الصحة تكشف هوية أقل من 80 شهيداً سقطوا في سجن بادوش بعد 9 أعوام.. ماذا عن شهداء سبايكر؟
انفوبلس/ تقرير
أعلنت مؤسسة الشهداء، اليوم الأحد 14 مايو/ أيار 2023، رفع 605 جثث من المقابر الخاصة بضحايا سجناء بادوش، فيما حددت دائرة الطب العدلي، هوية 78 مفقوداً من الضحايا، وذلك بعد 9 أعوام من الحادثة الأليمة التي أفجعت العوائل العراقية آنذاك.
ويعمل العراق، الذي لا يزال أيضا يكتشف مقابر جماعية من عهد النظام البائد صدام حسين، منذ سنوات على تحديد هويات ضحايا مراحل العنف العديدة التي مرّت على البلاد كمجزرة سبايكر، وسط غضب وحزن العوائل العراقية على ما حصل لضحاياهم والتسويف في الإعلان عن هوية أبنائهم.
*رفع 605 جثث من المقابر الخاصة بضحايا سجناء بادوش
وقال مدير عام دائرة المقابر الجماعية في مؤسسة الشهداء ضياء كريم، في مؤتمر صحفي عقده بمشاركة مدير دائرة الطب العدلي ومسؤول في العتبة العباسية، إن "عصابات داعش اقتادت سجناء بادوش إلى منطقة تبعد بعض الكيلومترات من السجن، وتم قتل نحو 600 سجين بالقرب من مجرى المياه". موضحاً، إن "عملية فتح وتنقيب المقابر تمت بدعم من اللجنة الدولية لشؤون المفقودين وفريق التحقيق الدولي بعد صدور قرار فتح المقابر".
وأضاف، إن "عملية فتح المقابر استغرقت أكثر من سنتين، أسفرت عن رفع 605 جثث وبواقع 401 أجزاء من جسم و204 أجسام كاملة". لافتا إلى، أن "جميع الرُّفاة سُلِّمت إلى دائرة الطب العدلي لتحديد الهوية بعد تعرضها للسيول والتغييرات المناخية".
*تحديد هوية 78 فقط
إلى ذلك، أعلنت دائرة الطب العدلي، اليوم الأحد 14 مايو/ أيار 2023 عن تحديد هوية 78 مفقوداً من ضحايا سجناء بادوش.
وقال مدير عام الدائرة زيد علي، في مؤتمر صحفي عُقِد في مبنى وزارة الصحة، إن "مختبرات الطب العدلي، تمكنت من تحديد هوية 78 مفقودا كوجبة أولى من ضحايا سجناء بادوش، بعد جمع عينات من 1570 شخصاً من ذوي 524 مفقوداً، تم تسجيلها في السجن". مبيناً، إنه "بعد استكمال قاعدة البيانات، تم فحص الرفاة". وأشار إلى، أنه "سيتم تشييع الضحايا الثلاثاء المقبل، ومن ثم تحويلها إلى مقبرة مركزية بالتنسيق مع العتبة العباسية المقدسة".
وترك تنظيم "داعش"، المسؤول عن ارتكاب "إبادة جماعية" في العراق بحسب الأمم المتحدة وهي من أخطر الجرائم وفق القانون الدولي، نحو 200 مقبرة جماعية تضم ما قد يصل إلى 12 ألف ضحية.
وتجري مطابقة الحمض النووي المستخرَج من عظام الفخذ أو الأسنان من رُفات الضحايا مع عينات دم من أقربائهم. كما يُعد العثور على آثار الحمض النووي من الرفات المعرّضة للأمطار والحرائق وغيرها من العوامل لسنوات، أمراً صعباً، بحسب خبراء الطب الشرعي.
وسابقاً، التقت وكالة الأنباء الفرنسية في مقرّ الطب العدلي في بغداد مع عباس محمد الذي أُوقِف ابنه مهند عام 2005 من قبل الأمريكيين قبل نقله إلى بادوش. وقال الرجل حينها "أنا بحاجة لإجابة تُريحني بعد 17 عاماً لم أعرف فيها إن كان ابني حياً أو ميتاً".
وقال محافظ نينوى حيث يقع سجن بادوش نجم الجبوري لوكالة الأنباء الفرنسية، "هناك آلاف العوائل التي تنتظر مصير أبنائها المفقودين".
