الوجبات السريعة: ثقافة أمريكية مسخت عادات العراقيين في الطعام.. كيف ساهمت ألينا رومانوفسكي بذلك
انفوبلس/ تقرير
تناول موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، اليوم الخميس 13 أبريل/ نيسان 2023، قضية انتشار الوجبات السريعة في العراق ودور امريكا وسفيرتها في بغداد ألينا رومانوفسكي في مسخ عادات العراقيين التاريخية في الطعام.
ووصلت الوجبات السريعة إلى البيوت العراقية، حيث أصبحت العائلات تفضلها على الأكلات الشعبية الصحية في المطاعم والبيوت، وسرعان ما انتشرت تلك المطاعم في أرجاء المناطق والشوارع التجارية والشعبية، مما شكّل حلقة رئيسية وأساسية للمنازل.
وقال الموقع في تقرير ترجمته شبكة "انفوبلس"، إنه "في عام 2003، غَزَت الولايات المتحدة العراق للإطاحة بالنظام البائد صدام حسين وبعد عشرين عامًا وفي هذا الشهر، حضرت السفيرة الأمريكية في بغداد، ألينا رومانوفسكي، افتتاح أحدث فرع لـ Burger King في أربيل شمال العراق، حيث قطعت الشريط الأحمر إلى المنفذ الثالث في المدينة، وهو الفرع الثاني عشر والأكبر في العراق".
Burger King برجر كنج هي شركة دولية كبيرة سلسلة مطاعم الوجبات السريعة، معظمهم بيع لحوم والبطاطا المقلية، والمشروبات غير الكحولية والحلويات المختلفة، والشطائر.
وأضاف التقرير، إن "الغزو الأمريكي تسبب في مقتل ما لا يقل عن 300 ألف عراقي، وتغيير البلد والعالم. ومع ذلك، يبدو أن سلاسل الوجبات السريعة و"القيم الأمريكية"، مثل الإفراط والراحة، تترك بصماتها في السوق العراقية".
وتابع، إن "العقوبات الاقتصادية وبرنامج النفط مقابل الغذاء لعام 1996 والذي ترك العراقيين يتضورون جوعاً في جميع أنحاء البلاد، لم تكن هناك علامات تجارية أمريكية للوجبات السريعة تعمل في البلاد إلا بعد الغزو عام 2023".
*تغيير المشهد الغذائي
وذكر التقرير، "أصبح للعراق حساء أبجدي خاص به من سلاسل الوجبات السريعة الأمريكية. على الرغم من التفجيرات والاحتلال والمشاريع الأمريكية الفاشلة في العراق، كما ظهرت العديد من المقلدات، مثل مطعم MaDonal وMatbax في مدينة السليمانية، في التسعينيات بدلاً من أي إنفاذ لحقوق الملكية الفكرية".
وأوضح موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، إنه "بعد غزو العراق تم تجهيز القواعد العسكرية الأمريكية التي أُقيمت في الاحتلال اللاحق بعدة سلاسل، لتكون بمثابة حاضنة ذوق للعراقيين العاملين هناك".
وأشار إلى، أنه "عندما تُفتح الفروع، فإنها تفعل ذلك مع ضجّة كبيرة، وأحيانًا مع وجود بعض التمثيل الأمريكي الرسمي. على سبيل المثال، في عام 2022، كان السفير الأمريكي آنذاك ماثيو تولر حاضرًا لافتتاح كولد ستون كريمري في العاصمة العراقية بغداد".
وذكر يادغار ميراني، المؤسِّس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة Lezzoo، "عندما وصلت سلاسل البرغر والدجاج المقلي إلى العراق، لم أكن أعتقد أبدًا أنها يمكن أن تصبح من الفئات الأعلى وسط الأطعمة المحلية مثل الشاورما والأرز واليخنات واللحوم المشوية". وقال، إن الهامبرغر والدجاج المقلي هما أكثر الخيارات شعبية في جميع أنحاء البلاد، وقد "ظلوا مهيمنين في جميع أنحاء خدمة التوصيل لدينا".
قال أمير مخايل، الذي يمثل كنتاكي في العراق من خلال مجموعة أمريكانا، وهي شركة أغذية كويتية مقرّها الشارقة: "الجميع هنا يحب كنتاكي". "الجميع يأتون إلى مصدر الدجاج الأصلي".
ومع ذلك، تنغمس سلاسل الوجبات السريعة الأمريكية في توطين المنتجات للتكيف مع الأذواق المحلية، بحسب التقرير.
وفقًا لدراسة أجرتها كلية الطب بجامعة نيويورك، وجد أن القرب من الوجبات السريعة يزيد من خطر زيادة الوزن أو السمنة.
