edition
إنفوبلاس
  • الرئيسي
  • كل الأخبار
    • سياسة
    • أمن
    • اقتصاد
    • رياضة
    • صحة
    • محليات
    • دوليات
    • منوعات
  • اقرأ
  • شاهد
  • انظر
  • انفوغراف
  • كاريكاتور
  • بودكاست
  • بلغتنا
  • من نحن
  1. الرئيسية
  2. الأخبار
  3. دوليات
  4. وفق الذكاء الاصطناعي.. قائمة بأطول 10 حكام في تأريخ العرب

وفق الذكاء الاصطناعي.. قائمة بأطول 10 حكام في تأريخ العرب

  • 1 اب
وفق الذكاء الاصطناعي.. قائمة بأطول 10 حكام في تأريخ العرب

انفوبلس/..

في مسيرة التاريخ الطويلة، برزت شخصيات تركت بصماتها العميقة على أوطانها والعالم من حولها، بعضها شيّد حضارات ورفع من شأن أمم، وبعضها أثار الجدل وترك وراءه إرثًا متباينًا من الأثر والدمار. من خلفاء العصر الذهبي، إلى قادة الإصلاح والتحديث، وصولًا إلى حكّام أثاروا الانقسام، يبقى التاريخ شاهدًا على معادلة الحكم المعقدة بين السلطة والناس، بين المجد والخذلان.

*المستنصر الفاطمي

في قصر الخلافة الفاطمية، وسط أروقة القاهرة الفارهة، وُلد طفلٌ قُدِّر له أن يحمل واحدًا من أطول تيجان الحكم في تاريخ الإسلام. اسمه أبو تميم معد المستنصر بالله، وهو الابن الأكبر للخليفة الفاطمي الظاهر لإعزاز دين الله، وأمه كانت جارية سودانية تُدعى “رسيدة”، ستصبح لاحقًا واحدة من أكثر النساء نفوذًا في البلاط الفاطمي.

تولى المستنصر العرش عام 1036م، ولم يكن قد تجاوز السابعة من عمره. وهكذا بدأت واحدة من أكثر الحقب الطويلة والمضطربة في تاريخ الخلافة الفاطمية. في بداياتها، كان كل شيء يسير بشكل سلس، بفضل وصاية والدته التي أدارت شؤون الدولة بحنكة، وبفضل رجال مخلصين مثل الوزير اليازوري. كانت القاهرة آنذاك عاصمة للحضارة، تُضاء شوارعها بالفوانيس، وتُنشر من فوق منابرها تعاليم المذهب الإسماعيلي، وكان الكُتّاب والمدارس وجامع الأزهر يفيضون بالعلم والمعرفة.

لكن عجلة الزمان لا تثبت على حال، وما بدأ مستقراً انقلب مضطربًا. شيئًا فشيئًا، تسلّل الضعف إلى قلب الدولة. تغوّلت الجيوش، وتقوّى نفوذ الأتراك والسودان في الجيش، وساد التنافس العرقي، فانقسمت البلاط إلى فسطاطَين: أحدهما يُوالي الأتراك والآخر يناصر السودانيين، والمستنصر، الذي شبّ عن الطوق، وجد نفسه خليفةً على أمة منقسمة، وسلطة بلا أنياب.

ثم جاءت الكارثة.

في عام 1065م، ضربت مصر واحدة من أسوأ المجاعات في تاريخها، تلك التي عُرفت باسم الشدّة المستنصرية. لم تكن مجرد مجاعة بل كانت مهلكة جماعية. شحّت مياه النيل، وانقطع الفيضان، وارتفعت الأسعار حتى صار رغيف الخبز يُباع بوزنه ذهبًا، ثم اختفى الخبز، وأكل الناس الكلاب والقطط، ثم أكل بعضهم بعضًا. كان الناس يبيعون أثاث بيوتهم مقابل حبات القمح، والأمهات يبعن أبناءهن كي يبقين على قيد الحياة. ووسط كل هذا، فقد المستنصر آخر ما تبقى من سلطته.

في تلك الأيام السوداء، صعد نجم قائد عسكري يُدعى بدر الجمالي، أرسله المستنصر من الشام ليُعيد النظام. لم يكن بدر مجرد قائد، بل كان منقذًا بحجم دولة. دخل القاهرة بقوة الشدة لا بالحكمة، وسرعان ما أحكم قبضته على الحكم، وصار الحاكم الفعلي باسم المستنصر، الذي لم يبق له من الخلافة سوى الخطبة والراية.

ومع ذلك، عاش المستنصر. ظلّ جالسًا على عرشٍ رمزي، طيلة ثمانيةٍ وخمسين عامًا. أطول مدة خلافة في التاريخ الإسلامي. رأى خلالها الدولة تتوسع ثم تنكمش، رأى القصور تُبنى وتُنهب، وسمع الأذان يُرفع باسمه في مكة وبغداد ثم يُمحى من فوق منابر الشام، ورأى أبناءه يتنازعون الخلافة قبل أن يفارق الحياة.

في عام 1094م، أسدل الموت ستارًا على حياته الطويلة، لكن وفاته لم تُنهِ فصلاً بقدر ما فتحت أبواب تمزق جديد. فبعد موته، انقسم أتباع المذهب الإسماعيلي إلى نزاريين ومستعليين، في انشقاق مذهبي لا تزال آثاره ممتدة حتى يومنا هذا.

