المخلفات الحربية تفتك بالعراقيين.. آلاف الضحايا منذ 2003 وإحصائية "مقلقة" بالمساحات "الملغومة"
انفوبلس/ تقارير
آلاف الضحايا، ومحافظات كُثر متضررة تتصدرها البصرة، إنها معضلة الألغام، بيان مقلق من "الغراوي" وأرقام لا تقبل التأويل، حلول غائبة ومقترحات بحاجة إلى تنفيذ، نحو 30 ألف ضحية وأكثر من 2000 كم مربع ما زالت بحاجة إلى التطهير، انفوبلس وتقرير اليوم.. لماذا ما زال العراق من أكثر الدول تلوثاً بالمخلفات الحربية؟
بيان مقلق من "الغراوي"
اليوم السبت، كشف رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان فاضل الغراوي، بالأرقام أعداد ضحايا الألغام والمخلفات الحربية في العراق، فيما طالب بإطلاق حملة لإزالة الألغام والمخلفات الحربية واعتبار العراق خالياً منها في نهاية عام 2025.
وقال الغراوي في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إن "العراق يُعد من أكثر الدول تلوثًا بالألغام والمخلفات الحربية، نتيجةً لتراكم الحروب والنزاعات على مدى العقود الماضية". مبينا، إن "هذه المخلفات تشكل تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين".
وأضاف، "منذ عام 2003، تم تحديد حوالي 6600 كيلومتر مربع من الأراضي العراقية كمساحات ملوثة بالألغام والمخلفات الحربية". لافتا إلى، أنه "بحلول عام 2024، نجحت الجهود الوطنية والدولية في تطهير ما يزيد عن 4540 كيلومترًا مربعًا، مما يعني بقاء أكثر من 2000 كيلومتر مربع بحاجة إلى عمليات إزالة وتطهير".
البصرة الأكثر تضررا
وعن المحافظة الأكثر تضرراً من الألغام، أكد الغراوي، أن "محافظة البصرة تُعد الأكثر تضررًا، حيث تصل مساحة الأراضي الملوثة فيها إلى 1200 كيلومتر مربع، تليها محافظتا المثنى وديالى".
ولفت إلى أن "الإحصائيات الرسمية تشير إلى أن عدد ضحايا الألغام والمخلفات الحربية في العراق تجاوز 30 ألف شخص منذ عام 2003، بين قتيل وجريح".
وتابع، "ففي عام 2022، سُجِّلت إصابة أكثر من 150 مدنيًا بين قتيل وجريح، بينهم نساء وأطفال. وفي إقليم كردستان، بلغ عدد الضحايا 13,500 شخصًا".
وأكمل، "وفي عام 2023، شهدت محافظة البصرة وحدها مصرع وإصابة نحو 14 شخصًا، بينهم نساء وأطفال، نتيجة انفجار ألغام أرضية في مناطق متفرقة من المحافظة".
وطالبَ الغراوي، "الحكومة والمؤسسات الدولية بإطلاق حملة لإزالة الإلغام والمخلفات الحربية واعتبار العراق خالياً منها في نهاية عام 2025 والتركيز على محافظة البصرة كونها الأكثر تضرراً ومطالبة الحكومة بتعويض ضحايا المخلفات الحربية والألغام وإطلاق حملة توعوية عن مخاطرها".
4 أنواع للتلوث بفعل الألغام
يؤكد مدير قسم الإعلام والتوعية في دائرة شؤون الألغام مصطفى حميد، أن التلوث في العراق ينقسم إلى أربعة أنواع؛ هي الألغام المضادة للأفراد، والذخائر العنقودية، والمخلفات الحربية، والعبوات الناسفة التي زرعها تنظيم داعش الإرهابي في المناطق المحررة.
ويشير حميد إلى أن العمل في مجال إزالة الألغام في العراق يتم على المستوى الحكومي من خلال وزارتي الدفاع والداخلية وعلى المستوى المنظماتي وذلك بالاعتماد على دعم الدول المانحة وأبرز المانحين وزارة الخارجية الأميركية.
ويوضح، أن عمل المنظمات الدولية تراجع في العراق خلال السنتين الماضيتين نتيجة قلة الدعم الحكومي فيما توجه جهد الدول المانحة الى مناطق الصراع في أوكرانيا.
