تفجير مرقد الإمامين العسكريين (ع).. القصة بعد 19 عاما من الجريمة: دور "مريب" للأمريكان
انفوبلس/ تقرير
في يوم الأربعاء المصادف الـ 22 شباط من عام 2006، استيقظ العراقيين على خبر تفجير القبة الذهبية للإمامين العسكريين علي الهادي وابنه حسن العسكري (ع) في مدينة سامراء بمحافظة صلاح الدين، في هجوم أجمع الزعماء العراقيون سنة وشيعة على أن الهدف منه هو تفجير الفتنة الطائفية.
*تفاصيل الجريمة الاليمة
انفجرت عبوتان ناسفتان داخل الضريح في الساعة 6.45 صباح الأربعاء بالتوقيت المحلي العراقي زرعها مسلحون مساء الثلاثاء الساعة 7.55، بحسب ما أعلنت وزارة الداخلية.
وقال بيان صدر عن وزير الداخلية باقر جبر صولاغ الزبيدي آنذاك إن مجموعة مسلحة اقتحمت مساء الثلاثاء الضريح "أحدهم يرتدي ملابس عسكرية مرقطة وثلاثة يرتدون بدلات سوداء وزرعوا عبوتين ناسفتين داخل الضريح ما أدى إلى هدم القبة بشكل كامل وجزء من الجدار الشمالي للضريح".
وقال جبر في بيانه إن المجموعة المسلحة هي من "جماعة التكفير والإرهاب" اقتحمت الحرم بعدما قيدت شرطة حماية المرقد المكونة من خمسة أفراد، وزرعت المتفجرات تحت القبة ثم تفجيرها عن بعد"، مشيرا الى أن عدد أفراد قوة حماية المنشآت المسؤولة عن حماية الضريح 35 عنصرا".
وذكر شهود عيان من سكان المدينة أن جزءا كبيرا من القبة المغطاة بالذهب انهار بعد تفجير العبوتين بفارق ثلاث دقائق بينهما، بينما لاذ المهاجمون بالفرار.
وأعلنت الحكومة العراقية المؤقتة أن أجهزتها الأمنية اعتقلت 10 من المشتبه فيهم بعد معلومات أدلى بها أحد الذين ضُبطوا بمكان الحادث وقت الانفجار، من دون الإشارة إلى هوية المسلحين.
الناطق باسم الائتلاف الشيعي جواد المالكي قال إن المعتقلين العشرة هم من عناصر حماية المرقد وقد ضبطوا وآثار البارود والمتفجرات على أيديهم، وأوضح أن هذه "المعلومات تقارير أولية من غرفة العمليات الخاصة المشتركة بمجلس الوزراء".
ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها، كما لم ترد تقارير عن وقوع إصابات.
وأثار الاعتداء الذي تعرض له المقام الشيعي بسامراء موجة غضب عارمة في العراق وعمت المظاهرات مختلف المناطق، فيما أصدر معظم القوى السياسية والدينية بيانات استنكار وإدانة وتحذير من "فتنة مذهبية" كما حملت دعوات إلى التهدئة وعدم مهاجمة المساجد السنّية.
وبعد ذلك، اتهمت السلطات العراقية، تنظيم القاعدة بتفجير مزار العسكريين في سامراء، كاشفة أنها اعتقلت في الآونة أحد منفذي الاعتداء وهو تونسي يدعى يسري فاخر محمد علي الترويكي الملقب بأبو قدامه وينتمي إلى القاعدة.
وقال مستشار الأمن الوطني موفق الربيعي آنذاك في مؤتمر صحفي عقده للمناسبة إن قوات الأمن العراقية تمكنت من كشف ملابسات أحداث تفجير قبة الامامين العسكريين في سامراء، مشيرا إلى أن "عراقيين اثنين وأربعة سعوديين وتونسي واحد من أعضاء تنظيم القاعدة في العراق هم من قاموا بعملية التفجير".
