ارتفاع أعداد السياح والزوار في بغداد ينعش الاقتصاد ويدعم الاستثمار السياحي
نشاط سياحي متصاعد
انفوبلس/..
شهدت بغداد في عام 2025 تحولاً لافتاً أعادها إلى الواجهة السياحية العربية، بعدما نالت لقب "عاصمة السياحة العربية"، في خطوة عززت مكانتها كمدينة تاريخية نابضة بالحياة، وفتحت الباب واسعًا أمام ازدهار القطاع السياحي.
ومن شوارعها التي استعادت رونقها، إلى أسواقها ومهرجاناتها الثقافية، باتت العاصمة وجهة متجددة تستقطب الزوار المحليين والأجانب على حد سواء، فيما سجّلت الإحصاءات ارتفاعًا كبيرًا في أعداد الوافدين ونسب الإشغال الفندقي.
هذا الحراك لم ينعكس على صورة المدينة فقط، إذ ترك أثراً اقتصادياً مباشراً عبر تعزيز الإيرادات وتوليد فرص عمل جديدة، ومع تنامي الاهتمام العالمي بالعراق كمقصد ثقافي، تتقدم بغداد اليوم بخطوات متسارعة لترسيخ حضورها في خارطة السياحة الإقليمية والدولية.
عاصمة السياحة العربية
وحملت بغداد في عام 2025 لقب "عاصمة السياحة العربية"، في خطوة بارزة لإعادة المدينة إلى خارطة السياحة الإقليمية والدولية بعد سنوات من الركود والتراجع، وهذا اللقب فتح آفاقا جديدة للنشاط السياحي، وجذب الزوار المحليين والأجانب على حد سواء، وهذا كان له الأثر المباشر على الاقتصاد الوطني من خلال خلق فرص عمل في القطاع الفندقي والخدمي وتعزيز الإيرادات السياحية.
وتبدو العاصمة اليوم مختلفة، حيث تعج شوارعها بالحياة، وأسواقها التاريخية تعيد جذب الاهتمام، بينما باتت مهرجاناتها الثقافية والفنية منصات لتسويق المدينة عالميًا.
وتشير الإحصاءات الأولية إلى ارتفاع عدد الزوار بنسبة 35 بالمئة مقارنة بالعام الماضي، ما يؤكد الأثر الفعلي للقب على الحركة الاقتصادية والسياحية.
وتكشف البيانات الرسمية وتقارير متخصصة أن قطاع السياحة في العراق يشهد نموًا ملحوظًا خلال العامين الأخيرين، إذ بلغت الإيرادات السياحية نحو 5.7 مليار دولار في 2024، بزيادة حوالي 25 بالمئة عن 2023، ما وضع العراق في المرتبة السابعة عربيًا من حيث الدخل السياحي، وفق موقع Travel and Tour World وسجل العراق دخول نحو 892 ألف زائر دولي خلال نفس العام، بينما استقبلت الفنادق أكثر من 9.5 مليون نزيل، منهم نحو 28 بالمئة زوار أجانب. كما زار أكثر من 556 سائحاً أوروبياً وأمريكياً المواقع الأثرية العراقية، ما يعكس تنامي الاهتمام الدولي بالعراق.
وفي تقرير لشبكة CNN الأمريكية، أشير إلى أن بغداد ومحافظات مثل بابل وميسان والبصرة أصبحت وجهات سياحية مفضلة للغرب، ما دفع شركات سياحية مثل البريطانية إلى مضاعفة رحلاتها السنوية من رحلة واحدة إلى أربع رحلات، تأكيدًا على التحول النوعي الذي يشهده القطاع.
تعافي القطاع السياحي
وأكد المتحدث باسم وزارة الثقافة والسياحة والآثار، أحمد العلياوي، أن هذا اختيار بغداد "عاصمة السياحة العربية" يشكل مؤشراً على حضور بغداد والعراق في المحافل السياحية العربية والدولية، ويعكس دعماً واضحاً لتعافي القطاع السياحي، مع دعوة مفتوحة للشركات والسياح من مختلف الدول لزيارة العاصمة والتعرف على معالمها الثقافية والتاريخية.