ومع ذلك، لا يبدو أن أيقونة أمريكانا المقلية قد خضعت لأي إعادة نظر ثقافيًا في العراق. كما أن التكلفة طويلة الأجل لمثل هذه المرافق المرغوبة في العراق لم يتم فهمها بعد، لكن الوجبات السريعة هي نذير لحساب أوسع مع الرأسمالية الاستهلاكية، وفقا للتقرير.
ويشير الباحث العراقي، صالح لفتة إلى أن الوجبات السريعة تلقى رواجاً كبيراً خصوصاً لدى الشباب الذي يفضل الحصول على ما يريده بسرعة، فهي سهلة التحضير ولا تحتاج لوقت كبير للحصول عليها حيث تُعدّ من مواد جاهزة مسبقاً، ويمكن تناولها في السيارة أو في العمل أو حتى في أثناء القيام بالأعمال، ومنتشرة في جميع المناطق والطرقات عكس الأكلات الشعبية التي تحتاج إلى الجلوس وإضاعة وقت لم يُعد متاحاً لدى كثيرين من المواطنين الذين يكدحون طيلة أيام الأسبوع، بحسب تعبيره.
ويضيف لفتة، إن الوجبات السريعة تمتاز بترويج إعلامي كبير، جعلها مقبولة أكثر لدى جميع الفئات، وفُتحت سلاسل للمطاعم العالمية المعروفة في جميع المدن حتى لو لم تأخذ الترخيص في بعض الحالات.
كما أن الإقبال على الوجبات السريعة يحمل مؤشرات على تغير التفكير الاقتصادي للمواطنين، والإقبال المتزايد عليها يقابله تحرك قطاعات أخرى، بحسب لفتة، الذي أشار إلى أنه ومع ذلك هناك أكلات شعبية عراقية ستبقى محافظة على سمعتها وتستطيع منافسة الوجبات السريعة وتشهد إقبالاً مستمراً ولن يؤثر فيها وجبات عصر السرعة، خصوصاً ما يُشاع عن الأضرار التي تسببها الأكلات السريعة على صحة الإنسان.
رغم أن الكثير من الأبحاث أشارت إلى أن الوجبات السريعة ليست مفيدة صحيا، وتم ربطها بوباء السُّمنة الذي يؤثر على الملايين في الولايات المتحدة، فإن دراسة جديدة توصلت إلى أن الدافع الرئيسي لتجنب الناس للوجبات السريعة لا يعود إلى أسباب صحية.
وخلال الدراسة التي شملت استطلاع آراء أكثر من 300 شخص عبر استبيان عبر الإنترنت، سعى الباحثون في جامعة كينت في ولاية أوهايو، إلى تحديد العوامل الرئيسية التي تميز الأشخاص الذين عرّفوا أنفسهم بأنهم مستهلكون للوجبات السريعة، أو مستهلكون غير منتظمين خاصة للبرغر والبطاطس المقلية.
ويتناول واحد من كل ثلاثة أميركيين بالغين على الأقل، يوميا وجبات سريعة، بحسب دراسة أجرتها مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (سي دي سي) ما بين 2013 إلى 2016.
باستخدام مجموعة من التقنيات الإحصائية لموازنة وتفسير البيانات، وجد الباحثون عاملين مميزين رئيسيين على وجه الخصوص حدّدا مستهلكي الوجبات السريعة غير المنتظمين.
كان العامل الأول هو ميل معظم المشاركين، إلى تناول الوجبات السريعة في "مواقف عرضية" خارجة عن إرادتهم إلى حد ما، مثل ضغط الوقت، أو السفر، أو نفاد الطعام في المنزل، أو في أوقات التوتر.
لكن العامل الثاني الذي يميّز مستهلكي الوجبات السريعة غير المنتظمين، والذي يفسر بوضوح سبب عدم تناولهم للوجبات السريعة بقية الوقت، فإن أكثر ما يجعلهم يمتنعون عن تناولها هو الشعور بالذنب.
يوضح الباحثون، أنه عندما يتناول البعض الوجبات السريعة يشعر بالذنب، فيما يشعر بالإنجاز حين نجاحه في التغلب على شهيته لتناولها.
تشير هذه النتيجة إلى أن معرفة الجودة الغذائية السيئة لا تكفي وحدها للتأثير على عادات الشخص فيما يتعلق باستهلاك الوجبات السريعة.
ويقول الباحثون إن برامج الوقاية من السُّمنة يمكن أن تحقق نجاحا من خلال تركيز رسائلها حول ذلك، لإبعاد المستهلكين عن الوجبات السريعة بأساليب مقنعة، مصمِّمة للتأكيد على الشعور بالذنب الذي سيشعرون به إذا تناولوها.