر -النائب عن الاتحاد الإسلامي الكردستاني- أن "التعديلات الأخرى نصّت على أنه في حال حدوث أي خلاف في الآراء بين الطرفين، فإن الإقليم يُعطى مدة 15 يوما لتصحيح هذا الخلاف، مع الأخذ بنظر الاعتبار أنه لا يوجد في القانون ما تسمى بوجهات النظر، فضلا عن نص آخر ينص على أنه في حال عدم رضا إحدى محافظات الإقليم، فإنه يُطلب من بغداد التدخل، وهو ما يُراد به استهداف سياسي لوحدة الإقليم من خلال عزل محافظة السليمانية عن بقية المحافظات."
على الجانب الآخر، وفي تغريدة على تويتر عقب تعديل بعض بنود الموازنة، يقول حسين مؤنس عضو اللجنة المالية ورئيس حركة حقوق النيابية، إن الموازنة باتت متوازنة، والإقليم على الطريق المستقيم بعد سنين من التهرّب والتهريب.
كما عبّر رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني، عن "قلق عميق"، مما أسماها بالتغييرات التي مسّت فقرات مشروع قانون الموازنة العامة العراقية المرتبطة بالحقوق الدستورية لإقليم كردستان، وقال إنه يرفضها "تماماً".
من جهته، أكد نائب رئيس مجلس النواب شاخوان عبدالله أنه لن يتم السماح بعقد جلسة مجلس النواب للتصويت على الموازنة، في حال تعديل المادتين 13 و14 من مشروع القانون المتعلقتين باستحقاقات إقليم كردستان.
لكن كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني، أصدرت بيانا بخصوص حديث الحزب الديمقراطي الكردستاني بشأن مستحقات الإقليم في الموازنة.
وذكرت الكتلة في بيان، أنه "منذ أيام وكتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في مجلس النواب العراقي تنشر البيانات والتصريحات بلهجة غير لائقة ولا تتناسب مع مكانة وثقل العمل النيابي، وتريد تضليل شعب كوردستان، ومُنهمكة بالمزايدات البالية".
*أحداث كردستان تمهّد لانفصال السليمانية
رأى المحلل السياسي مؤيد العلي، اليوم الأحد، أن الأحداث والتوترات في إقليم كردستان، ستقود إلى انفصال السليمانية عن الإقليم، خصوصا أن الاتحاد الوطني الكردستاني يسعى لربط رواتب وتخصيصات وموازنة السليمانية بالعاصمة بغداد.
وقال العلي، إن "ما حدث في الإقليم من خلافات وتوترات ومشاجرات داخل البرلمان، فإنها خرجت عن أساليب الديمقراطية وعكست صورة سلبية عن طبيعة الأحزاب المتخاصمة في كردستان". وأضاف، إن "أحداث برلمان كردستان ستقود الى مشاكل أكبر وقد تتشعّب وتأخذ منحنيات أخرى، وربما تقود انقسام كردستان إلى قسمين، خصوصا أن الاتحاد الوطني طالب في أكثر من مرة أن تكون رواتب الموظفين وموازنة السليمانية مرتبطة بالعاصمة بغداد، بعيدا عن حكومة الإقليم".
وبيّن، إن "استمرار خلافات الأحزاب الحاكمة من دون حلول ستكون لها آثار سلبية كبيرة، وقد تصل إلى مستوى الشارع بين الحزبين الاتحاد والديمقراطي وجمهورهما، ليحدث ما لا يُحمد عقباه".
كما توقعت صحيفة "المودرن دبلوماسي" الأميركية، الشهر الماضي، "تفكك" إقليم كردستان العراق نتيجة للخلافات السياسية الكبيرة الدائرة حاليا بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، كاشفة عن وجود "مخططات" لتقسيم الإقليم.
وقالت الصحيفة، إن "مصادر من داخل الحزب أكدوا لها، بأن بافل طالباني ومجموعة من قياديي الاتحاد الوطني الكردستاني بضمنهم رئيس الجمهورية السابق برهم صالح، يبحثون الآن إمكانية استخدام (حقّهم الدستوري) بإعلان (انفصال) محافظة السليمانية عن إقليم كردستان العراق". وأشارت الصحيفة، إلى أن "الدستور العراقي يخوّل أي محافظة، أو عدة محافظات إعلان نفسها كإقليم تحت شروط بيّنتها المادة 119"، مؤكدة أن "الاتحاد الوطني يبحث الآن استخدام المادة الدستورية للتخلص من الخلافات المستمرة مع الحزب الديمقراطي الذي يقود حكومة الإقليم".
ويقاطع أعضاء الاتحاد الوطني منذ مدة جلسات مجلس الوزراء في إقليم كردستان، وأعمال الحكومة، رفضا لما يعتبره الحزب الذي يقوده بافل طالباني "احتكار الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة العائلة البارزانية لسلطة القرار والتمييز الذي يُمارَس بحق محافظة السليمانية".
وقبل عام 2003، كان هناك نظام إدارتين في إقليم كردستان، الأول في أربيل بإدارة الحزب الديمقراطي الكردستاني، والثاني في السليمانية وأطرافها بإدارة الاتحاد الوطني، قبل أن تُوحَّد في إدارة واحدة برئاسة مسعود البارزاني.