تسعة أعوام على سبايكر.. تعرّف على أبو نبيل الأنباري "مدير" مجزرة تكريت بعد إبراهيم سبعاوي
انفوبلس..
بعد 9 أعوام على مجزرة العصر وجريمة سبايكر التي نفذتها عصابات داعش وحواضنها العشائرية والطائفية في مدينة تكريت بمحافظة صلاح الدين بحق طلّاب عُزّل تتراوح أعمارهم بين فترات المراهقة والشباب، تبقى ملفات هذه الجريمة تشبه خيط طويل بلا نهاية، فكلما فتحت أحدها يأخذك لآخر دون أن تعلم متى ستنتهي حيثيات ما جرى وكم عدد المتورطين وما مصيرهم اليوم وما هي التفاصيل التي تغيرت إلى الأبد بعد حدوثها.
خلال الأعوام الماضي كتب عشرات الصحفيين والمؤسسات الإعلامية والباحثين والناشطين مئات التقارير عن تلك المجزرة لكن حتى اليوم لم يتم تغطيتها بشكل كامل، وفي هذا التقرير يتناول موقع "INFOPLUS" شخصية أحد المسؤولين والمنفِّذين لهذه الجريمة ويُدعى (أبو نبيل الأنباري) وهو أحد قيادات النظام الإرهابي التي دخلت تكريت بعد اجتياحها إرهابياً.
والأنباري هو مواطن عراقي، كان لفترة طويلة أحد عناصر تنظيم القاعدة، حيث قام بعدة عمليات في الفلوجة والرمادي من عام 2004 إلى عام 2010 تحت لواء تنظيم القاعدة في العراق، وكان من ضمن وفد "داعش" الذي أُرسل من العراق إلى ليبيا في سبتمبر 2014، لجمع البيعات لأمير التنظيم أبو بكر البغدادي وقيادة فرع التنظيم الوليد في ليبيا.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن الأنباري دخل مدينة تكريت ليلة الحادي عشر من شهر حزيران من عام 2014 أي بعد يوم كامل من بدء مجزرة سبايكر، حيث كانت المدينة كلها تحت سيطرة إبراهيم سبعاوي ابن أخ صدام حسين.
بعد دخوله تكريت، تولى الأنباري ـ الذي يوصف بالذراع اليمنى لزعيم التنظيم الإرهابي آنذاك أبو بكر البغدادي ـ إدارة مجزرة سبايكر وأخذت حينها المجزرة طابعاً إرهابياً بعد أن كانت عبارة عن انتقام عشائري طائفي ممنهج ضد كل ما هو شيعي في تلك المناطق.
وفي نهاية عام 2014 أرسل البغدادي الأنباري ومجموعة قيادات معه إلى ليبيا ليُسهموا في تأسيس فرع لعصابات داعش في ليبيا وشمال أفريقيا. ووقع اختيار البغدادي على وسام عبد الزبيدي المكنّى بـ أبو نبيل الأنباري الذي قاد هجوم داعش على مدينتي تكريت و بيجي، و لربما وقع اختيار البغدادي على الأنباري لأنه يُعد من أكثر مقاتلي داعش إجراما وقتلا وسلبا للمواطنين، ما دفع البغدادي إلى عزله من ولاية صلاح الدين.
تشير المعلومات الخاصة عن سيرة أبو نبيل الأنباري أنه من القيادات العريقة في التنظيم، فقد انتمى لتنظيم التوحيد والجهاد منذ عهد الزرقاوي، وكان ضابطا في الشرطة قبل أن ينشقّ عنها، ليصبح من أشرس قادة داعش التي قاتلت أجهزة الأمن، ويُعد الأنباري الذراع اليمنى للبغدادي، إذ وجد البغدادي أن الأنباري هو الرجل الذي يمكن الاعتماد عليه في بناء الفرع الأهم للتنظيم الإرهابي بعد سوريا والعراق في ليبيا.
