هل تتكرر فضيحة الأنبار في نينوى؟ استثناء الحشد الشعبي من التدقيق الأمني بملف شهداء محافظة نينوى يثير الشكوك والتساؤلات.. تعرّف على التفاصيل
انفوبلس..
بعد فضائح ملف الشهداء وضحايا الإرهاب في محافظة الأنبار، يبرز ملف الشهداء في محافظة نينوى والذي يحتوي على الكثير من الغموض خصوصاً مع توجيهات المحافظ الأخيرة الخاصة بالتدقيق الأمني واختياره للجهات المدققة واستثنائه للحشد الشعبي، ما أثار العديد من التساؤلات والتكهنات عن السبب الحقيقي وراء هذا الإقصاء.
تحركات الفترة الأخيرة
في السابع من شهر نيسان الجاري، كشف النائب عن محافظة نينوى نايف الشمري، عن تراكم معاملات الشهداء على رفوف مؤسسة الشهداء في المحافظة.
وقال الشمري "نسعى لفتح ملف مؤسسة الشهداء في نينوى والذي تسبب في معاناة كبيرة لذوي الشهداء وإنهاء معاناتهم التي امتدت منذ عام 2017 ولحد الان".
وطالب الشمري بـ"ضرورة معرفة ما تم انجازه من معاملات الشهداء المتراكمة على رفوف المؤسسة والتي أكل عليها الدهر وشرب".
ودعا الشمري رئيس مؤسسة الشهداء عبد الاله النائلي الى "زيارة المؤسسة في نينوى والوقوف على المعوقات التي تواجه ذوي الشهداء".
ولفت الشمري الى ان "هناك انتقائية في تسيير معاملات ذوي الشهداء وبات لزاماً إنهاءمعاناة ذوي الشهداء وإكمال معاملاتهم المركونة على الرفوف منذ سنوات".
رفع التدقيق
وفي اليوم نفسه، اعلن قائد شرطة نينوى اللواء فلاح الجربا، عن رفع التدقيق الأمني عن مليوني مواطن في المحافظة لحصولهم على البطاقة الموحدة.
وقال الجربا في مؤتمر صحفي، إنه "بناءً على توجيهات محافظ نينوى عبد القادر الدخيل تم رفع التدقيق الأمني عن مليوني مواطن من محافظة نينوى ممن حصلوا على البطاقة الموحدة".
وأوضح الجربا أنه "من حق هؤلاء المواطنين تمشية معاملاتهم في الدوائر الحكومية دون الخضوع للتدقيق الأمني مثل ختم الاستخبارات او الامن الوطني او الجهات الامنيةالاخرى".
وكان محافظ نينوى عبد القادر الدخيل قد وجه برفع التدقيق الأمني لسكان محافظة نينوى من الحاصلين على البطاقة الموحدة.
ويجري العمل في الموصل بنظام التدقيق الامني او ما يعرف بختم الاستخبارات عند المراجعة للدوائر الحكومية لتمشية المعاملات مثل الحصول على المستمسكات الثبوتية أو الحصول على سند عقار وامور اخرى.
إقصاء الحشد الشعبي
ويوم الأحد الماضي، اعلن محافظ نينوى عبدالقادر الدخيل، عن موافقة رئيس مؤسسة الشهداء على فتح باب ترويج المعاملات الخاصة بالشهداء الى نهاية 2024".
وقال الدخيل في بيان مقتضب إن "اعتماد التصريح الأمني في الجهات الأمنية في نينوى ويكون التدقيق فيه داخل بناية مؤسسة الشهداء في نينوى".
وفي كتاب صادر عن مجلس محافظة نينوى وموقع بواسطة محافظها عبد القادر الدخيل، ذكر فيه أن يكون التدقيق الأمني لمعاملات الشهداء وتعويض المتضررين والمفقودين من خلال مفاتحة مكتب التصاريح الأمنية في ديوان المحافظة إلى الجهات الأمنية المتمثلة بـ(استخبارات الداخلية، الأمن الوطني، استخبارات وأمن نينوى/ وزارة الدفاع).
استثناء الحشد الشعبي من الجهات المخولة بالتدقيق الأمني أثار تساؤلات كبيرة عما وراء هذه الخطوة، خصوصاً وإن الحشد هو الجهة صاحبة المعلومات الأكثر بهذا الشأن.