في النهاية، لم يكن المستنصر الفاطمي مجرد خليفة عابر، بل كان صورة مكثفة عن الدولة الفاطمية نفسها: بداية مجيدة، وسط مضطرب، ونهاية مُرّة تنذر بالتشظي

  • وفق الذكاء الاصطناعي.. قائمة بأطول 10 حكام في تأريخ العرب

* المولى إسماعيل

في قلب المغرب، في مدينة مكناس التي ستتحول لاحقًا إلى عاصمة إمبراطورية تليق بالأساطير، وُلد المولى إسماعيل بن الشريف سنة 1645، في زمن كانت فيه الدولة العلوية لا تزال في طور التأسيس، تنهض وسط فوضى الصراعات القبلية وانهيار المخزن السعدي.

كان المولى إسماعيل أخًا للسلطان مولاي الرشيد، مؤسس الدولة العلوية، لكن بعد وفاة الأخير عام 1672، اعتلى إسماعيل العرش، لا بوراثةٍ هادئة بل بسيفٍ مشهر، فبدأ عهدٌ طويل من الحُكم دام أكثر من 55 عامًا، جعله أحد أطول ملوك المغرب حُكمًا، وأكثرهم مهابة وبأسًا.

لم يكن المولى إسماعيل ملكًا عاديًا، بل كان مشروع دولة في جسد رجل. اختار أن يُحوّل المغرب من دويلاتٍ متفرقة إلى مملكة مركزية قوية، تُضرب بها الأمثال في الانضباط والهيبة والردع. ومنذ بدايات حكمه، خاض حروبًا طاحنة ضد الثوار والزوايا والقبائل التي تمردت على المركز، وكان لا يتردد في سحق أي تمرد، ولو على حساب أنهار من الدماء.

عُرف بحزمه الشديد، واشتُهر ببناء جيش ضخم، عُرف باسم جيش البخاري، تألف من عبيد سود جُلِبوا صغارًا من إفريقيا جنوب الصحراء، ورُبُّوا في بيئة عسكرية صارمة ليكونوا موالين شخصيًا للسلطان، لا للقبائل. بهذا الجيش حطّم شوكة العصبيات القبلية، ووحّد التراب المغربي من طنجة حتى وادي نهر السنغال.

أما مكناس، فقد أراد لها أن تكون “فرساي أفريقيا”، فشيّد فيها القصور، والأسوار، والخنادق، والأبواب الضخمة، وأرسل في طلب الحرفيين من الأندلس وإيطاليا وفرنسا، وبنى قصر الهديم، وباب منصور لعلج، وجعل من المدينة عاصمةً تضاهي أعظم عواصم العالم في زمنه.

وفي السياسة الخارجية، كان المولى إسماعيل واحدًا من أوائل ملوك المغرب الذين نسجوا علاقات دبلوماسية مع الدول الأوروبية الكبرى. تبادل الرسائل مع لويس الرابع عشر ملك فرنسا، وراسل جورج الأول ملك بريطانيا، ووقع معاهدات مع إسبانيا وهولندا. كما أدار بحنكة ملف تحرير الأسرى الأوروبيين، فكان يفاوض تارة، ويقايض تارة، ويُهدد تارة أخرى، وذاع صيته في البحر المتوسط كسلطان لا يُكسر.

لكن خلف هذه العظمة، كانت يد المولى إسماعيل ثقيلة، صارمة، لا تعرف الرحمة مع العصيان. قيل إنه أعدم الآلاف خلال حكمه، وإنه كان يُراقب شخصيًا أعمال البناء والصلب، وإنه قاد بنفسه عشرات الحملات العسكرية، وفرض النظام بالسيف قبل القانون.

توفي السلطان المولى إسماعيل سنة 1727م، تاركًا وراءه مملكة موحدة، وحدودًا مصانة، وعاصمة شاهقة، لكنها أيضًا مثقلة بصراعات الورثة والطامحين. ومع وفاته، دخل المغرب فترة من الاضطراب عُرفت بـ”عهد الفتن”، لكن اسم المولى إسماعيل ظل محفورًا كرمزٍ للقوة والانضباط، وكأحد أعظم ملوك المغرب في التاريخ.

*الحارث بن عمرو الكندي

الحارث بن عمرو الكندي، هو أحد ملوك كندة البارزين في الجاهلية، عُرف بقوّته وحنكته، وكان من الملوك القلائل الذين بسطوا نفوذهم على قبائل عديدة في شمال الجزيرة ووسطها، وبلغ من سلطانه أنه جلس على عرش الحيرة، لفترة من الزمن، في زمن شغور الحكم بين ملوك المناذرة، ما جعله يُصنّف ضمن الملوك الذين “تطاولوا على التاج” بحسب تعبير المؤرخين العرب.

الحارث بن عمرو بن حجر، من آل آكل المرار من ملوك كندة، وهي أسرة ملكية اشتهرت في التاريخ العربي قبل الإسلام، وتوارثت المُلك في مناطق اليمن ووسط الجزيرة. كان من نسل ملوك، وجدّه “حجر آكل المرار” يُعدّ من كبار ملوك العرب، واشتهر لقبه هذا بسبب قصة شهيرة متعلقة بجشعه أو شدّته.

