edition
إنفوبلاس
  • الرئيسي
  • كل الأخبار
    • سياسة
    • أمن
    • اقتصاد
    • رياضة
    • صحة
    • محليات
    • دوليات
    • منوعات
  • اقرأ
  • شاهد
  • انظر
  • انفوغراف
  • كاريكاتور
  • بودكاست
  • بلغتنا
  • من نحن
  1. الرئيسية
  2. الأخبار
  3. محليات
  4. مستقبل بلا عمّال مهَرة.. الثقافة الاجتماعية تجعل الحِرَف خياراً “دونياً” للشباب ولا حلول أمام...

مستقبل بلا عمّال مهَرة.. الثقافة الاجتماعية تجعل الحِرَف خياراً “دونياً” للشباب ولا حلول أمام فقدان العمود الإنتاجي

  • 1 كانون الأول
مستقبل بلا عمّال مهَرة.. الثقافة الاجتماعية تجعل الحِرَف خياراً “دونياً” للشباب ولا حلول أمام فقدان العمود الإنتاجي

انفوبلس..

تتآكل في العراق طبقة كاملة كانت تشكّل قلب الاقتصاد والمجتمع، وهي الطبقة المهنية والحِرَفية. من المدارس الصناعية والمعاهد التقنية والورش العائلية الصغيرة، إلى الفنيين والمهنيين الذين حملوا لعقود أعباء البناء والصيانة والإنتاج، يختفي اليوم هذا العالم بصمت، ليحل مكانه جيل بلا مهنة واضحة ولا مستقبل إنتاجي مستقر.

 

من عمود الاقتصاد إلى هامشه..

كيف بدأ اندثار الطبقة المهنية؟

حين نتحدث عن “الطبقة المهنية” في العراق فنحن لا نتحدث عن شريحة هامشية، بل عن كتلة اجتماعية–اقتصادية كانت لسنوات طويلة تمثل العمود الفقري للحياة اليومية: النجار، الحداد، الميكانيكي، عامل البناء المتمرس، الفني الكهربائي، التقني الصناعي، العامل في الورشة الصغيرة، خريج الإعدادية الصناعية أو المعهد التقني الذي يقف بين المعرفة النظرية والعمل التطبيقي. هذه الطبقة هي التي جعلت البناء ممكناً، والصيانة ممكنة، والصناعة قابلة للحياة، وهي التي كانت تغذي المصانع والدوائر العامة والقطاع الخاص بمهارات حقيقية، لا بشهادات فقط.

لكن خلال العقدين الأخيرين بدأ هذا العمود يتهشّم ببطء. المدارس المهنية التي كانت تُعدّ بوابة طبيعية لدخول هذه الطبقة تقلّصت وأهملت، المعاهد التقنية فقدت بريقها، الورش العائلية لم تعد تجد متدربين شباباً، والأسواق نفسها تغيّرت؛ استيراد الباب الجاهز حلّ محل نجار الحي، والأثاث التركي والصيني حل محل الأعمال الخشبية المحلية، والمبرّد المستورد رخيص الثمن أصبح بديلاً عن صناعة محلية كانت قادرة على النمو لو حظيت بدعم حقيقي.

الأرقام المتاحة تعكس حجم الكارثة

تقارير صحفية ودراسات تربوية تشير إلى أن نسبة الملتحقين بالتعليم المهني في العراق لا تتجاوز واحد بالمئة من مجموع الطلبة في المدارس الحكومية، رغم حاجة سوق العمل الشديدة إلى الأيدي الماهرة، وأن مجموع المدارس المهنية في البلاد يدور حول ٣١٦ مدرسة فقط تستوعب تقريباً ٢٥ ألف طالب سنوياً، وهو رقم لا يكاد يُذكر مقارنة بحجم السكان واحتياجات الاقتصاد. في المقابل، تستمر الجامعات في تخريج آلاف من حَمَلة الشهادات النظرية، كثير منهم ينتهي إما عاطلاً أو عالقاً في وظائف لا تحتاج فعلياً إلى تلك الشهادة.

