"قمة الدوحة: التحديات العربية أمام اعتداءات إسرائيل المتصاعدة"

كتب / رسول حمزاتوف

العراقيون أطلقوا عليها قمة الدوخة، وقسم آخر يسميها قمة البوخة، وفعلا هي عبارة عن دوخة وبوخة، في مشهدٍ يعكس مأساة متجددة، وبعد ساعاتٍ فقط من قمة عربيةٍ دانت واستنكرت الاعتداءات الإسرائيلية، شنت تل أبيب غاراتٍ جويةً عنيفةً على قطاع غزة، سُمِع دويُّها في تل أبيب، مما يُعتقد أنه استخدامٌ لأسلحةٍ جديدة. لم تقتصر الاعتداءات على غزة، بل امتدت لتطال جنوب لبنان ومحيط دمشق، في تصعيدٍ عسكريٍّ يعكس استخفافًا صارخًا بالقرارات العربية، في وقتٍ يحذر فيه الجيش الإسرائيلي من أن هدفًا في ميناء الحديدة في اليمن سيتعرض لهجوم خلال الساعات القادمة، مما يشي بتوسّع رقعة الاعتداءات الإسرائيلية لتشمل مناطق أخرى في الشرق الأوسط.

في قمةٍ طارئةٍ استضافتها الدوحة، تجمعت أكثر من 50 دولةً عربيةً وإسلاميةً، حيث أدان القادة الهجوم الإسرائيلي على قطر، واصفين إياه بالاعتداء على السيادة الوطنية وتهديدًا لعملية السلام في غزة. البيان الختامي للقمة اتهم إسرائيل بارتكاب "إبادة جماعية، تطهير عرقي، وتجويع" في غزة، مشيرًا إلى أن هذه الأفعال تُبعد إمكانية السلام في المنطقة. ومع ذلك، لم تُتخذ إجراءاتٌ ملموسةٌ ضد إسرائيل، مما يعكس استمرار حالة العجز العربي الجماعي.

من جهةٍ أخرى، أصدرت الأمم المتحدة تقريرًا يتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة، مشيرةً إلى أن الحرب المستمرة منذ عامين أسفرت عن مقتل أكثر من 64,000 فلسطيني. ومع ذلك، لم تُترجم هذه الإدانة إلى تحركاتٍ عمليةٍ على الأرض.

الأسئلة المطروحة الآن: هل ستظل القمم العربية مجرد مناسباتٍ للاستهلاك الإعلامي، أم ستتحول إلى أداةٍ فعّالةٍ للدفاع عن حقوق الشعوب العربية؟ وهل ستبقى البيانات الختامية حبرًا على ورق، أم ستُترجم إلى سياساتٍ عمليةٍ تُجبر إسرائيل على احترام حقوق الإنسان والمواثيق الدولية؟

إنّ ما يحدث في غزة من قتلٍ جماعيٍّ وتدميرٍ ممنهجٍ، إضافةً إلى تهديد ميناء الحديدة في اليمن، يتطلب تحركًا عربيًا وإسلاميًا موحدًا، لا مجرد بياناتٍ تُقرأ وتُنسى. آن الأوان لتفعيل آلياتٍ عمليةٍ تُجبر المعتدي على دفع ثمن جرائمه، وتُعيد للقرارات العربية هيبتها ومصداقيتها.

إنّ غياب الموقف العربي الموحد والمُؤثر، يُشجِّع إسرائيل على الاستمرار في عدوانها، ويُفقد الشعوب العربية الثقة في مؤسساتها. لذا، فإنّ التحدي الأكبر أمام القمم العربية القادمة هو تحويل الكلمات إلى أفعال، وإثبات أن التضامن العربي ليس مجرد شعارٍ بل واقعٍ ملموسٍ، قبل أن تتحول الأزمات إلى كارثةٍ شاملةٍ تشمل مزيدًا من الأراضي والشعوب في المنطقة.

#شبكة_انفو_بلس