افتتاح كلية الأسباط الجامعة يرسخ دعم الأيتام بتعليم مجاني ومبانٍ أكاديمية متطورة

انفوبلس.. 

في خطوة تعكس عمق المسؤولية الاجتماعية ورؤية تنموية تستهدف أكثر الفئات حاجة، حظي مشروع كلية الأسباط الجامعة بالموافقة الرسمية ليكون أول صرح أكاديمي مجاني مخصص للأيتام في العراق. هذا المشروع، الذي شيدته العتبة الحسينية بتمويل خيري، يمثل نقلة نوعية في دعم التعليم العالي للفئات المحرومة، عبر توفير بيئة علمية متكاملة، وتخصصات حديثة، ومرافق متطورة تهيئ جيلاً مؤهلاً للمشاركة الفاعلة في التنمية الوطنية.

موافقة حكومية تفتح أبواب الأمل

وحصل مشروع كلية الأسباط الجامعة على الموافقة الرسمية من مجلس الوزراء، ليشكل حدثاً لافتاً في مسار دعم التعليم العالي للفئات الهشة، وعلى رأسهم الأيتام.

ويأتي هذا القرار ضمن مقاربة حكومية تسعى لتعزيز العدالة التعليمية والمساواة في الوصول إلى فرص التعلم، خصوصاً للشرائح التي تواجه تحديات اقتصادية واجتماعية تمنعها من مواصلة دراستها الجامعية.

وبحسب إدارة الكلية، فإن جميع الخدمات التعليمية ستكون مجانية بالكامل للأيتام، بدءاً من الرسوم الدراسية وحتى المختبرات والمرافق العلمية، في خطوة تهدف إلى توفير بيئة أكاديمية متكاملة مطابقة للمعايير العالمية.

ويمثل هذا الإعفاء أحد أبرز مقومات المشروع، بما يعزز فرص الطلبة في اكتساب تعليم نوعي يؤهلهم لمرحلة مهنية مستقرة.

بيئة أكاديمية متخصصة للفئات الأكثر حاجة

تستهدف الكلية استقطاب الأيتام من مختلف محافظات العراق دون استثناء، في إطار رؤية تقوم على مبدأ تكافؤ الفرص. وأعلنت إدارة المشروع أن الخطوة تهدف إلى تمكين الطلبة علمياً وعملياً، ومنحهم الثقة بالنفس والقدرة على الاندماج في المجتمع وسوق العمل.

وتشمل التخصصات التي ستطلق في العام الأول:

·       الهندسة المدنية

·       إدارة المشاريع

·       التحليلات المرضية

·       الإعلام الرقمي

وترافق هذه التخصصات مختبرات وتجهيزات حديثة صُممت لدعم الجانب العملي وتطبيق المهارات المهنية التي يحتاجها الطلبة، بما يضمن إعداد كوادر قادرة على المنافسة في مجالاتها.

مشروع برؤية إنسانية من العتبة الحسينية

وأعلنت هيئة التعليم التقني في العتبة الحسينية المقدسة حصول الموافقة الرسمية على افتتاح الكلية، التي شُيَّدت بتمويل من مؤسسة الإمام الرضا (عليه السلام) الخيرية للإغاثة والإسكان، التابعة لممثلية مكتب المرجع الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني في كربلاء.

وقال رئيس الهيئة، الدكتور عباس الدعمي، إن الكلية تمثل امتداداً لمشاريع تعليمية سابقة تبنتها العتبة، ضمن استراتيجية تهدف لرفع مستوى التعليم العالي في العراق، مع التركيز على الفئات المحرومة. وأكد أن الكلية ستستقبل الطلبة خلال العام الدراسي الحالي، مع استمرار مجانية التعليم للأيتام وفق المعدلات والتخصصات المتاحة.

بنية متطورة ومواصفات عالمية

من الناحية الهندسية، صُممت كلية الأسباط الجامعة وفق أعلى المواصفات العالمية، حيث تضم قاعات دراسية حديثة، ومختبرات علمية مجهزة بأفضل الأجهزة، ومرافق خدمية متكاملة تضمن بيئة تعليمية آمنة وصحية.

