صفقات عسكرية بين العراق وكوريا الجنوبية تشمل طائرات وأنظمة لتعزيز القدرات الدفاعية.. تعرف عليها
الباتريوت الكوري والعقاب الذهبي
انفوبلس/..
في خطوة تعكس تنامي التعاون العسكري بين بغداد وسول، أبرم العراق وكوريا الجنوبية صفقات تسليحية شملت مقاتلات T-50 وأنظمة الدفاع الجوي M-SAM II في إطار مساعي العراق لتعزيز القدرات الدفاعية وسط تحديات إقليمية، بينما تعكس الاتفاقيات تحولًا في استراتيجية التسلح العراقية نحو تنويع مصادر التسليح وتقليل الاعتماد على الغرب.
وأعلنت وزارة الدفاع العراقية في 20 أيلول/سبتمبر 2024 عن توقيع عقد مع شركة "إل آي جي نكس ون" الكورية الجنوبية لتزويد العراق بمنظومة الدفاع الجوي والصاروخي "تشيونغونغ-2" (المعروفة أيضًا بـ"إم-سام 2")، بقيمة 2.78 مليار دولار. وبهذا العقد، يصبح العراق ثالث دولة في الشرق الأوسط تقتني هذه المنظومة بعد الإمارات والسعودية.
ويتم تصنيع الصواريخ والنظام المتكامل بواسطة شركة "إل آي جي نكس ون"، بينما توفر شركة "هانهوا سيستمز" الرادارات المتطورة، وتقوم شركة "هانهوا إيروسبيس" بتصنيع قاذفات الصواريخ والمركبات. تُعد هذه المنظومة جزءًا أساسيًا من استراتيجية الدفاع الصاروخي لكوريا الجنوبية، المصممة أساسًا للحماية من التهديدات الكورية الشمالية.
المنظومة والمواصفات
وتشير التقارير إلى أن الجانب العراقي أبدى اهتمامه بتسليم ثلاث بطاريات صواريخ من طراز M-SAM II في أسرع وقت ممكن، وهو ما ردت عليه كوريا الجنوبية بالإشارة إلى إمكانية تسليم بطاريتين أولاً.
وأكد ممثل عن إدارة برنامج المشتريات الدفاعية في كوريا الجنوبية، أن المفاوضات في مراحلها النهائية، حيث تعمل الشركات الكورية الجنوبية على استكمال التفاصيل المتبقية.
KM-SAM (الصواريخ الكورية متوسطة المدى من سطح - جو)، والمعروفة أيضًا باسم Cheolmae-2 أو Cheongung، هو نظام دفاع صاروخي كوري جنوبي طورته وكالة تطوير الدفاع (ADD) بالتعاون مع شركة Almaz-Antey الروسية وFakel، ويشتمل على تقنية من صاروخ 9M96 المستخدم في أنظمة S-350E وS-400 الروسية.
وبدأ التطوير في عام 2001، مما أدى إلى استكمال صواريخ Block-I بحلول عام 2011 وBlock-II بحلول عام 2017، ومن المقرر أن يبدأ Block-III في عام 2024. تم تصميم KM-SAM ليحل محل بطاريات MIM-23 Hawk القديمة في بنية الدفاع الصاروخي في كوريا الجنوبية، وهو جزء من استراتيجية دفاع متعددة الطبقات، تستهدف كلاً من الطائرات والصواريخ الباليستية بأنظمة توجيه تجمع بين الملاحة بالقصور الذاتي وتحديثات منتصف المسار وتوجيه الرادار النشط في المحطة.
تم نشر KM-SAM لاعتراض مجموعة من التهديدات الجوية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية. يبلغ مدى النسخة Block-I، التي بدأت في الانتشار في عام 2016، 40 كيلومترًا وسقف طيران يبلغ 15 كيلومترًا، بينما يمتد مدى النسخة Block-II، التي دخلت الخدمة منذ عام 2021، إلى 50 كيلومترًا وسقف طيران يبلغ 20 كيلومترًا، وتصل سرعتها إلى 5 ماخ. يمكن للنظام التعامل مع ما يصل إلى ستة أهداف في وقت واحد ويتضمن تدابير مضادة للحرب الإلكترونية.
وتم نشر الصاروخ بعد سلسلة من الاختبارات التشغيلية، ويسلط نشره بالقرب من المناطق الحساسة مثل الحدود البحرية مع كوريا الشمالية يسلط الضوء على دوره في استراتيجية الدفاع الإقليمية لكوريا الجنوبية.
تسليم المنظومات مطلع العام الحالي
وفي 28 تشرين الأول/أكتوبر 2024، أعلن المتحدث باسم الحكومة العراقية، باسم العوادي، عن بدء توريد هذه المنظومة مطلع العام المقبل، مؤكدًا أن "كوريا ستزودنا بمنظومات عسكرية متطورة مطلع العام المقبل".
وأضاف العوادي، أن "الحكومة تعمل على تطوير وتعزيز قدرات الدفاع الجوي، وقد خصصت المليارات من الدولارات لتعزيز هذه المنظومة، وسيتحقق ذلك في عام أو أقل"، مشيراً إلى أن "ما حصل من اختراق للكيان الصهيوني لأجواء العراق لاستهداف إيران اعتداء آثم".
تأتي هذه الخطوة في إطار جهود العراق لتنويع مصادر تسليحه وتطوير قدراته العسكرية، خاصة في مجال الدفاع الجوي، وذلك لحماية سيادته وتعزيز أمنه القومي. كما تعكس هذه الصفقة عمق العلاقات الثنائية بين العراق وكوريا الجنوبية، ورغبة البلدين في تعزيز التعاون في المجالات الدفاعية والتكنولوجية.