في فترة من الفترات، حصل فراغ في حُكم المناذرة، الملوك التابعين للفرس في العراق، إما بسبب خلع ملك أو موته، أو بسبب صراع على العرش. استغل الحارث بن عمرو هذا الفراغ السياسي، وتمكّن من السيطرة على الحيرة، العاصمة الشهيرة للمناذرة، وجلس على عرشها لبعض الوقت، ويُقال إنه نزل في قصر الخورنق، وهو القصر الملكي الشهير.

وقد وصفه المؤرخون بأنه “ملك الحيرة بعد عمرو بن هند”، أو أنه “ملك بين ملوك الحيرة”، وكان له نفوذ واسع في نَجْد وأطراف العراق والجزيرة الفراتية.

رُغم سيطرته المؤقتة على الحيرة، لم يكن الحارث بن عمرو ملكًا من أسرة لخم التي ينتمي إليها ملوك المناذرة، بل من كندة، مما جعل حكمه غير دائم. وبعده عاد الحكم إلى ملوك لخم من بني نصر، مثل المنذر بن ماء السماء.

لكن رغم قصر مدّة حكمه، اعتبره بعض المؤرخين أحد أبرز الشخصيات التي مزجت بين سلالة كندة اليمنية، والحضور في مركز السلطة الفارسية في العراق، من خلال الحيرة.

الحارث بن عمرو لم يكن ملكًا تقليديًا في بقعة واحدة، بل كان ملكًا متجوّلًا، يقود الجيوش ويُسيطر على القبائل من اليمن إلى نجد إلى الحيرة، وربما زحف حتى تخوم الشام. وهذا ما جعل المؤرخين يصنفونه أحيانًا ضمن من “ملَك العرب جميعًا” في الجاهلية، أو من اقترب من توحيد العرب في فترة مبكرة قبل الإسلام.

ويُقال إنه كان له أولاد ملوك أيضًا، من أشهرهم الحارث بن الحارث الكندي الذي قُتل في معركة “كُلاب” المشهورة، وهي من المعارك الكبيرة بين كندة وتميم.

تضاربت الروايات في كيفية نهاية حكمه، لكن الأرجح أنه خُلع بعد تدخّل من الفرس أو من بطون لخم، فاستُعيد عرش الحيرة إلى أهله، وانحسر نفوذ الحارث تدريجيًا، ثم انطفأت شمس كندة السياسية لاحقًا بعد صراعها مع قبائل نجد، وعلى رأسها بكر وتميم.

*الملك عبدالعزيز آل سعود

الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، هو من أبرز الشخصيات في تاريخ الجزيرة العربية في القرن العشرين، وقد غيّر مجرى المنطقة بتوحيده معظم أراضي شبه الجزيرة تحت راية دولة واحدة.

وُلد عبد العزيز عام 1876م (1293هـ) في مدينة الرياض، في كنف عائلة آل سعود التي كانت تحكم الدولة السعودية الثانية قبل أن تسقط على يد آل رشيد، حكام حائل، بدعم من الدولة العثمانية. بعد هزيمة آل سعود، خرج عبد العزيز مع والده الإمام عبد الرحمن وأسرته إلى المنفى في الكويت، وكان حينها في سن العاشرة.

في الكويت، تربى على الفروسية والسلاح والسياسة، وتأثر كثيرًا بمظاهر الدولة والقيادة. ظل الحنين إلى الرياض مسيطرًا عليه، وكان حلمه أن يعيد ملك آبائه وأجداده.

في عام 1902م، وهو لم يتجاوز السادسة والعشرين من عمره، قاد غزوة جريئة مع عدد قليل من رجاله، ودخل مدينة الرياض خلسة، وتمكن من قتل عجلان بن محمد، ممثل آل رشيد، واستعاد قصر المصمك. هذا الحدث كان بمثابة نقطة التحول الكبرى في مسيرته، ومنه بدأ رحلة التوحيد.

منذ ذلك اليوم، بدأ الملك عبد العزيز حربًا طويلة لتوحيد شبه الجزيرة العربية، اتسمت بالحكمة السياسية، والشدة العسكرية، والذكاء القبلي:

 • 1902–1913: سيطر على نجد، ثم الأحساء.

 • 1913–1925: خاض معارك شرسة ضد حاكم الحجاز الشريف حسين وأبنائه، حتى تمكن من دخول مكة والمدينة وجدة.

 • 1927–1932: حسم الصراع مع القبائل المعارضة مثل الإخوان، واستكمل ضم عسير وحائل وجازان وغيرها من المناطق.

في 23 سبتمبر 1932م، أعلن عبد العزيز قيام المملكة العربية السعودية، بعد أن كانت تسمى “مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها”. أصبح ملكًا على دولة موحدة عاصمتها الرياض، تشمل الحرمين الشريفين، ومعظم أراضي الجزيرة العربية.

توفي الملك عبد العزيز في 9 نوفمبر 1953م، في الطائف، بعد أن حكم قرابة نصف قرن. تولّى بعده ابنه الملك سعود، ومنذ ذلك الحين تداول الحكم أبناؤه تباعًا.

