العراقيون يقضون 150 ساعة سنويا عالقون بالازدحامات.. أرقام تكشف خسائر فظيعة بسبب أزمة السير
عصبية وضغوط نفسية
العراقيون يقضون 150 ساعة سنويا عالقون بالازدحامات.. أرقام تكشف خسائر فظيعة بسبب أزمة السير
انفوبلس/..
يومان عصيبان عاشهما المواطن البغدادي، فالازدحامات التي شهدتها العاصمة خلال الساعات الماضية، كانت كارثية وطويلة جداً وشملت مختلف المناطق والشوارع والتقاطعات والمجسرات ولم تستثنى حتى تلك التي لم يمض على افتتاحها وقت طويل.
وشملت خارطة الزحامات في بغداد، ما يأتي:
الجسور: جسر الجادرية، الجسر المعلق، جسر الطابقين، الجسر العنكبوتي.
المجسرات: مجسر حمورابي، مجسر الحبيبية.
التقاطعات والساحات: تقاطع جامعة بغداد، تقاطع المسبح، ساحة الخلاني، ساحة الحرية، ساحة التحرير، ساحة عقبة، ساحة مظفر، ساحة النسور، ساحة قحطان.
الشوارع: كرادة داخل، كرادة خارج، عرصات الهندية، شارع أبو نؤاس، شارع قطر الندى، شارع الربيع، شارع بغداد جديدة، شارع المطبك، شارع المشتل، شارع الفلاح، طريق معسكر الرشيد.
*تحد كبير
في هذا الصدد، أكد رئيس المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق فاضل الغراوي، اليوم الثلاثاء، ان الازدحامات المرورية تمثل تحدياً كبيراً أمام الاقتصاد الوطني العراقي، مشيرا الى انها تؤثر بشكل مباشر وغير مباشر على سوق العمل ومستوى الإنتاجية.
وقال الغراوي في بيان، ان "الدراسات تشير إلى أن العمال يقضون جزءاً كبيراً من وقتهم عالقين في الازدحامات بدلاً من أن يكونوا منتجين في أماكن عملهم. وفقاً لتقرير صادر عن INRIX Global Traffic Scorecard لعام 2023، يخسر الموظفون في المدن الكبرى حوالي 100-150 ساعة سنوياً بسبب الازدحامات المرورية، وهذا يعادل خسائر اقتصادية تتراوح بين 2% إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي في بعض الدول".
وأضاف الغراوي ان "الازدحام المروري في العراق كميات كبيرة من الوقود، مما يؤدي إلى ارتفاع نفقات النقل والخدمات اللوجستية، حيث تشكل هذه التكاليف عبئاً إضافياً على الأفراد والشركات"، لافتا الى ان "التقديرات تشير إلى أن التكلفة الاقتصادية للازدحام المروري في المدن الكبرى قد تصل إلى 1-2 مليار دولار سنوياً بسبب الوقت المهدور، واستهلاك الوقود، وصيانة البنية التحتية".
وذكر الغراوي ان "الازدحامات المرورية في العراق تجعل الوصول إلى أماكن العمل أكثر صعوبة، مما يقلل من كفاءة استخدام الموارد البشرية ويؤدي إلى انخفاض ساعات العمل الفعلية"، موضحا ان "إحدى الدراسات الصادرة عن البنك الدولي بينت أن العامل الذي يعاني من تأخيرات يومية تصل إلى ساعة كاملة بسبب الازدحام يكون أقل إنتاجية بنسبة 15% مقارنة بغيره، كما يؤدي التأخير بسبب الازدحامات المرورية في حركة البضائع والخدمات إلى تعطل سلاسل التوريد، مما يقلل من القدرة التنافسية للشركات، خاصة تلك التي تعتمد على النقل السريع".
*خسائر اقتصادية
وتظهر تقارير اقتصادية أن الشركات تخسر حوالي 10-20% من فرص الأعمال بسبب تأخر عمليات التسليم.
وبين الغراوي ان "الازدحامات المرورية تساهم في زيادة انبعاثات الغازات الناتجة عن توقف السيارات لفترات طويلة وتسهم في ارتفاع معدلات التلوث البيئي، مما يؤدي إلى زيادة العبء الصحي والتكاليف الطبية على الأفراد والحكومات، حيث تشير دراسات الأمم المتحدة إلى أن المناطق ذات الازدحام الشديد تسجل زيادة في الأمراض التنفسية بنسبة تصل إلى 30% مقارنة بالمناطق الأقل ازدحاماً".
وأشار الغراوي الى ان "السكان في العراق يعانون من أكثر من 3 ساعات يومياً في الازدحام في بعض المناطق مما يرفع التكاليف الفردية للنقل بنسبة 40%"، موضحا ان "البنك الدولي قدر عام 2024 ان تكاليف النقل الناتجة عن الازدحام تستهلك حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي للعراق".
