استفتاء انفوبلس.. الجمهور يرسم خريطة التفوق في التعليم الأهلي العراقي لعام 2025
انفوبلس..
في مشهد يعكس تحولات الذائقة التعليمية واتساع النقاش المجتمعي حول جودة التعليم الأهلي في العراق، أعلنت شبكة انفوبلس نتائج استفتائها الجماهيري لاختيار أفضل كلية أهلية عراقية لعام 2025، بعد مشاركة واسعة عبر منصاتها الرقمية، أسفرت عن ترتيب واضح يعكس تفاعلاً شعبياً لافتاً وتبايناً في تقييم التجربة الأكاديمية بين المؤسسات المتنافسة.
أظهرت النتائج النهائية للاستفتاء الذي أجرته شبكة انفوبلس، والمتعلق باختيار أفضل كلية أهلية عراقية لعام 2025، تصدّر كلية التراث الجامعة قائمة الخيارات بنسبة 31% من مجموع الأصوات، لتتربع على المركز الأول بفارق مريح عن أقرب منافسيها. وجاء هذا التتويج ثمرة تصويت جماهيري مباشر، شارك فيه آلاف المتابعين، في فعالية هدفت إلى قياس نبض الشارع الأكاديمي ورصد الانطباعات العامة عن أداء الكليات الأهلية وانتشارها وتأثيرها خلال العام الجاري.
الاستفتاء، الذي أُطلق ضمن سلسلة فعاليات تفاعلية تنظمها انفوبلس، حظي بزخم ملحوظ منذ ساعاته الأولى، وبلغ عدد المشاركين فيه 2159 مصوّتاً، وهو رقم يعكس اهتماماً مجتمعياً متزايداً بقضية التعليم الأهلي، بوصفه مساراً موازياً للتعليم الحكومي ومؤثراً في مستقبل شريحة واسعة من الطلبة العراقيين.
وبحسب النتائج المعلنة، حلّت كلية الكفيل الجامعة (النجف) في المركز الثاني بنسبة 27%، مؤكدة حضورها القوي ومكانتها المتقدمة في الوعي العام، ولا سيما في محافظات الوسط والجنوب، حيث استطاعت خلال السنوات الأخيرة أن ترسّخ صورة إيجابية عن بيئتها التعليمية وبناها التحتية وبرامجها الأكاديمية.
أما كلية الرافدين الجامعة فقد جاءت في المرتبة الثالثة بنسبة 15% من الأصوات، محتفظة بموقع تنافسي مهم في العاصمة بغداد، في حين حلت كلية المستقبل الجامعة (بابل) رابعة بنسبة 13%، وهو ترتيب يعكس استمرار حضورها في المشهد التعليمي، وإن كان أقل زخماً مقارنة بالمراكز الأولى.
وجاءت كلية الإسراء الجامعة في المرتبة الخامسة بنسبة 9%، بينما حلّت كلية المنصور الجامعة في المرتبة الأخيرة بنسبة 5%، في نتيجة تفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة حول الفروق في الأداء، ومستويات الرضا الطلابي، وفاعلية التواصل مع المجتمع الأكاديمي.
ويكتسب هذا الاستفتاء أهميته من كونه لا يستند إلى تقييمات رسمية أو تصنيفات أكاديمية مغلقة، بل يعتمد بشكل مباشر على رأي الجمهور، بما في ذلك الطلبة والخريجون وأولياء الأمور والمهتمون بالشأن التعليمي. وهو ما يمنحه طابعاً تمثيلياً لوجهة النظر العامة، ويجعله مؤشراً مهماً – وإن كان غير نهائي – على صورة الكليات الأهلية في الذهن الشعبي.
وتشير قراءة أولية للنتائج إلى أن الكليات التي تصدّرت المراتب الأولى نجحت، بدرجات متفاوتة، في بناء سمعة قائمة على عناصر متعددة، من بينها الاستقرار الإداري، وتطوير البنى التحتية، وتوسيع التخصصات، فضلاً عن الحضور الإعلامي والتفاعل مع الطلبة عبر المنصات الرقمية. في المقابل، تبدو الكليات التي تراجعت في الترتيب أمام تحديات تتعلق بإعادة بناء الثقة، وتعزيز جودة الخدمات التعليمية، وتحسين آليات التواصل مع جمهورها.
وتؤكد شبكة انفوبلس أن هذا الاستفتاء لا يهدف إلى إصدار أحكام نهائية أو تقويم أكاديمي رسمي، بل يأتي في إطار نشاط اجتماعي-إعلامي يسعى إلى إشراك الجمهور في النقاش العام حول قضايا التعليم، وإتاحة مساحة للتعبير عن الرأي، بما يسهم في خلق بيئة تنافسية صحية بين المؤسسات التعليمية الأهلية.
كما أوضحت الشبكة أن اختيار عينة الكليات المشاركة في الاستفتاء راعى التوزيع الجغرافي، بحيث شمل كليات من بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، في محاولة لعكس تنوّع المشهد التعليمي وعدم حصر التقييم في نطاق جغرافي ضيق.
اللافت في هذا السياق هو حجم التفاعل الكبير الذي رافق الاستفتاء، سواء من حيث عدد التصويتات أو من خلال التعليقات وردود الفعل، التي تجاوزت المئات، وتنوّعت بين الإشادة والانتقاد، وهو ما يعكس حيوية النقاش العام حول التعليم الأهلي، وارتفاع سقف التوقعات المجتمعية من هذا القطاع.
ويرى متابعون للشأن التعليمي أن مثل هذه الاستفتاءات، رغم طابعها الجماهيري، يمكن أن تشكّل مادة مهمة للإدارات الجامعية، إذا ما أُحسن التعامل معها، بوصفها مرآة لقياس الانطباع العام، وفرصة لتشخيص نقاط القوة والضعف، والانطلاق نحو تحسين الأداء وتجويد المخرجات التعليمية.
وتندرج هذه الفعالية ضمن مشروع أوسع تعمل عليه شبكة انفوبلس، يقوم على رصد “الأفضل” في مجالات مختلفة، تمهيداً لاختيار قائمة مختصرة تُطرح لاحقاً في استفتاءات عامة، في مسعى لربط الإعلام بالجمهور، وتحويل المتلقي من عنصر سلبي إلى شريك فاعل في صناعة المحتوى وتوجيه النقاش.
وبينما تتجه الأنظار إلى استفتاءات قادمة تشمل قطاعات أخرى، تبقى نتائج “أفضل كلية أهلية عراقية لعام 2025” محطة مهمة في قراءة المزاج العام، ودليلاً على أن التعليم، بكل تعقيداته وتحدياته، ما زال في صدارة اهتمامات المجتمع العراقي، وأن صوت الجمهور بات عنصراً لا يمكن تجاهله في تقييم الحاضر واستشراف المستقبل.
