الدوحة تحت النار.. العدوان الإسرائيلي على قطر: رسالة تهديد للدول المطبّعة وتحذير من فوضى قادمة في المنطقة

انفوبلس/..

تتواصل الانتهاكات الصهيونية في منطقة الشرق الأوسط بشكل متصاعد، مستهدفةً سيادة الدول وأمنها واستقرارها، متجاوزة كافة القوانين والأعراف الدولية. لم تقتصر جرائم الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية فقط، بل أصبحت تمتد لتطال الدول الصديقة والمُطبِّعة معه، مما يُظهر نيّة الكيان في جرّ المنطقة إلى فوضى عارمة وتدمير مدروس يهدف إلى تنفيذ مخططاته التوسعية، وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما يتماشى مع مصالحه.

في الدوحة، العاصمة القطرية، وقع الهجوم الإسرائيلي الأخير الذي استهدف أحد المساكن في المدينة، وهو ما كشف عن نوايا الكيان الصهيوني في مواصلة الحرب ونشر الفوضى في المنطقة. هذا الهجوم على قطر، يسلط الضوء على أن جميع جهود السلام والتوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب في غزة، تبدو محاولات ميتة لا طائل منها، في ظل العقلية الاستكبارية التي تحكم واشنطن وتل أبيب. ومن المؤكد أن هذا العدوان قد يدفع بعض الدول إلى الاصطدام مع الكيان الصهيوني، مما قد يؤدي إلى تغييرات سياسية مفاجئة في المستقبل القريب.

الهجوم على الدوحة استهدف بشكل مباشر قادة الصف الأول في حركة حماس، وهي ضربة تعكس أن الكيان الصهيوني ليس لديه أصدقاء حقيقيون في المنطقة، وأن مصالحه التوسعية تظل فوق أي اعتبار، حتى لو تعلق الأمر بحلفاء كان يظن البعض أنهم في مأمن من انتهاكاته. فقد أثبتت الأحداث الأخيرة أن الدول المطبعة مع الاحتلال ليست بمنأى عن اعتداءاته، وأن من يراهن اليوم على إسرائيل سيتفاجأ بما قد يحصل له، كما حدث مع قطر، التي لطالما كانت داعمة لمبادرات التطبيع وداعية إلى إنهاء الصراع مع الكيان.

*رسائل صهيونية

وفقًا للمراقبين، فإن الهجوم الأخير في الدوحة يحمل رسالة صهيونية قوية إلى العالم، مفادها أن جهود التهدئة ووقف العدوان على غزة غير مجدية في ظل استمرار سياسة الحرب التي ينتهجها الكيان، ويبدو أن إسرائيل ماضية في تنفيذ مخططاتها التوسعية، مدعومة في ذلك من قبل الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا يشير إلى أن حربًا شاملة قد تندلع في أي لحظة، خاصة مع المقاومة التي تبدي عزمًا كبيرًا على التصدي لهذه الانتهاكات، ولن تبقى متفرجة إزاء ما يحدث.

المحلل السياسي أثير الشرع اعتبر أن الكيان الصهيوني أراد من خلال هذه العملية إرسال رسالة إلى كافة دول المنطقة مفادها أن مصالحه وأهدافه التوسعية تتفوق على أي شيء آخر. وأوضح الشرع أن دعوات التطبيع والتقارب مع إسرائيل، والتي تبنتها بعض دول الخليج في السنوات الأخيرة، لم تحمِ تلك الدول من الاعتداءات الإسرائيلية، بل على العكس، فقد أصبح الكيان يهاجم هذه الدول دون سابق إنذار، وفقًا لما أكده بيان إسرائيلي رسمي أفاد بأن الهجوم على الدوحة تم دون علم السلطات القطرية.

الشرع أضاف أن التطورات الأخيرة تشير إلى أن مرحلة جديدة في المنطقة قد بدأت، وربما نرى هجمات مماثلة تستهدف دولًا أخرى كانت قد رفعت شعار التقارب مع إسرائيل. كما أن تحذيرات قادة الغرب المستمرة لسكان غزة بالإخلاء، تؤكد أن المشروع الصهيوني مستمر في مساره، مما قد يؤدي إلى مفاجآت غير متوقعة في الأيام القادمة، مع تغيرات في المعادلة السياسية.

الدوحة كحافز لتغيير معادلة المعركة

الهجوم الإسرائيلي على الدوحة قد يكون له تداعيات كبيرة في المنطقة، وقد يغير من حسابات بعض الدول العربية التي كانت تدعم المشروع الصهيوني. هذا العدوان قد يُسهم في تشكيل جبهة مناوئة للاحتلال، قادرة على الضغط على المجتمع الدولي لإجبار نتنياهو على وقف التصعيد العسكري في المنطقة، وفتح الطريق أمام الحلول السلمية المطروحة على طاولة المفاوضات.

يُذكر أن وفدًا من حركة حماس، برئاسة خليل الحية، التقى في الأسبوع الماضي مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في العاصمة القطرية الدوحة، حيث تم استعراض التطورات السياسية المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، بالإضافة إلى جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال من تجويع وقتل للمدنيين. كما تم مناقشة المقترحات التي تم تقديمها من جهات متعددة لحل الأزمة الراهنة.

*مشروع توسعي

من جهته، علّق عضو تحالف الفتح محمود الحياني بشأن الهجوم “الإسرائيلي” على العاصمة القطرية الدوحة، وقال الحياني إن الحلم “الاسرائيلي” المتمثل بـ “مشروع الشرق الاوسط الجديد” هو مشروع التوسع “الاسرائيلي” بالمنطقة في ظل الهيمنة والرضوخ من قبل المجتمع الدولي والدول الغربية ومجلس الامن الذي لا يطلق سوى الادانات والاستنكار لكنه داعم “لإسرائيل” وتحركاتها بالمنطقة.

وتابع أن ” العراق كباقي الدول عبر عن استنكاره ورفضه لهذا العدوان فدولة قطر دولة ذات سيادة ولديها مصالح وعلاقات دولية وما جرى في الدوحة يعد جرس انذار لجميع دول المنطقة لا سيما العراق والتي ستكون ليست بمعزل عن الصراع القائم”.

*حسم الصراع

بدوره، أكد الباحث في الشأن السياسي علي أغوان أن “الأمور تبدو واضحة أكثر من أي وقت مضى، فإسرائيل لم تعد تريد من الدول المحيطة أن تطبع فقط، بل أن تسجد لها وتتوّسل من أجل التطبيع وفق شروطها”.

وأضاف أن “استهداف قادة حماس في الدوحة يعني أن “إسرائيل” لا تريد اتفاق سلام أو تبادلاً للأسرى، بل تسعى لحسم الصراع وإنهاء خصومها لتبقى وحدها سيدة المنطقة”.

وأشار إلى أن “ما جرى في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة، من قصف مواقع في سوريا ولبنان واليمن، وصولاً إلى الدوحة، يكرس انتقال “إسرائيل” من استراتيجية إدارة الصراع إلى استراتيجية الحسم الكامل”، وفق قوله.

وبهذا التصعيد، تدخل المنطقة مرحلة أكثر خطورة، حيث لم تعد الضربات “الإسرائيلية” محصورة بجبهات المواجهة التقليدية، بل امتدت إلى عمق العواصم العربية، ما ينذر بتغيرات جذرية في شكل الصراع ومعادلات الأمن الإقليمي.