بهذا المعنى، نحن أمام تحوّل حقيقي في هوية المجتمع الاقتصادية: بلد كان يملك قاعدة مهنية واسعة تتوزع على المعامل والورش والمصانع والدواوين الحكومية، يتحوّل تدريجياً إلى مجتمع يستهلك ما ينتجه الآخرون، ويبحث شبابه عن أي عمل سريع بدخل سريع، ولو كان بلا مهارة وبلا أفق، على حساب مهنة حقيقية تستغرق سنوات من التدريب، لكنها تمنح صاحبها مكانة واستقراراً ودوراً في إنتاج القيمة، لا مجرد تداولها.

 

سياسات تعليمية واقتصادية صنعَت الفراغ..

حين همّشت الدولة المهنة ورفعت شأن الوظيفة الورقية

لا يمكن فهم انهيار الطبقة المهنية من دون تحميل المسؤولية المباشرة لسياسات الدولة في التعليم والعمل والاقتصاد. فوزارة التربية، عبر سنوات طويلة، تعاملت مع التعليم المهني كخيار “درجة ثانية” مخصص للطلبة الذين لم يفلحوا في المسار الأكاديمي، لا كمسار متقدم يزوّد الاقتصاد بمهارات حديثة. المناهج بقيت قديمة، الورش لم تُحدّث، الأجهزة صدئت، والمدرّسون لم يتلقوا تدريباً جدياً على تكنولوجيا العصر، كما تشير تقارير متخصصة عن تقادم البُنى والمناهج وغياب التجهيزات في مدارس التعليم المهني والمعاهد التقنية.

وزارة التعليم العالي لم تكن أفضل حالاً؛ فالتعليم التقني والجامعات التكنولوجية ظلّت هامشية قياساً بالجامعات التقليدية، بينما جرى توسيع مقاعد الكليات النظرية وتكريس وهم أن الطريق الوحيد “المحترم” هو شهادة جامعية، حتى لو كانت لا علاقة لها بسوق العمل. وبالتوازي، ظلّت الدولة تشجّع – عملياً – ثقافة انتظار التعيين الحكومي، بدلاً من بناء مسار مهني منتج في القطاع الخاص.

الحكومات المتعاقبة تعاملت مع ملف التدريب المهني كجزء من “برامج مجتزأة” تموّلها المنظمات الدولية؛ مشاريع تطلقها اليونسكو أو الاتحاد الأوروبي لتحديث الإطار الوطني للمؤهلات المهنية أو إدخال مهارات خضراء ورقمية في عدد محدود من المدارس والمعاهد، كما حدث في مشاريع إصلاح التعليم التقني والمهني التي رعتها اليونسكو في العراق. هذه المبادرات، رغم أهميتها، بقيت محصورة في جزر صغيرة، لم تتحول إلى سياسة حكومية شاملة، ولم تغيّر حقيقة أن التعليم المهني يتلقى أقل الحصص من التمويل والتخطيط الجدي.

إلى جانب فساد الإدارات وتقطع السياسات مع تغير الحكومات، ساهمت رؤية رسمية قاصرة في تكريس الفكرة الأخطر: أن خريج الإعدادية الصناعية أو المعهد التقني “أقل قيمة” من خريج الجامعة، وأن المهنة اليدوية أقل احتراماً من المكتب والمخاطبات والأختام.

هذا التصنيف الاجتماعي انعكس على العائلات نفسها؛ صار كثير من الأهالي يدفعون أبناءهم دفعاً نحو المسارات الأكاديمية حتى لو كان الطالب ميالاً للعمل المهني، بينما يُنظر إلى ذهاب طالب إلى مدرسة مهنية على أنه نوع من “العقوبة” أو “إسقاط اعتباري”، كما توثقه شهادات تربوية عراقية عديدة تتحدث عن نظرة دونية للتعليم المهني في الوعي المجتمعي.

