"ثغرات" مدوّية في قانون تجريم التطبيع.. خبراء وبرلمانيون يؤكدون: ضرورة تعديل بعض الفقرات وألا!؟
أنفوبلس/..
مازال الجدل البرلماني والشعبي بشأن قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني" قائما، بسبب الثغرات الكبيرة التي تكتنفه، والتي تتيح في حالات معينة تثبيت "التطبيع" مع الكيان الغاصب من خلال السماح للعدو الصهيوني بإجراء زيارات إلى مدن الوسط والجنوب في حالات معينة، حيث أنتج هذا الجدل حراكاً نيابياً لتعديل هذا القانون بالشكل الذي يكبح كل محاولات التقارب من الكيان الصهيوني، فيما وصف مراقبون للشأن السياسي، القانون بأنه "تطبيع ناعم"، مشددين على أهمية إجراء تعديل شامل لبنوده.
وصوّت مجلس النواب، الخميس الماضي على قانون لتجريم التطبيع مع "إسرائيل"، حيث ينص القانون الجديد على عقوبات، بينها السجن المؤبد أو المؤقت، ويهدف على وفق مادته الأولى إلى منع إقامة العلاقات الدبلوماسية أو السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو الثقافية أو أية علاقات من شكل آخر مع الكيان الصهيوني المحتل.
ووصف خبراء في الشأن القانوني، القانون الجديد بالمستعجل كونه يتضمّن ثغرات عدة ستنكشف عند تطبيقه بشكل فعلي، مشيرين إلى أن هناك بعض النقاط التي تُوصف بالنقد الدستوري، ومن بينها أن مشروع القانون مقتضب يتضمّن عشر فقرات مشابهة للتشريعات التي صدرت في تونس والجزائر، إذ أن مشكلة التشريعات العراقية دائماً ما تكون مقتضبة الأهداف.
وعدّت اللجنة القانونية النيابية، أن مجلس النواب استعجل في التمرير والتصويت على قانون تجريم التطبيع والتعامل مع الكيان الإسرائيلي، عازية ذلك إلى وجود ثغرات تحتاج إلى التعديل.
وكشف النائب المستقل باسم خشان، عن سبب رفضه التصويت لقانون تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني، مبينا ان القانون ومن خلال فقرته الرابعة يتيح للعراقي السفر لإسرائيل بذريعة زيارة القدس ويلزم وزير الداخلية العراقي الموافقة على ذلك.
وقال خشان في منشور على فيسبوك ان "المادة (٤) التي صوت المجلس على حذفها، وكنت الوحيد الممتنع عن التصويت على حذفها، تحظر السفر من أراضي الكيان الصهيوني وإليها، وتم استبدال بفقرة يجيز فيها السفر الى الأراضي المحتلة لأغراض دينية بموافقة وزير الداخلية".
وأضاف ان "وزير الداخلية سيلتزم بالموافقة على سفر إخواننا المسيحيين لزيارة كنيسة القيامة، وقد يرفض الآن سفر المسلمين لزيارة المسجد الأقصى، لكنه قد يقبل في المستقبل، وهذا هو بداية الطريق الى التطبيع".
وتابع انني "اشكر كل المحتفلين بمنح وزير الداخلية صلاحية الموافقة على سفر العراقيين الى الاراضي المحتلة!".
وأكد خشان انه "تم حذف الفقرة الخامسة من مسودة مشروع قانون تجريم التطبيع التي تنص على توجيه تهمة الخيانة العظمى الى رؤساء السلطات الاتحادية والاقاليم وآخرين إذا ارتكبوا جريمة التطبيع"، مشيرا الى اللجنة القانونية لم تقترح نصا بديلا عن الفقرة المحذوفة".
وتضمن القانون فقرة تخص دخول الوفود للزيارات الدينية الى العراق بموافقة وزارة الداخلية، وهذا قد يكون بداية لدخول الاسرائيليين الى العراق لأداء الزيارات الابراهيمية، خاصة وان 1 من كل 8 اسرائيليين يحمل جنسية اخرى سواء الاوروبية او الروسية او الأميركية.
وصف الخبير القانوني العراقي، علي التميمي، قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني" الذي صوت عليه مجلس النواب، بالمستعجل كونه يتضمن ثغرات عدة ستنكشف عند تطبيقه بشكل فعلي.