*عبد الرحمن الناصر

عبد الرحمن الناصر لدين الله، هو ثامن أمراء الدولة الأموية في الأندلس وأول من حمل لقب “الخليفة” فيها، وهو واحد من أبرز الشخصيات التي طبعت تاريخ الأندلس في القرن الرابع الهجري، وقد وُلد سنة 277 هـ (891 م) وتولى الحكم سنة 300 هـ (912 م) وهو شاب لم يتجاوز بعد الثانية والعشرين من عمره، وذلك بعد اغتيال عبد الله بن محمد الذي سبقه بالحكم. ورث عبد الرحمن الناصر دولة تعصف بها الانقسامات والفتن الداخلية، وكان التهديد الخارجي من ممالك الشمال المسيحية في تصاعد، فضلًا عن تحديات الطوائف البربرية ومخاطر الفاطميين الصاعدين في المغرب.

منذ اللحظة الأولى، بدأ الناصر بإعادة ضبط البيت الأموي الداخلي، فأخضع القادة المتنافسين، وفرض هيبة الدولة المركزية من جديد، وبدأ مشروعًا إصلاحيًا شاملًا، امتد من تحديث الجيش إلى تنظيم الإدارة والمالية. لم تمض سنوات قليلة حتى باتت الأندلس دولة قوية موحدة، فقرر أن يخطو خطوة جريئة وغير مسبوقة: ففي عام 316 هـ (929 م) أعلن نفسه خليفة للمسلمين، متخذًا لقب “الناصر لدين الله”، متحديًا بذلك الخلافة العباسية في بغداد، والخلافة الفاطمية التي بدأت تمد نفوذها من شمال أفريقيا. بهذا الإعلان، صارت الأندلس مركزًا لخلافة مستقلة ذات سيادة دينية وسياسية.

خلال فترة حكم عبد الرحمن الناصر وفي العاصمة قرطبة، شيّد قصر الزهراء الفخم، الذي أصبح رمزًا لعظمة الدولة. وازدهرت الحركة العلمية، فأصبحت قرطبة مركزًا للعلم والأدب والفلسفة والطب، وقُصدت من قبل العلماء من المشرق والمغرب. كما طوّر الجيش، وأنشأ أسطولًا بحريًا هو الأقوى في غرب المتوسط، مما ساعد على ردع هجمات الممالك المسيحية في الشمال، بل وشن حملات ناجحة على ممالك مثل ليون ونافارا.

على الرغم من كثرة الخصوم، فقد استطاع عبد الرحمن الناصر الحفاظ على الاستقرار في الداخل، ورد التحديات الخارجية بحزم وذكاء، فامتدت سلطة دولته من حدود برشلونة شرقًا إلى الأطلسي غربًا، ومن جبال البرتغال شمالًا حتى حدود المغرب جنوبًا. وقد تميز بحنكة سياسية قل نظيرها، فقد لعب على التوازنات بين القوى الكبرى في عصره، وعقد التحالفات واستخدم الدبلوماسية بمهارة.

توفي عبد الرحمن الناصر سنة 350 هـ (961 م) بعد أن حكم خمسين عامًا كاملة، وهي من أطول فترات الحكم في التاريخ الإسلامي. وقد خلفه ابنه الحكم المستنصر، وورث عن والده دولة بلغت أوج قوتها، لكنها كانت أيضًا تقف على مفترق طرق حاسم، لأن الهيبة التي صنعها الناصر ما لبثت أن تراجعت مع الأجيال التالية

*الملكة أروى الصليحي

الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، الملقبة بـ”السيدة الحرة”، هي واحدة من ألمع الشخصيات النسائية في تاريخ الإسلام، وأول امرأة تحكم دولة إسلامية كحاكمة مستقلة فعلًا، لا كوصية أو زوجة سلطان. حكمت الدولة الصليحية في اليمن في القرن الخامس الهجري، ودام حكمها قرابة نصف قرن، بين عامي 492 هـ إلى 532 هـ (1098 – 1138 م تقريبًا)، وهي من أبرز النساء في التاريخ العربي والإسلامي سياسيًا وإداريًا ودينيًا.

وُلدت أروى في مدينة حَرِيب اليمنية عام 442 هـ (1050 م تقريبًا)، وتنتمي إلى قبيلة همدان اليمنية العريقة. نشأت في كنف الدولة الصليحية التي أسسها علي بن محمد الصليحي، والذي تبناها وربّاها في قصره بعد مقتل والدها. تعلمت القراءة والكتابة والفقه والأدب، وتميّزت بذكائها الحاد وثقافتها العالية، وهو ما جعلها محطّ أنظار النخبة السياسية والدينية في عصرها.

تزوجت من المكرم أحمد بن علي الصليحي، ابن مؤسس الدولة، وكان زوجها يعاني من المرض المزمن، مما جعلها تتولى شؤون الحكم عمليًا حتى قبل وفاة زوجها. وبعد وفاة المكرم عام 484 هـ، تولت شؤون الدولة رسميًا، لكنها لم تعلن نفسها حاكمة إلا لاحقًا، إذ كانت تدير الحكم باسم الخليفة الفاطمي في القاهرة.

في عام 492 هـ (1098 م)، تلقّت لقب “السيدة الحرة” من الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، وهو اعتراف رسمي بولايتها وسلطتها، بل إن بعض المراسيم تُظهر أنها نُصبت “داعية مطلقة”، أي ممثلة رسمية للخلافة الفاطمية الإسماعيلية في اليمن، وهي أعلى رتبة دينية-سياسية في التنظيم الفاطمي.

إنجازاتها السياسية والإدارية:

 • حكمت من مدينة جبلة في اليمن، والتي جعلتها عاصمة لها، وبنت فيها قصرها الشهير ومسجدها العظيم الذي لا يزال قائمًا حتى اليوم.

