أراضي كركوك تُعيد ذكرى "التعريب والتكريد".. هكذا أشعل مسرور بارزاني الأزمة بين المزارعين والجيش
انفوبلس/ تقارير
لا يهدأون مطلقا، فاستغلال الأزمات باتت شعارهم، وحادثة أطرافها عرب وكرد هي المفضلة لديهم، فما حدث قبل يومين في كركوك بين الجيش العراقي وبعض المزارعين الكرد لا يمكن لآل بارزاني تفويته، ولهذا ظهر "القجقجي الصغير" مسرور وأصدر بيانا مسموما أشعل فتيل الأزمة بدلاً من حلها، فما هي تفاصيل الحادثة؟ وماذا جاء ببيان بارزاني؟ انفوبلس وتقرير وافٍ عما حصل.
تفاصيل ما حدث
أمس الأول، قامت قوة أمنية عراقية، بمنع فلاحين أكراد في منطقة سركران بمحافظة كركوك من مزاولة أعمالهم، بسبب عدم حصولهم على موافقة مسبقة من القضاء العراقي.
وزعم ممثل عن مزارعي سركران، في مشاهد مصورة، إنه "لا يوجد أي سند قانوني للقوات الأمنية لمنعهم" مضيفاً: "لن ننتظر بعد الآن، وسوف نحرث أراضينا".
وفي قرية شناغة التابعة لناحية سركران أيضا في محافظة كركوك، أراد المزارعون الأكراد حرث أراضيهم، لكن الجيش العراقي منعهم.
التعريب والتكريد
شهدت محافظة كركوك حملات تُعرف محلّياً بـ"التعريب" عندما أقدم النظام السابق على ترحيل الأكراد منها ومنح أراضيهم لمستوطنين عرب.
بالمقابل، عمدت أحزاب سياسية كردية نافذة، على استقدام الأكراد إلى المحافظة عقب 2003، في سياسة توصف بـ"التكريد" على المستوى المحلّي.
لجنة تحقيقية
التطورات الأخيرة في كركوك، دفعت رئيس الوزراء إلى إرسال لجنة للتحقيق في ملابسات الحادث، داعياً في الوقت عينه إلى تحلي جميع الأطراف، بالحكمة والهدوء.
قيادة العمليات المشتركة، ذكرت في بيان صحافي أمس ورد لشبكة انفوبلس، أن "القائد العام للقوات المسلحة تابع ملابسات الحادث الذي حصل يوم أمس (الأول) في أطراف محافظة كركوك على إثر منع مزارعين من ممارسة أعمالهم، وأوعز الى قيادة العمليات المشتركة بتشكيل لجنة تحقيقية عالية ممثلة من كل الأطراف للتحقيق في جميع ملابسات هذا الحادث".
وأضافت، أن "السوداني أوعز بإرسال وكيل وزير العدل إلى محافظة كركوك لاتخاذ الإجراءات اللازمة بشأن أراضي الاهتمام المشتركة بين المناطق الاتحادية وإقليم كردستان".
وتابعت العمليات المشتركة، "ندعو قطعاتنا الأمنية من الجيش والداخلية والبيشمركة والحشد والوكالات الأمنية والاستخبارية الالتزام بالقوانين والتوجيهات وضبط النفس العالي والتصرف بحكمة ووطنية وتفويت الفرصة على المتربصين والمتصيدين بالماء العكر".
وشددت على ضرورة "تحلي جميع الأطراف والقوى السياسية بالحكمة والهدوء وتغليب المصالح الوطنية العليا والاحتكام للقانون والدستور والعمل على إسناد القوات الأمنية في الحفاظ على كل المكتسبات الأمنية والأهداف الوطنية المشتركة".
اجتماع سريع ورفيع لتدارك الأزمة
على إثر ذلك، استقبل محافظ كركوك ريبوار طه مصطفى، أمس، رئيس لجنة الأمر الديواني (24031) برئاسة زياد خليفة التميمي الوكيل الأقدم لوزارة العدل، بعد توجيه رئيس مجلس الوزراء لتدارس وضع حلول لمشكلة الأراضي في كركوك.
