ثمانية أعوام على جريمة "العصر" وسياط النقد تأبى جلد "القاتل الحقيقي"!

أنفوبلس/..
ثمانية أعوام مرت حتى الآن على الجريمة التي هزّت كيان الإنسانية جمعاء، ولم يشهد لها التأريخ الحديث مثيلًا، فالمجزرة التي خلّفها تنظيم “داعش” الإرهابي عام 2014، ما يزال وقعها المؤلم عالقًا بأذهان العراقيين.
وأعدم تنظيم “داعش” رميًا بالرصاص نحو 2000 شخص وهم طلاب في كلية الطيران وعناصر أمن داخل قاعدة عسكرية معروفة باسم “سبايكر” في محافظة صلاح الدين عند سيطرته على المنطقة خلال حزيران 2014.
وتبنّى التنظيم الإجرامي آنذاك الحادثة، ونشر صورًا ومقاطع مرئية مروعة أظهرت محاصرة مسلحي التنظيم للجنود في القاعدة العسكرية قبل إطلاق النار عليهم من مسافات قريبة.
إلا أن هناك جزءًا مفقودًا غالبًا ما يتم التغاضي عنه، عند كل ذكرى سنوية للواقعة المؤلمة، والذي تمثّل بـ”الخيانة الكبرى” لعدد من عشائر صلاح الدين، التي غررت بطلبة قاعدة سبايكر واستدرجتهم إلى حتفهم.
وعند موقع الجريمة توافدت مئات الأسر من مختلف المحافظات العراقية نحو مدينة تكريت في محافظة صلاح الدين، أمس السبت، لإحياء الذكرى الثامنة للمجزرة التي راح ضحيتها 1700 منتسب من القوات الامنية.
وعن ذلك قال قائمَّقام تكريت عمر الشنداح، إن “قوات الامن والدوائر المعنية نفذت خطة خدمية وأمنية محكمة لتأمين وصول الأسر من ذوي مجزرة سبايكر الى مكان الجريمة في القصور الرئاسية عند أطراف مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين”.
وبين الشنداح أن “الخطة تشمل إظهار مكان المجزرة بالمظهر اللائق وتأمين كافة المستلزمات الخدمية ومرافقة القوات الامنية لأسر الضحايا وتسهيل مرورهم ووصولهم الى مكان تنفيذ أبشع جريمة إرهابية نفذها تنظيم داعش الارهابي عام 2014 بحق منتسبي القوات الامنية والمتدربين آنذاك”، مؤكدا “نجاح خطة تأمين زيارة مكان سبايكر وعودة آغلب الزائرين الى محافظاتهم بانسيابية وسلاسة دون أية مشكلات تذكر”.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، صورًا لأمهات الشهداء وهن يبكين على مذبح أبنائهن، الذين راحوا ضحية جريمة طائفية ما تزال شاخصة للعيان، على الرغم من محاولات طمس معالمها، حسبما يرى مراقبون.
وتعليقًا على ذلك يقول المحلل السياسي صباح العكيلي إن “جريمة سبايكر لم يشهد لها العالم مثيلًا خلال التأريخ الحديث، فعملية القتل الجماعي التي نفذها داعش الإرهابي وداعموه من أبناء العشائر، خلّفت جرحًا في قلب كل عراقي”.
ويضيف العكيلي أن “الشمس لا تُحجَبُ بغربال، وكذلك فإن جريمة سبايكر الشنيعة لا يمكن طمس حقائقها الواضحة للعيان”، مستذكرًا في الوقت ذاته “النصر المؤزر الذي أطاح بالتنظيم الإرهابي على يد أبطال المقاومة الإسلامية والحشد الشعبي ورجال القوات الأمنية”.
من جانبه طالب النائب مهند الخزرجي، مجلس النواب بتدويل “مجزرة سبايكر” وتقديم المتورطين الى المحاكم الدولية.
وقال الخزرجي في بيان، بالذكرى السنوية لفاجعة سبايكر إنها “جرح لا يندمل وشاهد آخر على الوحشية التي قام بها تنظيم داعش الارهابي بخطف وقتل آلاف الجنود من قاعدة سبايكر ورميهم في نهر دجلة وآخرين دفنهم في مقابر جماعية بمجمع القصور الرئاسية”.
وطالب الخزرجي، مجلس النواب، بـ”مخاطبة المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة ومحاكمة عناصر تنظيم داعش الإرهابي بتهمة الإبادة الجماعية على اعتبار أن هذه الجريمة هي إبادة جماعية ودوافعها عنصرية”.
وفي العاشر من حزيران 2014، أعلن السقوط المدوّي لمدينة الموصل بيد تنظيم “داعش” الإرهابي، بفعل “مؤامرات” محلية ودولية أرادت الإطاحة بالنظام السياسي برمته، لولا فتوى “الجهاد الكفائي” وبسالة رجال المقاومة الإسلامية التي حالت دون ذلك.
وبين العاشر والثالث عشر من حزيران، ثلاثة أيام فقط هي التي فصلت سقوط الموصل، عن التطور الذي أطلق صفارة البدء لانتظام عدد كبير من الشباب في إطار مسلّح، كانت له اليد الطولى في هزيمة التنظيم الإجرامي، ومنعه من السيطرة على بلاد الرافدين.
وشهد العراق في تلك الحقبة، معارك ضارية بين القوات الأمنية والحشد الشعبي وفصائل المقاومة الإسلامية من جهة، والإرهابيين الذين ساهمت في صناعتهم الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ودول خليجية في مقدمتها السعودية.
وخلفت المعارك حامية الوطيس التي جرت في جبهات عدة، قوافل كبيرة من الشهداء، حتى أعلنت القوات العراقية في التاسع من كانون الأول 2017 تحرير أرض العراق بالكامل من قبضة الإرهابيين، وذلك بعد تكبيدهم خسائر فادحة.
وكانت هبّة الحشود المليونية، للتطوع إلى جانب فصائل المقاومة الإسلامية، للانخراط في تشكيل أطلق عليه لاحقاً اسم “الحشد الشعبي”، تلبية لفتوى “الجهاد الكفائي”.
وتحوّل هذا التشكيل الآن، إلى هيأة رسمية تمتلك قانوناً رسمياً باعتبارها مؤسسة حكومية، تحظى بثقة معظم مكونات الشعب وممثليه في العملية السياسية، لاسيما أن الحشد الشعبي أثبت قدرة عسكرية غير مسبوقة، عندما أحبط أقوى هجمة إرهابية بربرية تمثّلت بتنظيم داعش.
وقد سبقت فتوى المرجعية هبّة من نوع آخر، انطلق فيها رجال المقاومة الإسلامية لقتال المجاميع الإرهابية لاسيما في منطقة مطيبيجة، التي شهدت معارك طاحنة استطاعت فيها المقاومة دحرَ الشرِّ الذي كان مُحدِقًا بجميع العراقيين.