تحولات كبيرة في ترتيب العلامات التجارية تعيد تشكيل سوق السيارات العراقي

انفوبلس..

يشهد سوق السيارات في العراق تطورات غير مسبوقة منذ عام 2022، ليس فقط من حيث حجم المبيعات، بل أيضاً من حيث طبيعة المنافسة بين العلامات التجارية وتغير توجهات المستهلكين. تشير البيانات الرسمية إلى أن مبيعات السيارات الجديدة في العراق عام 2023 بلغت نحو 127,749 وحدة، محققة زيادة بنسبة 18.4٪ مقارنة بعام 2022.

وفي العام التالي، واصل السوق نموه ليصل حجم المبيعات في 2024 إلى 158,076 سيارة، مسجلاً قفزة نسبتها 27.7٪، ما يعكس ازدياد الطلب على السيارات وتنامي القدرة الشرائية لدى شريحة واسعة من المواطنين.

سباق الصدارة بين تويوتا وكيا

شهدت المنافسة بين العلامات التجارية الكبرى تقلبات ملحوظة خلال السنوات الأخيرة. ففي النصف الأول من 2024، تصدرت شركة تويوتا قائمة المبيعات محققة زيادة بنسبة 35.9٪، متفوقة على كل من كيا وهيونداي، غير أن المشهد تغير في الربع الأول من 2025، إذ استعادت كيا الصدارة بنسبة نمو بلغت 26.1٪، بينما شهدت مبيعات تويوتا انخفاضاً نسبته 3.4٪.

وفي الوقت ذاته، سجلت علامة "أم جي" نمواً لافتاً بنسبة 57.1٪ خلال الربع الأول من العام الجاري، فيما حققت نيسان قفزة استثنائية بلغت حوالي 1463.6٪، متقدمة 14 مركزاً، بعد أن تم تعيين شركة السور وكيلاً جديداً لها في العراق.

على الرغم من هذه التغيرات، حافظت تويوتا هايلكس على مكانتها كأكثر الطرازات شعبية في السوق العراقية لعام 2024، وفق بيانات Best Selling Cars Blog ومصادر محلية مثل شفق نيوز، رغم تسجيل انخفاض نسبي في المبيعات.

التحول الكهربائي: بداية الطريق نحو المستقبل

يشهد قطاع السيارات الكهربائية في العراق بداية مبشّرة، إذ سجلت مبيعات هذا النوع من السيارات نمواً كبيراً بنسبة 164٪ خلال 2024، لكنها لا تزال تمثل نحو 2.4٪ فقط من إجمالي السوق. ومع دخول عام 2025، ارتفعت حصتها إلى حوالي 3٪، مع هيمنة شبه كاملة لشركة تويوتا على هذه الفئة، في ظل استمرار اعتماد المستهلكين على السيارات التقليدية.

كما برزت العلامات الصينية بشكل لافت، حيث سجلت مبيعاتها ارتفاعاً بنسبة 80٪ خلال النصف الأول من 2025، قفزت من حوالي 10 آلاف سيارة إلى نحو 18 ألف سيارة، مدفوعة بأسعار تنافسية وضمانات طويلة الأمد، ما جعلها خياراً جذاباً للشرائح الباحثة عن القيمة الاقتصادية مقابل المال.

وباتت خيارات المستهلك العراقي اليوم أكثر تنوعاً من أي وقت مضى، مع دخول السيارات الكهربائية على خط المنافسة وظهور نماذج جديدة من السيارات التقليدية والهجينة، ما يعكس تحولاً تدريجياً في نمط الاستهلاك والطلب.

 العلامات الصينية بشكل لافت، حيث سجلت مبيعاتها ارتفاعاً بنسبة 80٪ خلال النصف الأول من 2025، قفزت من حوالي 10 آلاف سيارة إلى نحو 18 ألف سيارة، مدفوعة بأسعار تنافسية وضمانات طويلة الأمد

زيادة الواردات وتغير تفضيلات المستهلك

كشف الخبير الاقتصادي منار العبيدي عن ارتفاع أعداد السيارات المستوردة إلى العراق خلال النصف الأول من العام الحالي، مشيراً إلى تراجع استيراد السيارات الكورية لصالح السيارات الصينية.

وقال العبيدي: "البيانات الرسمية الصادرة من هيئات الجمارك الصينية واليابانية والكورية الجنوبية أظهرت أن أعداد السيارات المصدرة بشكل مباشر إلى العراق خلال النصف الأول من 2025 بلغت نحو 40 ألف سيارة، مقارنة بـ32.5 ألف سيارة في الفترة نفسها من العام الماضي".

