العراق يحقق ارتفاعاً في صادرات النفط وبغداد تستعد لحدث طاقوي دولي مهم

انفوبلس.. 

شهدت صادرات النفط العراقي خلال شهر يوليو/تموز 2025 ارتفاعاً ملموساً، سواء في حجم الشحنات اليومية أو في إجمالي الكميات المصدّرة، وذلك بالتزامن مع مشاركة بغداد في خطط تحالف أوبك+ لإنهاء التخفيضات الطوعية للإنتاج تدريجياً.

هذا التحسن في الأداء النفطي ترافق مع إعلان وكالة "ستاندرد آند بورز" تثبيت التصنيف الائتماني للعراق عند مستوى مستقر، بما يعكس الثقة الدولية المتنامية بالاقتصاد العراقي، في وقت تستعد فيه بغداد لاستضافة حدث استراتيجي بارز هو منتدى بغداد الدولي للطاقة 2025.

ارتفاع الصادرات اليومية

بحسب بيانات رسمية صادرة عن شركة تسويق النفط "سومو"، بلغ متوسط صادرات العراق اليومية من الخام خلال يوليو نحو 3.379 مليون برميل يومياً، مقارنة بـ 3.296 مليون برميل يومياً في يونيو/حزيران الماضي، أي بزيادة بلغت 83 ألف برميل يومياً.

كما أظهرت بيانات تتبُّع حركة الناقلات أن الصادرات المنقولة بحراً سجلت 3.384 مليون برميل يومياً، مقارنة بـ 3.357 مليون برميل يومياً في يونيو، وهو ما يعكس مرونة في عمليات التصدير وتحسن في الأداء اللوجستي.

هذا التطور يأتي بينما تستعد بغداد لتطبيق زيادة تدريجية في الكميات المصدّرة اعتباراً من سبتمبر المقبل، تنفيذاً لاتفاق الدول الثماني الأعضاء في أوبك+ على إنهاء التخفيضات الطوعية للإنتاج، مع ضمان الحفاظ على استقرار الأسواق.

تفاصيل الصادرات الشهرية

بلغ إجمالي الصادرات العراقية في يوليو نحو 104 ملايين و750 ألف برميل، مقارنة بـ 98 مليوناً و882 ألف برميل في يونيو. وجاءت النسبة الساحقة من الحقول الجنوبية والوسطى، حيث بلغت صادراتها أكثر من 104 ملايين برميل، في حين ساهم حقل القيارة بنحو نصف مليون برميل.

ولفتت البيانات إلى توقف صادرات النفط العراقي إلى الأردن خلال يوليو، بعدما كانت قد سجلت في يونيو ما يقارب 216 ألف برميل. ويأتي ذلك بالتزامن مع انتهاء مذكرة التفاهم بين بغداد وعمّان بشأن إمدادات الخام، والتي تسعى السلطات الأردنية إلى تجديدها مع الجانب العراقي.

العائدات المالية: قفزة جديدة

انعكست زيادة الكميات المصدّرة على الإيرادات المالية؛ إذ حققت بغداد في يوليو عوائد نفطية بلغت 7.185 مليار دولار، مقابل 6.698 مليار دولار في يونيو. وبحسب تقديرات "سومو"، ما تزال الأسواق الآسيوية الوجهة الأبرز للنفط العراقي، إذ استحوذت على الحصة الأكبر من الشحنات، وهو ما يكرّس الدور المحوري لبغداد كمورد رئيسي للطاقة في شرق آسيا.

وتُظهر أرقام الأشهر الماضية حجم التذبذب الطبيعي في الصادرات، فقد سجل العراق في مايو أكثر من 101 مليون برميل، وفي أبريل نحو 100 مليون برميل، بينما تجاوزت صادرات مارس 106 ملايين برميل. أما في فبراير فقد تراجعت الكميات إلى نحو 94 مليون برميل، قبل أن تعاود الارتفاع مجدداً في الأشهر التالية.

التصنيف الائتماني: ثقة دولية متجددة

في تطور موازٍ، أعلنت وكالة "ستاندرد آند بورز" تثبيت تصنيف العراق الائتماني عند مستوى B-/B مع نظرة مستقرة، معتبرة أن هذا التقييم يعكس متانة الاقتصاد الوطني، واستمرار الثقة الدولية بالمسار المالي للحكومة.

وذكرت الوكالة أن العراق يستفيد من تحسن الإيرادات النفطية المتوقعة بمعدل نمو سنوي يبلغ نحو 1.9% للفترة 2025 – 2028، إلى جانب إجراءات حكومية لإدارة الدين العام وتعزيز الاحتياطيات الأجنبية.