*المخطط والمنفذ
أضاف الربيعي أن "الشخص الذي قام بالتخطيط للعملية وقيادتها هو "الإرهابي هيثم البدري (عراقي)، وهو من تنظيم القاعدة في محافظة صلاح الدين.. هو الذي قام بالتخطيط والتنفيذ لتفجير قبة الامامين العسكريين في سامراء".
ومضى الربيعي يقول إن البدري هو من "قاد عملية التفجير وإعطاء التعليمات لشخصين عراقيين وأربعة سعوديين بالإضافة إلى المدعو أبو قدامه التونسي، الذي يعد المنفذ الرئيسي في تفجير مرقد العسكريين بقيادة وتحت إمرة هيثم البدري".
*خيوط العملية
وأوضح مستشار الأمن الوطني أن خيوط عملية بدأت بالانكشاف عندما اعتقلت القوات العراقية اخيرا المدعو "يسري فاخر محمد علي الترويكي الملقب بأبو قدامه التونسي وهو تونسي الجنسية"، مضيفا أن "أبو قدامه الذي كان قد دخل العراق في نوفمبر 2003 القي القبض عليه "قبل بضعة أيام' عندما كان يحاول هو وخمسة عشر مسلحا أجنبيا اقتحام نقطة تفتيش في الضلوعية شمال بغداد 'وقد قتل معه خمسة عشر إرهابيا أجنبيا".
ولم يحدد الربيعي جنسية الخمسة عشر شخصا الذين تم قتلهم. وقال إن "أبو قدامه اعترف بقيامه بجرائم عديدة منها مقتل الصحافية العراقية الشهيدة أطوار بهجت عندما راقبها هيثم البدري من داخل محطة وقود وهي ترسل رسالة مصورة عن تفجيرات سامراء. كما اعترف باشتراكه بنشاطات أخرى وأدلى بمعلومات مهمة عن نشاطات هيثم البدري وعن تنظيم القاعدة في العراق. واعترف بقتل مئات العراقيين في الرمادي والموصل وسامراء وبتوجيه من هيثم البدري".
وأضاف ان "الإرهابي هيثم البدري هو مسؤول للتنظيم في محافظة صلاح الدين". وقدم الربيعي تفاصيل عن شخصية البدري. وقال إن اسمه هو هيثم صباح شاكر محمود البدري من مواليد محافظة سامراء وكانت له علاقات سابقة بنظام العهد البائد، وكانت له علاقات بتنظيم أنصار السنة قبل أن يتحول إلى القاعدة. وعرضت في المؤتمر الصحفي صورة للبدري.
*المالكي والصدر يكذبون الرواية الامريكية
كذب رئيس ائتلاف دولة القانون الحالي نوري المالكي في عام 2013، "إدعاءات" قائد القوات الأمريكية السابق الجنرال جورج كيسي بشأن تورط فيلق القدس الإيراني بتفجير المرقدين العسكريين في سامراء، مؤكدا أن التحقيقات الخاصة بالتفجير أثبتت تورط القاعدة به.
وقال بيان صدر عن مكتب المالكي، إن "قائد القوات الأمريكية السابق الجنرال كيسي تحدث في حفل خاص لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة في باريس مدعيا بأن رئيس الوزراء قد أخبره بأن فيلق القدس الإيراني يقف وراء التفجيرات في العراق".
وأوضح البيان أن "كيسي ادعى بأن الأدلة المتوفرة لديه عن تفجير مرقد الامامين العسكريين في سامراء تشير الى تورط إيران في الجريمة"، مضيفا أنه "في الوقت الذي يكذب فيه رئيس الوزراء ما ادعاه كيسي، فإننا نؤكد بأن التحقيقات الخاصة بشأن التفجير المذكور قد أثبتت بأن تنظيم القاعدة الارهابي هو من ارتكب هذه الجريمة".
وتابع البيان أن "القاعدة أصدرت في حينها بيانا اعترفت فيه بارتكابها الجريمة"، داعيا الإدارة الأمريكية الى "ضرورة إلزام المسؤولين الامريكيين ممن يعملون في العراق او سبق لهم العمل فيه ان لا يخرجوا عن مقتضيات الصدق والمهنية".
وأكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في رد له على خطاب كيسي، في (28 حزيران 2013)، أن أمريكا جعلت من إيران "شماعة" تعلق عليها "أفعالها المشينة"، معتبرا تصريح كيسي "دليل على فشل أمريكا بإدارة العراق خلال احتلالها البغيض".
*دوافع اتهام أمريكا لإيران بتفجير المرقدين ودورها الخفي
بحسب الكاتب عبد الصمد السويلم فإن دوافع اتهام إيران بتفجير المرقدين كالآتي:
*رفع مستوى التحريض الطائفي خاصة خدمة للأمن القومي الإسرائيلي وفق نظرية الفوضى الخلاقة في تجزئة المتجزء وتمزيق المتمزق.
*الاستعداد لارتكاب جرائم أكبر في العراق على مستوى جريمة المرقدين.
*محاولة بائسة لأجل مزيد من انهيار العلاقة بين الحكومة العراقية والشعب العراقي.
*الاستعداد لمواجهة ردود الفعل الشعبية لغاضبة من جرائم الإرهاب السلفي بذريعة تبرئة البعث- القاعدة من تلك الجرائم.
* المزيد من التخندق الطائفي السني من قبل التنظيمات الإرهابية في تحالف البعث- القاعدة على أساس الترويج من اهل السنة هم المستهدفون من انتقام الشيعة ضد جرائم إرهاب البعث- القاعدة.
*ردود الفعل على الجريمة
*أصدر مكتب المرجع الديني الشيعي آية الله العظمى السيد علي السيستاني بياناً استنكارياً للفاجعة معلناً فيه الحداد العام لسبعة أيام ودعا فيه إلى ضبط النفس وعدم اتخاذ أي اجراءات تؤدي إلى وقوع الفتنة الطائفية التي يريدها من نفذ التفجير. واضاف ان الحكومة إن كانت غير قادرة على وقف استهداف الأماكن المقدسة فلتتركها للمؤمنين.
*أعلن التيار الصدري ورئيسه مقتدى الصدر استنكار هذه الفاجعة المروعة معلنين عن تعليق عضويتهم في البرلمان بسبب تقصير الحكومة في حماية المرقد وذلك في بيان تلاه المتحدث باسم الكتلة الصدرية فلاح شنشل طالب فيه بسحب القوات الأمريكية من سامراء واجراء تحقيق مع قوات الطوارئ والداخلية المكلفة بحماية الضريحين وتولي الحكومة العراقية مسؤولياتها لحماية المرقدين الشريفين من خلال استبدال القوات الحالية بقوات عراقية جديدة وتامين سامراء والطريق المؤدي إليها لإعادة فورية لبناء المرقد الشريف ليكون ذلك ردا على ما حصل وتأكيدا لوجود حكومة قادرة على أداء مهامها والوقوف إلى جانب شعبنا وإعادة بناء واعمار جميع المساجد السنية والشيعية التي تضررت جراء الأعمال الإرهابية.
*لبنان: شجب السيد حسن نصر الله هذا العدوان الاثم داعياً إلى الوقوف بوجه هذا الفكر المنحرف وعدم السماح له بآيقاع الفتنة الطائفية بين أبناء الشعب العراقي والمسلمين عموما. وصف رئيس كتلة تيار المستقبل سعد الحريري الاعتداء الذي استهدف قبة ضريح الإمام على الهادي وسط سامراء بأنه محاولة جديدة للإيقاع بين المسلمين في العراق معرباً عن استنكاره لهذا العمل الذي يناقض كل القيم الدينية والثقافية والحضارية وهو يقع ضمن محاولات التعرض للمقامات الإسلامية ورموز المسلمين في العراق.
*إيران: استنكر مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي الخامنئي انتهاك حرمة ضريح الإمامين علي الهادي والحسن العسكري معلنا الحداد العام لمدة أسبوع في إيران وناشد شعوب إيران والعراق وسائر مناطق العالم أن يتحاشوا أي عمل من شأنه ان يؤدي الى التعارض والعداء بين المسلمين.

