مركز النجف يسجل رقماً قياسياً عالمياً جديداً في جراحات القلب القسطارية المتقدمة
قفزة نوعية في الطب العراقي
انفوبلس..
في إنجاز طبي يعكس التطور المتسارع للرعاية القلبية في العراق، سجّل مركز النجف لجراحة القلب والتداخل القسطاري محطة عالمية جديدة بعدما نجح في تنفيذ أسرع عملية زراعة صمام أبهري قسطاري في العالم، وذلك خلال مشاركته في مؤتمر الجمعية الخليجية لقسطرة القلب في دبي.
ويأتي هذا التطور ضمن سلسلة نجاحات متراكمة حققها المركز وغيره من المؤسسات الطبية العراقية، التي تعزز مكانة البلاد على خارطة الابتكار الطبي الدولي.
إنجاز عالمي جديد للطب العراقي
وسجّل مركز النجف لجراحة القلب والتداخل القسطاري إنجازاً استثنائياً خلال مشاركته في فعاليات النسخة الثامنة من المؤتمر السنوي للجمعية الخليجية لقسطرة القلب (GIS) في دبي، حيث نفّذ الفريق الطبي أسرع عملية زراعة صمام أبهري قسطاري في العالم باستخدام تقنية (TAVI)، وبمدة قياسية لم تتجاوز 15 دقيقة.
العملية، التي أجريت لمريضة في منتصف العقد السابع تعاني من ضعف عضلة القلب، تم بثها مباشرة عبر تطبيق "زوم" على شاشة كبيرة داخل قاعة المؤتمر، ما أتاح لأكثر من 200 خبير عالمي متابعة تفاصيل التدخل القسطاري خطوة بخطوة.
خبرات تُنافس المراكز الدولية
الدكتور خالد عنبر الأعرجي، مدير المركز ورئيس الفريق الطبي، أوضح أن النجاح الاستثنائي للعملية يعكس تراكم خبرات طويلة للفريق العراقي، مشيراً إلى أن مركز النجف سبق أن دخل موسوعة غينيس للأرقام القياسية في عام 2019 بتحقيق أسرع تدخل قسطاري عالمي.
وقد حظي الإنجاز بإشادة واسعة من المشاركين في المؤتمر، الذين أكدوا قدرة الفريق العراقي على معالجة التحديات التقنية شديدة التعقيد بدقة عالية وفي وقت قياسي.
مشاركة علمية واسعة في مؤتمر دبي
وأشار مركز النجف، في بيان رسمي، إلى أن وفده برئاسة الدكتور ظافر محمد سلمان، شارك في 33 جلسة علمية و195 محاضرة و20 ورشة عمل، خلال أيام المؤتمر الثلاثة، بالتعاون مع مؤسسات طبية عالمية مثل جمعية القلب الأميركية، ومؤسسة الإمارات للخدمات الصحية، وهيئة الصحة بدبي.
كما ناقش المؤتمر أكثر من 100 حالة قلبية معقدة، واستعرض أحدث الحلول للتعامل مع الصدمات القلبية، إضافة إلى تطبيق الإرشادات المستحدثة لعلاج متلازمة الشريان التاجي الحاد لعام 2025.
وشهدت الفعاليات بثاً مباشراً لثمانية تدخلات قسطارية دقيقة من مراكز طبية في العراق والسعودية وسلطنة عمان وإيطاليا والولايات المتحدة والإمارات.
تعزيز مكانة العراق عالمياً
وأكد الأعرجي أن مشاركة المركز لم تكن مجرد عرض لإنجاز طبي، بل تأتي ضمن استراتيجية تهدف إلى تعزيز حضور العراق على الساحة الطبية العالمية، وتطوير قدرات الكوادر العراقية عبر تبادل الخبرات مع المراكز الدولية.
وأضاف أنّ المركز يسعى إلى نقل أحدث المهارات والتقنيات إلى داخل العراق، بما يسهم في رفع كفاءة الأطباء الشباب وتمكينهم من التعامل مع الحالات شديدة الخطورة.
