تضارب بشأن استئناف صادرات نفط كردستان: "رويترز" تكذّب تصريحات وزير النفط.. فما القصة؟
انفوبلس/ تقرير
نقلت وكالة "رويترز" عن مصادر في قطاع النفط العراقي، اليوم الخميس 7 أغسطس/ آب 2025، أن استئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي ليس وشيكًا، وهو ما يتناقض مع تصريحات وزير النفط حيان عبد الغني، الذي أعلن أمس الأربعاء، أن التصدير سيبدأ خلال يومين، فما القصة؟
تعتبر أزمة إعادة تصدير النفط العراقي من حقول الإقليم عبر ميناء جيهان التركي المتوقف منذ مارس/ آذار 2023، أحد أبرز ملفات الخلاف بين بغداد وأربيل، والمتعلقة بالمجمل بخلاف على سيادة الدولة العراقية وإدارة عمليات النفط في حقول إقليم كردستان، بما فيها التصدير.
وخاض الجانبان عدة جولات من المباحثات في هذا الإطار انتهت الى اتفاق يقضي بتسليم أربيل النفط لتقوم شركة النفط العراقية الرسمية "سومو"، بتصديره وبيعه دون تدخل من حكومة الإقليم في أربيل.
وتعود جذور الأزمة إلى الخلاف المزمن حول آلية توزيع الثروات والتزامات الطرفين، إذ تتمسك الحكومة الاتحادية في بغداد، بموقفها الذي يربط تحويل الأموال إلى الإقليم بتسليم كامل إيرادات النفط من حقول الإقليم، فضلاً عن الجباية، والجمارك، والضرائب المحلية، باعتبارها من موارد الدولة السيادية التي يجب أن تدخل ضمن حسابات وزارة المالية.
وأوقفت تركيا خط الأنابيب في مارس/ آذار 2023 بعد أن قضت غرفةُ التجارة الدولية، بدفع تركيا مبلغ 1.5 مليار دولار لبغداد تعويضاً عن صادرات غير مصرح بها بين عامي 2014 و2018، وجاء الحكم بسبب الخلافات بين بغداد وأربيل، حيث اعتبرت غرفة التجارة، أن أي صادرات نفطية من العراق، يجب أن تكون بموافقة السلطات الحكومية العراقية في بغداد، وليس من حكومة الإقليم.
وأثّر هذا التوقف بشكل كبير على الاقتصاد العراقي، حيث كان خط الأنابيب ينقل نحو 450 ألف برميل يوميا من النفط العراقي، بما في ذلك 370 ألف برميل يوميًا من إنتاج حكومة إقليم كردستان. وقد أدت هذه الخسائر في الإيرادات إلى توترات سياسية واقتصادية، مما جعل استئناف التصدير أولوية قصوى للحكومة العراقية.
ويُعد العراق ثاني أكبر منتج للنفط في منظمة "أوبك"، ويُصدر نحو 3.5 مليون برميل يومياً من النفط الخام.
وفي وقت سابق قال وكيل وزارة النفط العراقية، باسم محمد خضير، إن تركيا أبلغت السلطات العراقية في بغداد، بجاهزية ميناء جيهان التركي لاستقبال النفط العراقي المصدَّر من حقول إقليم كردستان.
وزير النفط يزعم
كشف العراق موعد استئناف صادرات نفط كردستان عبر الأنبوب الممتد إلى ميناء جيهان التركي، بعد توقُّف دام ما يزيد على 28 شهرًا، إذ أعلن وزير النفط العراقي حيان عبد الغني، الأربعاء 6 أغسطس/آب (2025)، أن بلاده ستستأنف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي اليوم أو غدًا الخميس.
وقال عبد الغني خلال افتتاح عدد من مشروعات تطوير وتأهيل محطات النفط في كركوك، في تصريحات تابعتها شبكة "انفوبلس"، "سنصدّر 80 ألف برميل يوميًا، مرحلةً أولى، بعد الاتفاق مع إقليم كردستان". وأضاف: "تمكّنّا من زيادة الإنتاج في محطة النفط الرطب بمقدار 25 ألفًا و600 برميل يوميًا"، مؤكدًا أن 90 ألف برميل يومًيا هي ما وصل إليه مجمل طاقة محطة النفط الرطب شمال كركوك.
مستقبل صادرات نفط كردستان
رغم إعلان العراق، لا يزال مستقبل صادرات نفط كردستان العراق عبر تركيا يواجه الغموض، مع تأكيدات أنقرة بضرورة إبرام عقود جديدة مع بغداد من أجل استغلال الخط بكامل طاقته.