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني وجّه بتشكيل فريق وطني لتحسين التصنيف الائتماني، برئاسة محافظ البنك المركزي، وعضوية وزارات اقتصادية معنية، للعمل على إعداد استراتيجية متكاملة للتعاون مع وكالات التصنيف الدولية، بما يعزز الثقة بالاقتصاد ويجذب الاستثمارات.

العراق يستفيد من تحسن الإيرادات النفطية المتوقعة بمعدل نمو سنوي يبلغ نحو 1.9% للفترة 2025 – 2028، إلى جانب إجراءات حكومية لإدارة الدين العام وتعزيز الاحتياطيات الأجنبية

منتدى بغداد الدولي للطاقة

في ظل هذه المؤشرات الإيجابية، تستعد بغداد لاستضافة منتدى بغداد الدولي للطاقة 2025 في 6 و7 سبتمبر المقبل، وهو حدث يُنظر إليه باعتباره أكثر من مجرد مؤتمر اقتصادي تقليدي. فالمنتدى يشكل منصة إستراتيجية للعراق لإعادة تعريف موقعه في النظام الطاقوي العالمي، والترويج لنفسه كشريك موثوق في الاستثمار الطاقوي طويل الأمد.

المنتدى تنظمه مؤسسة "غداً" لإدارة المخاطر بالتعاون مع وزارة النفط، وسيشارك فيه رئيس الوزراء السوداني ووزير النفط حيان عبد الغني، إلى جانب الأمين العام لمنظمة أوبك هيثم الغيص، ووزراء الطاقة من مصر والأردن وقطر وإيران وتركيا وليبيا. كما سيحضره ممثلو كبريات الشركات العالمية ومؤسسات تحليلية مثل "إنرجي إنتليجنس"، "إس آند بي غلوبال بلاتس"، و"أرغوس".

إن اجتماع هذا الطيف الواسع من المسؤولين والخبراء يحمل دلالات على الاعتراف الدولي المتزايد بأهمية العراق كلاعب رئيسي في قطاع الطاقة. كما أن حضور الأمين العام لأوبك يضع بغداد في قلب حوار الطاقة العالمي بشأن استقرار الأسواق وتوازن المصالح بين المنتجين والمستهلكين.

العراق بين النفط والطاقات الجديدة

مجمل التطورات الأخيرة – من ارتفاع الصادرات والعائدات النفطية، إلى تثبيت التصنيف الائتماني واستضافة المنتدى الدولي – تشير إلى أن العراق يسير في اتجاه تعزيز موقعه كأحد أهم اللاعبين الإقليميين في أسواق الطاقة

رغم الثقل الكبير الذي يحمله قطاع النفط، فإن العراق يسعى من خلال المنتدى إلى تسليط الضوء على ثرواته الأخرى، وفي مقدمتها الغاز الطبيعي الذي لا يزال غير مستغل بالشكل الكافي، فضلاً عن طموحاته في دخول مجال الطاقات المتجددة، تماشياً مع التحولات العالمية نحو تنويع مصادر الطاقة وتقليل الانبعاثات الكربونية.

ويرى خبراء أن المنتدى يمثل فرصة نادرة لبغداد لإقناع الشركات الكبرى بأنها ليست مجرد مصدر للخام، بل شريك اقتصادي قادر على توفير بيئة استثمارية مناسبة، خصوصاً في مشروعات البنى التحتية والغاز والطاقة النظيفة.

مجمل التطورات الأخيرة – من ارتفاع الصادرات والعائدات النفطية، إلى تثبيت التصنيف الائتماني واستضافة المنتدى الدولي – تشير إلى أن العراق يسير في اتجاه تعزيز موقعه كأحد أهم اللاعبين الإقليميين في أسواق الطاقة. غير أن التحديات تبقى قائمة، خصوصاً ما يتعلق بضرورة تنويع مصادر الإيرادات وتقليل الاعتماد شبه المطلق على النفط، إلى جانب تحسين بيئة الاستثمار ومكافحة الفساد.

ومع ذلك، فإن الأرقام والفعاليات المعلنة تعكس صورة إيجابية نسبياً لاقتصاد يسعى إلى الاستقرار بعد سنوات من الاضطرابات، ويبحث عن مكانة أوسع في سوق الطاقة العالمية التي تتجه بدورها إلى إعادة رسم معادلاتها في ضوء التحولات الجيوسياسية والتحولات المناخية.