زيادة راتب رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد.. هل الأمر قانوني؟ وما هي ردود الفعل؟
انفوبلس/ تقرير
يُثار الجدل في العراق خلال الساعات الماضية، حول زيادة راتب رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد من 20 مليون دينار إلى أكثر من 27 مليون دينار، وذلك بعد أيام من الانتقادات "الواسعة" التي تعرّض لها بعد رفعه دعوى قضائية ضد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزيرة المالية طيف سامي، على خلفية أزمة الرواتب في إقليم كردستان، فما هي ردود الفعل؟ وهل الزيادة لها سند قانوني؟.
ومنصب رئاسة الجمهورية من حصة المكون الكردي بالعراق وفق العُرف السياسي المتّبع منذ أول انتخابات برلمانية عقدت في العراق عام 2005، ورئاسة البرلمان من حصة السنّة، ورئاسة الحكومة من حصة الشيعة.
*حنان الفتلاوي تكشف
كشفت رئيسة حركة إرادة النائب حنان الفتلاوي، عن زيادة راتب رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، راتبه من 20 مليون دينار إلى أكثر من 27 مليون دينار، فيما وجهت له سؤالاً له عن السند القانوني وراء تلك الزيادة.
وبحسب وثيقة موقّعة من الفتلاوي حصلت عليها شبكة "انفوبلس"، جاء فيها: "أوجه لكم السؤال البرلماني: ما هو السند القانوني لزيادة راتبكم من 20 مليون دينار عراقي إلى 27 مليون و500 ألف دينار عراقي؟"، مؤكدة أنها تنتظر "الإجابة خلال 15 يومًا من تاريخ استلام الكتاب".
وزيادة راتب رئيس الجمهورية فجّرت موجة انتقادات "واسعة" على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، إذ ربط المحلل السياسي زيد عبد الوهاب، اليوم الأحد، تلك الزيادة بتظاهرات السليمانية المطالبة بحل أزمة رواتب موظفي الإقليم.
وقال عبد الوهاب في تغريدة له عبر منصة (اكس)، "نائب يوجه سؤالاً نيابياً لرئيس الجمهورية عن السند القانوني لزيادة راتبه من 20 مليون دينار إلى أكثر من 27 مليون دينار"، مضيفا: "من المهم التذكير أن رئيس الجمهورية قيادي في الاتحاد الوطني ومقره السليمانية، التي خرجت فيها تظاهرات تدعو إلى حل أزمة رواتب موظفي الإقليم".
فيما كتب الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي على فيسبوك"، تدوينة تابعتها شبكة "انفوبلس"، "عمال النظافة يتظاهرون لزيادة رواتبهم الشهرية التي تتراوح ما بين 170 إلى 350 الف دينار ورئيس الجمهورية يرفع راتبة من 20 إلى 27.5 مليون دينار شهريا!!".
فيما سخر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، من الزيادة، مشيرين إلى تظاهرات الخريجين التي تتكرر في العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى مطالبين بالتعيين، وكذلك أزمة الرواتب في إقليم كردستان.
لم يكن لهدر المال العام وضياع ميزانية العراق شكلا واحدا قطعا، إذ باتت لهذه الظاهرة عدة أشكال بأساليب مختلفة وبطرق ملتوية، أبرزها -حسبما يرى مراقبون وخبراء- الرواتب الخيالية الفلكية للرئاسات الثلاث بالدرجة الأساس والوزراء وأعضاء البرلمان والدرجات الخاصة الأخرى.
وسجلت سنوات ما بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003 عدة صفحات في سجل الفساد للطبقة السياسية الحاكمة وهدرها للمال العام والاستحواذ على أموال الشعب والدولة وتمسكها بمناصبها وامتيازاتها واحتكار عوائلها والمقربين منها للمناصب والوظائف الحكومية ذات الامتيازات المالية والمعنوية.
وفي نهاية العام الماضي 2024، كشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي عن حجم الرواتب المخصّصة للرئاسات الثلاث (رئاسة الجمهورية، البرلمان، الحكومة)، خلال العام 2024، فيما بين أنها تتجاوز 5 تريليونات دينار بالعام.
