الشيخ عبد المهدي الكربلائي.. كيف أثمرت جهوده رغم محاولات الاغتيال المتكررة؟
انفوبلس/ تقارير
بشيبته البيضاء التي ترسم ملامح وجهه الإنسانية، وعمامته وعُكّازه اللتين يخطان نهجه الديني وقربه من المستضعفين، سار الشيخ عبد المهدي الكربلائي في طريق نُصرة المحتاجين بعيدا عن السياسية والإعلام، حيث اشتهر بكونه أول من قرأ نص بيان فتوى المرجعية الدينية العليا بشأن الجهاد الكفائي، وكان العمل وخدمة العتبة الحسينية المقدسة وتنفيذ توجيهات وتعليمات المرجعية الدينية العليا هي الأقرب إلى قلبه، فمن هوَ؟ وكيف اتخذ من وصايا المرجعية الدينية طريقا لمساعدة المئات من الأطفال والنساء؟.
*مَن هو؟
الشيخ عبد المهدي الكربلائي، هو ممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء والأمين العام للعتبة الحسينية المقدسة، يُدير أعمال عشرات المؤسسات وآلاف المنتسبين بحكمة وهدوء، ويخصص في منزله المتواضع وقتا للاطلاع على المئات من الكتب ويتابع كل صغيرة وكبيرة تخصُّ الناس المحتاجين.
*مساعدة المحتاجين في عموم العراق
اتخذ الشيخ الكربلائي من وصايا المرجعية الدينية طريقا لمساعدة المئات من الأطفال والنساء من جميع محافظات العراق، حيث اقتربت منه شخصيات غير عراقية فأعربت عن إعجابها بطريقة العمل التي انتهجها وتعاطيه مع الآخرين في تنفيذ توجيهات المرجعية الدينية العليا .
*إشادة غير عراقية به
يقول الباحث والمفكر المغربي إدريس هاني، إن النشاطات التي قامت بها العتبة الحسينية المقدسة وبإشراف المتولي الشرعي الشيخ عبد المهدي الكربلائي أعمال ذات طابع عالمي وقد ارتقى بالقضية الحسينية للخطاب الكوني ومنها الإنجازات والمشاريع الكبيرة المحيطة بالروضة المقدسة والتي تضجّ بالحياة.
ويتابع الأستاذ هاني، "توجد في العتبة الحسينية مراكز أبحاث، جامعات، مستشفيات، إذاعات، قنوات فضائية، مزارع، معامل، وغيرها من المشاريع الاستراتيجية، ساهمت بالتربية الاجتماعية بل تعدّت إلى تقديم المساعدات للمنكوبين من كوارث الزلازل في سوريا وتركيا، هذه الأعمال تعدّت الأعمال الدينية التي تتّبعها الأضرحة الأخرى داخل وخارج العراق".
ويكمل، "الشيخ الكربلائي وضع خططاً منذ عدة سنوات من أجل الوصول إلى أعلى مستويات النجاح الذي نشاهده اليوم على أرض الواقع، إذ ساهمت العتبة في الدفاع المقدّس عن العراق وكذلك كرّست جهدا كبيرا في عملية السلام من خلال العمل الدؤوب على نشر ثقافة السلام والحوار بين الأديان والمذاهب. الشيخ الكربلائي يحرص في جميع خطابات المرجعية وكذلك اللقاءات داخل العتبة على ضرورة العيش المشترك بين جميع أديان وأطياف الشعب العراقي ".
*مستشفى خاص بالأمراض السرطانية
ويوضح، أن "أكثر ما جلب انتباهي في أعمال الشيخ الكربلائي، هو إنشاء مستشفى خاصة للأمراض السرطانية لمعالجة الأطفال من جميع مناطق العراق، وبأعمار لا تتجاوز 15 سنة، هذا الإنجاز يُعد عملا إنسانيا لا غبار عليه ويستحق عليه جوائز إنسانية عالية المستوى، الكربلائي أثبت أنه رجل يحمل الهمّ الإنساني، من خلال مساعدة المحتاجين وتوفير ما يستطيع من أجل إدخال البسمة على وجوههم ووجوه أُسَرهم"، واصفا أعماله بأنها "موصولة بثقافة أعمال الإمام الحسين (ع) متمنياً أن تقلّد بعض الدول خطط وأعمال العتبة الحسينية المقدسة ".