*تخصيص مقبرة مركزية جماعية لضحايا مجزرة نزلاء سجن بادوش
كما أعلن المركز العراقي لتوثيق جرائم التطرّف في العتبة العباسية المقدسة، تخصيص مقبرة مركزية لضحايا سجناء بادوش. وقال مدير المركز عباس القريشي، في مؤتمر صحفي، إن "العراق من أكبر البلدان التي تحتوي على المقابر الجماعية، لذلك من المهم استلهام الدروس الحقيقية التي تمنع تكرار الجريمة".
وأضاف، إن "مجزرة سبايكر راح ضحيتها 2156 شابا قُتِلوا وتُرِكوا في العراء، وقد عانت الفرق الطبية من جمع الرفاة". موضحا، إن "العتبة العباسية تبرّعت لتوفير النعوش لتشييع الجثامين الطاهرة، ووصلت إلى دائرة الطب العدلي، كما وتبرّعت بتخصيص مقبرة مركزية جماعية، لضحايا سجن بادوش، وما يتم اكتشافه مستقبلاً".
وأكد على، "ضرورة أن يتحمل الجُناة العقوبات القانونية". معبراً عن أمله، أن "يُنصف المسؤولون الضحايا، الذين لازالوا سجناء وسَلِموا بأنفسهم".
ويُقدّر عدد الضحايا المدنيين الذين قُتِلوا وأُصيبوا أو ما زالوا في عداد المفقودين كمثال شهداء سبايكر، بأكثر من ربع مليون عراقي بين عامي 2014 و2018. وقد تصدّرت نينوى والأنبار قائمة العدد الأكبر من الضحايا، وتلتها صلاح الدين وديالى وكركوك ثم بغداد وبابل.
*قصة مجزرة بادوش
في 11 حزيران/ يونيو 2014، قام تنظيم "داعش" الارهابي الذي كان بصدد السيطرة على شمال غرب البلاد، بنقل أكثر من 600 رجل كانوا معتقلين في سجن بادوش، وغالبيتهم من الشيعة، في شاحنات إلى وادٍ قبل أن يقوم عناصره بإطلاق النار عليهم. لكن الأمم المتحدة قالت إنه تم قتل بشكل منهجي ما لا يقل عن 1000 سجين.
وجرت عمليات الإعدام على أُسس طائفية من قبل عناصر "داعش"، بعد أن أطلق سراح أتباعه، أو الذين هتفوا باسمه لحظة اقتحام السجن، ويُقدّر عددهم بنحو 200 سجين، بينهم المتحدث الإعلامي باسم تنظيم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين" آنذاك، أبو ميسرة العراقي.
*ماذا عن شهداء سبايكر؟
أكد رئيس لجنة تخليد مجزرة سبايكر، معين الكاظمي مؤخراً، أن 1250 شهيداً تم استلام رفاتهم من قبل ذويهم من بين 2000 شهيد، و250 شهيداً لا تزال جثامينهم في دائرة الطب العدلي تحت الفحص، حيث لم تتم عملية الفحص حتى الآن من قبل الدائرة، و500 شهيد لم يُعرف مصيرهم حتى الآن منذ ثماني سنوات".
وأحصى الكاظمي، عدد الشهداء من المحافظات بالقول، إن "محافظة ذي قار، سجلت أكثر من 400 شهيد بين شهداء سبايكر، والديوانية 300 شهيد، والعاصمة بغداد 294 شهيداً، وديالى 120 شهيداً، والمثنى 119 شهيداً، وواسط 110 شهداء، وميسان 25 شهيداً، إضافة إلى شهداء من محافظات كربلاء المقدسة والنجف الأشرف وبابل".
وكانت تقارير سابقة قد نقلت عن مسؤولين عراقيين أن عناصر تنظيم "داعش" قاموا بإعدام مئات من الطلبة والعسكريين أثناء خروجهم من مقر كلية القوة الجوية (سبايكر)، بعد سقوط مدينة تكريت في قبضة التنظيم الارهابي المعروف باسم "داعش"، في ذلك الوقت. في حين دفن معظمها في مقابر جماعية.
إلا أن جهات حكومية رسمية، قالت في تقرير لها، إن "هيئة المساءلة والعدالة" كشفت عن تورط 57 شخصاً ممن وصفتهم بـ"أزلام البعث الصدامي"، في تلك المجزرة، في إشارة إلى حزب "البعث" المحظور، الذي كان يتزعمه الطاغية صدام حسين.
وقضت محاكم عراقية بإعدام عشرات الأشخاص لتورّطهم في هذه المجزرة، ونُفِّذ الحكم فيهم.

