كتائب القسام تعلن اغتيال قائدها العام محمد الضيف.. تعرف على سيرة قائد أرّق الاحتلال وأعاد تشكيل المقاومة
حياته سرّ واغتياله لغز
انفوبلس/..
نعى أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- قائد هيئة أركان كتائب القسام محمد الضيف.
وقال أبو عبيدة، في كلمة مصورة: "نزف إلى أبناء شعبنا العظيم استشهاد قائد هيئة أركان كتائب القسام محمد الضيف".
كما أعلن أبو عبيدة في كلمة متلفزة له مساء الخميس استشهاد القادة غازي أبو طماعة (قائد ركن الأسلحة والخدمات القتالية)، رائد ثابت (قائد ركن القوى البشرية)، رافع سلامة (قائد لواء خان يونس).
وأشار أبو عبيدة الى أنه “بعد استشهاد القادة، مجاهدونا استبسلوا أكثر وأكثر وزادت دافعيتهم للقتال أكثر، فنحن نقاتل عن عقيدة والقائد يخلفه ألف قائد”، وأكد “لم تتعرض كتائب القسام للفراغ القيادي ولو للحظة واحدة أثناء معركة”، وتابع أن “القادة انتصروا عندما ألهموا الملايين من أبناء شعبنا وأمتنا ليحملوا الراية معهم ومن بعدهم بإذن الله”.
إعلان اغتياله من قبل الاحتلال
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد أعلن في آب الماضي، اغتيال القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام محمد الضيف بغارة في خان يونس جنوبي قطاع غزة، في حين قال قيادي بحماس إن تأكيد أو نفي استشهاد أيٍّ من قيادات القسام هو شأن قيادة الكتائب.
وأضاف بيان لجيش الاحتلال، "بعد الحصول على معلومات استخبارية، تأكدنا من مقتل محمد الضيف، قائد كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة حماس، بغارة جوية استهدفته قبل أكثر من أسبوعين في غزة".
بدوره، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إن مقتل الضيف يشكل خطوة كبيرة في طريق القضاء على حركة حماس، بوصفها منظمة عسكرية وحكومية، وتحقيق أهداف الحرب على غزة.
في حين قال عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحركة حماس، إن "تأكيد أو نفي استشهاد أيٍّ من قيادات القسام هو شأن قيادة كتائب القسام وقيادة الحركة، وما لم تعلن أيٌّ منهما فلا يمكن تأكيد أي خبر من الأخبار المنشورة في وسائل الإعلام أو من قبل أي أطراف أخرى".
ويوم 14 تموز الماضي، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة في منطقة المواصي (غربي مدينة خان يونس) تسببت في استشهاد 90 فلسطينيا وإصابة 300 آخرين، بينهم عشرات من الأطفال والنساء.
وقال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو حينئذ، إن "عملية المواصي استهدفت الضيف ونائبه رافع سلامة".
السيرة الذاتية
محمد الضيف، فنان مسرحي وسياسي فلسطيني، ساهم بتأسيس أول فرقة فنية إسلامية في فلسطين تسمى "العائدون"، قبل أن يصبح أحد أهم المطلوبين للتصفية من قبل الاحتلال الإسرائيلي، ثم عُيّن قائداً عاماً للجناح العسكري في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
شخصية الضيف محاطة بالغموض، وارتبط اسمه دائما بالحذر والحيطة وسرعة البديهة، ولا يظهر إلا لماما، ولم يظهر منذ محاولة اغتيال فاشلة -من بين محاولات كثيرة- أواخر سبتمبر/أيلول 2002 إلا في تصريحات ترتبط بعمليات عسكرية للمقاومة، آخرها عملية "طوفان الأقصى" فجر السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وُلد محمد دياب إبراهيم المصري -وشهرته محمد الضيف- عام 1965 في أسرة فلسطينية لاجئة أُجبرت على مغادرة بلدتها "القبيبة" داخل فلسطين المحتلة عام 1948، واستقرت هذه الأسرة الفقيرة بداية الأمر في أحد مخيمات اللاجئين، قبل أن تقيم في مخيم خان يونس جنوب قطاع غزة.
فُقر أسرته المُدقِع أجبره مبكراً على العمل في مهن عدة، ليساعد والده الذي كان يعمل في محل للغزل، وبعد أن كبر أنشأ مزرعة صغيرة لتربية الدجاج، ثم حصل على رخصة القيادة لتحسين دخله.
