أزمة مؤجلة وقلق كبير.. حالة من الذعر تسبق موعد الرواتب بسبب إضراب أصحاب المنافذ ونوايا البنك المركزي
انفوبلس..
بضعة أيام فقط تفصل نحو 10 ملايين مواطن عراقي عن مواعيد استلام رواتبهم مع قلق متزايد من حدوث أزمة تمنعهم من تحول رواتبهم الرقمية إلى أموال بسبب إضراب أصحاب منافذ صرف الرواتب اعتراضاً على تصريح لمحافظ البنك المركزي، فما تفاصيل القضية وأبعاد الأزمة؟
ويوم أمس، أعلنت رابطة منافذ دفع الرواتب في العراق كافة وبجميع المحافظات، الإضراب عن العمل ابتداءً من 20 كانون الثاني الجاري، أي خلال الأيام العشرة الأخيرة من الشهر التي تمثل فترة صرف الرواتب للموظفين والرعاية الاجتماعية والمتقاعدين، ما يعني أن الإضراب سيكون في فترة ذروة بحث المواطنين عن منافذ لسحب أموالهم من البطاقات.
وجاء إعلان الإضراب، احتجاجاً على تصريحات محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، والذي قال قبل أيام إن منافذ دفع الرواتب غير رسمية ونعمل على إغلاقها.
هذا يعني أن هناك 10 ملايين شخص عراقي بين متقاضي رواتب رعاية اجتماعية وتقاعد وموظفين، سيجوبون الشوارع خلال الأيام العشرة الأخيرة من الشهر الحالي يحملون بطاقاتهم بحثا عن منافذ لإخراج رواتبهم منها، حيث إن هناك حوالي 25 الى 30 ألف جهاز POC ومنفذ لسحب الرواتب، سيخسرها متقاضو الرواتب ولن يجدوا أمامهم سوى 4 آلاف جهاز ATM موضوعة في أبواب المصارف أو بعض المولات التجارية.
ووفقاً لذلك فمن المتوقع أن يتزاحم 10 ملايين شخص خلال الأيام الـ10 القادمة على أبواب المصارف ليتمكنوا من سحب رواتبهم في حال تحقق تهديد أصحاب المنافذ بالفعل وأقدموا على الإغلاق والإضراب عن العمل.
ونظم أصحاب منافذ صرف الرواتب عبر البطاقات الذكية، أمس الجمعة، وقفة في النجف للرد على تصريحات البنك المركزي بأنهم غير مرخصين، وذكروا أنهم يشغلون في النجف وحدها نحو 650 نقطة دفع، وسيكون توقفها المفاجئ “صدمة” لآلاف العاملين وعوائلهم، كما تساءلوا عن “الشركة المنافسة الجديدة” التي قد تأخذ الفرصة بدلاً عنهم.
وقال قاسم الحجامي، رئيس رابطة منافذ النجف: قبل أيام صدرت عن البنك المركزي تصريحات “غريبة”، لذلك قررنا نحن كأصحاب منافذ النجف أن نقوم بوقفة وتجمع ترفض احتكار المنافذ في النجف والعراق بحجة أنها غير مرخصة.
وأضاف: عملنا في كل الظروف ونقدم الخدمات لأكثر من 95% من المستفيدين من خدمات الدفع الإلكتروني، مع وجود الكثير من التحديات في السنوات الأخيرة، من السرقة ونحوها.
أحد أصحاب المنافذ في المحافظة، قال: نقوم بدفع الرواتب منذ 2010 لكافة شرائح المجتمع المستفيدة من خدمات الدفع الإلكتروني، ولكن صدمتنا التصريحات الحكومية الصادرة عن البنك المركزي بأن المنافذ العاملة في العراق “غير مرخصة”، كيف نقوم بدفع الرواتب منذ 15 عاماً ونحن غير مرخصين؟
وتابع: يدور الحديث بين أصحاب المنافذ عن وجود شركات ربما تريد الاستحواذ على منافذ العراق.
وأضاف: توفر هذه المنافذ فرصة عمل لـ 4 عوائل في كل منفذ على الأقل، ويوجد في النجف نحو (650) منفذاً، مما يعني تحدياً جديداً لهذه العوائل بالإضافة إلى التحديات الاقتصادية التي يمر بها البلد.
وتعقيبا على ذلك، أصدر البنك المركزي العراقي، اليوم السبت، بيانا بشأن منافذ صرف الرواتب.
