تقرير أممي يكشف أعداد العمالة الأجنبية في العراق ويعتبره مثالًا يحتذى به دوليًا

انفوبلس

أفادت منصة المعلومات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة "ريليف ويب"، اليوم الخميس، بأن العراق يضم أكثر من 370 ألف عامل أجنبي، غالبيتهم يعملون في قطاع البناء والأعمال المنزلية.

وأشارت المنصة في تقريرها إلى أن العراق اتخذ خطوة تاريخية بإطلاق أول خطة وطنية للهجرة، وهي استراتيجية خمسية تهدف إلى تعزيز مسارات الهجرة الآمنة والمنظمة، مع توفير فرص العمل والتعليم ولمّ شمل الأُسر، إضافة إلى تعزيز حوكمة الهجرة وجعلها محركًا للاستقرار والتنمية على الصعيد الوطني.

وجاء في التقرير، أن العراق يقدم "مثالًا يُحتذى به للمنطقة وخارجها"، وفق نائب المدير العام للعمليات في المنظمة الدولية للهجرة، الذي أكد أن القيادة الوطنية والشراكات الفاعلة يمكن أن تحول الهجرة إلى محرك للكرامة والفرص والتنمية.

وأضاف، أن الخطة الوطنية "تبرهن على أن السياسات المبنية على الأدلة ووفق احتياجات الناس يمكن أن تحقق فائدة للمهاجرين والمجتمعات والبلد بأسره".

خطة حكومية تحترم الكرامة الإنسانية

من جانبها، قالت وزيرة الهجرة والمهجرين إيفان فائق غابرو، إن الخطة تعكس "رؤية لمستقبل العراق تحترم الكرامة الإنسانية وتخدم المصلحة الوطنية، وتتوافق مع التزامات العراق الدولية بموجب الميثاق العالمي للهجرة".

وأضاف التقرير، أن الخطة طُورت تحت قيادة وزارة الهجرة والمهجرين بدعم من المنظمة الدولية للهجرة وحكومة هولندا، لترجمة الالتزامات الدولية للعراق إلى خطوات وطنية ملموسة.

وأكد كلاوديو كوردوني، نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق، أن إطلاق الخطة يأتي ضمن التزام الأمم المتحدة بضمان أن تكون الهجرة مرتبطة بالكرامة والسلامة والفرص للمهاجرين وأسرهم والمجتمعات التي ينضمون إليها.

وأوضح أن العراق، بصفته دولة رائدة في تنفيذ الميثاق العالمي للهجرة، سيشارك بتجاربه في المنتدى الدولي لمراجعة الهجرة (IMRF) المزمع عقده عام 2026 لتقييم التقدم المحرز على مستوى العالم.

قيود على بعض الجنسيات

وفيما يتعلق بالعمالة الأجنبية، كشف المتحدث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، حسن خوام، في أيار 2025، أن بعض الجنسيات ممنوعة من العمل في العراق، رغم وجود عشرات الآلاف من العمال الأجانب الذين قدموا بطريقة شرعية أو غير شرعية هربًا من الظروف الاقتصادية الصعبة في بلدانهم.

وأوضح خوام أن الجنسيات غير المسموح لها دخول العراق حاليًا تشمل الباكستانية والبنغالية والفلبينية والإندونيسية والسورية، مشيرًا إلى أن هذا القرار صادر عن وزارة الداخلية.

وأشار المتحدث إلى قرار مجلس الوزراء العراقي لعام 2024، الذي يقضي بتشغيل العمالة بنسبة 80% عراقية مقابل 20% أجنبية في المشاريع والشركات الاستثمارية، مع اشتراط أن تحمل العمالة الأجنبية شهادات كفاءة وخبرة في مجال العمل المطلوب.

وأضاف أن عدد العمالة الأجنبية المرخصة في العراق يقل عن 200 ألف عامل، مؤكداً أن الوزارة تعمل على تحسين السياسات لتشجيع توظيف العمالة الوطنية وضمان التوازن في سوق العمل بما يخدم الاقتصاد الوطني بشكل مستدام.