وأضاف أن الإعلان عن بغداد سلط الضوء مجددًا على أهميتها كمدينة غنية بالقصص التاريخية والفعاليات الثقافية والاجتماعية، وأن هذا الاعتراف يمنح العاصمة شهادة استحقاق من المؤسسات العربية والدولية ذات العلاقة.
وأشار العلياوي إلى أن النتائج العملية بدأت بالظهور، مع وجود فرص استثمارية كبيرة وتعاون متنامٍ بين شركات عربية وأجنبية ووزارة الثقافة وهيئة السياحة لتنفيذ مشاريع ريادية، إلى جانب توافد مجموعات سياحية وفعاليات مشتركة مع عدد من الدول العربية.
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش أن زيادة السياح الغربيين تمثل "نقلة نوعية" للقطاع، مشيراً إلى أن اللقب ساهم مباشرة في زيادة الإيرادات وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز الدخل غير النفطي وتحفيز الاستثمارات في البنية التحتية والفنادق والمواقع التراثية.
العراق يمتلك إرثا حضاريا غنيا
ونشر موقع Travel and Tour World الأمريكي تقريرًا سلط فيه الضوء على انفتاح العراق على السياحة الثقافية، مشيرًا إلى أن البلاد باتت وجهة واعدة للمسافرين الدوليين الراغبين في استكشاف الحضارات القديمة والمعالم التاريخية الفريدة.
وذكر التقرير، أن "العراق يمتلك إرثًا حضاريًا غنيًا يعود إلى آلاف السنين، ويضم مواقع أثرية بارزة مثل بابل وأور ونينوى، ما يجعله مركزًا عالميًا للباحثين عن التجارب الثقافية الأصيلة".
وأضاف أن "الجهات المعنية في العراق بدأت بتطوير البنية التحتية السياحية، وتحسين الخدمات في المواقع التراثية، بالتعاون مع منظمات دولية، بهدف جذب الزوار وتوفير بيئة آمنة ومتكاملة للسياحة المستدامة".
وأشار التقرير إلى أن "الاهتمام العالمي بالعراق كمقصد سياحي يتزايد، خاصة مع الجهود المبذولة لإدراج المزيد من المواقع ضمن قائمة التراث العالمي، وتعزيز صورة البلاد كمهد للحضارات الإنسانية".
وأكد أن “السياحة الثقافية في العراق لا تقتصر على زيارة المواقع الأثرية، بل تشمل أيضًا التفاعل مع المجتمعات المحلية، والتعرف على الفنون التقليدية والمطبخ العراقي، ما يمنح الزوار تجربة فريدة من نوعها".
تطوير السياحة العراقية
وعقد مجلس تطوير القطاع الخاص، اليوم الاثنين في بغداد، اجتماعا موسعا مع ممثلي القطاع السياحي، بحضور وفد من رابطة شركات السفر والسياحة برئاسة حيدر الدجيلي، لمناقشة آليات تعزيز التعاون بين القطاع الخاص ووزارة التخطيط.
وأشار الأمين العام للمجلس، محمد صادق الهر، إلى أن الحوار المباشر مع الروابط المهنية يعزز الشراكات ويفتح المجال أمام تنفيذ مشاريع مشتركة تسهم في تطوير القطاع السياحي ورفع كفاءة الخدمات، مؤكدا أن السياحة تمثل أحد مرتكزات التنمية الاقتصادية الواعدة.
وشمل الاجتماع تقديم مقترح لإضافة ممثل عن رابطة شركات السفر والسياحة وممثل عن رابطة الفنادق ضمن تشكيلة المجلس، لضمان تمثيل أوسع للقطاع في صنع القرار وتعزيز التنسيق مع الجهات الحكومية.
وأكد المشاركون أهمية استمرار التعاون مع وزارة التخطيط لدعم المشاريع التنموية، بما يسهم في تعزيز الاقتصاد الوطني وترسيخ مكانة القطاع السياحي كعنصر محوري للنمو الاقتصادي.