تاريخ في النضال ضد الديكتاتورية والاحتلال.. تعرّف على أبو زينب الخالصي بذكرى استشهاده

انفوبلس/ تقرير
يصادف اليوم السبت الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد القائد مهدي عبد مهدي والمعروف بـ"أبو زينب الخالصي"، ويعتبر من أبرز قادة الحركة الجهادية الإسلامية في العراق وأيضاً في لبنان، حيث كان يلقِّبه مجاهدو البلدين بـ"الأستاذ" و"شيخ المجاهدين"، لما ساهم فيه بشكل كبير ببناء الجسم الأمني لحركات المقاومة، كما كان مؤسِّس الحركة الإسلامية (حركة مجاهدي الثورة الإسلامية في العراق).
الخالصي الحاصل على شهادة البكالوريوس في الإدارة والاقتصاد، كان من مدربي الشهيد القائد الحاج عماد مغنية، ومن أساتذة الشهيد القائد أبو مهدي المهندس أيضاً، كما كانت له جهود جبّارة في إعادة إحياء وتوحيد تشكيلات حزب الدعوة، بعد أن جهدت أجهزة صدام حسين الأمنية في تعقّب ناشطيه واعتقالهم وقتلهم خلال العام 1974، واستطاعت إنهاء عمل شبكات الحزب الناشطة في معظم محافظات الوسط والجنوب، من خلال محكمة الثورة التي ترأسها جار الله العلّاف.
الخالصي من مدينة الخالص بالحي العصري في محافظة ديالى التي وُلِد فيها عام 1945 وضحّى بـ6 أفراد من عائلته، انتمى وفي ستينيات القرن الماضي إلى حزب الدعوة، وتدرّج في صفوفه حتى صار مسؤول تنظيم الخالص، أحد تنظيمات الحزب القليلة التي نَجَت من ضربة العام 74، وتمكّن خلال أربع سنوات من إعادة إحياء شبكات الحزب بمساعدة العديد من رفاقه، التي انتشرت في العديد من المناطق العراقية. كما أعاد العمل بالتنظيم العسكري الذي تشكل من ضبّاط القوة الجوية، وتنظيمات الموصل، الناصرية، كركوك، كربلاء والنجف الأشرف ضمن لجنة إقليم العراق، وتم إدارة نشاط هذه التشكيلات بطريقة سرية ومُتقنة للغاية، بالتزامن مع جهود إغاثية لعوائل المعتقلين والشهداء، إضافة لجهود دعم العلماء.
كما التقى بالسيد الشهيد محمد باقر الصدر، وكان نتيجة هذا اللقاء، توحيد جهود الحزب مع المرجعية، فكان أبو زينب قناة التواصل بين لجنة إقليم العراق والشهيد الصدر، كما كان ممثلاً للشهيد الصدر عند الناس، حيث كان أبو زينب ينقل إليهم أشرطة تسجيل لخطابات ورسائل الشهيد الصدر في مراحل اعتقاله والإقامة الجبرية قبيل استشهاده، كما كان من مهام أبو زينب أيضاً الاهتمام بموضوع شراء الأسلحة وإعداد الكوادر لمرحلة الكفاح المسلّح من الداخل.
بعد فشل مرحلة الكفاح المسلّح انطلاقاً من الداخل، تولّى أبو زينب الإشراف على المجموعات الجهادية انطلاقاً من معسكر الأهواز الذي أنشأه حزب الدعوة، فكان أبو زينب هو جهة الاتصال بين المعسكر وشبكات الداخل، وأحد الأعضاء المشرِفين في اللجنة الجهادية العليا لمعسكر الشهيد الصدر، وكذلك كان أبو زينب من مؤسّسي "فيلق بدر" (الذي بات اليوم منظمة بدر)، ومؤسس الحركة الإسلامية في العراق، التي كانت من أكثر التنظيمات الجهادية نشاطاً فيه، فهي التي نفّذت أكبر العمليات وقتذاك من خلال اقتحام السفارة البريطانية في الـ 19 من حزيران العام 1980، بهدف محاولة اغتيال نائب رئيس الوزراء حينها طارق عزيز.
كما لم يكتفِ أبو زينب في تلك الفترة بالعمل العسكري فقط، بل أعاد إحياء شبكات حزب الدعوة من جديد، لكن بأسلوب أمني مبتكر، يعتمد فيه على الاتصال الخيطي بين كل تنظيم وجهة القيادة المتواجدة في إحدى الدول المجاورة. ومنذ بدايات انتصار الثورة الإسلامية في إيران، نسج علاقة أمنية مميزة مع القادة في حرس الثورة الإسلامية ومع قادة وزارة الأمن والاستخبارات "إطّلاعات" وكان أحد أبرز المساهمين في تأسيس جهاز أمن المقاومة الإسلامية في لبنان - لما يتمتع به من براعة أمنية – وقد حضر إلى جانبهم طوال مسيرة جهادهم منذ العام 1985 حتى التحرير في أيار العام 2000 وكان على علاقة مميزة بالشهيد القائد الحاج عماد مغنية، وبالحاج أبو مهدي المهندس الذي كان يرافقه في الكثير من رحلات سفره إلى بيروت.
*فترة ما بعد عام 2003
بعد الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، ساهم في تأسيس حركات المقاومة هناك أيضاً، حيث اعتقله الأمريكيون بـ"تهمة" قتل 4 جنود بريطانيين، ولم يُفرج عنه إلا بعد ثلاث سنوات، بسبب تدهور حالته الصحية، فسافر إلى إيران للعلاج، لكنه سرعان ما توفِّي في الـ 24 من كانون الثاني من عام 2007 في إحدى مستشفيات طهران، وتم تشييع جثمانه في محافظات البصرة وذي قار والسماوة والنجف الأشرف حيث دفن، وقد عُرف بالثقافة الفكرية والدينية، وكان شخصية روحية إيمانية عالية، حتى أنه قام بتأليف العديد من الكتب التي تعالج هذا الجانب لدى المجاهدين.
وبحسب مقرَّبين منه، كانت حياته كتاباً مفتوحاً في المعارف الإلهية والفكر الإسلامي والبحث في الثقافة الإسلامية الرصينة، وكانت الأهوار مقرّ هذه المواجهات الفكرية قبل أن يتخذها هو والحواريون من المجاهدين الذين تحلّقوا من حوله من إخواننا وإخوته "مكاناً لمقاتلة النظام الدكتاتوري".. كانت الأهوار العراقية وطناً من المجاهدين وملاذاً لأسلحة المقاومة، وكان أبو زينب الخالصي سيد هذا الوطن ودليل المجاهدين في كتاب النضال الوطني وثبت حيث يثبت الرجال الأشداء، وكان حيث فرض التاريخ وحركة الثورة أن يكون وكنّا معه في مشتبك رماح هذا الدرب، حيث فرضت التحديات وتكاليف المهمات الكبرى في الإسلام أن نكون كما كان الخالصي المسيرة المتصلة في رفض الأطر السياسية كافة التي تكبّل الشعوب، وقد قاتلها وهو معارض في أعماق الأهوار مثلما قاتلها بعد سقوط النظام، وترجّل شهيداً في سجون الاحتلال الأمريكي في بغداد.