محمد العاني يهرب خارج العراق بمساعد الحلبوسي.. أقاله السوداني بسبب فساده ولم يُعتقل!

انفوبلس/ تقرير 

بعد شهر من مصادقة رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني على إنهاء تكليف محمد العاني من إدارة صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة على خلفية ملفات فساد، خرجت تأكيدات سياسية على هروبه إلى خارج العراق.

مدير صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة محمد هاشم العاني يهرب إلى خارج العراق

وأكد تحالف الأنبار الموحّد، هروب مدير صندوق إعمار المحافظات المحررة محمد العاني، فيما عُدَّ الأخير أحد "أذرع" رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي. 

وقال القيادي بالتحالف، عبد الله الجغيفي، إن "مدير صندوق إعمار المحافظات المحررة، محمد العاني، المتهم بالفساد، وحسب المعلومات التي وردت لنا قد هرب الى خارج العراق". وأضاف، إن "هروب أي شخص متهم بالفساد لا يمكن حدوثه من دون تعاون لاسيما أن العاني متهم بقضايا كبيرة"، مبيناً أن "الشخصيات التي تسانده وتقف خلفه هي من القيادات الأولى بمحافظة الانبار".

صندوق الإعمار كان يمثل المكتب الاقتصادي لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي

وأوضح القيادي بتحالف الأنبار، أن "مدير صندوق الإعمار هو أحد أذرع رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي"، لافتاً الى أن "صندوق الإعمار كان يمثل المكتب الاقتصادي لرئيس البرلمان".

وبين الجغيفي، أن "هروب محمد العاني سيعقبه هروب مدير تقاعد الانبار السابق، أنس العلواني"، مبيناً أن "إطلاق عليه لقب الصندوق الأسود يأتي نتيجة ارتباط هذه الشخصيات بجهة واحدة وملفات الفساد تدور حول هذه الشبكة وكشف أسرار أي شخص منهم سيدفع لكشف خفايا الشبكة ككل".

كما أكد العديد من صحفيي الأنبار، هروب رئيس صندوق إعمار المناطق المحررة السابق المتهم بالفساد. 

وتدور الكثير من صفقات الفساد والخروقات المالية، حول مدير صندوق إعمار المحافظات المحررة، محمد العاني الذي أُطلق عليه تسمية "الصندوق الأسود" في محافظة الانبار، وهو ما دفعه للهروب لخارج العراق، وفق ما تداولته بعض الصحف المحلية.

وتشير المعلومات الأمنية التي وردت لـ"انفوبلس"، أن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي كان له دور في حماية وتهريب محمد هاشم العاني لكونه يمتلك معلومات عن صفقات فساد قد تطيح بالحلبوسي كما أنه عمل بشكل غير مباشر على خدمته انتخابياً.

بدوره، أوضح الخبير القانوني، علي التميمي، أن هناك ثلاثة أطر قانونية لاسترداد المتهمين بقضايا فساد من دول الخارج، فيما أكد أن العراق يستطيع استرداد المطلوبين عن طريق الأمم المتحدة.

وذكر التميمي، أن "استرداد المتهمين بقضايا فساد والسرقات المالية الذين هربوا خارج العراق، تتم عن طريق ثلاث خطوات تستطيع الدولة العراقية إجراءها"، مبيناً أن "الخطوة الأولى تتم عن طريق الانتربول الدولي، والتي تعتبر مذكرة حمراء، وفق الاتفاقية الصادرة عام 1923".

الطريقة الثانية تتمثل بـ"إنشاء ملف الاسترداد والذي يتم من قبل شعبة في الادعاء العام التابع لمجلس القضاء الأعلى مرفقاً بالوثائق والتحقيق وأوامر القبض، ويُرسل عن طريق وزارة الخارجية الى مقر الانتربول الدولي"، وفقاً للتميمي.

وأشار الخبير القانوني، إلى أن "الطريقة الثالثة والتي من خلالها يستطيع العراق أن يسترد المطلوبين وفق اتفاقية غسيل الأموال الصادرة عام 2003، والتي صادق عليها عام 2007". 

وأردف التميمي، أن "هذه الاتفاقية فيها مواد وهي كل من (30، 35، 50، 56، 57) تبين كيفية استرداد المطلوبين بالتنسيق مع الأمم المتحدة"، لافتاً الى أن "العراق مطالب بالتنسيق مع الأمم المتحدة لاسترداد هؤلاء المطلوبين، وفق هذه الاتفاقية". ويتابع الخبير حديثه: "هذه الاتفاقية عملت بها الكثير من الدول مثل الجزائر ونيجيريا وسنغافورة، واستطاعوا استرداد الكثير من المطلوبين".

وقد قرر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، يوم الأحد 25 حزيران/ يونيو 2023، إعفاء رئيس صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية شمالي وغربي البلاد محمد هاشم العاني من منصبه، وذلك بعد أشهر من الجدل المتواصل حول أداء الصندوق وآلية توزيع المشاريع في المناطق والمحافظات.