المسيرة السياسية
اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلية محمد الضيف عام 1989، وقضى 16 شهرا في سجونها، وبقي موقوفا دون محاكمة بتهمة العمل في الجهاز العسكري لحماس.
وتزامن خروجه من السجن مع بداية ظهور كتائب الشهيد عز الدين القسام بشكل بارز على ساحة المقاومة الفلسطينية، وذلك بعد تنفيذها عمليات عدة ضد أهداف إسرائيلية.
انتقل الضيف إلى الضفة الغربية مع عدد من قادة القسام في قطاع غزة، ومكث فيها فترة من الزمن، حيث أشرف على تأسيس فرع لكتائب القسام هناك، وبرز بصفته قائدا للكتائب القسامية بعد اغتيال عماد عقل عام 1993.
أشرف محمد الضيف على عمليات عدة، من بينها أسر الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان. وبعد اغتيال يحيى عياش (أحد أهم رموز المقاومة) يوم 5 يناير/كانون الثاني 1996 خطط لسلسلة عمليات فدائية انتقاماً له نتج عنها وقوع أكثر من خمسين قتيلا إسرائيليا.
وأثناء سجنه كان الضيف قد اتفق مع زكريا الشوربجي وصلاح شحادة على تأسيس حركة منفصلة عن حماس بهدف أسر جنود الاحتلال، فكانت كتائب القسام.
وكان للضيف دور بارز في تحديث أسلحة حماس وتطويرها، مما جعله من الشخصيات الرئيسية في قوائم المطلوبين للاحتلال.
اعتقلته السلطة الفلسطينية في مايو/أيار 2000، لكنه تمكن من الفرار مع بداية انتفاضة الأقصى التي عُدّت محطة نوعية في تطور أداء الجناح العسكري لحماس، كما كشفت هذه المرحلة عن قدرة كبيرة لدى الضيف في التخطيط والتنفيذ أقضّت مضاجع الاحتلال بعمليات نوعية أوقعت عشرات القتلى ومئات الجرحى.
وبعد اغتيال صلاح شحادة وخلافة الضيف له أعدّ خطة تضمنت تدريب مقاتلين غير استشهاديين، وخطط لنقل المعركة لتكون داخل إسرائيل، ووضعته واشنطن عام 2015 على لوائح الإرهاب.
الإعلان عن "طوفان الأقصى"
صباح السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أعلن القائد العام لكتائب عز الدين القسام بدء عملية عسكرية ضد إسرائيل باسم "طوفان الأقصى" وإطلاق آلاف الصواريخ باتجاهها.
وقال محمد الضيف في رسالة صوتية، إن الضربة الأولى لـ"طوفان الأقصى" استهدفت مواقع ومطارات وتحصينات عسكرية إسرائيلية، وإنه تم إطلاق 5 آلاف صاروخ وقذيفة خلال الدقائق العشرين الأولى من العملية.
وأشار إلى أن عملية "طوفان الأقصى" تأتي في ظل الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني وتنكّر الاحتلال للقوانين الدولية وفي ظل الدعم الأميركي والغربي والصمت الدولي.
وأوضح الضيف، إن قيادة القسام "قررت وضع حد لكل جرائم الاحتلال، وانتهى الوقت الذي يعربد فيه دون محاسب"، وفق تعبيره.
ودعا محمد الضيف الشباب الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس وداخل إسرائيل إلى الانتفاض نصرةً للأقصى، وقال "اليوم، كل من عنده بندقية فلْيخرجها فقد آن أوانها".
كما قال الضيف، "أدعو إخوتنا في المقاومة بلبنان وإيران واليمن والعراق وسوريا للالتحام مع المقاومة بفلسطين".
محاولات الاغتيال
تعرض محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام، لمحاولات اغتيال متكررة من قبل إسرائيل، التي تعتبره أحد أخطر المطلوبين لديها، تصفه بـ"رأس الأفعى" و"ابن الموت". وقد نجا من خمس محاولات تصفية بين 2001 و2014، وأُصيب خلال بعضها إصابات بالغة.
ورغم خسارته زوجته وأطفاله في غارات إسرائيلية، فقد ظل الضيف يتحرك بحذر شديد، متجنباً التكنولوجيا الحديثة والظهور الإعلامي، مما يعقد مهمة المخابرات الإسرائيلية في الوصول إليه. وفي 2023 و2024، استهدفته غارات إسرائيلية مجددا، لكن مصيره ظل غامضًا وسط تضارب الروايات.