إيقاع الأمن يطغى على الاحتفالات.. استنفار أمني شامل في بغداد وخطط بلا قطوعات "حتى مطلع الفجر"

انفوبلس/ تقارير

مع اقتراب احتفالات أعياد رأس السنة الميلادية، تتحول العاصمة بغداد إلى خلية عمل أمنية متكاملة، في محاولة واضحة لفرض معادلة دقيقة تقوم على توفير أجواء احتفالية آمنة من جهة، والحفاظ على انسيابية الحياة اليومية للمواطنين من جهة أخرى، في وقت لطالما ارتبطت فيه هذه المناسبة بمخاوف أمنية وحوادث عرضية، كان أبرزها الاستخدام العشوائي للألعاب النارية.

استنفار أمني محسوب بلا قطوعات

منذ أيام، بدأت قيادة عمليات بغداد بتنفيذ خطة أمنية خاصة بتأمين احتفالات رأس السنة، اعتمدت فيها على الانتشار الميداني المكثف للقوات الأمنية في عموم مناطق العاصمة، ولا سيما في الأماكن العامة والمتنزهات والحدائق والمناطق التي تشهد تجمعات عائلية وشبابية واسعة.

اللافت في خطة هذا العام، بحسب ما تؤكده قيادة العمليات، هو غياب أي توجه لفرض قطوعات مرورية، سواء في الطرق الرئيسة أو الفرعية، في جانبي الكرخ والرصافة، في خطوة تعكس رغبة واضحة بعدم تعطيل حركة المواطنين أو إرباك الحياة اليومية، بخلاف ما كان يحدث في سنوات سابقة.

قيادة عمليات بغداد شددت على أن تأمين الاحتفالات سيتم من خلال الانتشار الذكي للقطعات الأمنية، وتفعيل الجهد الاستخباري، والتنسيق العالي بين مختلف الصنوف، دون اللجوء إلى إجراءات مشددة قد تنعكس سلباً على المواطنين.

خطة أُعدّت مبكراً وتُنفّذ ميدانياً

وفي هذا السياق، أكد مدير قسم الإعلام في قيادة عمليات بغداد، العميد عباس حميد، أن الخطة الأمنية الخاصة بتأمين احتفالات أعياد رأس السنة الميلادية أُعدّت مسبقاً، وبدأ تنفيذها فعلياً على الأرض منذ أيام.

وأوضح حميد، أن الخطة تشمل تأمين الأماكن العامة والمتنزهات والحدائق، فضلاً عن الكنائس التي أقيمت فيها قداديس عيد الميلاد المجيد، ضمن أجواء يسودها الاستقرار والتنسيق العالي بين مختلف الأجهزة الأمنية.

وأشار إلى وجود تعاون كبير بين القطاعات الأمنية والدوائر الخدمية الساندة، بهدف ضمان استمرار تقديم الخدمات للمواطنين، والحفاظ على انسيابية حركة العجلات في عموم العاصمة، مؤكداً عدم تسجيل أي قطوعات تُذكر في الطرق حتى الآن.

تحذيرات واضحة للمواطنين

ولم تقتصر الخطة الأمنية على الجانب العسكري فقط، بل تضمنت توجيهات وتحذيرات مباشرة للمواطنين، شددت فيها قيادة العمليات على ضرورة عدم استخدام الألعاب النارية بشكل مفرط، لما تشكله من مخاطر حقيقية على أمن وسلامة المواطنين، ولا سيما الأطفال.

كما أكدت التوجيهات على أهمية الالتزام بإجراءات السلامة داخل مدن الألعاب وأماكن التجمع، وتجنب السلوكيات التي قد تتسبب بحوادث أو إصابات، مشيرة إلى أن الخطة ستستمر حتى ليلة الأول من كانون الثاني، مع اتخاذ جميع الإجراءات الاحترازية تحسباً لأي طارئ.

الألعاب النارية الخطر المتكرر

وفي موازاة الجهد الأمني، تصدّر ملف الألعاب النارية واجهة الاهتمام الحكومي، بوصفه أحد أبرز مصادر الخطر خلال احتفالات رأس السنة، بعد أن تحولت هذه الألعاب في السنوات الأخيرة إلى سبب مباشر لعشرات الإصابات سنوياً، فضلاً عن الأضرار المادية وحالات الذعر التي تسببها.

وفي هذا الإطار، شددت قيادة عمليات بغداد ووزارة الداخلية على منع الاستخدام المفرط للألعاب النارية، لما تسببه من أذى وإزعاج للمواطنين، إضافة إلى ما تشكله من تهديد مباشر للسلامة العامة والممتلكات.

أرقام مقلقة وإجراءات مشددة

مدير مديرية سيطرة وتنظيم السلاح في وزارة الداخلية، اللواء منصور علي سلطان، كشف عن أرقام وصفها بالمقلقة، مؤكداً أن الوزارة سجلت خلال العام الماضي نحو 200 حالة إصابة نتيجة استخدام الألعاب النارية، فضلاً عن مصادرة ما يقارب 200 طن من المواد المخالفة.

وأوضح اللواء سلطان، أن هذه المؤشرات دفعت وزارة الداخلية إلى تشديد إجراءاتها التنظيمية والرقابية، والحد من التداول العشوائي للألعاب النارية، مشيراً إلى أن الوزارة أعدّت خطة خاصة بالمناسبة، تتضمن جملة من الإجراءات الهادفة إلى تأمين المناطق وحماية أرواح المواطنين.