مراقبون رجحوا وجود نوايا مبيّتة لتكرار ما جرى في محافظة الأنبار عبر تمرير العديد من الإرهابيين وغير المستحقين ومنحهم تعويضات ورواتب من قبل مؤسسة الشهداء.
فضيحة الأنبار
يذكر إن هيئة النزاهة الاتحادية، كانت قد كشفت في (27 شباط 2024)، عن شمول عدد كبير من الإرهابيين والمطلوبين وعوائلهم بقانون مؤسسة الشهداء.
وذكرت الهيئة في بيان أن "الفريق المؤلف في دائرة الوقاية، قام بزيارات إلى مؤسسة الشهداء وهيئة التقاعد الوطنية ووزارتي الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية ولجنتي التعويضات المركزية الأولى والثانية في بغداد؛ للوقوف على آلية صرف مبالغ التعويضات للمتضررين من جراء العمليات الحربية والإرهابية والأخطاء العسكرية، وآلية عمل اللجان الطبية ومدى التزامها بتطبيق القوانين والأنظمة والضوابط المحددة لها".
وبينت، أن "الفريق كشف عن دفع مئات المليارات من الدنانير كرواتب وفروقات لأشخاص غير مستحقين بعد شيوع التزوير في ملف تعويضات ضحايا الإرهاب في محافظة الأنبار، وتطرق إلى أمر رئيس الوزراء بتأليف لجنة تحقيقية وتدقيقية في وزارة الدفاع لرصد المخالفات القانونية"، لافتة الى أن "دائرة الوقاية، في تقرير مرسلة نسخة منه إلى مكتب رئيس مجلس الوزراء والأمانة العامة لمجلس الوزراء ورئيس مؤسسة الشهداء ووزراء الصحة والعمل والشؤون الاجتماعية والمالية، أفادت بشمول عدد كبير من الإرهابيين والمطلوبين أو ممن عليهم مؤشرات أمنية وتزوير في معاملاتهم من بين (54,000) ألف شخص مشمول بقانون مؤسسة الشهداء في محافظة الأنبار".
وأشارت الى "عدم مراجعة (18,000) ألف منهم لهيئة التقاعد؛ بالرغم من إيقاف رواتبهم؛ مما يدل على حصول مخالفات وتزوير في ملفاتهم"، منبهة إلى أن "أعضاء اللجان الفرعية في المحافظات هم من المحافظة نفسها، وأغلبهم موظفون منسبون للعمل في اللجان؛ الأمر الذي يجعلهم عرضة للضغوط".
وتابعت، أن "التقرير أوصى بقيام وزارتي الدفاع والداخلية وجهاز الأمن الوطني والهيئة العليا للمساءلة والعدالة بتزويد مؤسسة الشهداء بالمعلومات الأمنية اللازمة بصورة دقيقة خلال مدة لا تتجاوز (15) يوما من تاريخ ورود المعاملة؛ لتلافي شمول إرهابيين ومطلوبين أو عليهم مؤشرات أمنية وتزوير في معاملاتهم بالتعويض، وتحدث عن ممارسة ضغوطات من متنفذين في المحافظة لشمول عوائلهم من المتوفين بصورة طبيعية بقانون المؤسسة".
وأوضحت، أن "اللجان التدقيقية المؤلفة في مؤسسة الشهداء دققت (8127) معاملة في المحافظة تم الكشف خلالها عن وجود (736) شخصا لم يتم تدقيق معلوماتهم الأمنية، منهم (69) صدرت بحقهم مذكرة قبض، و (657) توجد ضدهم معلومات أمنية، و(1280) حالة تزوير شهادات وفاة وتقارير طبية ومعلومات، فضلا عن (3628) كتب صحة صدور بدون إجابات، أما تقارير ديوان الرقابة المالية بخصوص تدقيق (35,149) معاملة تقاعدية في المحافظة لغاية العام 2022، فقد أثبتت وجود (17,380) قرارا باطلا تم التلاعب فيه، و(17,088) قرارا مزورا تم إيقافه"، مشددة على "حدوث حالات تزوير جديدة خلال العام 2023، ووجود (5,694) معاملة مزورة، و(5,496) قيدا مزورا تم إدخالها بنظام الباركود عبر موظفي مؤسسة الشهداء المخولين".