صفقات سابقة
يُذكر أن هذه الصفقة ليست الأولى بين العراق وكوريا الجنوبية في المجال العسكري، ففي عام 2013، أبرم العراق اتفاقًا مع شركة "كوريا إيروسبيس إنداستريز" لشراء 24 طائرة مقاتلة خفيفة من طراز "إف إيه-50" بقيمة 1.1 مليار دولار، تضمنت أيضًا تدريب الطيارين العراقيين وتقديم الدعم الفني لسلاح الجو العراقي. تسلَّمَ العراق أولى هذه الطائرات في عام 2016، مما ساهم في تعزيز قدراته الجوية.
وتُعد طائرة "تي-50" مقاتلة خفيفة ومتقدمة، طُوِّرت بالتعاون بين شركة كوريا لصناعات الطيران (KAI) وشركة لوكهيد مارتن الأمريكية. تتميز بقدرتها على أداء مهام التدريب المتقدم والعمليات القتالية الخفيفة، وتصل سرعتها القصوى إلى 1.5 ماخ (حوالي 1,837 كيلومتر في الساعة)، مع مدى يصل إلى 1,851 كيلومترا. يتضمن تسليحها مدفعًا عيار 20 ملم، وتسع نقاط تعليق للأسلحة، مما يسمح لها بحمل مجموعة متنوعة من الذخائر والصواريخ.
بدأ العراق في استلام هذه الطائرات في عام 2017، حيث وصلت الدفعة الأولى المكونة من ست طائرات في مارس من ذلك العام. تلتها الدفعة الثانية في مارس 2018، والدفعة الثالثة في أكتوبر 2018، ليصل إجمالي ما تم استلامه إلى 18 طائرة حتى ذلك الحين.
وواجهت عملية تشغيل هذه الطائرات تحديات مالية ولوجستية، مما أدى إلى تأخير في استخدامها الفعلي. ومع ذلك، في يونيو 2022، أقلعت إحدى هذه الطائرات لأول مرة في مهمة قتالية، مما يمثل تعزيزًا لقدرات العراق الجوية في مواجهة التهديدات المستمرة.
يُتوقع أن تسهم طائرات "تي-50" في تعزيز قدرات سلاح الجو العراقي، سواء في مجال التدريب المتقدم للطيارين أو في تنفيذ المهام القتالية الخفيفة، وذلك ضمن استراتيجية العراق لتطوير وتحديث قواته المسلحة.
من المتوقع أن يسهم اقتناء منظومة "تشيونغونغ-2" في تعزيز قدرات العراق الدفاعية، خاصة في مجال الدفاع الجوي، وتمكينه من التصدي لأي تهديدات محتملة قد تستهدف أجواءه. كما يُتوقع أن يفتح هذا التعاون آفاقًا جديدة للتعاون العسكري والتقني بين العراق وكوريا الجنوبية في المستقبل.
نهج جديد في المشتريات العسكرية
وأعلن وزير الدفاع العراقي ثابت العباسي، في 9 سبتمبر 2024، أن عقد منظومة الدفاع الجوي الصاروخية الكورية الجنوبية "تشيونغونغ 2" (إم-سام 2) قد اكتمل وسيتم توقيعه الأسبوع المقبل ـحينهاـ .
ويشمل العقد ثماني بطاريات من هذا النظام، المعروف أيضًا باسم "باتريوت الكوري"، ومن المتوقع أن تبلغ قيمته حوالي 3.5 تريليون وون كوري، أو ما يقرب من 2.63 مليار دولار.
كما ذكر العباسي اتفاقيات جديدة تهدف إلى تطوير وتحديث مدفعية الجيش العراقي، بما في ذلك عقد هاوتزر ذاتي الحركة فرنسي من طراز "سيزار" عيار 155 ملم وخطط لتحديث دبابات "إم1 إيه1 أبرامز".
وأضاف، أن نهج العراق في المشتريات العسكرية تغير في عهد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، حيث سمحت اللجان الفنية بشروط دفع مرنة لعقود الأسلحة الممتدة على مدى ثماني سنوات لتقليل التأثير على الميزانية الوطنية.
أميركا غير راضية
وكشف تقرير لشبكة تاكتيكال ريبورت المعنية بالشؤون العسكرية في 7 حزيران 2024، أن الموقف الأمريكي من مساعي العراق للتعاقد مع كوريا الجنوبية لشراء منظومات دفاع جوية، لا يزال حتى اللحظة "غير راض".
وقالت الشبكة، إن "العراق وبعد رفض الولايات المتحدة مدَّهُ بأنظمة الدفاع الجوي المتطورة للسنوات الماضية، توجه الآن نحو كوريا الجنوبية، حيث عُقد اجتماعا بين وزير الدفاع ثابت العباسي ونظيره الكوري الجنوبي شين وون سيلك خلال شهر مارس الماضي وبحث خلاله اقتناء العراق لأنظمة ام سام للدفاع الجوي.
وتابعت، "الولايات المتحدة غير راضية على الصفقة لأنها تحمل معها إشارات الى تعاون عسكري أوسع بين العراق وكوريا الجنوبية، الأمر الذي سيسبب الضرر للشركات الأمريكية المصنّعة للأسلحة ويقلل من اعتماد العراق على الجانب الأمريكي".