هبة مشاري مؤلفة دفعة لندن.. تاريخ من الحماقات داخل الكويت وخارجها وعُقدة نقص من العراق
انفوبلس/ تقرير
أثار مسلسل "دفعة لندن"، بعد عرض حلقاته الأولى خلال شهر رمضان، غضبا كبيرا بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي في العراق والخليج، إذ اعتبر العراقيون وكُتّاب أن المسلسل يشوّه صورتهم ويتعمد الإساءة إليهم ما تسبب في غضب مغردين وناشطين ومدونين، مطالبين في الوقت ذاته الجهات المختصة بوضع حد لمن يُسيء للعراق والعراقيين.
مع بداية شهر رمضان بدأ عرض مسلسل "دفعة لندن" من إنتاج سعودي وتأليف الكاتبة الكويتية هبة مشاري حمادة وإخراج المخرج المصري محمد بكير.
*من هي هبة مشاري حمادة
كاتبة كويتية، ولدت عام 1978، حصلت على درجة الماجستير في الأدب والنقد واتجهت بعد ذلك لكتابة الدراما التلفزيونية منذ مطلع الألفية الثالثة، ومن أعمالها: أبلة نورة، أميمة في دار الأيتام، زوارة خميس، أحبك أمس وفضة قلبها أبيض ودفعة القاهرة. وتتعرض حمادة للانتقاد بسبب أعمالها التي وصفت "المسيئة" وكان آخرها العام الماضي عندما أثار مسلسلها "دفعة القاهرة" جدلاً كبيرا بين الكويتيين والمصريين.
يروي المسلسل قصة مجموعة من الطلاب العرب المغتربين بينهم عراقيون الذين يدرسون الطب بإحدى جامعات لندن في فترة الثمانينيات، ويحمل كل منهم أفكاراً وقناعات ومبادئ مختلفة عن الآخرين ويحتك هؤلاء الطلاب بمجموعة مختلفة من الجيران والأصدقاء المنتمين إلى جنسيات مختلفة، منها الإيرانية والهندية والعراقية، فينفتحون على أفكار جديدة.
بمجرد عرض الحلقات الأولى من المسلسل ثارت ضجة كبيرة إذ اعتبر عراقيون أن أحداث المسلسل تُسيء إليهم، حيث تصور أحداث المسلسل العراقيات وهنّ يعملن كخادمات ويتم اتهامهن بالسرقة، كما أظهر المسلسل رجلاً عراقياً يرفض مساعدة الفتيات الكويتيات بعد أن سُرقت نقودهن ويبصق عليهن بدلا من نجدتهن، ما اعتبره عراقيون تشويهاً لصورتهم.
وبدأ عرض المسلسل يوم 23 مارس/ آذار 2023 على قناة MBC 1 وتطبيق شاهد Shahid Vip. ويضم مسلسل "دفعة لندن" عددًا كبيرًا من النجوم من مختلف الجنسيات، ومن أبرزهم: ناهد السباعي، ليلى عبد الله، وسام حنا، حمزة العيلي، روان مهدي، وعدد كبير من الفنانين.
* عُقدة النقص تجاه العراق
قال الكاتب جواد التونسي، في مقال، إن "الشمس العراقية في لندن لا يحجبها غربال وعقدة النقص تجاه العراق مرض يعاني منه مَن لا تاريخ له، لقد حققت مؤلفة دفعة لندن الكويتية "هبة مشاري حمادة، مبتغاها في إشهار مسلسلها الرمضاني عن طريق الإساءة إلى العراقيين، وإثارة الجدل رغم أن كل مسلسلاتها تُعرض في قنوات ومنصات غير كويتية وهي بطبعها أيضاً مسيئة للكويتيين قبل العراقيين". لافتا إلى، أن "مشهد العراقي الذي طلبوا منه المساعدة وقام بإهانتهم والبصق بوجوههم مشهد ضعيف تتجلى فيه رسالة مسمومة لأجيال ولدت بعد أحداث أكل عليها الدهر وشرب، ويُسيء المسلسل من العراقية طالبة الدكتوراه في لندن وهي تعمل خادمة لدى طالبة كويتية".
وأضاف، "نقول لـ "هبة المشاري": العراقيون أسياد أنفسهم لم ولن يعملوا خدماً لأحد رغم الظروف القاسية التي مروا بها من حروب وحصار ظالم، وما نراه في هذا المسلسل هو ليس خلافا سياسيا بل هو كراهية لبلد حضاري مثل العراق، وهناك مثل صيني يقول: القزم يكره العملاق" والناقص يبقى ناقصاً والشمس لا تُغطى بغربال، والعتب كل العتب على بعض الممثلين والممثلات العراقيين بقبولهم مثل هكذا أدوار بائسة ومنحطة لكسب قليل من الدراهم والدنانير على حساب كرامة وعزّة وطنهم".