ويكمل، أن الحكومة خصصت 40 مليون دولار في الموازنة العامة لعمليات إزالة الألغام نصف المبلغ لتطهير الذخائر العنقودية والنصف الآخر لإزالة الألغام الأرضية والمخلفات الحربية.
ويختم، أنه بموجب الاتفاقيات الدولية فإن السقف الزمني لإنهاء ملف الألغام في العراق هو نهاية عام 2028 في حال توفر الإمكانيات المالية والبشرية والاستقرار العام في البلاد.
عدد الضحايا منذ 2003
تُقدّر دائرة شؤون الألغام عدد الضحايا منذ عام 2003 بأكثر من 30 ألفاً بين قتيل ومعاق.
ويقول أحد ضحايا الألغام، إن لغماً انفجر به في محافظة البصرة تسبب ببتر ساقه، واصفاً أوضاع ضحايا الألغام بالمؤلمة قائلا: "لا تعويض مادياً ولا اهتمام حكومياً جدّياً بالمتطلبات الصحية لضحايا الألغام".
كما يبلغ عدد ضحايا الألغام في إقليم كردستان العراق 13521 شخصا بينهم عدد من الخبراء في مجال رفع الألغام.
إلى ذلك، يقول أحد العاملين في هذا المجال، إنه فقد ساقه إثر إنفجار لغم أثناء محاولة إبطال مفعوله في قرية بقضاء جومان بمحافظة أربيل قبل أكثر من عشر سنوات.
وأضاف، إن مخاطر الألغام كبيرة على المزارعين والرعاة في هذه المناطق والكثير منهم لا يُعير اهتماماً للإرشادات والعلامات التحذيرية التي يضعها المعنيون بشؤون الألغام لذا فإن الضحايا بالعشرات سنويا.
وأكد، إن حجم الخدمات الصحية المقدَّمة لضحايا الألغام غير كافية، والكثير من هؤلاء يضطر إلى شراء أطراف صناعية مستوردة بأسعار مرتفعة لأن المحلية الصنع غير مريحة وتؤذي الساق وهي سريعة التلف والكسر.
حروب عبثية فتكت بالعراقيين
يقول مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل حسين، إنه بسبب الحروب الشرسة المتعاقبة كحربي الخليج والحرب الأميركية على العراق، على مدى أكثر من 40 عاما، تنتشر أعداد مهولة من الألغام ومخلفات الأسلحة الفتاكة ومنها اليورانيوم المنضب في مختلف مناطق العراق، ولا سيما الحدودية في الجنوب ومع الحدود مع إيران والتي هي حدود طويلة جدا، فضلا عن التي زرعها تنظيم داعش الإرهابي في المناطق التي سيطر عليها في شمال وغرب البلاد في محافظات مثل نينوى والأنبار وصلاح الدين.
وأضاف حسين في حديث له تابعته شبكة انفوبلس، "بات هذا الانتشار تهديدا وجوديا للمواطنين العراقيين، ممن فقد الكثيرون منهم حياتهم أو تعرضوا لإعاقات وإصابات بليغة جراء انفجار الألغام بهم، ومخلفات الأسلحة الملوثة باليورانيوم المنضب والتي تطال تأثيراتها القاتلة ببطء البيئة والتربة والمحاصيل الزراعية".
وتابع، "الأمم المتحدة والدول الأوروبية كفرنسا، لعبت دورا مهما لمساعدة العراق في محاولة حل هذه المشكلة التي تقض مضاجع العراقيين، وللتغلب عليها لا بد ولا شك من الاستمرار بالتنسيق مع الخبرات الدولية والتقنيات الحديثة".
وأكمل، "لا بد من الاستعانة بخرائط انتشار هذه الألغام والتعامل معها بدقة واحترافية، وتحديد نوعياتها وفرزها بشكل واضح ومفصل، فبعضها قد يكون مضادا للدبابات والمدرعات الثقيلة وبعضها مضاد لناقلات الجند والمركبات، وبعضها الآخر مضاد للأفراد".
وختم، "يتم التعامل بمهنية ووفق أقصى درجات الحذر مع كل نوع، تفاديا لوقوع ضحايا ضمن الفرق المتخصصة في تفكيك هذه الحقول المميتة وإزالتها".