وأوضحت المحافظة في بيان، أن "اللجنة التي وصلت، كانت من خلال توجيه رئيس مجلس الوزراء بعد طلب محافظ كركوك. وتضم مدير عام الأراضي في وزارة الزراعة".
ووفقاً للبيان فإن "اللجنة والمحافظ عقدا اجتماعاً موسعاً حضره نائب قائد العمليات اللواء عبد الرزاق النعيمي، ومدير عام الأراضي، وقائد الفرقة الثامنة، ورؤساء الوحدات الإدارية، ومستشار المحافظ للشؤون القانونية، ومدير زراعة كركوك، وعقارات الدولة، وديوان الرقابة المالية" منوها أن الاجتماع جاء "لتدارس ووضع حلول لمشكلة الأراضي في كركوك في ضوء إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل والعمل لحل المشاكل".
وسبق أن أفاد المحافظ أن اللجنة وصلت لتقييم أوضاع المزارعين في منطقة سركران، مضيفاً أن الجنود الذين اعتدوا على المزارعين الأكراد محتجزون.
وزاد، "الجنود الذين اعتدوا على المزارعين الكرد محتجزون، وتم تشكيل لجنة تحقيقية" كما طُلب "سحب القوات العسكرية من المنطقة".
مشكلة عميقة
وفي توضيح له، أشار ريبوار طه، محافظ كركوك، إلى أن "مشكلة أراضي المزارعين مشكلة عميقة وطويلة الأمد، وقد تم توجيه كتاب رسمي إلى مكتب رئيس الوزراء لحلها".
وأضاف، أن "البرلمان العراقي صوّت على إلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة وأنهم بانتظار توجيهات الحكومة المركزية لتنفيذها".
ودعا محافظ كركوك مزارعي سركران إلى التحلي بالهدوء وضبط النفس، مؤكداً أنه يجري العمل على حل مشاكلهم من خلال المؤسسات القانونية والرسمية.
قصة القرارات القضائية حول المساحات المزروعة
طبقاً للمحافظ، فإن هناك نحو 14 قراراً قضائياً حول مساحات زراعية تتراوح مساحتها حوالي 1500 دونم (الدونم يقابل 2.500 متر في العراق) لافتاً إلى إنه لا توجد أي مشاكل على نحو 18 ألف دونم مملوكة للفلاحين الأكراد.
وأوضح، أن "إدارة المحافظة عقدت اجتماعات مع قيادة العمليات المشتركة وقائد الفرقة الثامنة للوقوف على مشاكل أربع مقاطعات زراعية في قضاء الدبس (60 كم شمال غربي كركوك) وهي بكانة وسربشاخ وكربلك وشناغة".
وبيّن أنه "بعد المناقشات مع الفلاحين من كلا المكونين الكردي والعربي، تبين أن هناك 14 قرارًا قضائيًا تخص 1500 دونم، واتفق الجميع على ابقائها قيد الانتظار حتى يتم حل قضيتها".
وأضاف أن "هناك مساحات تقدر بنحو 18 ألف دونم لا توجد عليها أي مشاكل قضائية أو قرارات تمنع الفلاحين من زراعتها، ويمكن لأصحابها زراعتها بحرية".
وأشار إلى أنه "تمت مفاتحة دائرة الزراعة في كركوك لتحديد المقاطعات التي عليها قرارات قضائية، بهدف حماية هذه الأراضي إلى حين الفصل في مصيرها، وكذلك تحديد الأراضي التي لا توجد عليها خلافات لتشجيع المزارعين على العمل فيها",
في مقابل ذلك، يتهم عرب كركوك، أحزاباً سياسية بافتعال حادثة قرية شناغة، محذرين في الوقت عينه من أيّ أعمال استفزازية في المنطقة.
أحزاب كردية تدفع المعارضين
وفي بيان صحافي لـ"هيئة الرأي العربية" ذكرت أنه "سبق أن تم الاتفاق في موسم حصاد الموسم الماضي بحضور نائب رئيس البرلمان شاخوان عبدالله وعدد من النواب من كركوك والموصل وأربيل وقائد عمليات كركوك وقائد الفرقة الثامنة وشيوخ العشائر، على تجميد الأراضي لحين حسم الأمر قضايا، وعلى أن تتولى قيادة العمليات منع جميع الفلاحين من جميع الأطراف من استغلال الأراضي لحين صدور أوامر قضائية".
