مستشفى الحسين العسكري وكذبة افتتاحه بزمن الكاظمي.. مصادر تؤكد: غير مكتمل

انفوبلس/ تقارير

بتاريخ 3 آذار من عام 2022، وبعد 12 عاماً من وضع حجر الأساس لها، افتتح رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي مستشفى الحسين العسكري وسط بغداد، في افتتاح وُصِف بـ"الإعلامي" بعد تأكيدات بأن المستشفى غير مكتمل ويشوبه العديد من الفساد.

*افتتاح إعلامي

بعد مراسيم افتتاح المستشفى في 2022 والاستعراضات الحكومية، أكد مراقبون للمشروع أن هذا الافتتاح هو إعلامي فقط حيث لا زالت القضايا الإدارية للمستشفى معلّقة إلى الآن، وسط تساؤلات.. هل سيصبح المستشفى استثماريا أم عسكريا فقط؟ وهل سيضم قسما للمدنيين أم لا؟

*الشركة المنفّذة

في عام 2021، كشفت وثائق النقاب عن عقد شراكة مفترض بين وزارة الدفاع وشركة أهلية لاستثمار مستشفى عسكري وسط بغداد، على الرغم من إكمال الوزارة بناء المستشفى وإلزامها بتوفير الكادر الطبي مع حصولها على 30 بالمئة فقط من نسبة الأرباح السنوية، فيما منح الحرية الكاملة للشركة التي ستحصل على 70 بالمئة من الأرباح، إجراء تعاقد مع أي شركة أخرى لغرض توفير العلاج والمستلزمات الطبية، فضلا عن منحها حرية تحويل المستشفى إلى "تعليمي"، نظرا لامتلاكها جامعات أهلية داخل وخارج العاصمة أبرزها "الإسراء" و"أوروك".

وتتضمن الوثائق تقديم شركة "الهودج" للاستثمارات العقارية والتجارة العامة المحدودة، مقترحا لتطوير مستشفى الحسين العسكري عبر الاستثمار لمدة 10 سنوات قابلة للتجديد، وبنسبة أرباح 30 بالمائة للوزارة و70 بالمائة للشركة، وهذه النسبة تُطبّق على قيمة الأرباح السنوية وعدد الأَسِرَّة المخصصة لكل طرف.

وبحسب الوثائق، فإن الشركة قدّمت لائحة طويلة من الأقسام التي ستستحدثها في المستشفى، منها مركز تجميل ومركز لزراعة الكلى والأورام السرطانية وزراعة الأسنان وزراعة الكبد، بالإضافة إلى أقسام جراحية أخرى.

ومن جانب الخدمات التي ستقدمها الشركة فهي، تخصيص 30 بالمائة من أسِرّة الرقود لمنتسبي الوزارة، وتخصيص جناح خاص لهم، نظرا لاستقبال المستشفى مدنيين وأجانب، وذلك بالإضافة إلى تحويل المستشفى إلى "تعليمي" عبر التعاقد مع إحدى جامعات الشركة، حيث سيتم افتتاح كلية للطب.

وفيما يخص المستلزمات الطبية والعلاج، منح العقد الحق للشركة بالتعاقد مع أي شركة لتوفيرها، وقد أشارت "الهودج" إلى أنها ستتعاقد مع شركة لبنانية، بالإضافة إلى استحداثها صيدلية خارجية ومذخرا طبيا.

كما نص العقد بين وزارة الدفاع والشركة، على قيام الوزارة بتسليم المستشفى الجديد إلى الشركة بمرافقه الخدمية والطبية كافة، باستثناء مقر مديرية الأمور الطبية العسكرية والطب العدلي العسكري وشعبة الأشغال الجوية والمهبط الجوي ومقرات الحماية والأمن.

وأيضا تضمن العقد، الحق للشركة إدارة الجانب المدني للمستشفى بشكل كامل، واستقبال المراجعين، وتحويله إلى مستشفى تعليمي، وتوفير الكوادر التمريضية والطبية المحلية والأجنبية، فضلا عن منحها الحق بإنشاء معمل للغازات الطبية لسد حاجة السوق المحلية.

فيما نص العقد، على أن توفر وزارة الدفاع الدعم اللوجستي والخدمات كافة من شقق سكنية ومسابح وأماكن ترفيه وملاعب، للكوادر المستقدمة للمستشفى من قبل الشركة، وتأمين الحماية والأمن على مدار الساعة وتأمين بنى تحتية مثل منظّمة مياه صالحة للشرب ومحرقة نفايات طبية ومنظومتي تسخين وتبريد ومولدات كهربائية.