 • وحّدت مناطق واسعة من اليمن تحت حكم الدولة الصليحية، وضبطت الأمن، وقمعت الفتن القبلية، وأحسنت إدارة البلاد.

 • عيّنت الولاة والقادة، وقادت الحملات السياسية والعسكرية من خلف الستار، وكانت ترسل السفراء وتراسل الخلفاء الفاطميين بنفسها.

 • أظهرت كفاءة إدارية عالية في إدارة شؤون الحكم والاقتصاد، واستطاعت الصمود أمام النزاعات القبلية والانقسامات الداخلية.

كانت أروى زعيمة الطائفة الإسماعيلية في اليمن، وتحظى باحترام كبير بين الإسماعيليين الذين اعتبروها داعيةً مفوضة. كما ساهمت في نشر الدعوة الفاطمية، وأيدت استمرار الولاء للخلافة الفاطمية في القاهرة.

توفيت الملكة أروى الصليحي سنة 532 هـ (1138 م) عن عمر يناهز التسعين عامًا، بعد أن حكمت اليمن قرابة خمسين عامًا. دُفنت في مسجدها بمدينة جبلة، ولا يزال قبرها مزارًا معروفًا حتى اليوم.

*السلطان قابوس بن سعيد

السلطان قابوس بن سعيد هو أحد أكثر الحكّام العرب الذين طالت فترة حكمهم في العصر الحديث (1970 – 2020). وعلى الرغم من الصورة الإيجابية الواسعة التي يُروَّج لها عن تجربته، فإن السرد التاريخي المتوازن لحكمه لا يخلو من الجوانب المعقدة والتحديات التي رافقت بناء الدولة في عمان، وخصوصًا من زاويتَي السلطة المطلقة وغياب المشاركة الشعبية.

ولد قابوس في 18 تشرين الثاني/نوفمبر 1940 في صلالة بمحافظة ظفار، ونشأ في كنف والده السلطان سعيد بن تيمور الذي كان يحكم عمان بقبضة تقليدية صارمة، وبتوجس من التحديث والانفتاح. أرسل قابوس إلى بريطانيا في سن السادسة عشرة، وهناك تلقّى تعليمه العسكري في أكاديمية ساندهيرست ثم عاد إلى بلاده في 1964، لكنه بقي شبه محتجز في قصر والده، دون سلطة أو منصب.

في 23 تموز/يوليو 1970، وبمساندة بريطانية مباشرة، أطاح قابوس بوالده في انقلاب أبيض سُوّق لاحقًا كـ”ثورة تحديث”، إذ كان سعيد بن تيمور يرفض أي تطوير. رحّل السلطان الأب إلى لندن، وتسلّم قابوس مقاليد الحكم كاملًا دون أي شكل من أشكال الشراكة.

عند تولي قابوس للسلطة، كانت البلاد تعاني من ثورة مسلحة في إقليم ظفار، قادتها “الجبهة الشعبية لتحرير الخليج” بدعم يساري من اليمن الجنوبي والاتحاد السوفيتي. قاوم قابوس التمرد لسنوات، لكنه لم ينتصر عليه وحده. بل كان لقوات الجيش الإيراني التابع لشاه إيران، إلى جانب الدعم البريطاني والأردني، الدور الحاسم في قمع الثورة.

ما يعني أن بداية الدولة العمانية الحديثة تأسست على دعم خارجي مباشر، عسكريًا واقتصاديًا، في مقابل غياب مشاركة فعلية للظفاريين أنفسهم.

حكم قابوس عمان منفردًا ولم يُنشئ أي مؤسسات تمثيلية حقيقية طيلة معظم سنوات حكمه. لم يُشكّل برلمانًا منتخبًا حتى تسعينيات القرن الماضي، وحتى حينها لم تكن له صلاحيات فعلية، بل كان استشاريًا فقط. السلطان جمع بين السلطات الثلاث: التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، وكان فوق المساءلة طيلة خمسين عامًا.

لم يُعرف عن قابوس أنه شجع على حرية التعبير أو التعدد السياسي. الأحزاب كانت ممنوعة، والمعارضة ممنوعة، والصحافة تخضع لرقابة صارمة. كل من عارض الدولة أو انتقدها – حتى لو بشكل ثقافي – كان عرضة للسجن أو النفي أو الملاحقة.

ورغم الانفتاح الاقتصادي النسبي، بقي المجال السياسي مغلقًا تمامًا.

من الإنصاف القول إن قابوس أشرف على عملية بناء شاملة من حيث الطرق والموانئ والمستشفيات والمدارس، بتمويل مباشر من عائدات النفط. لكنه لم يستثمر في بناء مؤسسات حكم رشيد، ولا شجّع على تنشئة طبقة سياسية أو مجتمع مدني قوي.

ورغم توسع التعليم، بقيت الدولة مركزية بشكل خانق. حتى اختيار الولاة والمسؤولين كان يتم بتوصية من السلطان فقط، دون شفافية أو تداول.

تميزت عمان في عهد قابوس بسياسة خارجية وُصفت بـ”المعتدلة”، لكن هذا لم يكن دائمًا خيارًا أخلاقيًا بقدر ما كان نابعًا من الضعف الجيوسياسي. عُمان اختارت أن تنأى بنفسها عن الصراعات الكبرى لتجنّب التورط، وفتحت قنوات تواصل سرية مع إيران وإسرائيل وأمريكا، بل وساهمت بدور الوسيط أحيانًا.