وفيما يتعلق بحادثة قرية شناغة، اعتبرت أنها "مخالفة (بعض الفلاحين) الاتفاق ومحاولة زراعة الأرض دون الحصول على موافقة مسبقة من القضاء العراقي، مدفوعين من الأحزاب السياسية لإثارة الفتنة وزعزعة النظام والأمن".
وأكدت أن "قرار مجلس النواب الأخير بخصوص العقارات قد استثنى الأراضي التي استلم أصحاب العقود فيها تعويضات مالية، فلا يحق لهم استغلالها مرة أخرى، فستبقى هذه الأراضي للدولة وتستغل من قبل الفلاحين المتعاقدين عليها وفق القانون".
ولفتت في الوقت عينه إلى أن "المواطن الذي أثار المشكلة يسكن قرية (كابله) المجاورة وليس له أي أرض في قرية شناغة في الماضي والحاضر، مع العلم أن هذه المقاطعة غير مشمولة أصلا في قرار مجلس النواب الأخير".
الحفاظ على الاستقرار
ووفق الهيئة فإن "قواتنا الأمنية البطلة منذ عملية فرض القانون تقف على مسافة واحدة من جميع مواطني كركوك وتمارس دورها بكل مهنية وإخلاص، وهي حريصة جدا على الحفاظ على الاستقرار ومنع تصادم الفلاحين مع بعضهم» معتبرة أن «الإساءة إلى قواتنا العسكرية البطلة مرفوض وخط أحمر لا يمكن القبول به بتاتا، وعلى الطرف الآخر الكف عن هذه الاستفزازات والعنتريات التي يحاول من خلالها العودة إلى تلك المناطق التي هي جزء من محافظة كركوك وخارج حدود إقليم كردستان العراق".
بارزاني يركب الموجة
كعادته، وكما يُعرف بالقجقجي الصغير، ركب رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني الأزمة، وسرعان ما هاجم الجيش العراقي دون معرفة حيثيات المنع وسببه.
إذ دعا مكتبه أمس الأول المصادف الإثنين 17 شباط 2025، إلى التدخل الفوري، لوقف ممارسات وصفها بـ"غير القانونية"، واجهت مزارعين كورد في محافظة كركوك، وفق زعمه.
وأوضح المكتب في بيان، أنه "مرة أخرى، يعاود الجيش العراقي منع المزارعين الكورد من دخول أراضيهم في أطراف كركوك، وكان آخرها ما حصل اليوم، وتحديداً في قرية شناغة وأربع قرى أخرى تابعة لناحية سركران في محافظة كركوك".
وأضاف البيان، "يأتي هذا في وقت تشهد فيه الجهود تقدماً نحو إنهاء إرث قرارات النظام السابق، التي هدفت إلى التغيير الديمغرافي للمناطق الكوردستانية خارج إدارة الاقليم ومصادرة أراضي وممتلكات السكان الأصليين، حيث صوّت مجلس النواب، الشهر الماضي، على مشروع قانون يقضي بإعادة هذه الأراضي إلى أصحابها الشرعيين".
وتابع، أن "هذه الممارسات من قبل الجيش العراقي تتنافى مع أحكام الدستور والمبادئ التي بُني على أساسها العراق الجديد، إذ أن استخدام الجيش لهذه الأغراض يشكل مخالفة صريحة للقانون والدستور، ويستدعي التدخل الفوري لوقف هذه الممارسات غير القانونية قبل أن تترتب عليها ما لا يحمد عقباها".
في النهاية وعقب هذا البيان، انتقد مراقبون سياسيون مواقف بارزاني المتكررة والتي تحاول اشعال فتيل الأزمة بدلا من حلها، فيما حملوه مسؤولية ما يحدث كونه وباقي ادارته يدفعون بالمزارعين لزراعة وحرث اراضيهم بطريقة غير قانونية، مستغلين جهل بعضهم بالقانون.