العقد منح الشركة ميزة أخرى في هذا العقد، وهي أن يقع على عاتق الوزارة تأمين كادر طبي وهندسي وإداري وخدمي، من منتسبي مديرية الأمور الطبية العسكرية، ويتقاضون رواتبهم من الوزارة.

*صدمة

بعد افتتاح المستشفى في عام 2022، تعرض العراقيون إلى صدمة قوية جرّاء مخالفة واقعها ما نص عليه العقد، حيث لا "مسابح ولا مراكز تجميل كما تضمن العقد، ولا منظومات المياه العالمية التي وعدت بها الشركة ولا كوادر كافية، بل حتى عدد الأسرّة المتّفق عليه جاء مخالفا لبنود العقد"، مع الأخذ بنظر الاعتبار أن المستشفى شهدت حريقا بعد مدة قليلة من افتتاحها وهذا نسف ما جاء في العقد من توفير محارق نفايات طبية وأدوات سلامة.

*شركة وهمية

وبشأن طبيعة شركة "الهودج"، يوضح مصدر مطلع، أن "شركة الهودج، هي جزء من شركات تشكل مجموعة الرافدين القابضة، التي تغير اسمها لاحقا إلى الوطن القابضة".

ويوضح، أن "هذه المجموعة، سبق وأن جهّزت شركة الأسمدة الجنوبية بـ100 ألف طن من سماد اليوريا القطري، خلال أعوام 2015 – 2016، أي خلال حكومة حيدر العبادي"، مبينا أن "تلك الصفقة كادت أن تطيح بالشركة، وصدر قرار بإيقافها، خاصة وأنها جرت بعد إيهام مجلس الوزراء بحاجة الشركة لهذه الأسمدة".

 ويردف، أن "شركات المجموعة هي: الغدوة وأُسِّست عام 1998، وهي مختصة باستيراد الآليات الصناعية من أمريكا وأوروبا، وشركة الهودج للاستثمارات الزراعية، الشركة الوطنية المميزة للتجارة وشركة أرض الفسائل للاستثمارات الزراعية".

ويكشف المصدر أيضا أن "مشاريع المجموعة وشركاتها هي: مشاريع دواجن في محافظات الفرات الأوسط، مصنع ألبان في ميسان، معمل طابوق، معمل بلازا للأنابيب في الأردن، معمل عصائر بلازا، مطحنة نور السبطين في كربلاء، مدينة ألعاب في الداووي ببغداد، مجموعة مطاعم، مركز صحي للكشف المبكر عن السرطان، مراكز صحية  في مناطق البياع والمشتل ببغداد، وكالة لصناعة الآليات الإنشائية، وكالة لصناعة المعدّات، وكالة الصناعات البتروكمياوية في كرمنشاه بإيران، كلية الإسراء الجامعة، كلية أوروك الجامعة، كلية دجلة الجامعة، جامعة أصول الدين الأهلية، جامعة الحياة الأهلية، كلية الحكمة الأهلية، مجموعة مدارس الغدير، مجمع الشعب السكني، مجمع الداوودي السكني، برج السحاب السكني في كربلاء، المصرف الوطني الإسلامي، و5 شركات صرافة وواحدة تحويل مالي".

وخلال محاولة البحث عن شركة الهودج على الشبكة العنكبوتية، ظهر موقع لشركة يطلق عليها "شركة الهودج للتجارة العامة والاستثمار الزراعي المحدودة"، وقد جرت محاولات للتواصل معها، عبر ثلاثة عناوين بريد إليكترونية (Email) مذكورة في الموقع، إلا إنها ظهرت معطّلة كما مبين في الصورة أدناه.

*فساد بالمليارات

بلغت كلفة هذه المستشفى أكثر من 147 مليار دينار عراقي، ورغم أن العقد يوجب وضع 466 سريراً فيها، إلا إن الواقع جاء مخالف تماما.

مراقبون أكدوا أن هذا المشروع شابته العديد من ملفات الفساد، حيث إنه ورغم الاستعراضات في افتتاحه، إلا إنه في الأصل غير مكتمل وغير مجهّز تماماً كما وعدت الشركة وزارة الدفاع، وهذا يعني أن الحكومة السابقة ووزارة الدفاع متورطتان بهذا الفساد، لاسيما بعد الأنباء التي أفادت عام 2022 بوجود أدوية منتهية الصلاحية في المستشفى!.