لكن في الداخل، كان هذا الدور محاطًا بالصمت، ولم يُفسح المجال لنقاشه شعبيًا. المواطن العماني لم يكن شريكًا في صنع السياسة الخارجية ولا مطّلعًا على تفاصيلها.

عانى السلطان قابوس في سنواته الأخيرة من المرض، لكنه رفض تعيين ولي للعهد أو التحدث بصراحة عمّن يخلفه. وظل الأمر غامضًا حتى وفاته في 10 كانون الثاني/يناير 2020، حين اجتمع مجلس العائلة الحاكمة وفتح وصية مغلقة كشفت أن وريثه هو ابن عمه هيثم بن طارق.

غياب الشفافية حتى في موضوع الخلافة فتح الباب لانتقادات واسعة داخلية وخارجية، إذ بدا أن قابوس تعمّد إخفاء مصير الدولة إلى اللحظة الأخيرة.

*الناصر لدين الله العباسي

تولّى الناصر الحكم بعد وفاة والده المستضيء بالله سنة 1180م، في وقت كانت فيه الدولة العباسية قد فقدت معظم نفوذها لصالح السلاجقة والأتابكة، وتحولت الخلافة إلى منصب رمزي محصور في بغداد وما حولها. لكن الناصر، بخلاف من سبقوه، حاول استعادة شيء من السلطة الفعلية، وركّز على تعزيز موقع الخليفة كرأس للدين والشرع، حتى ولو كان ذلك على حساب وحدة المسلمين.

انتهج الناصر سياسة براغماتية، وتحالف أحيانًا مع خصوم العالم الإسلامي، ومنهم المغول في مراحل مبكرة، بهدف كسر شوكة خصومه المحليين مثل الدولة الخوارزمية وسلاجقة العراق، وحتى بعض قادة الدولة الأيوبية. لكنه في الوقت نفسه كان يُظهر عداءً مكتومًا لصلاح الدين الأيوبي، رغم كونه أحد أبرز رموز الجهاد ضد الصليبيين.

ويُقال إن الناصر رفض الاعتراف بصلاح الدين كـ”سلطان شرعي”، وكان يتحفظ على وحدة مصر والشام والحجاز تحت راية الأيوبيين، ما يُفسّر بعض الفتور في العلاقة بين الطرفين رغم وحدة الدين والعدو.

حرص الناصر على إظهار الورع الديني والتقشف والزهد، حتى تبنّى التصوف رسميًا، وقرّب المتصوفة إلى دائرته، وأسس نظامًا صوفيًا رسميًا يُعرف بـ”الفتوة”، أراد من خلاله إعادة ضبط المجتمع أخلاقيًا، وربما أيضًا استعادة ولاء العامة. لكنه في المقابل كان قاسيًا في التعامل مع الخصوم والمعارضين.

تذكر المصادر التاريخية أنه حكم بالسجن أو القتل على عدد كبير من العلماء والفقهاء والولاة لمجرد أنهم لم يخضعوا له تمامًا. كما شهد عهده توترًا طائفيًا متصاعدًا، خاصة بين السنة والشيعة، حيث رعى الناصر التيارات المتشددة السنية ضد خصومه من الطوائف الأخرى.

بنى الناصر جهازًا إداريًا صارمًا، وركّز على تكوين جهاز مخابرات واسع الانتشار، يراقب حتى أقرب المقرّبين منه. وعيّن على رأس الجيش شخصيات مخلصة له، لكنه لم يحقق إصلاحًا عسكريًا فعليًا، إذ ظلت القوات العباسية ضعيفة مقارنة بجيوش الأتابكة والمماليك.

والغريب أنه بينما سعى لترميم مركز الخلافة، فإنه لم يتدخل جديًا في وقف المد الصليبي في الشام أو الحد من تمدد المغول في خراسان وبلاد ما وراء النهر.

توفي الناصر لدين الله عام 1225م، تاركًا وراءه خلافة عباسية ذات هالة روحية عظيمة لكنها هشّة سياسيًا. بعد وفاته بـ33 عامًا فقط، في 1258م، اجتاح المغول بغداد ودمّروا الخلافة بالكامل في عهد حفيده المستعصم بالله.

ورغم محاولته إحياء الهيبة العباسية، فإن سياساته الانعزالية، وتغليبه للمظاهر على القوة، وتحالفاته المريبة، ساهمت في إضعاف الخلافة بدلًا من تقويتها.

*الملك حسين بن طلال

الملك حسين بن طلال (1935 – 1999) هو ملك المملكة الأردنية الهاشمية من عام 1952 حتى وفاته عام 1999، أي إنه حكم الأردن لما يقرب من نصف قرن، وهو أحد أبرز الشخصيات العربية في القرن العشرين، وأكثرهم جدلًا بين مؤيديه ومعارضيه، لما مثّله من توازنات دقيقة بين الولاء للغرب والهوية العربية، بين الانفتاح والحكم المطلق، وبين الواقعية السياسية والبراغماتية الصلبة.

