edition
إنفوبلاس
  • الرئيسي
  • كل الأخبار
    • سياسة
    • أمن
    • اقتصاد
    • رياضة
    • صحة
    • محليات
    • دوليات
    • منوعات
  • اقرأ
  • شاهد
  • انظر
  • انفوغراف
  • كاريكاتور
  • بودكاست
  • بلغتنا
  • من نحن
  1. الرئيسية
  2. الأخبار
  3. محليات
  4. بحر النجف يحتضر.. جفاف يهدد مهنة استخراج الملح ويدق ناقوس الخطر الصحي والبيئي

بحر النجف يحتضر.. جفاف يهدد مهنة استخراج الملح ويدق ناقوس الخطر الصحي والبيئي

  • اليوم
بحر النجف يحتضر.. جفاف يهدد مهنة استخراج الملح ويدق ناقوس الخطر الصحي والبيئي

انفوبلس / تقرير

يعيش بحر النجف، أحد أقدم المسطحات المائية في العراق، مرحلة حرجة في تاريخه الحديث، بعدما بدأت ملامح الجفاف تلتهم مسطحاته شيئًا فشيئًا، مهددةً حياة آلاف المواطنين ممن ارتبطت أرزاقهم بهذه البقعة المائية منذ عشرات السنين.

وبين تهديدات بيئية وصحية واقتصادية، تُختزل أزمة بحر النجف كعنوان صارخ لمشهد العراق المائي المعقّد، الذي تتداخل فيه السياسة بالمناخ، والاقتصاد بالوجود الإنساني.

فعلى بعد 10 كيلومترات جنوب غرب مدينة النجف، تتقلص المساحات المائية التي كانت تمتد على آلاف الأفدنة، بعدما خسر البحر أكثر من 10 آلاف فدان من مياهه وفق تقديرات خبراء بيئة محليين، نتيجة انخفاض الأمطار، وتأثير السدود في دول المنبع، وتفاقم آثار التغير المناخي، في مشهد يهدد بتحول المنطقة من واحة مائية حيّة إلى أرض متشققة خالية من الحياة. 

عمال الملح.. مهنة عمرها قرون تواجه خطر الانقراض

قبل بزوغ الشمس بقليل، يخرج حسن حمدي خويط (45 عاماً) من منزله وهو يحمل إرث عائلته الممتد عبر أجيال. يرافقه إخوته الأربعة إلى المسطحات المائية في بحر النجف لمزاولة مهنتهم التقليدية: استخراج الملح.

يقول حسن وهو أب لعشرة أطفال: العمل يشبه الزراعة، نُسقي الماء ونتركه يترسّب ستة أشهر ليظهر الملح".

بهذه الكلمات يختصر الرجل مهنة لم تتغير قواعدها منذ عقود، رغم دخول بعض الآلات الحديثة مثل المضخات (المواتير) التي سهّلت عمليات السحب بعد أن كانت تعتمد على جهد يدوي شاق.

كان حسن وإخوته ينتجون أكثر من 50 طناً يومياً من الملح في سنوات الرخاء، حين كان البحر مليئاً بالمياه، وكانت طبقات الملح تتشكل بكثافة وجودة عالية. أما اليوم، فإن إنتاجهم تراجع إلى 10 أطنان فقط، أي خُمس ما كان يُنتج سابقاً.

يقول بحسرة واضحة: "إذا استمر الجفاف بهذا الشكل، لن نستطيع استخراج حتى كيلو واحد". 

ويؤكد أن الملح المنتج من بحر النجف يُخصص فقط للمعامل وليس للاستهلاك البشري، ويُستخدم في معامل الجلود والمدابغ، ومعامل السمسم، والأعلاف، إضافة إلى مصانع الحديد التي تعتمد عليه في عمليات الذوبان وإنتاج الألمنيوم. ويباع الطن بـ40 ألف دينار فقط، وهو مبلغ لا يتناسب مع حجم الجهد ولا مع التراجع الكبير في الإنتاج.

ولم تعد الأزمة محصورة في رزق العاملين، بل تهدد سلسلة إنتاجية كاملة تعتمد على ملح بحر النجف، إذ يقول حسن إن المعامل التي تعتمد على إنتاجهم بدأت تبحث عن بدائل، أبرزها الملح المستورد، وهو ما يعني خسارة سوق محلية بُنيت عبر عقود.