ووفقا للبيان، حث التقرير على "تأليف لجنة طبية مركزية تتولى إعادة فحص جميع المصابين، تبدأ من المحافظة التي شهدت حالات تزوير كبيرة؛ لتصويب نسبة الإصابة (العجز) بصورة جدية وواقعية، وكشف التزوير في أعداد المصابين والمبالغة في منح نسبة العجز الطبي من قبل اللجان الطبية في بعض المحافظات؛ كونها ترتب التزاما ماليا كبيرا على الدولة، وتابع إنه تمت ملاحظة (1,339) تقريرا طبيا مزورا، و(175) تقريرا طبيا فيه اختلاف بالاسم في دائرة اللجان الطبية في صحة الأنبار، وسرقة ملفات تعويض وباركود أشخاص مصابين وإعطائها إلى أشخاص آخرين؛ لغرض شمولهم بقانون مؤسسة الشهداء"، مشيرا إلى "وجود شبهات فساد وراء ارتفاع أعداد المصابين في محافظتي الأنبار وبابل وبنسبة عجز كبيرة جدا، الأمر الذي يترتب عليه صرف مبالغ فروقات كبيرة لكل مصاب".
ولفتت الى أنه "قارن بين أعداد المصابين في الأنبار وبابل مع بقية المحافظات، إذ بلغت النسبة في كل منهما أكثر من ضعفي عدد المصابين في بغداد ونينوى، كما أن اللجان الطبية في الديوانية شملت (2005) مصابين بالتعويض خلال العام 2019، تراوحت نسبة العجز للغالبية منهم بين (70 -80 %) وهي نسبة كبيرة تحوم حولها الشبهات، ولفت إلى عدم وجود أي معترض أمام اللجان الطبية في الأنبار؛ مما يدل على قبول الطلبات المقدمة كافة، فيما كان عدد المعترضين في بابل قليلا جدا"، وشخص التقرير أن "العمل بنظام الباركود بين مؤسسة الشهداء والهيئة الوطنية للتقاعد كان إحدى الأدوات المهمة التي استخدمها المزورون لإضافة ملفات أشخاص غير مشمولين بقانون المؤسسة، كاشفا عن وجود (886) ملفا تقدر قيمة المبالغ المهدورة جراءها ب (70,000,000,000) مليار دينار".
وبحسب الهيئة، اقترح التقرير "إيقاف عملية صرف التعويض في معاملات الشخص المعنوي لحين وضع آلية جديدة للصرف تتوخى الدقة؛ لوقف الهدر المالي الكبير واتخاذ الإجراءات اللازمة لإحالة ملفات التعويض لمحاكم البداءة للنظر في دعاوى الشركات التي أصيبت بالضرر؛ كونها الجهة المختصة الوحيدة التي تمتلك القدرة على تحديد قيمة الضرر بدقة، نظرا إلى أن قرارات التعويض تخضع للمحاباة والتأثير من جهات نافذة؛ مما يؤدي إلى استنزاف تريليونات الدنانير من أموال الدولة؛ نتيجة حجم طلبات التعويض من الشركات والمصانع والمعامل وغيرها من موارد التعويض".
وأوضحت، أنه "قارن بين أعداد معاملات تعويض الشخص المعنوي في الأنبار البالغة (13,104) مقابل (1,512) معاملة في نينوى، بالرغم من أنها الأكثر من حيث عدد السكان ومدة سيطرة عصابات داعش عليها، واسترسل إن القانون لم يحدد مدة زمنية للمطالبة بالتعويض، الأمر الذي نجم عنه صرف تعويض لأكثر من مرة للعقار نفسه؛ نتيجة رفع إضبارة التعويض من قبل أفراد العائلة وانتظار الصغير في العائلة حتى يبلغ سن الرشد لرفع معاملة التعويض مرة أخرى، داعيا لمتابعة مشروع تعديل قانون مؤسسة الشهداء مع الجهات المعنية للإسراع بإقراره من قبل السلطة التشريعية لإعطاء المؤسسة الصلاحية الكافية لتكون مسؤولة عن تأليف اللجان الفرعية، ووضع آلية محكمة؛ لتدقيق معاملات الشمول".
وبخصوص عمل اللجان الطبية في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، تطرق التقرير إلى "قلة عددها مقارنة مع زخم المراجعين الكبير؛ بسبب عدم رغبة الأطباء للعمل في تلك اللجان لانعدام الامتيازات والحوافز، وإن عملها يقوم على تقديم المصاب تقريرا طبيا صادرا عن مستشفى حكومي أو أوراق علاج أو دفتر طبي، ونبه إلى أهمية توفير الدعم لموظفي هيئة ذوي الإعاقة والاحتياجات الخاصة في الوزارة