"درع العشيرة" في العراق.. ظاهرة تنتشر وتزرع العنف في المجتمع: يقتلون الناس بدم "بارد"

انفوبلس/ تقرير
انتشر مؤخراً مصطلح "درع العشيرة" في العراق وخصوصا على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أثار العديد من التساؤلات والشكوك حول هويتهم الحقيقية وانتمائهم من قبل المواطنين وشيوخ العشائر في العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى.
فمَن هم "درع العشيرة"؟
بين فترة وأخرى يظهر عدد من الأشخاص في مقاطع مصوَّرة تُنشر على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق وهم يحملون السلاح بصورة علنية، فتارةً تحت مسمى (درع العشيرة) وتارة تحت عنوان الدفاع عن حقوق العشيرة، وتارة أخرى تحت عنوان ما يسمى (الكوامة).
وبحسب مصادر أمنية لـ انفوبلس"، فقد "ظهرت مؤخرًا مجاميع إرهابية تتشكل في داخل بعض العشائر تحت مسمى (درع العشيرة) وتتمحور مهمّتهم بمهاجمة من تحدث له مشكلة مع أبناء عشيرتهم، وعادة ما يكون أفراد هذه المجاميع من المطلوبين للقضاء والعشائر بتُهم مختلفة بينها القتل، كما أن هذه المجاميع تقتل المواطنين بدم بارد، ثم يهربون ويتركون مَن استعان بهم يواجه المشكلة بنفسه".
وبحسب شهود عيان لـ انفوبلس، أن "عددا من العشائر عمدت إلى تشكيل ما يسمى (درع العشيرة) مهمّتهم قتالية وبالخصوص تنفيذ "الدكات العشائرية" ضد أي شخص يتعرض لهم أو تحصل مشكلة بمختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة منها، وكأننا نعيش في القرون الوسطى".
*إجراءات أمنية وعشائرية
أفادت قيادة شرطة محافظة بغداد، في وقت سابق، أنها تلاحق مجموعة تحمل السلاح تُسمى بـ"درع العشيرة". وقالت الشرطة في بيان، إنه "هذه التصرفات اللامسؤولة هي تجاوز واضح على السّلم والأمن المجتمعي وأن أصحابها يقعون تحت طائلة القانون والحساب".
ودعت الشرطة المواطنين إلى "الإدلاء بأي معلومات متوفرة عن هؤلاء الأشخاص عبر الاتصال بالخط الساخن لقيادة شرطة محافظة بغداد (427) المجاني وستكون هوية المتصل طيّ الكتمان كما سيتم استحصال الموافقات القضائية اللازمة وإلقاء القبض على المتهمين الظاهرين بمقاطع الفيديو المذكورة والصور الفوتوغرافية لينالوا جزاءهم العادل ويكونوا عِبرةً لكل من تسوّل له نفسه فرض الفوضى ومحاولة إرعاب المواطنين والتجاوز عليهم".
وعشائرياً، أصدر الكثير من شيوخ العشائر، بيانات تحذيرية جاء فيها:
*إلى شيوخ ووجهاء العراق كافة أينما تواجدوا في أي محافظة من عراقنا الحبيب وبغداد حصرا، لقد وجّهنا وفي أكثر من تعميم على عدم السماح بإنشاء رابطة أو درع للقبائل، ولكن مع الأسف تم إخبارنا من قبل شيوخ عشائر ومن شيوخ الأفخاذ ومن منصّات التواصل الاجتماعي بمنشورات وأسماء تحمل بصمة صريحة أو ما تسمى "درع العشيرة" وهذا ما حذّرنا منه سابقا...