وتابع، "نعتقد أن أغلب أشقائنا الكويتيين هم لا يرضون بمثل هكذا إساءة ولم يقتنعوا بفحوى قصة المسلسل، لأنها "مُسيّسة" ولم يرَها إلا العشرات من المشاهدين، وهناك حقائق يجب توضيحها لمثل هذا النفر الضّال من الكويتيين الذين يسكنون لندن، إن مئات البعثات التي أرسلها العراق هي من الشهادات العليا والكفاءات وقد رفعوا اسم العراق وعادوا لخدمته، وكان المرحوم فاضل الجمالي على سبيل المثال لا الحصر هو ممثل العراق في عصبة الأمم المتحدة وهو من شارك بانضمام العراق إلى "عصبة الأمم المتحدة" عام 1945، خمسة آلاف طبيبة في بريطانيا، وزير الصحة في بريطانيا هو عراقي الأصل وهو كبير الجراحين البريطانيين، وزير التعليم في بريطانيا عراقي الأصل، وهذه نسخة منه إلى بعض الكويتيين من الأميين والجهلة ونبصرهم بأن الكويت قد أُسِّست بعد عشرات السنين من هذا التاريخ، وفي حينها كانت الكويت لا تملك تاريخاً تفتخر به مثلما نفتخر نحن العراقيين بتاريخنا وحضارتنا الأصيلة، وكان بعض الكويتيين هناك محطّ تندّر واستهزاء لسوء تصرفهم وكان يُطلق عليهم "بدو الصحراء".
وأكمل الكاتب، "الجهة الكويتية التي تقف خلف هذا المسلسل هي جهة هدفها الإساءة للمرأة العراقية وكل سنة في رمضان نرى مثل هكذا مسلسلات كويتية هابطة تسيء للعراق والعراقيين وخاصة في العشرين سنة الماضية والتي يسيئون فيها دائما للمرأة العراقية بأدوار شريرة ومرأة خبيثة غير رحومة أو خادمة أو متسولة، فلماذا تُصرّ الدراما الكويتية على إظهار العراقيين بهذه الصورة السيئة؟ وكان الأجدر بالكاتبة الكويتية أن تؤلف مسلسلاً رمضانيا ًتدور أحداثه عن ضيافة العراقيين وكرمهم عامة والبصرة خاصة في خليجي 25 عندما زار الكويتيون العراق، وعلى المواطنين الذين شاهدوا المسلسل البائس تشخيص أخطائهم وهم يتابعون مثل هكذا مسلسلات هابطة". مبينا، أنه "على نقابة الفنانين العراقيين وضع شروط وضوابط للسياقات الدرامية وعمل الممثلين العراقيين خارج البلد والحفاظ على هيبة وكرامة بلدهم وشعبهم، ومن المعيب جداً أخذ مثل هكذا أدوار مبتذلة، وعلى الجهات العراقية المسؤولة إدانة هذا المسلسل الكويتي السافر".
*لم يُسِر مؤلفة دفعة لندن أنّ زها حديد عراقية
كما قال الكاتب العراقي كريم فرمان في مقال صحافي، " في أول حلقات مسلسل دفعة لندن والذي تبثه قناة عربية شهيرة، لم تقتنع مؤلفة مسلسل دفعة لندن الكويتية هبة مشاري، بأن في لندن أقمارا نسائية عراقية أضاءت سماء الإمبراطورية التي لم تغِب عنها الشمس يوما، بل إن هذه الأقمار أنارت المملكة المتحدة والعالم أجمع".
وأضاف، "لا أحد يعترض على الدراما والحبكة الفنية وحتى الخيال المرسوم بعناية بشرط عدم الإساءة لكرامة أي إنسان مهما كان جنسه أو عرقه سواء كان عربيا أم أعجميا أو أفريقيا. المهم أن هذه المؤلفة لم تجد في نسختها اللندنية الجديدة سوى المرأة العراقية التي وضعتها خادمة تعمل عند المبتعثة الكويتية، وغاب عن ذهنها المشحون بعقد الماضي والذي يسعى الجميع لتجاوزه واستخلاص العبر والدروس منه، غاب أو غيب عنها نجم عربي مثل الثريا بزغ من سماء لندن ليلمع في أشهر جامعات العالم ويقدم للمعمورة شواخص حضارية قمة في الإبداع والفن الهندسي غير المطروق من هذا العلم. إنها المهندسة الشهيرة زها حديد أستاذة الهندسة المعمارية في جامعة هارفرد".
