النزاهة تعيد "كنز النمرود" إلى الواجهة.. تعرّف على تفاصيل الكنز ورحلته و"لعنة سُرّاقه"
انفوبلس..
أعادت هيئة النزاهة الاتحادية فتح ملف هام يعود لنحو 20 عاماً طالما أدخل العراق في حرب قانونية دولية مع شركة دينماركية لمدة تزيد على الـ10 سنوات، حيث يتعلق الموضوع بملف "كنز نمرود"، فيما أصدرت أمراً باستقدام وزير الثقافة الأسبق مفيد الجزائري، ووكيل الوزارة سربست بامرني.
النزاهة أعلنت في بيان، صدور أمر استقدام بحقِّ وزير ثقافة أسبق ووكيل وزيرٍ، إضافةً إلى صدور أمر قبضٍ على مدير مكتب الوزير؛ لارتكابهم عمداً ما يخالف واجباتهم الوظيفيَّـة، فيما يتعلق بقضية كنز نمرود.
وذكرت دائرة التحقيقات في الهيئة أنَّ قاضي محكمة تحقيق الكرخ الثانية، بناءً على تحقيقات مديرية تحقيق الهيئة في بغداد، أصدر أمر استقدامٍ على وزير الثقافة الأسبق ووكيل وزير، فيما أصدرت أمر قبضٍ وتحرٍّ على مدير مكتب الوزير، في موضوع قيام الوزارة بالتعاقد مع شركةٍ دنماركيَّةٍ مُفلسةٍ؛ لعرض كنز النمرود الأثري في المتاحف الأوروبيَّة، مُشدِّدةً على أنَّ الشركة التي تمَّ التعاقد معها غير رصينةٍ ولا يمكنها توفير الحماية اللازمة للكنز الذهبيّ الذي يمثل إرثاً حضارياً للعراق، فضلاً عن عدم رعاية مُنظَّمة اليونسكو لهذا الاتفاق.
وأضافت الدائرة، أنَّ الاتفاق أُبرم خلال الفترة عدم وجود دستورٍ دائمٍ أو نظامٍ داخليٍّ يسمح بإخراج الكنز إلى خارج العراق، لافتةً إلى عدم وجود أي دورٍ للمُختصِّين في القانون بإبرامه، الأمر الذي أدَّى إلى تضمينه بنوداً لا تـصبُّ في مصلحة الوزارة، لافتةً إلى أنَّ توقيع الوزير على الاتفاق يجعله مسؤولاً مسؤوليَّـةً مباشرةً عن ذلك.
وبينت الدائرة أنَّ أوامر القبض والاستقدام صدرت عن محكمة تحقيق الكرخ الثانية؛ استناداً لأحكام المادة (331) ق. ع.ع.
وكشف مصدر مطلع عن هوية المتهمين، وذكر أنهم "الوزير الأسبق مفيد الجزائري، ووكيل الوزارة سربست بامرني".
صراع قانوني..
وتعود القضية الى السنوات الأولى بعد سقوط النظام السابق وخلال فترة مجلس الحكم الذي كان فيها الجزائري وزيرا للثقافة حيث أبرم عقدا مع شركة دنماركية تدعى (أكس اوبشن يونايتد كروب) لعرض كنز النمرود في المتاحف العالمية.
وبعد ذلك، تراجعت وزارة الثقافة عن الأمر، مما دفع بالشركة الدنماركية لرفع دعوة قضائية أمام التحكيم الدولي مطالبة بتعويض قدره 8 ملايين دولار، إلا إنه في عام 2015 تم حسم القضية لصالح العراق.
ويعود كنز النمرود إلى 5 آلاف عام، وتم اكتشافه خلال أعمال تنقيب بدأت عام 1988 وانتهت عام 1992 وكان مخبّأ في أقبية البنك المركزي العراقي، لتعثر عليه القوات الأميركية خلال الحرب على العراق في 2003.
خبير الآثار العراقي بهنام أبو الصوف يقول، إن كنز النمرود أغلى كنز في العالم، مكون من 613 قطعة أثرية وحوالي 45 كيلوغراما من المصوغات الذهبية ومجموعة من القطع الأثرية النادرة، وكشف أن المصوغات الذهبية تعود إلى ملكتين آشوريتين وأنها دُفنت بعد موتهما في قبريهما بالقصر الشمالي الغربي للملك آشور ناصربال الثاني في نمرود.