وأوضح العبيدي أن التوزيع حسب بلد المنشأ يعكس تحولات ملحوظة في السوق العراقية:

ارتفعت أعداد السيارات الصينية المصدرة مباشرة إلى العراق خلال النصف الأول من 2025 لتصل إلى 18 ألف سيارة، مقارنة مع 10.5 ألف سيارة في الفترة نفسها من 2024، مسجّلة زيادة بنسبة 75٪.

أما السيارات اليابانية، فقد بلغت صادراتها المباشرة نحو 12 ألف سيارة، مقابل 9.3 آلاف سيارة في النصف الأول من 2024.

على الجانب الآخر، تراجعت أعداد السيارات الكورية الجنوبية من 12.7 ألف سيارة في النصف الأول من 2024 إلى 9.5 آلاف سيارة في نفس الفترة من 2025.

القيمة الإجمالية للسيارات المصدرة وأسعارها

بلغ إجمالي قيمة السيارات المستوردة من هذه الدول الثلاث خلال النصف الأول من 2025 نحو 903 ملايين دولار أمريكي، مقارنة مع 713 مليون دولار في نفس الفترة من 2024. واستحوذت الصادرات اليابانية على الحصة الأكبر بقيمة 400 مليون دولار، بينما بلغت قيمة الصادرات الكورية 252 مليون دولار، مقابل 244 مليون دولار للسيارات الصينية.

أما متوسط أسعار السيارات بحسب المنشأ، فتراوح بين 13.3 ألف دولار للسيارات الصينية، و26.5 ألف دولار للسيارات الكورية، وصولاً إلى 34.5 ألف دولار للسيارات اليابانية، ما يعكس الفروق النوعية في التجهيزات والمواصفات والشرائح المستهدفة من المستهلكين.

بلغ إجمالي قيمة السيارات المستوردة من هذه الدول الثلاث خلال النصف الأول من 2025 نحو 903 ملايين دولار أمريكي، مقارنة مع 713 مليون دولار في نفس الفترة من 2024

نمو السيارات الهجينة

أظهرت البيانات أن غالبية السيارات المستوردة تعتمد على محركات بنزين تتراوح سعتها بين 1500 و3000 سي سي، مستحوذة على 34٪ من إجمالي الصادرات، تليها السيارات ذات المحركات الأكبر من 3000 سي سي بنسبة 30٪، ثم السيارات ذات المحركات الأقل من 1500 سي سي بنسبة 20٪.

كما شهدت السيارات الهجينة، التي تعمل بالبنزين والكهرباء، زيادة ملحوظة في حصتها، لتبلغ نحو 10٪ من إجمالي السيارات المستوردة في النصف الأول من 2025، مقارنة بـ8٪ في الفترة نفسها من 2024، ما يعكس تقبلاً متزايداً لهذا النوع من السيارات في السوق العراقية.

وأشار العبيدي إلى أن هذه البيانات تمثل الصادرات المباشرة من الدول الثلاث إلى العراق، بغض النظر عن العلامة التجارية وسنة الصنع، ولا تعكس الحصة السوقية لكل نوع سيارة، نظراً لأن الكثير من السيارات المستوردة يتم إعادة تصديرها من دول مختلفة مثل الإمارات والأردن.

كما أن بعض السيارات التي تحمل علامات تجارية معينة قد تُصنع في دول متعددة قبل دخولها السوق العراقية، ما يجعل عملية تتبع المنشأ الفعلي أكثر تعقيداً. وأضاف أن هناك احتمالاً لإعادة تصدير السيارات من العراق إلى دول أخرى لتحقيق أرباح من فروقات أسعار السوق الموازي والرسمي للدولار، وهو عامل قد يؤثر على حجم المعروض في السوق المحلي.

يشير الوضع الراهن إلى أن سوق السيارات العراقي يشهد تحولات نوعية، مع زيادة حادة في المبيعات وتغير في ترتيب العلامات التجارية الأكثر طلباً، وظهور اهتمام متزايد بالسيارات الكهربائية والهجينة.

كما أن تفضيلات المستهلك تتجه نحو القيمة الاقتصادية، ما يعزز دور السيارات الصينية، في حين تحافظ العلامات التقليدية مثل تويوتا وكيا على موقعها ضمن الخيارات الأكثر شعبية. مع استمرار هذه الاتجاهات، من المتوقع أن يشهد السوق العراقي مزيداً من النمو والتنوع في السنوات المقبلة، مع توسع قاعدة المستهلكين وتطور البنية التحتية الداعمة للسيارات الكهربائية والهجينة.