وقال التميمي، إن "هناك بعض النقاط التي توصف بالنقد الدستوري ومن بينها أن مشروع القانون مقتضب يتضمن عشر فقرات مشابهة للتشريعات التي صدرت في تونس والجزائر، حيث أن مشكلة التشريعات العراقية دائماً ما تكون مقتضبة الأهداف".
وأضاف أن "هذا القانون سرى على عراقيي الداخل والخارج (منتسبي المؤسسات الأمنية والمدنية، ومؤسسات الدولة بما فيها الإعلام إلى جانب الأقاليم ووسائل التواصل، فضلا عن مؤسسات المجتمع المدني".
وأشار التميمي، إلى أن "القانون غفل عن مزدوجي الجنسية ولم يشر الى معالجة تخصهم، وأيضا في المادة الثانية سرى القانون على الشركات الخاصة والمؤسسات الأجنبية والمستثمرين العاملين في العراق، إذ لم يوضح القانون كيفية التعامل معهم إذا ما كانوا موقعين عقود عمل او تعاون طويلة الأمد ولم يحدد آلية انهاء العقود أو إيفاء تلك الشركات بالتزاماتها".
وأوضح أن "من أسباب انتقاد القانون انه لم يعالج أو يحدد الجهة الرقابية التي تراقب تطبيق القانون وكيفية تحريك الشكوى، وكان حريا بهم الإشارة إلى توضيحات مهمة لخطوات تحريك الشكوى وطريقة تسجيل البلاغات وصياغتها كان من المفروض انه يحدد حق الادعاء العام في تحريك الشكوى، لأن مثل تلك الجرائم قد تحدث في الخفاء والتكتم، وبالتالي المبلغ أو المشتكي يحتاج إلى حصانة وإبعاده عن المساءلة أو الملاحقة، وتلك جزئية مهمة جداً".
ولفت الخبير القانوني، إلى أن "القانون وفي المادة الرابعة منه اعتمد فقرة الشمولية ولم يحدد الأشياء التي يشملها القانون والتي تحدد (السفر، والعلاقات أو الترويج للأفكار وأيدولوجيات وسلوكيات الترويج للتطبيع مع الكيان الصهيوني)، لكنه أكد على المادة 281 من قانون العقوبات والتي تنص على تنفيذ عقوبة الإعدام كما لم يكشف عن الاثر الرجعي في ذلك".
ونوه التميمي، إلى أن "القانون غفل عن نقطة مهمة وهي مستقبل العلاقة بين العراق والدول المطبعة مع "إسرائيل"، سواء البقاء أو قطع العلاقة"، مردفاً بالقول: "أرى لو أن المشرعين فعلوا كما فعلت تونس وهي فرض عقوبات باهظة تتلخص بالسجن عشر سنوات إلى جانب فرض غرامة مالية كبيرة كأن تكون بقيمة ثلاثين مليون دينار أو ثلاثين ألف دولار كسقف أولي قابل للتغيير بحسب مكانة ومنصب الشخص".
وتابع: "القانون لم يشير الى الرجوع للمواد 81,80 ,82 بالنسبة للمؤسسات اي مساءلة المؤسسة بما فيها الإعلامية إلى جانب انه لم يحدد العقوبة جراء الخيانة العظمى للموظفين دون الدرجات الخاصة ومن المفترض أن تسري العقوبات تلك على كل من يتورط او يدان بجرائم الخيانة العظمي كونها تتعلق بالسلوك الوطني ولا تقتصر على الرئاسات أو الوزراء وأصحاب المناصب الخاصة".؟
وخلص الخبير القانوني العراقي إلى القول، إن "هذا القانون نوه بمواده الأخيرة 10,9 إلى أنه يسري من تاريخ صدوره (نشره في الجريدة الرسمية)"، مرجحاً أن يكون "إقرار القانون مستعجلاً وفيه الكثير من الثغرات والمثالب والتي ستنكشف أكثر عند تطبيق حيثياته"
وختم التميمي، حديثه بـ"تذكير القائمين على كتابة الصيغة النهائية للقانون، بضرورة إيضاح تفصيلات ودقائق الأمور المتعلقة به، لان تلك التفصيلات لن تفتح باباً للاجتهادات وتسهل تطبيقه على أرض الواقع".