*دوره في إغاثة المنكوبين
بدوره، قال الشيخ الدكتور عبدالله ذيبان رئيس جماعة الرباط المحمدي في محافظة ديالى، إن "الأعمال التي قامت بها العتبة الحسينية المقدسة وبإشراف المتولي الشرعي سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي كثيرة، ومنها إغاثة المنكوبين ومن جميع الديانات والطوائف العراقية، وهذا دليل كبير على صفاء قلبه واحترام الآخر إذ طبّق مقولة الإمام علي (ع) الإنسان أما أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق".
*رجل الإنسانية
إلى ذلك، قال القاضي علي الموالي رئيس المركز الاسلامي في لبنان، إن "العمل الجبّار الذي يقوم به الشيخ عبد المهدي الكربلائي المتولّي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة عمل كبير يستحق الثناء والاحترام عليه، إذ نشاهد في جميع المناطق بصمة إنسانية للعتبة الحسينية ".
ووصف الموالي الشيخ الكربلائي، بأنه "رجل الإنسانية". وقال، "منذ ألف عام لم يأتِ متولٍّ شرعي للعتبات المقدسة يحقق هذا الإنجاز الكبير". مضيفا، "الكربلائي طبّق جميع توجيهات المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف فساعدت تلك التوجيهات في خلق خطط وأعمال كبيرة على مستوى دولي ".
*حواره الهادف
فيما قال سماحة السيد إحسان صالح الحكيم مدير مؤسسة الإمام الحسين (عليه السلام) للحوار وبناء السلام التابعة للعتبة الحسينية، إن "سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي كان ولا زال يولي اهتماما كبيرا لقضية الحوار الهادف و المثمر مع المذاهب والأديان والطوائف كافة من أجل ترسيخ ثقافة التعايش السلمي والعدالة الاجتماعية المشتركة القائمة على أُسس إنسانية أصيلة مستوحاة من ثقافة مدرسة أهل البيت عليهم السلام والمرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف التي تعتبر الامتداد الأصيل لهذه المدرسة."
وأضاف الحكيم، "الشيخ الكربلائي طبّق ذلك عملياً من خلال إقامة مؤتمرات وندوات ودعوات عديدة للمذاهب والأديان المختلفة من أجل التواصل وبناء جسور المحبة والتعاون، وكذلك تبنّيه لتأسيس مؤسسات دينية وفكرية وثقافية من أجل إشاعة الوسطية والاعتدال والتسامح ومنها رعايته الكريمة لمؤسسة الإمام الحسين (ع) للحوار وبناء السلام والتي تعمل وبشكل دؤوب لترسيخ القيم الإنسانية والاجتماعية المشتركة ".
*التفاصيل الكاملة لجهود الكربلائي في معالجة مرضى السرطان
وعن جهود الكربلائي في معالجة مرضى السرطان، يقول المنسّق العام للشؤون الإنسانية في العتبة الحسينية أحمد رضا الخفاجي، "بناءً على توجيهات ممثل المرجعية العليا والمتولّي الشرعية للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي نستقبل آلاف الحالات الإنسانية من مختلف المحافظات العراقية بغض النظر عن الانتماء الديني والقومي والمذهبي".
ويضيف الخفاجي، "في عام 2022 أنفقت مؤسسة (وارث) لعلاج الأورام مبلغا تجاوز 16 مليار دينار عراقي لمختلف الحالات والأعمال وفي طليعتها معالجة الأطفال دون السن الـ 15 سنة مجاناً من قبل العتبة الحسينية، أما الأعمار الكبيرة فتتم معالجتهم بأسعار مدعومة البعض منهم مجانا 100% والبعض الآخر بنصف القيمة أو يحصل على تخفيض، وفيما يخص الحالات والمناشدات التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لمقام المرجعية الدينية والعتبات المقدسة استقبلت شعبتنا 2160 حالة بمبلغ قدره 3 مليارات ونصف المليار".
