الواقع الخدمي في الديوانية.. مدارس تنهار وشوارع غارقة: سكانها يطالبون بإعلان محافظتهم منكوبة
انفوبلس/ تقرير
تسبّبت موجة الأمطار "الأخيرة" التي شهدتها عدد من المحافظات العراقية، إلى انهيار مدرسة كرفانية في محافظة الديوانية، وهو ما يعكس الوضع الخدمي "المتردّي" في المحافظة منذ سنوات طويلة.
وتعرضت الديوانية مؤخرا لموجة أمطار استمرت عدة أيام، انهارت بسببها منظومتا المجاري والكهرباء وتسببت بغرق الشوارع، وعليه يطالب سكانها مجلسي الوزراء والنواب بوضع حد للفساد المستشري ونقص الخدمات في محافظتهم ومحاسبة المقصرين، إلى جانب إنشاء صندوق لإعمار الديوانية وتخصيص مبالغ إضافية لموازنة المحافظة بعد إعلان الحكومة المركزية الديوانية محافظة منكوبة من الجوانب كافة.
وتعاني الديوانية، من تهالك في البنى التحتية وعدم تطويرها منذ 20 عاماً، فضلاً عن اتهامات بالفساد تطال بعض مسؤوليها المحليين، إضافة إلى فشل الشركات التي تولّت ملف شبكات المجاري والأمطار في إكمال مشاريعها على مدى الأعوام العشرة الماضية.
*انهيار المدارس
انهارت مدرسة الأحفاد الابتدائية الكرفانية، يوم أمس الثلاثاء، بعد الأمطار التي شهدتها محافظة الديوانية. وقالت مصادر محلية لـ "انفوبلس"، إن "مدرسة الأحفاد الابتدائية الكرفانية في قضاء غمّاس بمحافظة الديوانية انهارت بشكل كامل بعد هطول الأمطار يوم أمس الثلاثاء".
كما في نهاية العام الماضي، أعلنت وزارة التربية العراقية، عن إصابة 16 تلميذاً بجروح، إثر انهيار خزان للصرف الصحي كانوا يجلسون فوقه داخل إحدى مدارس محافظة الديوانية، جنوبي البلاد، وسط انتقادات لاستمرار إهمال البنى التحتية للمؤسسة التعليمية في البلاد.
ويعدّ الواقع الخدمي في المدارس العراقية متردّياً جداً من ناحية البنى التحتية المتهالكة ونقص الخدمات والمستلزمات الضرورية، فضلا عن النقص الكبير بأعداد المدارس التي لا تستوعب أعداد الطلاب.
ويعدّ الفساد الذي تعانيه أغلب مؤسسات الدولة واحداً من أخطر التحديات التي تواجهها المؤسسة التعليمية في البلد، إذ إن تأثيراته بدت تتفاقم بشكل مستمر من خلال النقص الكبير في أعداد المدارس، والاضطرار إلى الدوام المزدوج فيها، وعدم تجهيزها بالمستلزمات الدراسية من كتب ومقاعد وسبورات وغير ذلك، ما اضطر الكثير من الأهالي إلى تحمل أعباء توفير مقاعد وكتب لأبنائهم.
*محافظة "مكنوبة"
وصف النائب باسم خضير الغرابي، الديوانية بالمدينة المنكوبة بسبب انهيار القطاع الخدمي، داعياً إلى سحب العمل من الشركة المنفِّذة لمشروع المجاري وتشكيل لجنة طوارئ لإنقاذ الوضع وتعويض المتضررين من الأمطار الغزيرة التي هطلت على مؤخراً.
يأتي ذلك في وقت تظاهر فيه العديد من مواطني الديوانية على مدى اليومين الماضيين نتيجة سوء الواقع الخدمي، وحثّوا الجهات المعنية على اتخاذ إجراءات عاجلة من بينها تغيير مديري الدوائر وفتح تحقيق في المشاريع الخدمية الفاشلة ومحاسبة الفاسدين في الحكومات المحلية المتعاقبة، فيما وصفوا المعالجات التي اتُخِذت بعد غرق الأحياء السكنية نتيجة الأمطار الغزيرة التي هطلت الأسبوع الماضي بـ"الترقيعية".
وقال الغرابي، إنه "أطلق حملة (الديوانية مدينة منكوبة) بسبب تردّي القطاع الخدمي في مختلف مناطق مركز المحافظة، داعياً إلى اتخاذ إجراءات سريعة من بينها سحب العمل من الشركة المنفِّذة لمشروع مجاري الديوانية الكبير بسبب الأخطاء والتلكؤات التي رافقت مراحل الإنجاز وإحالتها إلى القائمة السوداء وتشكيل لجنة طوارئ لإنقاذ الواقع الخدمي المتدهور. وأشار إلى أهمية مفاتحة وزير الإعمار والإسكان والبلديات العامة لترؤس المديريات التابعة لوزارته في محافظة الديوانية من موقع أدنى وتعويض المواطنين الذين تضرّروا نتيجة الأمطار التي هطلت مؤخراً.
واضطرت محافظة الديوانية بعد سلسلة أمطار غزيرة شهدتها، إلى تعطيل الدوام الرسمي للدوائر والمؤسسات الحكومية كافة باستثناء (الخدمية منها)، وذلك لمواصلة الجهد الخدمي لسحب مياه الأمطار، في ظل سخط محلي بسبب غرق مناطقهم وتضرر ممتلكاتهم ومصالحهم.