جاء أمر إرسال الأنباري إلى درنة الليبيّة عندما كان التنظيم يواجه هجوماً عراقياً لاستعادة تكريت، مما أثار علامات استفهام عديدة، كيف يُرسل قائد عسكري رفيع كأبو نبيل إلى درنة في ليبيا في وقت يواجه فيه التنظيم هجوما على مدينتي تكريت وبيجي اللتين يتولى أبو نبيل المسؤولية عنهما؟
اعتُقِل الانباري مرتين، وتعرّف على البغدادي خلال فترة سجنه الأولى، وكان آخر سجن اعتُقِل فيه هو «أبو غريب» الذي هاجمته عصابات داعش وتمكنت من إطلاق سراح المئات من قياداته ومن المعتقلين. ورغم كل المعلومات التي وردت و نُشِرت عن الأنباري إلا أن الغموض يحوم حول شخصيته وأعماله، كما تضاربت الأنباء حول مقتل الأنباري زعيم داعش في ليبيا، ففي حين أكدت الإدارة الأمريكية مقتله في غارات جوية على مدينة درنة شكك مراقبون في ليبيا بمقتله، خاصة وأن تقارير استخبارية أشارت إلى وجود الأنباري بمدينة سرت وليس في مدينة درنة ناهيك عن أن التنظيم لم يؤكد أو ينفي مقتله، وإن صحت أنباء مقتل أو إصابة الأنباري فهذا خير دليل على أن داعش لم يعد قادرا على حماية أعضائه.
ومع كل ذلك فإن أوضاع تنظيم داعش داخل الأراضي الليبية أكثر هشاشة من أوضاعها في العراق وسوريا لاختلاف بيئة الوجود والتعايش ديموغرافياً وطبوغرافياً واجتماعياً، فليبيا كل سكانها من المسلمين وبالتالي ليست هناك حاجة لطرد غير المسلمين منها أو التخلص منهم بالإبادة والسبي، كما هو فكر هذا التنظيم الشيطاني الذي لن ينجح في ترويج أفكاره المتطرفة في العراق وسوريا. عدا عن الخسائر التي مُنِيَ بها تنظيم داعش بسبب ضربات التحالف، التي دفعته للهروب من سوريا والعراق والاتجاه إلى ليبيا.
الأنباري قُتِل عام 2015، وهنالك روايتان لمقتله، حيث تشير الأولى والأكثر شهرة، إلى أنه قُتِل بغارة جوية عسكرية أمريكية على مدينة درنة شرقي ليبيا، قامت بها طائرتان حربيتان من طراز إف-15 إيغل في 13 نوفمبر 2015، حيث كان هذا أول عمل عسكري من قبل الولايات المتحدة ضد هدف لداعش خارج العراق وسوريا.
السكرتير الصحفي للبنتاجون بيتر كوك قال في بيان عقب نبأ مقتله: «مقتل أبو نبيل سيُضعِف قدرة تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا في إقامة قواعد داخل ليبيا، وفي تجنيد أعضاء جدد، وفي التخطيط لهجمات خارجية على الولايات المتحدة». وأضاف: «تشير التقارير أنه كان هو المتحدث خلال فيديو إعدام 21 مسيحيا مصريا في فبراير 2015».
أما الرواية الأخرى تذكر بأن الأنباري وقع أسيرًا لدى واحدة من الجماعات الإرهابية في ليبيا والتي أُرسل لمفاوضتها، خلال مواجهات في مدينة درنة المهمة من الناحية الاستراتيجية، قبل أن يلقى حتفه ويُعدم منتصف شهر حزيران/ يونيو من عام 2015.
"موقع الديلي بيست" الإلكتروني، ذكر نقلاً عن مصدرين فضّلا عدم الكشف عن نفسيهما، أنهما شاهدا لقطات من فيديو يوثق عملية الإعدام تلك، وأن الأنباري سار عارياً في شوارع المدينة وسط حشد من المواطنين، الذين سخروا منه قبل تنفيذ حكم الإعدام بحقه، تماماً كما أجبرت الشخصية الرئيسية في مسلسل "لعبة العروش" سيرسي لانيستر، في المشهد الأخير، على السير مجردة من ملابسها في الشوارع، في الوقت الذي كانت فيه الجموع الحاشدة تهلل لموتها وتسخر منها وتلقي بالطعام عليها.
وعلى ما يبدو فقد أُريد من الإعدام الدرامي المرعب، الذي كان السِّمة المميزة لداعش على الدوام، استخدام أسلوب التنظيم نفسه ضده، وممارسة سياسة التخويف عليه، لردع من يفكرون بالانضمام إليه، في رسالة إلى قادة التنظيم وأعضائه، بأنهم قد يلقون هم أيضاً مصير ضحاياهم.