ويؤكد القائمون على المشروع أن الكلية لا تركز على الجانب الأكاديمي فحسب، بل تتبنى رؤية إنسانية شاملة تستهدف تعزيز قدرات الطلبة النفسية والاجتماعية، وتمكينهم من الاعتماد على الذات في مسارات حياتهم المستقبلية.

توسع كبير ومشاريع متكاملة للمستقبل

المهندس حسين رضا مهدي، رئيس قسم المشاريع الهندسية والفنية في العتبة الحسينية، أوضح أن مشروع كلية الأسباط يأتي ضمن سلسلة مشاريع تعليمية مجانية نفذتها ممثلية مكتب المرجع الأعلى السيد علي السيستاني في كربلاء، من رياض أطفال ومدارس ابتدائية وثانوية وإعدادية مخصصة للأيتام، وقد تم منح خريجي هذه المدارس فرصاً للدراسة المجانية في جامعات العتبة الثلاث: وارث الأنبياء، الزهراء، والسبطين.

ويضيف مهدي، أن الكلية الجديدة تضم تخصصات إضافية يجري العمل على إطلاقها، من بينها التمريض، الذكاء الاصطناعي، والإدارة والاقتصاد، وذلك بعد اكتمال أعمال التهيئة، ومن المتوقع تسليم البناية الأولى لهيئة التعليم التقني في يونيو المقبل، على أن تبدأ الدراسة في شهر تشرين الأول أو الثاني.

بنية تحتية ضخمة ومساحات واسعة للخدمات

يتكون المشروع من ست بنايات رئيسية، كل واحدة منها تمثل كلية مستقلة على مساحة 1100 متر مربع، وبواقع خمسة طوابق، بمساحة إجمالية تبلغ 5500 متر مربع، وتضم كل بناية 12 قاعة دراسية بطاقة استيعابية تبلغ 100 طالب لكل قاعة، إلى جانب مختبرات، مكتبات داخلية، غرف العمادة، المصاعد، والمرافق الصحية والخدمية.

كما يحتوي المشروع على مكتبة مركزية، رئاسة الجامعة، نادي طلابي، جامع، ومجمع سكني للطلبة، يشمل ثماني بنايات مخصصة للطلاب والطالبات، وتبلغ نسبة الإنجاز في البناية الأولى 85%، فيما تتواصل أعمال البناء في البنايات المتبقية بوتيرة متقدمة.

طاقة استيعابية لآلاف الطلبة مجاناً

وفق التقديرات الأولية، يمكن للكلية الواحدة استيعاب نحو 1200 طالب، وبذلك تصل القدرة الاستيعابية للمجمع الجامعي كاملاً إلى آلاف الطلبة من الأيتام، إضافة إلى طلبة آخرين سيُسمح لهم بالالتحاق مقابل أجور مناسبة.

وتتوقع الإدارة أن يشكل المشروع نقطة تحول في التعليم العالي الموجه للفئات المهمشة، بما يسهم في إعداد جيل جديد قادر على لعب دور فاعل في سوق العمل، ومواكبة التطورات العلمية والتقنية.

رؤية مستقبلية تتجاوز التعليم التقليدي

تسعى الكلية إلى خلق نموذج تعليمي متكامل يتجاوز حدود التعليم التقليدي، عبر توفير مساحات خضراء، وبيئة مريحة للطلبة، واعتماد تصميمات مستوحاة من الطراز الإسلامي باستخدام مواد تمنح المباني متانة وديمومة عالية وتناسب الظروف المناخية المحلية.

كما يراهن القائمون على المشروع على أن يكون هذا الصرح نقطة انطلاق لمشاريع تعليمية مستقبلية ستقام في المنطقة المحيطة، بما يجعلها مركزاً علمياً وحيوياً للطلبة والمؤسسات الأكاديمية.