ووفقاً لتقارير نفسية صادرة عن منظمة الصحة العالمية، فإن "40 بالمئة من الأشخاص الذين يعانون من إجهاد يومي سببه الأساسي هو التأخير في التنقلات، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات هرمون الكورتيزول المرتبط بالتوتر وزيادة العصبية وقلة الصبر".
كما أن هذه الضغوط النفسية تؤدي في بعض الحالات إلى اضطرابات النوم، حيث يشعر الفرد بالإرهاق المفرط الناتج عن قضاء يومه بين زحام الطرق وساعات العمل.
وطالب الغراوي "الحكومة بمعالجة مشكلة الازدحامات المرورية وأن تكون ذات أولوية وطنية، من خلال تحسين البنية التحتية للنقل العام وتبني خطط ذكية لإدارة حركة المرور، وتسقيط موديلات السيارات لغاية عام 2012 وإنشاء طرق حلقية في كافة المدن وإنشاء طرق بمعايير دولية بين المحافظات والاستثمار في وسائل النقل العام المستدامة مما سيسهم في تحسين الإنتاجية الاقتصادية وتقليل التكاليف البيئية والصحية على المدى الطويل".
*أسباب الأزمة
يقول الخبير في النقل، حسين هليجي، إن "أزمة الاختناقات المرورية مستمرة بسبب زيادة عدد السيارات لزيادة عدد السكان وزيادة الدخل حتى أصبح للعائلة الواحدة أكثر من سيارة، في ظل بقاء الطرق على حالها منذ عقود".
ويشير هليجي، إلى أن "تغيير أوقات الدوام وإنشاء بعض الجسور حلول ترقيعية غير نافعة، والحل بتوسعة الشوارع وإنشاء طرق حولية حول المدن، وكذلك نقل الجامعات التي يرتادها آلاف الطلبة إلى خارج المدينة، وتفعيل النقل الجماعي الذي ينقل 40 شخصاً في سيارة واحدة، والمترو الذي ينقل آلاف الأشخاص تحت الأرض".
*قرار لم يكتب له النجاح
يذكر أن مجلس الوزراء العراقي قرر في آذار/مارس الماضي، اعتماد توقيتات جديدة للدوام الرسمي في وزارات ومؤسسات الدولة تحت التجربة لمدة 3 أشهر، لتقليل الزخم الحاصل من الموظفين الحكوميين الضاغط على شوارع العاصمة، وتقليل ذروة الدخول والخروج من دوائرهم ووزاراتهم، لكن ذلك لم يعود بنتائج ملحوظة.
وقسّم قرار مجلس الوزراء، دوام وزارات ومؤسسات الدولة على 4 أنواع من التوقيتات، الأول من 7 صباحاً إلى 2 ظهراً، والآخر من 8 إلى 3، وأيضاً من الـ9 إلى 4، وأخيراً من الساعة 10 إلى 6 قبل الغروب.
وتعاني بغداد من ازدحامات مرورية خانقة لاسيما في ساعات الذروة عند بداية الدوام ونهايته، ما دفع الحكومة إلى جانب تغيير أوقات الدوام، تشييد عدد من الجسور والأنفاق الجديدة في العاصمة للتخفيف من حدتها.
*أعداد السيارات
وكانت مديرية المرور العامة، أكدت في تصريحات سابقة، أن عدد السيارات في العراق - عدا إقليم كوردستان - بلغ أكثر من سبعة ملايين سيارة، لكن الغريب أن العاصمة بغداد وحدها نالت العدد الأكبر من تلك السيارات، حيث سجلت وجود 4 ملايين سيارة، في شوارعها.
كما حددت المديرية ثلاثة حلول لمواجهة مشكلة الازدحامات المرورية عبر اللجنة المشكلة لهذا الشأن بأمر من رئيس مجلس الوزراء، وحددت اللجنة الحلول الآنية بـ"فرض القانون المروري على المخالفات التي تسبب الزخم المروري ومنها عدم الامتثال للإشارات المرورية سواء كانت ضوئية أو يدوية".
أما الحلول قريبة الأمد، فهي - بحسب اللجنة - "تغيير أوقات الدوام والعمل على التاكسي النهري وأيضاً العمل على تشجيع المواطن أن يستقل مركبات النقل الجماعي، أما بعيدة الأمد هي الثورة الاعمارية التي نشهدها حالياً في محافظة بغداد من بناء الجسور وإنشاء الطرق وتعبيدها ورصفها كذلك رفع السيطرات في محافظة بغداد لتسهيل السير وحركة المرور".