ويشير أبو الصوف إلى أن مهندسين شبابا من دائرة آثار الموصل، اكتشفوا هذا الكنز خلال عمليات حفر في نمرود العام 1988 أثناء ترميم لغرف القصر الشمالي، وكشف أنه تم نقل المصوغات الذهبية إلى البنك المركزي العراقي وحُفظت هناك في خزينة خاصة، أما القطع الأثرية النادرة، فقد نُقلت إلى أحد ملاجئ بغداد المحصّنة ضد الضربات النووية وحُفظت هناك.
دور مشبوه لعالم كبير..
مصادر كشفت أن اتفاق وزارة الثقافة مع الشركة الدنيماركية شابه الكثير من الغموض، فضلا عن وجود دور مشبوه لقامة من قامات الآثار العراقية وهو الخبير دوني جورج، مشيرة إلى أن هنالك احتمالين لتشجيع جورج لهذا الاتفاق، الأول إيجابي ويتمثل بمخاوف الخبير من سرقة الكنز لو بقي في العراق في ظل فوضى ما بعد 2003، والثاني سلبي يتمثل بوجود صفقات فساد بين جورج والشركة الدنيماركية.
ودوني جورج.. عالم آثار عراقي، حاصل على الدكتوراه في الآثار في حقبة عصور ما قبل التاريخ عام 1995، وفي العام ذاته أصبح معاوناً لمدير عام الآثار للشؤون الفنية؛ وفي عام 2000 أصبح مدير عام الدراسات والبحوث في الهيئة العامة للآثار، وفي عام 2003 أصبح مديرا عاما للمتاحف العراقية، ثم أصبح رئيس هيئة الآثار العراقية عام 2005، وقاد التنقيبات في منطقة سد بخمة، ونينوى، وتل أم العقارب، فضلاً عن قيادته عمليات ترميم في بابل، ونمرود، ونينوى، وأور.
غادر العراق عام 2006 بعد تعرّضه للتهديد إلى سوريا ثم إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وكان له دور كبير في إعادة أكثر من 15.000 قطعة أثرية سُرقت من المتحف العراقي بعد الغزو الامريكي للعراق عام 2003، كما كان له دور كبير في أيقاف عملية بيع الأقراط الملكية الآشورية عام 2008 في مزاد كريستي للفنون في مدينة نيويورك الامريكية. وفي الولايات المتحدة تولى منصب أستاذ زائر في جامعة ستوني بروك في نيويورك، توفي في 11 آذار 2011 إثر أزمة قلبية في مطار تورنتو بيرسون الدولي في كندا.
أبرز مؤلفاته: متاجر بلاد الرافدين القديمة عام 1985، والأمثال في بلاد الرافدين القديمة عام 1994، والعِمارة في الألف السادس قبل الميلاد في تل الصوان عام 1997، شارك في تأليف كتاب: نهب المتحف العراقي عام 2005، كما شارك في تأليف كتاب: تدمير التراث الثقافي في العراق عام 2008.
اكتشاف الكنز بعد 2003..
في السابع من شهر حزيران/ يونيو عام 2003، انتشل فريق عراقي-أمريكي كنز النمرود من أحد أقبية البنك المركزي المغمور بالمياه أسفل بناية البنك.
القائم بأعمال محافظ البنك المركزي آنذاك فالح سلمان قال إنه جرى انتشال جميع القطع وإن فريقا يقوم بفحصها لمعرفة إن كان لحق بها أي ضرر.
وبحسب "رويترز" قال موظفو الجمارك الأميركيون الذين ساعدوا في انتشال الكنز إنهم وجدوا لدى دخولهم الأقبية لأول مرة جثث نهّابين قُتلوا في تبادل للنيران مع عصابات منافسة لكن ثبت أن الأختام على صناديق الكنز لم تُمس.
وقال الموظفون إنهم لا يعرفون كيف غمرت المياه الأقبية لكنهم يشتبهون في أن العراقيين فتحوا المياه عن عمد لمنع النهابين أو أفراد من الحاشية المقرّبة من صدام من نهبها، وتطلّب سحب المياه أياما.
لعنة كنز النمرود..
الكنز الذي يعود بالأصل إلى الملكة (يابا) زوجة الملك الآشوري (تجلات بلاسر) وجدت بقرب أحد تماثيل الملكة المتوَّجة بتاج ذهبي "لعنة" مكتوب فيها: الويل لمن يلمس أجسادنا، الويل لمن يسرق حُلانا، يموت مريضا ولا يذهب إلى الجنة. هذه اللعنة كانت موجّهة لاولئك الذين يتجرأون على فتح قبرها أو الاستيلاء على مجوهراتها أو إزعاجها في مرقدها وهو لن يعرف الراحة أبدا لا في الحياة ولا في الموت وستحلّ لعنتها الأبدية بأرضه وناسه وينتشر فيها الخراب.




