الوظائف تهدد خزينة العراق.. سياسيون يغامرون بـ"ملف التعيينات" لأغراض انتخابية

قد يرى أغلب العراقيين تعاطي الحكومة معهم بأنه عقد سياسي واجتماعي جديد، لكن الأرقام الهادرة لعقود وخريجين ينتظرون التعيين في دوائر الدولة يعتقده مختصون”الطريق نحو الكارثة”، ورغم وعود قطعتها الحكومة بإضافة تخصيصات المحاضرين وحسم ملفهم إلا أن آلافا آخرين لايزالون يتخذون من تقاطعات الشوارع في بغداد ومحافظات جنوبية ووسطى”ملاذا للخلاص من غول الإفلاس والبطالة”.
من شباك الدولة الآخر غير النظامي يرى سياسيون أن آلاف العاطلين من الخريجين، خزين بالإمكان إخراج ريعه قبيل الانتخابات لمنافسة خصم محتمل قد يقود ملايين بعد سنوات، وفي قبالته أن التريليونات التي تستنزف موازنة الدولة ستكون ذات حمل ثقيل سيصعب على النفط وايراداته استيعابها.
وقريبا من مخاوف دخول حشود تلك الأعداد الى وزارات ومؤسسات حكومية لم تخفِ وزارة الكهرباء تذمرها من زيادة حجم التعيينات التي قالت إنها ليست بحاجة الى ما يقارب المئة الف موظف تم تثبيتهم مؤخرا بين صفوف العاملين، لكنها على ما يبدو قبلت الأمر على مضض لاعتبارات عديدة في صدارتها خشية مواجهة الشارع الغاضب.
وتشهد العاصمة بغداد نزول آلاف من الخريجين العاطلين عن العمل يطالبون بـ”تخريجة” تحمي مستقبلهم بعد أن فقدت الدولة مصانعها ومعاملها واقتصادها غير المتوازن فيما يواصلون فقدانهم الحل لأزمة بطالتهم التي امتدت لسنوات، في الوقت الذي تتكدس أعداد الخريجين سنويا ما يزيد فداحة الأمر مع كل موازنة تخضع للمناقشة.
ولأن الاقتصاد المتذبذب لم يعالج الازمة أو يقلل كارثة أعداد العاطلين فإن خبراء في المال يقترحون حلا جذريا تتحول فيه المؤسسات الى منتجة قادرة على تحريك القوى العاملة الجديدة والقديمة، فضلا عن شراكة حقيقية بين قطاعات حكومية وخاصة تنمي سوق العمل وتدفع بالمصانع الى عهد جديد يمتص أزمة تنامي الاندفاع نحو “التعيين في مؤسسات الدولة”.
على الجانب الآخر، يؤيد اقتصاديون الخطوة التي تعتمد امتصاص جزء من الازمة التي تنصف طاقات عراقية قذفت بها مجاهيل القرارات المتأرجحة، معتبرين خطوة رئيس الوزراء بالمهمة لإحداث التوازن داخل المجتمع والاتجاه نحو رؤية مستقبلية لإنقاذ آلاف الشباب الذين يقفون على أعتاب التخرج من الجامعات.
ويحث الخبير الاقتصادي ضياء المحسن على ضرورة تقنين بعض الاختصاصات في الجامعات والكليات الحكومية والأهلية لضمان سحب فائض الاعداد والاستفادة منها بشكل فعلي.
ويوضح المحسن في تصريح له، أن “وزارتي التخطيط والتعليم العالي يجب أن تعملا على وفق متطلبات سوق العمل من خلال دراسة جدوى تتحكم بهذا العدد الهائل من الخريجين الذين يتدفقون سنويا بحثا عن التعيين، مشيرا الى أن القانون يدفع سنويا ما يقارب العشرة آلاف طالب وبجردة بسيطة فأنه بعد خمس سنوات سيتكدس في البلاد نحو خمسين الف أو ما يقاربها من المحامين والعراق لا يحتاج الى هذا العدد”.
ونوه المحسن الى “أهمية أن تذهب التعليم العالي لإغلاق بعض الأقسام وفتحها بعد سنوات عند الضرورة والحاجة، فضلا عن إعادة المعاهد الفنية والمهنية لزج الكوادر الوسطية في سوق العمل”.
وأردف المحسن بالقول، إن “المشكلة الأخرى تتعلق بالأحزاب والكتل السياسية التي تنظر الى العاطلين أرقاما يتم استخدامها في صناديق الاقتراع أثناء الانتخابات وهذا يمنع كثيرا من تنشيط السوق وضمان حركة متدفقة من الممكن أن يحققها القطاع الخاص”.
ويتحدث الدستور العراقي عن اقتصاد السوق الذي يكون القطاع الخاص المتحكم في حركته إلا أن التجاذبات والمصالح الحزبية حالت دون تنشيطه مقابل اندفاع كارثي نحو التعيين في دوائر الدولة.