ويؤكد، أنه "في الربع الأول من العام الحالي 2023، استقبلت الشعبة شهريا من 300 إلى 350 حالة بواقع 500 مليون دينار لمعالجة مناشدات مواقع التواصل الاجتماعي، أي ما يقارب 1000 حالة ".
ويبيّن الخفاجي، "هناك مؤشرات كبيرة هذا العام لارتفاع الأعداد والكُلف وهذا يأتي بالتزامن مع افتتاح مؤسسات جديدة تابعة للعتبة الحسينية ومنها حضت بتطوير وزيادة عدد الأَسِرَّة، منها مستشفى الإمام زين العابدين حيث بلغ عدد الأَسِرّة فيها 220 سريرا فيما رفعت مؤسسة وارث من طاقتها الاستيعابية للأطفال ذات الأعمار من 12 سنة إلى 15 سنة وكذلك هناك مبادرات مجانية أطلقتها العتبة أثناء مناسبات الأئمة عليهم السلام والمناسبات الوطنية وكذلك مستشفى السفير شملت بالتوسعة والإضافات ومستشفى الإمام الحسن المجتبى ومستشفى السيدة خديجة ".
*من مرضى السرطان إلى مرضى التوّحد.. هذا دور الكربلائي
لم يكتفِ الكربلائي بمعالجة مرضى السرطان والعناية بهم، بل حذّر من تحوّل مشكلة مرض التوحّد الذي يعاني منه 200 ألف طفل عراقي لظاهرة يعاني منها جيل من الشباب.
وخلال افتتاحه مراكز التوحّد المُنجَزة من قبل العتبة الحسينية المقدسة في كربلاء أكد الشيخ الكربلائي، أن "افتتاح مراكز التوحّد التي أنجزتها العتبة الحسينية المقدسة، تم بتعاون وزارات الدولة الذي كان لها إسهام وافر بهذا الخصوص". مشيرا في الوقت نفسه إلى، "بناء مركزين في محافظة النجف الأشرف، إضافة إلى بناء مراكز في محافظات واسط وميسان وبابل وغيرها".
وأضاف، إن "هذا الافتتاح جاء نتيجة إصابة (200,000) طفل في العراق ونخشى من إهمالهم فنرى جيلا من الشباب مصاباً بالتوحد".
وبين، أنه "سيتم خلال 6 أشهر القادمة افتتاح مركز متطور لمرضى التوحد في محافظة البصرة، كما سيتم افتتاح معاهد أخرى بالتعاون بين العتبة الحسينية المطهّرة ووزارات الدولة، بهدف الارتقاء بالعراق إلى مصاف الدول المتطورة في علاج مثل هذه الحالات التي تزداد الإصابة بها في مختلف دول العالم". لافتا إلى، أن "هذه الخطوة هي الأولى على طريق مشاريع أخرى كبيرة قادمة".
وشدد على حاجة الأطفال المصابين بالتوحد إلى الرعاية الصحية والنفسية والتربوية والحسّية والحركية". محذراً من أن "عدم رعايتهم ستتفاقم أعداد المصابين بهذا المرض الذين سيصبحون فيما بعد عالة على أُسرهم والمجتمع".
*جهود مستمرة رغم محاولات الاغتيال
لم تُثنِ محاولات الاحتلال بالنيل من الكربلائي وجهوده عن تقديم الخدمات والقيام بواجباته الإنسانية، حيث تعرض الكربلائي إلى العديد من محاولات الاغتيال لعل أبرزها استهدافه بعبوة ناسفة عام 2004 وتعرضه لجروح في ساقيه، لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة نهجه وإيصال صوت المرجعية إلى كل بقاع العالم.
لم تكن محاولة اغتيال العام 2004 هي الوحيدة، بل تعرض الكربلائي أيضا إلى محاولة اغتيال باءت بالفشل عام 2018، حيث حدث ذلك أثناء خطبة الجمعة في كربلاء المقدسة.
ونقلت وكالة "نون" الإخبارية آنذاك المقربة من العتبة الحسينية المقدسة عن مدير مكتب الكربلائي قوله، إن "سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي تعرض أثناء خطبة الجمعة الأولى، داخل الصحن، إلى محاولة اعتداء من أحد المرتبطين ببعض الجهات المنحرفة".