الجفاف ليس أزمة اقتصادية فقط.. الصحة العامة في خطر

إلى جانب القلق الاقتصادي، يواجه سكان النجف ومحيطها تهديداً صحياً متصاعداً نتيجة انحسار مياه البحر وارتفاع الملوحة، وهو ما أكدته سندس عبد العادل، مديرة قسم مكافحة السرطان في دائرة صحة النجف.

تقول عبد العادل محذّرةً: "عندما يرتفع مستوى الملوحة في المسطحات المائية، تزداد نسبة البكتيريا والفطريات، ويرتفع تركيز المعادن الثقيلة السامة والضارة، وهذا يؤثر بشكل مباشر على صحة الإنسان".

وتشير إلى أن زيادة ملوحة المياه تؤدي إلى تدهور نوعيتها ودخول ملوثات معدنية خطرة، ما قد ينعكس على نوعية المياه الجوفية التي يعتمد عليها السكان في سقي المزروعات أو في شرب الحيوانات.

ويحذّر خبراء الصحة من أن الملوحة المفرطة قد ترفع احتمالية الإصابة بالأمراض الجلدية والتسممات البكتيرية، إضافة إلى تأثيرها المحتمل على جودة المحاصيل الزراعية التي تتغذى على المياه القريبة من المنطقة.

ما هو بحر النجف؟ إرث طبيعي وجغرافي يتلاشى

يُعد بحر النجف من أهم المعالم الطبيعية في محافظة النجف، حيث يمتد بطول 15 كيلومتراً، ويقع خلف مقبرة وادي السلام الشهيرة. لم يكن مجرد مسطح مائي، بل بيئة نابضة بالحياة، تحتضن طيوراً وأسماكاً ونباتات نادرة.

وتحتوي منطقة بحر النجف على عدد كبير من مقالع الرمل ومصانع الطابوق التي تعتمد على مياه البحر في عمليات التبريد والتنظيف.

وكان البحر يُغذي الأراضي الزراعية المحيطة به، حيث يعتمد المزارعون على رطوبته الطبيعية في زراعة الشعير والقمح والأعلاف. ومع جفافه، بدأت الأراضي الخصبة تتحول إلى مساحات قاحلة، وانخفضت كميات المياه الجوفية التي تغذي عشرات الآبار.

وفي حال استمرار الجفاف، يحذّر مختصون من احتمال اختفاء أصناف نباتية وحيوانية نادرة كانت تعيش في هذه المنطقة لعقود طويلة.

أسماء متعددة عبر التاريخ.. وبحر واحد يختنق

لم يكن بحر النجف مجرد مسطح مائي، بل إرثاً تاريخياً حمل أسماء عدة عبر الحضارات: عند الآراميين: "فَرْشا" وتعني البثقة. وعند اليهود: "حاشير". وفي العهد الساساني: كان يُعرف باسم "الجوف". في زمن الإسكندر الأكبر: سُمّي بحيرة رومية أو أهوار رومية. أما العرب قبل الإسلام فسمّوه بحر بانقيا.

هذه التسميات تُبرز مكانة البحر التاريخية والجغرافية، التي باتت اليوم مهددة بالاندثار تحت وطأة التغيرات المناخية والإهمال الحكومي.

أزمة المياه.. بين تركيا والسياسة والتغير المناخي

يرى حسن حامد، وهو أحد العاملين في استخراج الملح، أن الأزمة لا يمكن معالجتها دون حل سياسي مع تركيا لإدارة ملف المياه: إذا حصل اتفاق مائي حقيقي بين العراق وتركيا، ستعود المياه. لكن حتى لو عادت اليوم، لن يصل الماء للمنطقة الجنوبية إلا بعد سنتين". 

وتعكس هذه الجملة عمق المأزق: السدود التي تبنيها دول المنبع تقلّص كميات المياه المتدفقة إلى العراق، والتغير المناخي أدى إلى مواسم جفاف طويلة، والأمطار انخفضت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، والحكومات العراقية المتعاقبة فشلت في وضع سياسة مائية واضحة.

وبحسب خبراء مياه، فإن البحر يحتاج إلى سنوات من الاستقرار الهيدرولوجي كي يعود لوضعه السابق، بينما تشير المؤشرات إلى أن العراق في طريقه لأكبر أزمة جفاف منذ قرن.