ولد حسين في عمان عام 1935 لعائلة هاشمية منحدرة من نسب النبي محمد، وكان حفيد الشريف الحسين بن علي قائد الثورة العربية الكبرى. تلقّى تعليمه في عمّان ثم في القاهرة، ولاحقًا في أكاديمية “ساندهيرست” العسكرية في بريطانيا. في عام 1952، وبعد تنحي والده الملك طلال لدواعٍ صحية (بحسب الرواية الرسمية)، نُصّب حسين ملكًا على الأردن وهو في السابعة عشرة من عمره، على أن يتسلم الحكم فعليًا بعد بلوغه سن الرشد الدستوري.

شهدت سنوات حكمه الأولى اضطرابات كثيرة، بدءًا بمحاولات انقلابية داخلية، مرورًا بتوترات إقليمية، وانتهاءً بنكسة عام 1967، التي فقدت فيها الأردن الضفة الغربية والقدس لصالح إسرائيل، وهو الحدث الذي هزّ شرعية النظام الأردني ومكانة الملك في الداخل والخارج.

ومع ذلك، ظل حسين يحاول إظهار موقف قومي، فشارك الأردن في حرب 1973 ضمن الجبهة الشرقية، وإن كانت مشاركته محدودة عسكريًا لكنها كانت ذات طابع رمزي.

كان الصدام الدموي مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1970، والذي يُعرف بـ”أيلول الأسود”، أحد أخطر اللحظات في حكم حسين. فبعد أن أصبحت الفصائل الفلسطينية “دولة داخل الدولة”، قرر الملك مواجهتها بالقوة، ما أدى إلى مجزرة ومواجهات عنيفة خلّفت آلاف القتلى من الفلسطينيين.

ورغم تأييد بعض الدول العربية له آنذاك، إلا أن علاقته مع القيادة الفلسطينية بقيت متوترة، واعتُبر في نظر بعض التيارات القومية واليسارية “خائنًا للقضية الفلسطينية”.

كان حسين أحد أقرب حلفاء الولايات المتحدة وبريطانيا في المنطقة، وقد عرف بدهائه في الحفاظ على علاقات قوية مع الغرب دون أن يظهر بمظهر التابع. خلال الحرب الباردة، لعب دور الوسيط والموازن في الصراعات الإقليمية، كما احتفظ بعلاقات استخباراتية وثيقة مع الغرب، وحتى مع إسرائيل سرًا قبل توقيع اتفاقية السلام.

لكن هذه السياسة أيضًا كلفته عزلة عربية في فترات معينة، خصوصًا بعد رفضه قطع العلاقات مع الولايات المتحدة أو بريطانيا في أزمات مثل العدوان الثلاثي على مصر أو بعد معاهدة كامب ديفيد.

في أعقاب اتفاق أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قام الملك حسين بخطوته الكبرى عام 1994 بتوقيع اتفاقية وادي عربة للسلام مع إسرائيل، لتكون الأردن الدولة العربية الثانية بعد مصر التي تطبع العلاقات رسميًا مع تل أبيب.

وبرر ذلك بـ”مصلحة الأردن العليا”، وضمان حقوقه المائية والاقتصادية والأمنية، لكنه قوبل بانتقادات واسعة في الشارع العربي، واعتُبر خيانة ثانية للقضية الفلسطينية، رغم أنه ظل يردد حتى وفاته دعمه لقيام دولة فلسطينية.

رغم وجود برلمان وانتخابات، إلا أن النظام في عهده ظل ملكياً مركزياً يعتمد على أجهزة الأمن والولاء العشائري والبيروقراطية. كانت الديمقراطية شكلية في معظم فتراته، إذ تم تعليق الحياة النيابية أكثر من مرة، خصوصًا بعد أحداث 1967 وحتى عام 1989.

وفي نهاية الثمانينات، ومع اندلاع انتفاضات شعبية بسبب الأوضاع الاقتصادية، اضطر الملك حسين إلى فتح المجال أمام الانتخابات والعودة إلى المسار البرلماني، لكنه ظل يمسك بزمام السلطة المطلقة من خلال صلاحياته الدستورية الواسعة.

توفي الملك حسين عام 1999 بعد صراع طويل مع السرطان، وورّث العرش لنجله عبد الله الثاني، بعد أن أقصى شقيقه الأمير الحسن قبل أسابيع فقط من وفاته، وهي خطوة أثارت كثيرًا من الجدل داخل العائلة الحاكمة.

*معمر القذافي

معمر القذافي (1942 – 2011) هو أحد أكثر الزعماء العرب إثارة للجدل في التاريخ الحديث، حكم ليبيا لأكثر من 40 عامًا بعد أن قاد انقلابًا عسكريًا أطاح بالملك إدريس السنوسي عام 1969. اشتهر بأسلوبه الغريب في الحكم، وخطابه السياسي غير التقليدي، وتحالفاته المتقلبة، ونظريته “الكتاب الأخضر” التي حاول من خلالها تأسيس ما أسماه “سلطة الشعب”، في نموذج حكم فردي شمولي مقنّع بشعارات الجماهيرية.

ولد معمر القذافي في الصحراء الليبية في خيمة بدوية بمنطقة سرت، لأسرة فقيرة من قبيلة القذاذفة. تأثر في شبابه بالخطاب القومي العربي، خاصة أفكار جمال عبد الناصر. التحق بالجيش الليبي، وهناك بدأ بتشكيل “الضباط الوحدويين الأحرار”، وفي فجر الأول من أيلول/سبتمبر 1969، قاد انقلابًا عسكريًا أطاح بالنظام الملكي الليبي وأعلن “قيام الجمهورية العربية الليبية”.