تنظيم الاستيراد والتداول إلكترونياً

وفي خطوة تهدف إلى تنظيم هذا الملف وضبطه قانونياً، أعلنت وزارة الداخلية عن اعتماد استمارة إلكترونية جديدة عبر مديرية الاستجابة (911)، ضمن منصة تطبيق “عين العراق”، تتيح تنظيم عملية استيراد وتداول الألعاب النارية بشكل رسمي.

وبيّن اللواء سلطان، أن الاستمارة تتضمن ثلاث أيقونات رئيسة، الأولى خاصة بتسجيل الأسلحة، والثانية مخصصة للتجار والراغبين بتداول الألعاب النارية، وتتعلق بآليات الاستيراد وكيفية دخول هذه المواد إلى العراق، إضافة إلى بيانات تفصيلية تشمل اسم التاجر، رقم الإجازة، الكمية المستوردة، المنافذ الحدودية، وأماكن الخزن.

وأكد أن إطلاق هذه الاستمارة سيتم قريباً، ضمن إطار تنظيم هذا النشاط والحد من الفوضى التي رافقته في السنوات الماضية.

عقوبات صارمة للمخالفين

وجددت وزارة الداخلية دعوتها للمواطنين وتجار ومُتداولي الألعاب النارية إلى التقيد بالتعليمات والضوابط الصادرة عام 2023، والعمل وفق قانون رقم (2) لسنة 2013، الخاص بحظر الألعاب المحرضة على العنف.

وينص القانون على عقوبة الحبس لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، وغرامة مالية تصل إلى عشرة ملايين دينار بحق المخالفين الذين يتاجرون بالألعاب النارية من دون موافقات رسمية، في رسالة واضحة بأن التساهل في هذا الملف لم يعد مقبولاً.

الدفاع المدني يدخل بثقل جديد

من جانبه، أعلن الدفاع المدني استكمال جميع استعداداته لتأمين احتفالات رأس السنة، من خلال خطة تعتمد على محورين أساسيين، أحدهما استباقي والآخر ميداني.

مدير قسم العلاقات والإعلام في مديرية الدفاع المدني، نواس صباح شاكر، أوضح أن المحور الاستباقي يتمثل في نشر الوصايا والإرشادات الخاصة بإجراءات السلامة، ولا سيما المتعلقة باستخدام الألعاب النارية، مع التشديد على منع استخدامها قرب المواقع الخطرة، مثل محطات الوقود وصهاريج نقل المشتقات النفطية.

أما المحور الثاني، فيتضمن نشر فرق الدفاع المدني في جميع الأماكن التي تشهد احتفالات، قبل موعد الاحتفال بيوم كامل، لضمان سرعة الاستجابة لأي طارئ.

تقنيات جديدة لأول مرة

وأشار شاكر إلى أن خطة هذا العام تتميز بإدخال عجلات الاستجابة السريعة إلى الخدمة للمرة الأولى، وهي عجلات صغيرة الحجم وسهلة الحركة، قادرة على المناورة داخل الازدحامات المرورية، ما يعزز من سرعة التدخل في الحالات الطارئة.

كما كشف عن إدخال طائرات الإطفاء والإنقاذ إلى الخدمة لأول مرة أيضاً، لتأمين احتفالات رأس السنة الميلادية، والتعامل مع الحوادث الطارئة بكفاءة أعلى.

حملات استباقية في الأسواق

بالتزامن مع هذه الإجراءات، واصلت القوات الأمنية حملتها الاستباقية المضادة على أسواق ومحلات بيع الألعاب النارية، ولا سيما في مناطق الجملة، مثل الشورجة وجميلة.

وأفاد مصدر أمني بأن القوات الأمنية نفذت حملة واسعة في منطقة جميلة، صادرت خلالها كميات كبيرة من الألعاب النارية، وأخضعت أصحاب المحال لتعهدات خطية بعدم بيعها أو تداولها، ضمن حملة بدأت قبل أكثر من عشرة أيام، في إطار تضييق الخناق على هذا النشاط غير المنظم.

مجمل هذه الإجراءات تعكس رسالة واضحة من الدولة مفادها أن الاحتفال برأس السنة حق مشروع، لكن ضمن ضوابط تحافظ على الأرواح والممتلكات، وتمنع تحويل الفرح إلى مأساة.

تحديد مواقع الاحتفالات

واليوم الثلاثاء ( 30 كانون الأول 2025 ) أعلنت وزارة الداخلية، عن تحديد المواقع المخصصة للاحتفالات الرسمية والشعبية بمناسبة رأس السنة الميلادية، داعية المواطنين إلى الالتزام بالأنظمة العامة والإرشادات الصادرة عن الجهات المختصة.

وأوضحت الوزارة، في بيان ورد لشبكة انفوبلس، أنها تتقدم بأحر التهاني وأطيب التبريكات لأبناء الشعب العراقي بمناسبة قرب حلول الأعياد، مؤكدة أهمية الالتزام بالتوصيات والإرشادات للحفاظ على الأمن والنظام العام، وصون الذوق العام، ومراعاة خصوصية المناسبة.

وأشارت إلى أن الاحتفالات ستقام في بغداد وبقية المحافظات وفق الأماكن المحددة رسمياً، داعية الجميع إلى المشاركة بروح منظمّة وآمنة تعكس الصورة الحضارية للمجتمع العراقي.

لمعرفة مواقع الاحتفالات اضغط هنا