البيئة تدق ناقوس الخطر.. التنوع البيولوجي يتلاشى

بحر النجف كان يضم نظاماً بيئياً متكاملاً، من أنواع طيور مهاجرة، إلى نباتات ملحية متكيفة مع الظروف الطبيعية، إلى أسماك صغيرة تعتمد على ملوحة المياه. لكن اليوم، يختفي هذا التنوع بشكل متسارع.

يقول أحد الخبراء البيئيين المحليين: "الجفاف لا يقتل البحر فقط بل يقتل الحياة التي تعتمد عليه". ويحذر من أن خسارة البحر تعني فقدان بيئة طبيعية نادرة، وتدهور أراضٍ زراعية واسعة، وزيادة التصحر حول مدينة النجف، وارتفاع الغبار وزيادة العواصف الترابية، وانخفاض المياه الجوفية بشكل خطير.

هل من حلول؟

الحلول ليست مستحيلة، لكن تحتاج إرادة سياسية وتنفيذية واضحة، من بينها: اتفاقات مائية واضحة مع تركيا وإيران تمنع استمرار انخفاض التدفقات، ومشاريع لتحلية المياه أو نقلها لدعم البحر صناعياً كما حصل في دول أخرى، ومنع الحفر العشوائي للآبار التي تسرّع من انخفاض المياه الجوفية، وإطلاق برامج حكومية لدعم العاملين في استخراج الملح وإنقاذ المهنة، ومشاريع بيئية لإعادة إحياء النظام البيولوجي في المنطقة، وتعزيز الرقابة على التلوث والنفايات التي تهدد المسطحات المائية.

بحر النجف.. قصة مقاومة في وجه الاختفاء

اليوم، يقف بحر النجف بين خيارين: إما أن يبقى شاهداً على تاريخ طويل من التنوع والثقافة والاقتصاد، أو أن يتحول إلى مجرد ذكرى يتداولها كبار السن ممن عاشوا أيامه المائية.

في كل صباح، عندما يخطو حسن وإخوته نحو المسطحات المائية، يدركون أنهم يقاتلون مع الزمن. فهذه المهنة التي ورثوها من آبائهم، والتي عاشوا منها وعاش منها مئات العمال، قد تختفي قريباً إذا استمرت أزمة المياه.

يقول حسن بصوت يختلط بالغضب والخوف: لا نريد أن نترك المهنة، لكنها ستتركنا إذا الجفاف ما توقف".

والخلاصة، فإن أزمة بحر النجف ليست مجرد قصة جفاف عابرة، بل هي عنوان لمأساة بيئية واقتصادية وصحية تواجه محافظة بكاملها، بل وربما عراقًا بأسره. فالمسطح الذي كان يشكل رئة مائية وبيئية، يقترب اليوم من لحظة الحقيقة؛ إما إنقاذ شامل، أو اختفاء كامل.

وفي بلد يواجه تحديات مائية غير مسبوقة، يبقى بحر النجف اختباراً لقدرة المؤسسات والدولة على حماية بيئتها وتراثها ومستقبل سكانها، قبل أن يصبح الجفاف واقعًا لا يمكن التراجع عنه. 

أخبار مشابهة

جميع
بحر النجف يحتضر.. جفاف يهدد مهنة استخراج الملح ويدق ناقوس الخطر الصحي والبيئي

بحر النجف يحتضر.. جفاف يهدد مهنة استخراج الملح ويدق ناقوس الخطر الصحي والبيئي

  • اليوم
الإنترنت في العراق.. بنية متهالكة بزمن التحول الرقمي السريع

الإنترنت في العراق.. بنية متهالكة بزمن التحول الرقمي السريع

  • اليوم
كيف تحوّلت وزارة النفط إلى بوابة استنزاف المليارات وتهديد لرواتب العراقيين؟

كيف تحوّلت وزارة النفط إلى بوابة استنزاف المليارات وتهديد لرواتب العراقيين؟

  • اليوم

شبكة عراقية اعلامية

  • الرئيسية
  • مقالات
  • فيديو
  • كاريكاتور
  • إنفوغراف
  • سياسة الخصوصية

جميع الحقوق محفوطة