وقال المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي في بيان له، إنه " تقرر تكليف سعد فيصل أمين الجبوري بمهام إدارة الصندوق بدلاً عنه". ولفت العوادي إلى أن "الحكومة أعدَّت برنامجاً تفصيلياً لإجراء الإصلاحات الإدارية في الصندوق، وإعفاء الموظفين المقصرين أو المتلكئين، الذين تسببوا بهدر المال العام، وعدم تحقق الغرض المطلوب من الصندوق". 

كما لفت إلى أن "الحكومة تنوي إطلاق برنامج واسع لمشاريع يلمسها المواطن في المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية، ستساعد في إعادة الإعمار وتهيئة الظروف من أجل إعادة النازحين إلى مناطق سكناهم، فضلاً عن تقديم الخدمات للمواطنين في المحافظات المحررة من الإرهاب". 

كما أشاد القيادي في تحالف الانبار الموحد ضاري الدليمي حينها، بقرار رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بإبعاد محمد هاشم العاني أحد أهم أذرع الفساد لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي عن رئاسة صندوق إعمار المحافظات المتضررة. 

الكل يعرف جيدا بأن العاني هو أحد أذرع الفساد التابعة لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي

وقال الدليمي، إن "مصادقة السوداني على إقالة رئيس صندوق إعمار المحافظات محمد هاشم العاني، يمثل قرارا صائبا، كون الأخير لديه الكثير من الشبهات عندما كان بمنصبه من خلال إحالة العديد من المشاريع الى شركات غير رصينة تعمل لصالح رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بصورة غير مباشرة". 

وأضاف، إن "الكل يعرف جيدا بأن العاني هو أحد أذرع الفساد التابعة لرئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وقد سبق للسوداني أن طلب من رئيس البرلمان باستبداله، إلا أن هذا لم يحدث وبالتالي اضطر الى إصدار قرار بإقالته". وأشار الدليمي الى، أن "رئيس الوزراء يمتلك معلومات كثيرة عن العاني لكونه عمل معه وكيلا لوزارة الصناعة التي كان يشغلها آنذاك". 

ورأى المحلل السياسي حازم الباوي، خطوة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني بإنهاء تكليف محمد هاشم العاني من مهام إدارة صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة بداية لفتح ملفات فساد كبرى.

وواجهت إدارة الصندوق، خلال الأشهر الماضية، عدة اتهامات، من بينها سوء توزيع المشاريع ورداءة الشركات والتمييز بين محافظة وأخرى في منح المشاريع والأولوية بين المناطق.

وأقرّت هيئة النزاهة العراقية، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي، "بوجود مشاكل في صرف النفقات وضياع سجلات مالية داخل الصندوق"، حيث طالبت في تقرير صادر عنها "بإعادة النظر في النظام الإداري داخل الصندوق".

رئيس الصندوق المُقال كان مقرّباً من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وعمل بشكل غير مباشر على خدمته انتخابياً

وقال مسؤول عراقي، إن الاتهامات كانت توجَّه لرئيس الصندوق بأنه منح محافظة الأنبار، غربي العراق، مشاريع إعمار وتنمية أكثر من محافظات صلاح الدين ونينوى". وأشار طالباً عدم ذكر اسمه إلى أن "رئيس الصندوق المُقال كان مقرّباً من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وعمل بشكل غير مباشر على خدمته انتخابيا"، مضيفا أن "قادة قوى سياسية سُنية مناوئة للحلبوسي كانت تدفع باتجاه تغيير رئيس الصندوق المُقال".

إن إعفاء المتهمين بقضايا فساد والخروقات المالية، وإقالتهم من مناصبهم دائما ما كانت تنقصها خطوة "المحاسبة"، فكل من تجرّأ على ارتكاب مخالفات وهدر بالمال العام، يدرك جيداً أن لا خطر على مستقبله "فمَن أمن العقاب أساء الأدب"، بحسب مختصين وسياسيين تحدثوا لـ"انفوبلس". 

 وفي العام 2015، أسس العراق صندوق إعادة إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية، إثر اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي مساحات واسعة من البلاد، وبدأ عمليات عسكرية تسببت في دمار واسع في مناطق شمال وغرب العراق.

ومنح البرلمان الصندوق صلاحيات واسعة في توزيع المشاريع وتحديد النفقات والأولويات فيها، ليكون جهازا ينسق بين المنظمات الدولية والوزارات العراقية في عمليات إعادة الإعمار في المناطق التي يجرى تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي. 

يشار إلى أن الفساد استشرى في مؤسسات الدولة العراقية بمختلف المحافظات بشكل كبير، فلن تخلو مؤسسة من سرقات مالية كبيرة واختلاس مبالغ "لا تُعد ولا تحصى"، إلا أن ما حصل من سرقات لاسيما في المحافظات الغربية حصوصا الانبار، بعد تحرير أراضيها من دنس "داعش" "تُحيّر العقول".