كما قالت الكاتبة والباحثة في قضايا حقوق الانسان وداد الحسناوي، إن "مدينة الديوانية تعتبر قلب الفرات الأوسط التي تربط بين محافظات الجنوب والتي تشتهر بالزراعة والصناعة ويفترض أنها بيئة استثمارية خصبة إذا ما رُسِمت سياسيات اقتصادية واستثمارية جادة لها، لكن تعاني هذه المدينة من الإهمال الحكومي الواضح من خلال الواقع الخدمي المُزري".
وأضافت، إن "أغلب الناس في المحافظة أعلنوا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي أن المدينة أصبحت منكوبة ومعطّلة، هذه المدينة التي أعطت التضحيات والدماء الزاكية لتحرير العراق وهي تعجّ بالأيتام والأرامل ومن يسكنون المساكن "الهشّة" حيث إن بعض أحيائها لا تصلح للعيش الإنساني الكريم، بالأمس واليوم وهي تعاني من الإهمال، والبطالة، وسوء الخدمات".
وتابعت، "الفقراء هم الأكثر تضرّرا حيث ينخفض معدل الالتحاق بالمدارس نتيجة الفقر وعمالة الأطفال، ناهيك عن صعوبة الوصول بسبب غرق الشوارع وحدوث وفيات بسبب الصعق الكهربائي الذي يحدث خلال الأمطار، كل ذلك بسبب الفساد والتعاقد مع شركات غير رصينة تُسهم بالخراب، وليس الإعمار لمدينة الديوانية، على رئيس الوزراء وصُنّاع القرار والمعنيين برسم سياسات المحافظات، أن يتخذوا التدابير العاجلة لإنهاء معاناة الديوانية".
*زيارة السوداني
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد أجرى، في 19/11/2022، زيارة إلى محافظة الديوانية. وذكر المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء، في بيان مقتضب ورد لـ "انفوبلس"، أن "السوداني، زار محافظة الديوانية، للاطلاع على واقعها الخدمي والمعاشي".
*تفاصيل الزيارة
ترأس السوداني اجتماعاً في مبنى محافظة الديوانية، خُصِّص لمناقشة الواقع الخدمي في المحافظة، بحضور وزراء الصحة والزراعة والمسؤولين المحليين.
وقال السوداني في كلمة له خلال الاجتماع، إن الديوانية "تتصدر المحافظات في نسب الفقر والبطالة، وفي ضعف النشاط الاقتصادي على مختلف المستويات"، مشيرا إلى أن "هذه المحافظة أعطت وضحّت، وقدّمت قرابين من الشهداء والجرحى في مختلف المحطات التي مرّت على البلد، كان آخرها الحرب على داعش".
وأشار السوداني إلى أن زيارته ليست "خاطفة" بل زيارة عمل، تهدف إلى استعراض المشاكل ووضع الحلول والاستماع إلى المبادرات والمقترحات والخروج بتوصيات. ومضى يقول "هناك فريق يتابع التوصيات، وعلى أساس المتابعة يتم تقييم كل المعنيين، بدءاً من السيد المحافظ وانتهاءً بالمديرين ورؤساء الوحدات الإدارية وعموم الدوائر".
وتطرق السوداني إلى المشاريع الخدمية المتلكئة، وحثّ الوزراء والجهات المعنية على "متابعة واقع عمل الدوائر، وأن نضع الحلول ونذهب إلى تخصيصات المحافظة لنرى أين خُصِّصت والقطاعات المستفيدة منها".
كذلك تناول رئيس الوزراء العراقي ملف الطرق السريعة المتهالكة في البلاد، وقال "نسمع عن طرق الموت، التي أخذت الكثير من مواطنينا في حوادث السير، وهذه حالة يجب أن تنتهي، وينتهي وجود هذا المصطلح، ممكن أن تكون لهذه المشاريع الأولوية".
وتقع حوادث السير في العراق بشكل يومي، ولا سيما في الطرق السريعة التي تربط بين المحافظات بسبب تهالك الطرق وعدم صيانتها منذ سنوات عديدة.
*السوداني يأمر بسحب يد محافظ الديوانية
بعد أيام من زيارته لها، أمر رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، بسحب يد محافظ الديوانية زهير علي الشعلان. وقال المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء في بيان، إن "رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني أصدر أمراً بسحب يد محافظ الديوانية زهير علي الشعلان".
وأضاف، إن "ذلك جاء لوجود ملفات تحقيقية بحقه عن شبهات فساد إداري ومالي، يجري النظر بها من قبل المحاكم المختصة".
وكان العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي قد طالبوا بإقالة الشعلان (54 عاما) متهمين إياه بالفساد وعدم تقديم الخدمات الملائمة لسكان المحافظة الواقعة جنوبي البلاد.
وقد كلّف رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني مؤخراً، المهندس ميثم الشهد بمنصب المحافظ في الديوانية. وقالت مصادر مطلعة إن "السوداني كلف الشهد بمنصب محافظ الديوانية بالاتفاق مع نواب المحافظة".