من جهة أخرى، ضربت سياسات الاقتصاد الريعي قلب الطبقة المهنية. فمع توسع الاعتماد على النفط، وتضخم الرواتب الحكومية، تراجع الاستثمار في الصناعة والزراعة والحِرَف، وتراجعت معه الحاجة إلى الفنيين المهرة. المصانع العامة أغلقت أو تقلّصت، الشركات الأهلية الإنتاجية خنقتها المنافسة مع المستورد الرخيص، ثم جاء الغزو الواسع للسلع الجاهزة من الخارج ليسحق ما تبقى من الصناعات الصغيرة.

في هذه البيئة، ماذا سيفعل الشاب العراقي؟ سيجد أن أسهل الخيارات هي العمل المؤقت في النقل والتوصيل والمطاعم والمولات، أو الارتماء في اقتصاد البث المباشر والتيكتوك، أو انتظار عقد حكومي مؤقت، بدلاً من قضاء ثلاث أو أربع سنوات في تعلّم مهنة تحتاج استثماراً في الوقت والجهد، دون أن يشعر أن الدولة تقدّر هذا الطريق أو تحميه.

بهذا الشكل، تواطأت ثلاثة مستويات: نظام تعليمي يُهمل المسار المهني، وسياسات اقتصادية تُضعف الإنتاج وتُضخّم الريع والاستهلاك، وثقافة اجتماعية تُحقّر العمل الحِرَفي لصالح المظاهر. النتيجة هي اندثار تدريجي لطبقة كاملة، وولادة فراغ مهني سيدفع البلد ثمنه لسنوات طويلة.

 

حين تحافظ دول أخرى على مهنها..

ماذا يخسر العراق إذا استمر في هذا المسار؟

المفارقة أن ما يهمله العراق اليوم، تسعى دول أخرى إلى جعله مركزاً لاستراتيجياتها الاقتصادية. في مصر مثلاً، اتجهت الدولة خلال السنوات الأخيرة إلى توسيع التعليم الفني وإنشاء ما يعرف بـ “مدارس التكنولوجيا التطبيقية”، وهي مدارس تربط مباشرة بين الطالب وسوق العمل عبر شراكات رسمية مع شركات صناعية وزراعية وخدمية، حتى وصل عدد المدارس الفنية هناك إلى آلاف، مع عشرات المدارس التطبيقية التي تزداد سنوياً، وهدفها تأهيل جيل من الفنيين المهرة المطلوبين في سوق العمل.

الفكرة الأساسية في هذه التجربة أن المهنة ليست “خيار الفاشلين”، بل مساراً متقدماً لطفرة في الصناعة والخدمات، وأن المجتمع لا يمكن أن يقوم على الجامعات وحدها.

في دول آسيوية أخرى، مثل ماليزيا واليابان، تحوّل التعليم المهني إلى ركيزة للنهضة الصناعية، مع احترام اجتماعي عالٍ للمهني والفني، ورواتب مغرية، ومسارات مهنية واضحة للترقي. هذه الدول فهمت مبكراً أن القدرة على الإنتاج الحقيقي لا تُبنى بالشهادات الورقية، بل بالأيدي القادرة على تشغيل المصانع، وصيانة الشبكات، وبناء الجسور، وتصميم الأنظمة التقنية المعقدة.

في العراق، الصورة معكوسة تقريباً؛ فالبلد الذي يعاني من بطالة شبابية تقدَّر بما يقارب ١٨ بالمئة للفئة العمرية ١٥–٢٩، حسب تقديرات أممية، يملك في الوقت نفسه نقصاً حاداً في العمالة الماهرة، لدرجة أن العثور على نجار أو كهربائي أو ميكانيكي محترف أصبح مهمة صعبة. هذا التناقض يكشف عمق الخلل: شباب بلا عمل، وسوق بلا مهنيين، ودولة بلا سياسة تربط الاثنين في دائرة إنتاجية واحدة.