واقترحت تركيا على العراق آلية جديدة تضمن الاستعمال الكامل لخطّ أنابيب النفط الرابط بين البلدين، الذي تبلغ طاقته التصميمية 1.5 مليون برميل يوميًا.
وأعلنت أنقرة، مؤخرًا، أن اتفاقية خط أنابيب النفط الخام بين تركيا والعراق -التي اتفقت عليها الحكومة التركية عام 1973 ودخلت حيز التنفيذ عام 1975- وجميع المواثيق أو المذكرات اللاحقة ستُوقف بدءًا من 27 يوليو/تموز 2026.
ونصَّ قرار تركيا بإنهاء اتفاق نقل النفط العراقي الذي نُشر بالجريدة الرسمية في تركيا، يوم الإثنين 21 يوليو/تموز (2025)، على أن اتفاقية خط أنابيب النفط الخام بين أنقرة وبغداد، المُبرمة عام 1975، ستنتهي في يوليو/تموز 2026.
جاء قرار تركيا بعد موافقة مجلس الوزراء العراقي على عودة نفط كردستان إلى الأسواق عن طريق شركة "سومو"، إذ قرَّر بدء حكومة الإقليم فورًا بتسليم كامل النفط المنتج من حقول الإقليم إلى شركة تسويق النفط لغرض التصدير.
بموجب القرارات، تلتزم وزارة المالية العراقية بتسديد 16 دولارًا (عينًا أو نقدًا) عن كل برميل نفط مستلم من كردستان، وفق قانون تعديل قانون الموازنة، على ألّا تقل الكمية المستلمة عن 230 ألف برميل يوميًا حاليًا.
وتبلغ كمية إنتاج النفط في كردستان العراق حاليًا 280 ألف برميل يوميًا حسب تقارير الإقليم، يُخصَّص منها 50 ألف برميل يوميًا لأغراض الاستهلاك المحلي في الإقليم، ويُسلَّم الباقي 230 ألف برميل يوميًا.
"رويترز" تكذّب تصريحات وزير النفط
نقلت وكالة رويترز، اليوم الخميس 7 أغسطس/ آب 2025، عن مصادر في قطاع النفط العراقي، أن استئناف تصدير النفط عبر ميناء جيهان التركي ليس وشيكاً، خلافا لما أعلنه وزير النفط حيان عبد الغني أمس الأربعاء.
ورويترز، نقلت عن 4 مصادر مطلعة في قطاع النفط قولهم، إن "استئناف صادرات النفط من إقليم كردستان العراق عبر خط أنابيب جيهان التركي ليس وشيكا". وقالت المصادر الأربعة إنه "لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن بين بغداد وشركات النفط العالمية العاملة في إقليم كردستان"، فيما أشار مصدران الى ان المحادثات تحرز تقدما، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق حتى الآن.
وتوصلت بغداد وحكومة إقليم كردستان إلى اتفاق لإعادة فتح خط الأنابيب الشهر الماضي، لكن العقبة المتبقية هي الشركات الأجنبية العاملة في الإقليم والتي تريد "استرداد مستحقاتها المالية والخسائر الناجمة عن توقف الإنتاج والتصدير بعد الدعوى القضائية من بغداد".
بشكل أساسي، فإن نفي رويترز لتصريحات الوزير يعني أن استئناف التصدير عبر ميناء جيهان التركي ليس أمرًا مؤكدًا في الوقت الحالي وتمثل سقطة جديدة لحكومة السوداني، وأن هناك المزيد من المفاوضات والتحديات التي يجب تجاوزها قبل أن يتم التصدير فعليًا. كما يظل استئناف صادرات نفط إقليم كردستان مرهونًا بتسوية خلافات دقيقة تتعلق بالاستهلاك الداخلي وآلية السداد، خلال وقت يتكبّد فيه العراق خسائر فادحة يوميًا، ويواجه ضغوطًا متصاعدة من الشركات والمجتمع الدولي على حد سواء.
حذر الخبير في الشأن الاقتصادي نبيل المرسومي من استمرار تراجع التزامات إقليم كردستان بتسليم النفط للحكومة المركزية، معربًا عن اعتقاده أن هذا الرقم "قد ينخفض إلى الصفر". وجاء تحذير المرسومي في سياق تعليقه على انخفاض الكميات المتفق على تسليمها من 400 ألف برميل يوميًا إلى 230 ألفًا، ثم إلى 80 ألف برميل يوميًا.
