فراغات مثيرة للجدل: استمارات القبول المركزي تثير قلق الأهالي.. وتأكيدات رسمية: النظام مؤمَّن والبيانات ستُستكمل تلقائياً

انفوبلس/..

مع انطلاق التقديم الإلكتروني للقبول المركزي في الجامعات العراقية للعام الدراسي 2025-2026، فوجئ عدد من أولياء الأمور بظهور بعض الحقول الفارغة في استمارات أبنائهم، وتحديداً تلك المتعلقة بـ”المجموع النهائي” و”الدور” (الأول أو الثاني). ورغم أن باقي البيانات – من الاسم إلى المدرسة والمديرية والمواليد – جاءت مطابقة وصحيحة، إلا أن غياب هذه الخانات الجوهرية أثار مخاوف وتساؤلات حول ما إذا كان الأمر خطأ فنياً يستوجب مراجعة المديريات التعليمية أو دوائر الامتحانات.

قلق الأهالي بين مطابقة البيانات وغياب المعدلات

أولياء أمور كُثر أكدوا أنهم دققوا الاستمارات الإلكترونية جيداً فوجدوا جميع المعلومات صحيحة ومتطابقة، باستثناء المعدل والدور. هذا الغياب لم يمر مرور الكرام، خصوصاً مع وجود تنويه مثبت في أسفل الاستمارة يدعو إلى مراجعة مديرية التربية أو الامتحانات إذا ظهر أي خلل في البيانات. هنا انقسمت الآراء: فالبعض اعتبر الأمر شكلياً ولا يستوجب قلقاً، فيما شدد آخرون على ضرورة المراجعة المباشرة لضمان إدخال البيانات بشكل رسمي قبل فوات الأوان.

التربية تطمئن: لا وجود لخلل في النظام

إعلام وزارة التربية تدخل سريعاً لتهدئة الأجواء، مؤكداً أن المسألة طبيعية ولا تعكس خطأً أو خللاً تقنياً. وأوضح أن غياب المجموع والدور في هذه المرحلة لا يعني فقدان البيانات، بل إن النظام الإلكتروني مصمم ليُحدّث تلك الحقول تلقائياً بعد استكمال مراحل التدقيق والمطابقة بين وزارتي التربية والتعليم العالي.

وأشار بيان الوزارة إلى أن “كافة المعدلات والأدوار محفوظة بشكل آمن ضمن قاعدة بيانات مركزية مشتركة بين الوزارتين، ولا حاجة لمراجعة الطلبة أو أولياء أمورهم المديريات التعليمية بهذا الخصوص”.

آلية الربط بين الوزارتين

المختصون في تكنولوجيا التعليم أوضحوا أن البرنامج الجديد قائم على ربط إلكتروني محكم بين وزارتي التربية والتعليم العالي، بحيث تنتقل البيانات الخاصة بالطلبة – من أرقامهم الامتحانية إلى معدلاتهم – بشكل مؤتمَت ومن دون تدخل بشري. وبذلك فإن ظهور بعض الحقول فارغة لا يعد سوى مرحلة انتقالية ريثما تُستكمل عملية التدقيق.

وأكدت وزارة التربية أن على الأهالي والطلبة الاطمئنان، وعدم الانجرار وراء الشائعات أو الاستماع إلى آراء غير رسمية قد تثير ارتباكاً غير مبرر، مشددة على أن النظام الجديد مؤمَّن ضد أي خلل أو خطأ بشري، وأن النتائج النهائية ستظهر بشكل صحيح ودقيق عند إعلان القبولات المركزية.

نقلة نوعية في التقديم الإلكتروني

ما يجري اليوم في العراق – بحسب خبراء التعليم – يعد تحولاً نوعياً في طريقة التقديم على الجامعات. فقد ودّع الطلبة إلى حد كبير الإجراءات الورقية المرهقة، ليصبح إدخال البيانات الأساسية كافياً، فيما تُستكمل بقية الحقول بشكل أوتوماتيكي عبر النظام المركزي.

وفي هذا السياق، أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي نعيم العبودي، الأحد الماضي، إطلاق نظام القبول المركزي الرقمي للعام الدراسي 2025-2026، مؤكداً أنه يمثل “نقلة جوهرية” في أتمتة عمل الوزارة.

العبودي: القبول عبر الأتمتة مجاناً والبرنامج يلغي المعاملات الورقية.

قال العبودي في مؤتمر صحفي: “نعلن اليوم إطلاق استمارة القبول المركزي الرقمي للعام الدراسي 2025-2026، ولأول مرة سيكون القبول بالكامل عبر برنامج الأتمتة الوزاري”. وأضاف، إن البرنامج مجاني بالكامل، نافياً ما روّج له البعض عن فرض رسوم على التقديم. وأوضح، إن “الطالب يستطيع التقديم على الجامعات والمعاهد من دون أي مقابل مالي، باستثناء رسم مقداره 66 ألف دينار يُدفع مرة واحدة بعد إعلان القبول، ويغطي جميع المعاملات الورقية التي سيتم الاستغناء عنها داخل الجامعات”.

وأكد العبودي أن البرنامج الجديد يمثل انتقالاً من “الجيل الأول والثاني إلى الجيل الثالث لمواكبة التطورات العالمية”، مبيناً أن الطالب سيتمكن من توثيق ملفه الدراسي إلكترونياً، ومتابعة نتائجه وغياباته ومعادلة شهاداته عبر الهاتف المحمول.

القضاء على الروتين والفساد

وزير التعليم العالي شدد أيضاً على أن مغادرة المعاملات الورقية نهائياً سيقلّص الجهد الإداري، ويقضي على الروتين، ويحدّ بشكل كبير من فرص الفساد المالي والإداري. وبيّن أن البرنامج سيكون بمثابة “سيرة ذاتية إلكترونية” ترافق الطالب منذ دخوله الجامعة وحتى تخرجه، وتضم كل ما يتعلق بمسيرته الأكاديمية من درجات ووثائق.

دعوة للثقة بالنظام

وزارة التعليم العالي ختمت بياناتها بدعوة واضحة للطلبة وأولياء الأمور إلى الثقة بالنظام الجديد، وعدم التسرع في مراجعة المديريات أو الاستماع إلى إشاعات مواقع التواصل. فالنظام – بحسبها – صُمّم ليكون دقيقاً وآمناً، ولا يسمح بأي ثغرات قد تؤثر في مستقبل الطلبة.

استنتاجات أولية

التجربة الجديدة التي يخوضها العراق في مجال القبول المركزي الرقمي تعكس إرادة حكومية جادة للانتقال نحو التعليم الإلكتروني الحديث، رغم ما يرافقها من مخاوف طبيعية نتيجة التغيير. ومع مرور الوقت وتطبيق النظام عملياً، من المرجح أن يطمئن الأهالي أكثر، خصوصاً إذا أثبتت البيانات دقتها عند إعلان نتائج القبول النهائي.

بهذا، يتضح أن فراغ بعض الحقول في الاستمارات ليس خطأً يستوجب القلق، بل خطوة مؤقتة في عملية تقنية متكاملة، هدفها الوصول إلى نظام أكثر عدالة وشفافية، يضمن للطلبة حقوقهم كاملة ويواكب متطلبات العصر.