وحفاظا على سُمعة القبائل والعشائر وحفاظا على شباب العراق نوجّه تحذيرا وللمرة الأخيرة من "الدكة العشائرية" ومن المتاجرة أو الترويج أو التعاطي بالمخدرات أو أي مسميات أخرى من أجل الحفاظ على السّلم المجتمعي، كما نطلب من جميع شبابنا الابتعاد عن هذه الظواهر التي أشرنا لها أعلاه، علما أنها ظاهرة دخيلة على القبيلة وعشائرها وسوف يحاسَب كل من يخالف أعلاه قانونيا وعشائريا حسب توجيهات وزارة الداخلية...
وعلى جميع الشيوخ والوجهاء أخذ الحيطة والحذر من هذه التجمعات المخالفة للقانون والعُرف العشائري وعلى شيوخ العشيرة معالجة ما ذُكر أعلاه وإعلامنا باسم من تسوّل له نفسه بمخالفة القوانين العشائرية.
*آثار ما تمسى "درع العشيرة" على المجتمع العراقي
في العراق لعبت العشائر دوراً ريادياً وعلى مختلف الأزمنة سواء في الثورات أو الانتفاضات أو ترسيخ الأمن ببعض المناطق ومساعدة الدولة في كشف بعض المؤامرات أو بما يتعلق بتسليم بعض المطلوبين، لكن هناك معادلة معروفة للجميع "عندما تضعف منظومة الدولة تقوى معها منظومة العشيرة والعكس صحيح".
لكن ظهور ما تسمى (درع العشيرة) في العراق سيزيد من الاقتتال الداخلي بين العشائر، وهذه لها مخاطر أمنية واجتماعية كما أنها تؤدي لترهيب عوائل آمنة ومقتل أُناس ليس لهم علاقة بأطراف النزاع أو قطع طرق عامة ورئيسية أو تهديم منازل أو تهجير عوائل والحجة البحث عن منتمين للعشيرة المعادية مع العلم هم ليسوا من المسبّبين أو لا توجد لهم انتماءات عشائرية سوى ذنبهم لقبهم العشائري في هوية الأحوال المدنية.
*المعالجات
وبحسب مختصين أمنيين فإننا بصدد "انتقاد منظومة العشيرة وإنما انتقاد بعض من ممارسات تلك العشائر لاسيما ما يتعلق منها بخرق القانون ومحاولة كسر هيبة الدولة والتناحر والقتال وتخريب مؤسسات الدولة، في حين نحن بأمسّ الحاجة إلى أن توجَّه تلك الفوهات نحو التنظيمات الإرهابية، وليس ترويع أُناس مدنيين لا ذنب لهم، من جانب آخر متى ينتبه صانع القرار لخطورة الموقف لإيجاد حلول لتلك النزاعات عبر فرض القانون على الجميع واعتقال المسيئين أي كان انتماءهم ومحاسبة من يتقاعس عن تأدية واجبه وحماية من يطبق القانون، فالدولة تملك جيشاً وقانوناً وأجهزة متكاملة بإمكانها أن تردع غير المنضبطين، لذلك لابد من وضع بعض التوصيات لعلها تصل إلى أذهان من هو على مستوى المسؤولية، ومن جملة هذه التوصيات التالي:
1-فرض القانون بما يتلاءم مع حفظ الأمن والأمان ولجميع المواطنين وردع المتجاوزين أيا كانت انتماءاتهم.
2-القيام بحملات أمنية تهدف للبحث عن الأسلحة لاسيما الثقيلة منها وفي مختلف مناطق النزاع العشائري لاسيما مدن جنوب العراق ومحاسبة حائزيها.
3- محاسبة من يستغل اسم العشيرة لفرض إرادته أو تهديد الآخر وسواء كان مسؤولاَ أم مواطنا عاديا.
4- العمل على تقوية الأجهزة الأمنية ونشر قوات مركزية متخصصة في إنهاء النزاع العشائري واعتقال المتسببين به.
5- تضافر جهود رجال الدين في تحريم هكذا سلوكيات عشائرية والقيام بجولات ميدانية لتوعية الناس فضلاً عن الجهود الثقافية الاجتماعية التوعوية.