وتابع، "وأظن أنه يوم كانت هبة تحاول فك الخط بجهد جهيد كانت صحيفة الواشنطن بوست تضع صورة زها حديد على صفحتها الأولى وتكتب تحتها بالخط العريض "قائدة المهندسين المعماريين في العالم"، ومثل زها حديد في لندن نجوم من حرائر العراق أضاءت ولمعت في بريطانيا وبرزت مثل الشهب في أرقى جامعاتها وأهم مشافيها، لم ترَ مؤلفة دفعة لندن في لندن من نساء العراق البارزات سوى تلك العراقية التي ارتاحت نفسيتها لدورها بأن تكون عراقية تعمل خادمة لدى الكويتية!".
وذكر الكاتب، "مع جلّ احترامي لقيمة العمل، سواء كان طبيبة أو معلمة أو عاملة أو خادمة، فهو في النهاية عمل شريف ومقدّر، ولكن مشاري تدرك حساسية هذه الأدوار لمجتمعاتنا العربية المشحونة بمشكلات وخلفيات لا داعي لذكرها"، مبينا، "لو انعكست الصورة وكانت الكويتية مثلا تعمل خادمة عند العراقية لاعترضت أيضا بنفس القدر لأن في أهلنا من الكويت أعلاما من نسائها الرائعات برزن وقدّمنَ تميّزا".
وأوضح فرمان، "أستعير من منشور وجدته على مواقع التواصل الاجتماعي يتضمن قائمة طويلة من أقمار عراقية في لندن أحرزن مكانة عظيمة في دروب الحياة اليومية ونجحن في وضع أسمائهن جيرانا للقمر. لعل كاتبة دفعة لندن تقتنع بأن في لندن بسبب الظروف مئات من بنات الرافدين يُشار إليهن بالبنان وتكفّ عنا عُقد دفعاتها ومسلسلاتها.
*زها حديد صارت بروفيسورة معمارية عالمية وأستاذة الهندسة المعمارية في جامعات لندن وجامعة هارفرد
*الدكتورة العراقية لهيب عبد الأحد صارت عميدة كلية الطب في لندن.
*الدكتورة العراقية رويدة الشجيري صارت رئيسة قسم جراحة القلب في مستشفى هارو في لندن.
* الدكتورة العراقية بلقيس عادل رئيسة قسم زراعة الكلى في مستشفى إيلنك في لندن.
*تساؤلات عراقية عديدة
وعبّر ناشطون عراقيون عن غضبهم أيضاً حيث قالوا، "ولم تسأل المؤلفة عن سبب اختيار الحكومة البريطانية الدكتور العراقي آرا درزي ليكون وزير الصحة في بريطانيا وقام بتطوير نظام الصحة في بريطانيا نظام الـNHS، وبعد ذلك صار كبير المستشارين للملكة إليزابيث، ولِمَ أصبح بروفيسور ورئيس قسم الجراحة بالطب في كلية لندن الإمبراطورية وصار يحمل لقب سير ولورد".
وأضافوا، "العراقيات يفتخرن أن ملكة بريطانيا إليزابيث كرّمت الدكتورة العراقية نسرين علاء الدين العلوان البروفيسورة في كلية الطب جامعة ساوث هامبتون لدورها المتميز في تطوير المستوى الصحي في بريطانيا وكذلك كرمت الدكتورة العراقية نورا العاني الأستاذة في جامعة كامبريج العريقة، ونورا العاني رائدة في علم الاجتماع ومشرفة على المنظمات الاجتماعية في مدينة كامبريج البريطانية".
وتابعوا، "العراقيات في لندن تفوقن وأصبحن طبيبات ورائدات بالمجتمع البريطاني وأستاذات في الجامعات البريطانية العريقة، لا أعرف إذا كانت المؤلفة كانت قد دخلت يوما بوابة أوكسفورد أو كامبردج!".
* المكتوب يقرأ من عنوانه.
إلى ذلك قال مدونون، إن "مسلسل اسمه دفعة لندن، وتظهر فيه العراقية في لندن تعمل خدامة عند الطالبة الكويتية! لا يُشرّفنا أن نشاهده، لأن القصد منه واضح، ومثلما يقول إخواننا المصريون.. المكتوب يقرأ من عنوانه".