الالتزام بقانون العمل

وأوضح خوام أن وزارة العمل لا تعتزم تعديل قانون العمل رقم 37 لسنة 2015 المعمول به حاليًا، لافتًا إلى أن القانون جاء بعد مشاورات مع الشركاء الاجتماعيين من نقابات العمال وأصحاب العمل والمنظمات الدولية مثل منظمة العمل الدولية، لضمان توفير بيئة عمل صحية وآمنة ولائقة للعمال، بما يتماشى مع المعاهدات والاتفاقيات الدولية التي صادق عليها العراق.

وتتضمن الإجراءات القانونية لضمان التزام الشركات والمشاريع بالعمالة الأجنبية المرخصة سلسلة من الخطوات، بينها التفتيش المفاجئ من قسم التفتيش في وزارة العمل، والتعاون المستمر مع مديرية الإقامة لضبط العمالة غير القانونية ومعالجتها وفق الأطر القانونية.

كما يشترط منح العمالة الأجنبية ترخيصًا بعد استيفاء متطلبات الخبرة والمؤهلات، وتخصيص 50% من وظائف المشاريع للعمالة المحلية، في إطار سياسات تهدف إلى الحد من التأثيرات السلبية للعمالة غير الرسمية على الاقتصاد الوطني.

وأشار بيان الوزارة إلى أن العمالة الأجنبية غير المرخصة تشكل عبئًا على الاقتصاد العراقي من خلال انتهاك قوانين الإقامة والعمل، مما يؤدي إلى تهريب العملة الصعبة، بينما تعمل العمالة المرخصة ضمن إطار قانوني يخضع لإشراف الوزارة، ما يحد من الآثار السلبية على الاقتصاد.

وأضاف البيان أن الوزارة تلزم أصحاب العمل بدفع أجور العمال وفق الحد الأدنى الذي تحدده لجنة متخصصة، وأن العمالة الرسمية تحصل على جميع حقوقها، في حين تعرض العمالة غير الرسمية أنفسهم وأصحاب العمل لانتهاكات قانونية متعددة.

نحو تعزيز الهجرة والتنمية

ويُبرز التقرير الأممي أن إطلاق الخطة الوطنية للهجرة في العراق يمثل نموذجًا يُحتذى به في المنطقة، لما يتضمنه من سياسات شاملة تربط الهجرة بالكرامة الإنسانية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وتتيح الخطة فرصًا أكبر للعراقيين في الداخل والخارج، كما توفر آليات للحد من الهجرة غير المنظمة وتحسين استيعاب العمالة الأجنبية ضمن السياسات الوطنية.

ويُنظر إلى هذه الخطة على أنها خطوة متقدمة على صعيد المنطقة العربية، إذ تؤكد قدرة العراق على تحويل تحديات الهجرة والعمالة الأجنبية إلى فرص للنمو الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي.

ويأتي ذلك في وقت يتهيأ فيه المجتمع الدولي لمراجعة الميثاق العالمي للهجرة عام 2026، ما يضع العراق في موقع قيادي قادر على نقل تجاربه الناجحة إلى المستوى الدولي، والمساهمة في صياغة سياسات عالمية تستند إلى الخبرة العملية على الأرض.

في المحصلة، يشير التقرير إلى أن العراق يسعى لتحقيق توازن دقيق بين حماية حقوق العمال الأجانب، وتعزيز توظيف العمالة الوطنية، وضمان الالتزام بالقوانين الوطنية والدولية.

ومن خلال الخطة الوطنية للهجرة وإجراءات تنظيم العمالة الأجنبية، يضع العراق نفسه ضمن الدول الرائدة في المنطقة التي تتبنى سياسات هجرة متقدمة، قادرة على تحويل التحديات الاقتصادية والاجتماعية إلى محركات للتنمية المستدامة.