إذا استمر هذا المسار، فإن خسارة العراق لن تكون اقتصادية فقط. اختفاء الطبقة المهنية يعني اختفاء شبكة اجتماعية كانت تمتد عبر الأحياء والقرى والبلدات، من ورشة النجّار في الحي، إلى معمل التصليح في المنطقة الصناعية، إلى المدرسة المهنية التي تجمع أبناء طبقات مختلفة حول مهنة واحدة.

هذه الشبكة كانت تصنع استقراراً اجتماعياً ومعنى للانتماء والكرامة الذاتية، إذ يشعر الحرفي أن له مكانة واحتياجاً ودوراً في حياة الناس.

وفي الأفق الأبعد، سيجد العراق نفسه أكثر ارتهاناً للاستيراد، وأضعف قدرة على بناء أي مشروع صناعي جدي، لأن البنية البشرية الضرورية للصناعة – أي الطبقة المهنية – ستكون قد تآكلت إلى حدّ يصعب تعويضه في سنوات قليلة. فالمهن لا تُستورد جاهزة؛ هي تراكم خبرة بين الأجيال، وإذا انقطع هذا السلسال، لا يمكن استعادته بقرار وزاري أو دورة تدريبية سريعة.

من هنا تبدو الحاجة ملحّة إلى انعطافة حقيقية في رؤية الدولة: إعادة الاعتبار للتعليم المهني في وزارة التربية عبر تحديث المناهج والورش، وربط مدارس المهن والمعاهد التقنية بمشاريع حقيقية في الصناعة والزراعة والطاقة والبناء، ووضع حوافز اجتماعية ومالية تجعل دخول هذه المسارات خياراً جذاباً للشباب، لا عقوبة لمن لم ينجح في المسار الأكاديمي. كما تحتاج وزارة العمل والوزارات الاقتصادية إلى سياسات تشجع الحِرَف الصغيرة والمتوسطة، وتمنحها قروضاً ميسرة، وتوفر لها حماية من إغراق السوق بالبضائع المستوردة التي تقتل كل محاولة لصناعة محلية.

 دون ذلك، سيبقى العراق يفتش عن “فنيين” و”حرفيين” في سوق لا يخرّج إلا المزيد من العاطلين بالشهادات، وسيستمر اندثار الطبقة المهنية كواحد من أخطر التحولات الصامتة في تاريخ الدولة والمجتمع، تحوّل لا يُرى بسهولة في نشرات الأخبار، لكنه ينعكس في كل باب مستورد، وكل جهاز لا نعرف صيانته، وكل شاب يختار وظيفة بلا مهنة ولا مستقبل.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

أخبار مشابهة

جميع
قرار تحويل الأراضي الزراعية يفضح المتاجرين.. 40% من الشاغلين غير مستحقين للتمليك

قرار تحويل الأراضي الزراعية يفضح المتاجرين.. 40% من الشاغلين غير مستحقين للتمليك

  • 3 كانون الأول
ذوو الإعاقة في العراق.. مناسبة عالمية تتكرر وواقع مرير لا يتغيّر

ذوو الإعاقة في العراق.. مناسبة عالمية تتكرر وواقع مرير لا يتغيّر

  • 3 كانون الأول
انتظار مقلق للرواتب:  أرقام النفط مقلقة وتريليون ونصف بلا مخرج واضح.. أزمة سيولة تشلّ رواتب المتقاعدين والرافدين أول المتعثرين

انتظار مقلق للرواتب: أرقام النفط مقلقة وتريليون ونصف بلا مخرج واضح.. أزمة سيولة تشلّ...

  • 3 كانون الأول

شبكة عراقية اعلامية

  • الرئيسية
  • مقالات
  • فيديو
  • كاريكاتور
  • إنفوغراف
  • سياسة الخصوصية

جميع الحقوق محفوطة