لكنه لم يكتفِ برئاسة الدولة، بل أعلن لاحقًا أنه “سلّم السلطة للشعب” واعتبر نفسه مجرد “قائد ثورة”، في خدعة سياسية مكّنته من الاستحواذ المطلق على القرار، دون تحمل أي مسؤولية دستورية.

في عام 1975، أصدر القذافي “الكتاب الأخضر” الذي قسمه إلى ثلاثة أجزاء: الديمقراطية، الاقتصاد، والمجتمع. فيه هاجم البرلمانات والتمثيل السياسي، واعتبر أن “الديمقراطية الحقيقية” تعني أن يحكم الشعب نفسه بنفسه من خلال “مؤتمرات شعبية” و”لجان شعبية”، وهو نظام فوضوي خاضع للسيطرة الأمنية.

لكن ما طبّقه فعليًا لم يكن سوى ديكتاتورية شاملة، أقام فيها نظامًا بيروقراطيًا يعتمد على الولاء، وكمّم الأفواه، واحتكر الإعلام، وسيطر على الثروة النفطية الهائلة.

اشتهر نظام القذافي ببطشه الدموي، إذ نفّذ حملات تصفية داخلية وخارجية ضد خصومه. أبرزها:

 • مجزرة سجن أبو سليم (1996): حيث قُتل أكثر من 1200 سجين سياسي في يوم واحد.

 • عمليات الاغتيال في الخارج: حيث استهدفت المخابرات الليبية معارضين في أوروبا والعالم العربي، فيما عُرف بـ”لجان التصفية الثورية”.

 • خنق الصحافة والإعلام: لم يكن هناك أي إعلام حر، بل كانت كل وسائل الإعلام تمجّد القذافي وتصورّه كقائد تاريخي ملهم.

خلال السبعينيات والثمانينيات، تبنى القذافي خطًا ثوريًا خارجيًا عدوانيًا، موّل الحركات المسلحة في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وتدخل في نزاعات دولية، ودعم الجيش الجمهوري الإيرلندي، وحاول اغتيال ملوك ورؤساء، بل وادّعى في أحد خطاباته أن القرآن “ليبي”، وليس عربيًا.

كما دخل في حروب خاسرة، مثل تدخله في تشاد، ودعمه انقلابًا فاشلًا في السودان، وخصوماته المزمنة مع الدول العربية، حتى عبد الناصر نفسه لم يسلم من نقده لاحقًا.

في الثمانينيات، دخل في مواجهة مباشرة مع الولايات المتحدة، خاصة بعد حادثة لوكربي عام 1988، حين اتُّهمت ليبيا بتفجير طائرة أمريكية، فقُتل 270 شخصًا. فُرضت عقوبات دولية على ليبيا، وعُزل القذافي إقليميًا ودوليًا.

لكن مع بداية الألفية الثالثة، غيّر مساره بالكامل، فاعترف بمسؤوليته عن لوكربي، وسلم المشتبه بهم، وأعلن التخلي عن برنامجه النووي عام 2003، وبدأ في تطبيع العلاقات مع الغرب، واحتضنه توني بلير وساركوزي وبرلسكوني، بل أصبح يُعتبر “شريكًا مهمًا” في ملف الهجرة ومكافحة الإرهاب.

هذه الانعطافة أثبتت براغماتيته المطلقة واستعداده للتخلي عن كل الشعارات السابقة مقابل الحفاظ على الحكم.

في فبراير 2011، وفي خضم الربيع العربي، خرجت تظاهرات في بنغازي وسرعان ما امتدت إلى مناطق عدة. واجه القذافي الثورة بعنف مفرط، وقتل الآلاف، ووصف المعارضين بـ”الجرذان”. تدخل حلف الناتو بناءً على قرار أممي، وقصف قواته ومنشآته.

وفي أكتوبر 2011، وبعد أشهر من المعارك، ألقي القبض على القذافي في سرت وهو هارب، وتم قتله بوحشية على يد مقاتلين غاضبين، لينتهي بذلك حكم أغرب دكتاتور عربي في التاريخ الحديث.

أخبار مشابهة

جميع
زهران ممداني.. أول مسلم في تاريخ نيويورك يهزم ماكينة ترامب الشعبوية ويفتح فصلاً جديداً في السياسة الأمريكية

زهران ممداني.. أول مسلم في تاريخ نيويورك يهزم ماكينة ترامب الشعبوية ويفتح فصلاً جديداً...

  • 5 تشرين ثاني
انفوبلس تفصّل أبرز المحطات: انسحاب حزب العمال الكردستاني من الأراضي التركية.. نهاية الصراع الطويل أم مناورة جديدة؟

انفوبلس تفصّل أبرز المحطات: انسحاب حزب العمال الكردستاني من الأراضي التركية.. نهاية...

  • 28 تشرين اول
هاكر إيراني يخترق شركة إسرائيلية ويكشف عن مشاريع عسكرية سرية

هاكر إيراني يخترق شركة إسرائيلية ويكشف عن مشاريع عسكرية سرية

  • 25 تشرين اول

شبكة عراقية اعلامية

  • الرئيسية
  • مقالات
  • فيديو
  • كاريكاتور
  • إنفوغراف
  • سياسة الخصوصية

جميع الحقوق محفوطة