وقال البنك المركزي في بيان، إنه "يجب توخي الحذر في نقل وتداول الأخبار التي تفيد بغلق منافذ الصرف"، مبينا أنه "لم يصدر أي قرار أو توجيه أو تصريح بشأن غلق المنافذ أو تحويلها إلى شركات صرافة".
وأضاف، إن "بيان البنك الذي صدر مؤخراً ينص على توسيع انتشار منافذ تسليم النقد ومن خلال جميع القنوات المتاحة ومنها أجهزة الصرّاف الآلي ATM وأجهزة الدفع النقدي POC وكذلك شركات الصرافة المجازة، ومنافذ شركات الدفع الالكتروني، وأجهزة الدفع الالكتروني POS المنتشرة في جميع أنحاء العراق"، مشددا على "ضرورة "نقل الأخبار من مصادرها الرسمية والتي تنشر على موقعه الرسمي وصفحاته على وسائل التواصل الاجتماعي الموثَّقة".
وأكد، إن "إعمامات البنك التي تصدر لجميع الجهات في القطاع المالي والمصرفي العراقي تضمّنت توجيه المصارف، والمؤسسات المالية غير المصرفية، لتوسيع خدماتهم المالية في المناطق التي تفتقر الى وجود الخدمات المشار إليها آنفاً".
وجاء إعلان الإضراب، احتجاجا على تصريحات محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، والذي قال قبل أيام إن منافذ دفع الرواتب غير رسمية ونعمل على إغلاقها.
وإلى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي منار العبيدي، اليوم السبت، أن خطوة البنك المركزي العراقي بإلغاء المنافذ المالية تأتي ضمن التزام العراق بمعايير الامتثال الدولية، مشدداً على ضرورة تقديم حلول بديلة بشكل سريع.
وقال العبيدي، إن العراق يشهد في هذه الفترة إجراءات مالية صارمة تهدف إلى تنظيم عمل المؤسسات المالية بما يتماشى مع المعايير الدولية وقوانين مكافحة غسيل الأموال، مشيراً إلى أن بعض الإجراءات المالية السابقة كانت مستقرة لعقود، إلا أن التغيير أصبح أمراً ضرورياً لضمان توافق النظام المالي مع تلك المعايير.
وتابع العبيدي قائلاً: "قد يبدو تسارع القرارات مفاجئاً للبعض، لكنه ضرورة حتمية، إذ إن عدم اتخاذ هذه الإجراءات قد يؤدي إلى عواقب أكثر ضرراً على الاقتصاد العراقي ككل، مبينا أن تنظيم القطاع المالي يفرض ضرورة مرور جميع العمليات المالية عبر القنوات الرسمية التي تتوافق مع القوانين الصادرة عن الجهات المختصة".
وأكد، إن تنظيم آليات دفع الرواتب عبر منافذ قانونية ورسمية خاضعة لرقابة البنك المركزي ليس خياراً بل ضرورة لا مفر منها.
وأضاف: "ربما تأخر اتخاذ هذه الخطوات لفترة طويلة، لكن الظروف أصبحت تفرضها كضرورة حتمية، ويبدو أن هذه القرارات جاءت تحت ضغط من جهات دولية مسؤولة عن مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب".
وأوضح العبيدي، إن التغيير الذي أصبح واقعاً أثار ردود فعل متباينة بين فئات المجتمع، مشيراً إلى أن بعض الفئات تضررت مصالحها نتيجة انتهاء فترة العمل خارج إطار القوانين.
وأكد، إن هناك من يتحدث عن الموضوع دون فهم عميق، ويعتمد في آرائه على أفكار قديمة لم تعد صالحة لهذا العصر.
وأضاف، إن القرارات الصادرة ضرورية ولا غنى عنها، وتشكل جزءاً من التزام العراق بمعايير الامتثال الدولية.
واستدرك قائلاً: "كان من الأفضل للبنك المركزي أن يعمل مسبقاً على إيجاد آليات لتشريع المنافذ المالية الرسمية قبل الحديث عن إيقاف القنوات غير الرسمية".
في الوقت نفسه، أشار العبيدي إلى أن التلويح بالإصلاحات التدريجية قد يكون أكثر فاعلية من فرض القرارات الصارمة بشكل مفاجئ، مؤكداً أن استخدام أساليب تحفيزية قد يكون أكثر تأثيراً على تقبُّل التغيير من استخدام أساليب قسرية.