القسطرة بديلاً عن الجراحة المفتوحة
وفي سياق متصل، وضمن التطورات المتسارعة في طب القلب العراقي، أعلن مركز ابن البيطار التخصّصي في بغداد عن تنفيذ خمس عمليات قسطارية لزراعة الصمام الأبهري دون اللجوء إلى عمليات القلب المفتوح، باستثناء حالة واحدة تطلبت إصلاح الشريان الفخذي.
الدكتور وسام صالح العبيدي، مدير المركز، أكد أن هذه التدخلات تمثل نقلة نوعية في علاج حالات تضيّق الصمام الأبهري لدى المرضى كبار السن أو ممن يعانون من مخاطر عالية تمنعهم من الخضوع للجراحة التقليدية.
من جهته، أوضح الاستشاري الدكتور أمجد المندلاوي أن المركز نظم ورشة عمل مشتركة مع خبير أجنبي لتنفيذ عمليات زراعة الصمام القسطاري لأول مرة في بغداد لمختلف الأعمار، مؤكداً أن جميع العمليات تكللت بالنجاح بجهود مشتركة من كبار الاستشاريين والكوادر المتخصصة.
ترميم الصمام بدلاً من استبداله
وفي إنجاز آخر يعكس التطور التقني للمراكز الحكومية، شهد مركز القلب المفتوح في النجف إجراء أول عملية من نوعها في العراق لترميم صمام القلب دون استبداله.
العملية، التي أشرف عليها الجراح العراقي المختص علي كنداوي، تعتمد على إصلاح الصمام الطبيعي للمريض بدلاً من استبداله بصمام صناعي، وهو ما يقلل الحاجة لتناول الأدوية المميعة للدم ويحدّ من تأثيرها على وظيفة عضلة القلب مع مرور الزمن.
مدير مركز القلب، خالد عنبر، أوضح أن هذا النوع من العمليات يجري عالمياً بما نسبته 50%–60% من حالات أمراض الصمامات، ويعد مناسباً على وجه الخصوص للمرضى في الأعمار المتوسطة ممن يكون للصمام لديهم عمر افتراضي طويل نسبياً.
وأشار إلى أن الورشة التدريبية التي أُجريت في المركز، بمشاركة الطبيب كنداوي، تمهد لتطبيق هذه الجراحة على نطاق أوسع بعد تدريب المزيد من الجراحين العراقيين.
75 عملية زراعة صمام في نصف عام
يواصل مركز النجف لجراحة القلب والتداخل القسطاري تسجيل تطورات ملحوظة في حجم ونوعية الخدمات، إذ نفّذ خلال النصف الأول من عام 2025 نحو 75 عملية قسطارية لزراعة الصمامات، بحسب مديره الدكتور خالد عنبر.
وأوضح أن هذه التداخلات تُعد من الإجراءات المعقدة التي تُجرى في مراكز قليلة داخل العراق، خصوصاً للمرضى الذين خضعوا لجراحات قلبية سابقة، بينما يجري المركز يومياً ما يقارب 50 تداخلاً قسطارياً تشمل الحالات الطارئة لاحتشاء عضلة القلب.
وسجل المركز خلال عام 2024 أكثر من 13,000 تداخل جراحي وقسطاري، بزيادة بلغت 4,000 تداخل مقارنة بعام 2023، ما يعكس نمواً كبيراً في القدرة التشغيلية ونوعية الإجراءات المنفذة.
وتسعى إدارة المركز خلال النصف الثاني من عام 2025 إلى تشكيل فريق مختص يجمع الجراحة المفتوحة والتداخل القسطاري لمعالجة الحالات شديدة التعقيد، فضلاً عن استكمال مشروع إنشاء صالة عمليات هجينة متطورة، توفر بيئة علاجية متكاملة تتناسب مع أعلى المعايير العالمية.
