إشادات جماهيرية بمسلسل "العِشرة" وأهمية تقديم أعمال عن حرب التحرير وآثارها الاجتماعية
انفوبلس/..
مسلسل العِشرة، عمل درامي عراقي، من إنتاج مديرية الإعلام العامة في الحشد الشعبي، والذي تُعرض حلقاته في شهر رمضان، يتناول أحداثا حقيقية حصلت في الحرب على داعش، بأسلوب الحلقات المختلفة حيت إن في كل حلقة قصة تختلف عن الحلقات الأخرى، وما يميّز هذا العمل الدرامي الرائع هو قُصر مدة حلقاته، حيث إن الحلقة الواحدة لا تتجاوز الـ١٥ دقيقة.
هنا كانت أول لمسات الإبداع الفني، التي جعلت هذه الدقائق المعدودة كافية لإيجاز كل ما تحويه الحلقة من فكرة وحبكة وعقدة وحل، وأظهرت في كل حلقة جانبا بطوليا من بطولات الحشد يقابله جانب مأساوي لما عاناه المجاهدون وعوائلهم وجانب عاطفي مؤثر جدا، جعل من هذا العمل الأول من نوعه في الساحة العراقية الذي يسلّط الضوء على تلك الجوانب من حياة المجاهدين.
غرابة هذا العمل الدرامي وقصر الحوارات والاكتفاء بالإيماءات أعطت نكهة فنيه خاصة متميزة لا نكاد نجدها في أي عمل درامي عربي، واقتصار العمل على اثنين من الممثلين فقط هي اللمسة الإبداعية الثانية في هذا المسلسل، هذا التماسك الفني الإبداعي لم يفسح أي مجال للنقد السلبي، لأنك بمجرد متابعة هذا العمل بمنظور نقدي محايد، ستجد نفسك من حيث لا تعلم غارقا في تفاصيله، منجذبا لما فيه من قصص وحوارات تلامس القلب وتحرك العواطف.
هذا الإبداع الفني بكل ما يحويه من كتابة نص وإخراج وإعداد يعتبر العمل الأول لمديرية الإعلام الحربي على مستوى المسلسلات الدرامية، فلك أن تتخيل المستقبل الواعد لهذه المؤسسة الناشئة وبإمكانياتها المتواضعة، التي نافست بأول أعمالها كبار المؤسسات الإعلامية والقنوات التلفزيونية، وأعطت رسالة مهمة جدا للجمهور بأن تراث الحشد محفوظ وسيتم إظهاره للناس بأبهى وأروع الصور.
وأشاد مراقبون بالعمل الفني، معتبرين أن القناة التي اختارت أن تمتلك حقوق المسلسل حصريا لها لم يكن اعتباطاً بل كان إيماناً منها بأن تخليد ذكرى الشهداء واجب وطني.
وبالفعل حين تجمع أطراف المعادلة تجد كاتبا محترفا ومخرجا مبدعا (علي حديد) وسيناريو وحوارا واقعيا وتصويرا وألوانا عالمية، وتجلّى الشاب الفنان خليل فاضل ليُخرج كل ما في جعبته من فنّ ورثه عن والده الراحل الدكتور فاضل خليل .
وتضيف الفنانة آلاء حسين على المسلسل من أدائها رغم تنوع الشخصيات يكون الناتج مسلسل (العِشرة) قصير لكنه سلبَ الألباب وخطف الأضواء وذكّرنا بأن استذكار الشهداء مقدّس وعلى الفن أن يُسهم في تعظيم قيمة التضحيات.
ونوّه مراقبون إلى أن الأداء الفذ للمبدعَيْنِ آلاء حسين وخليل فاضل اللذان يقدمان أداءً بعيداً عن المبالغة، والافتعال، والتشنّج الذي غلب على أداء الممثل العراقي في الدراما، وهما بذلك يقدمان أداءً عفوياً بكل حلقة تعزز السرديات الدرامية الصغيرة في هذه السلسلة، تُضيف للإخراج تميزاً في القدرة على إدارة الممثل وتحريكه بطريقة تنسجم وحجم المشاعر التي تضخّها السرديات الدرامية مع التصوير السينمائي وحرية التحرك للكامرة واستغلال الزوايا المُهملة.
وتضمّن المسلسل تجسيد جميع اللحظات التي عاشها الأبطال المجاهدون في الحشد وهم في مكان الغربة بعيدا عن أهلهم وهم يعيشون مشاعر فراق الأحبة وهم يعلمون بموتهم في كل لحظة رغم هذا وهم مثابرون ووقوفهم بوجهه الموت دفاعا عن الوطن والعرض وكذلك جسّدت أيضا مشاعر ذويهم وكيف كانت حياتهم صعبة.
هذه الثنائية بين آلاء وخليل لم تكن ثنائية أداء تمثيلي جيد بل اتخذت شكلا وكأنهم آلة زمن يعيدوننا إلى الأعوام السابقة ليمارسوا عرفانية الفن ويستحضرون كل أرواح الراحلين عنّا ويقدمونها لنا على طبق من وجع.