وقال المرسومي في مدوّنة على حسابه بمنصة التواصل "فيسبوك"، إن هذه الأرقام تخص 10 أشهر من 2024، أي تستثني شهرَي تشرين الثاني وكانون الأول. وبحسب المرسومي بلغت رواتب الرئاسات الثلاث، لغاية شهر تشرين الأول الماضي، 419 مليار دينار لمجلس النواب، 36 مليار دينار لرئاسة الجمهورية، و5.157 تريليونات دينار لمجلس الوزراء.
في حزيران 2023، أقرّ مجلس النواب العراقي الموازنة المالية العامة للبلاد لسنوات 2023 و2024 و2025، عقب سلسلة جلسات عقدها البرلمان. وتعتبر الموازنة المعتمدة، الأضخم في تاريخ البلاد، حيث تبلغ قيمتها نحو 153 مليار دولار لكل عام، مع تسجيل عجز مالي كبير يقدر بنحو 48 ملياراً سنوياً، وهو الأعلى حتى الآن ويزيد على أكثر من ضعفي العجز المسجل بآخر موازنة لعام 2021.
وفي حزيران 2024، أقر مجلس النواب الموازنة العامة الاتحادية للعام الحالي، وهي "تضمّنت 156 تريليون دينار موازنة جارية، و55 ترليوناً للجانب الاستثماري موزعة بين الوزارات والمحافظات.
وكان رئيس الجمهورية، عبد اللطيف جمال رشيد، أقام في9 شباط/فبراير الجاري، دعوى قضائية أمام المحكمة الاتحادية العليا ضد كل من رئيس مجلس الوزراء الاتحادي، ورئيس مجلس النواب، ووزيرة المالية الاتحادية، إضافة إلى وظائفهم.
وتضمنت الدعوى 4 مطالب لرشيد في ما يخص رواتب موظفي إقليم كردستان، أولها "إصدار أمر ولائي عاجل، يُلزم وزارة المالية الاتحادية بصرف رواتب موظفي إقليم كردستان بجميع فئاتهم، سواء للأشهر السابقة أو اللاحقة، مع التأكيد على عنصر الاستعجال في هذه القضية". وثانيها: "ضمان الاستمرارية، بإلزام وزارة المالية بصرف الرواتب دون توقف أو تأخير، وعدم ربطها بأي متطلبات إدارية أو فنية مثل ميزان المراجعة أو الإجراءات الرقابية الأخرى".
وثالثها: "توطين الرواتب وفق تعليمات البنك المركزي العراقي، والسماح للموظفين باختيار المصرف الذي يفضلونه، بالتنسيق بين وزارة المالية الاتحادية ونظيرتها في حكومة الإقليم". ورابع هذه المطالب في دعوى الرئيس العراقي "تعديل قانون الموازنة”، حيث طالب مجلس النواب بتعديل البند (12) الفقرة (ج) من قانون الموازنة العامة لعام 2023. وضمان تنفيذ تعهدات الإقليم بتمويل الخزينة العامة بإيراداته النفطية بشكل عادل وشفاف".
أيضاً دعا رشيد لإلغاء شرط تخصيص 6 دولارات أمريكية لكلفة إنتاج النفط في الإقليم، باعتباره “تعسفياً” ويضر بالمصلحة الاقتصادية للدولة.
وانتقد سياسيون وناشطون على مواقع التواصل الإجتماعي، في حينها، الدعوى القضائية المرفوعة من قبل الرئاسة، فيما تنوعت الانتقادات بين المزايدات الانتخابية والحنث باليمين وبين فساد الإقليم وشركة أبن رئيس الجمهورية وأموالها، فضلا عن سخرية البعض من تلك الدعوى.
"النثرية" فاقمت التوترات
وبحسب مصادر سياسية فإن "وزيرة المالية طيف سامي قامت مؤخراً (قبل الدعوى القضائية) بقطع مليارات الدنانير المخصصة كمصروفات نثرية لرئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد وحراسه الشخصيين ومستشاريه، ما أثار استياء رئيس الجمهورية ودفعه لإرسال ممثل عنه للقاء وزيرة المالية لمعرفة ملابسات القضية".
وبحسب المصادر فإن "ممثل الرئيس التقى وزيرة المالية، وهي أخبرته بأنه تم قطع المبالغ النثرية بغرض خفض حجم النفقات"، لافتاً إلى أن "ممثل رئيس طلب من الوزيرة العدول عن القرار. لكن طيف سامي ردّت على ممثل الرئيس بأنه تم إرسال المبالغ النثرية لتسديد رواتب موظفي إقليم كردستان".
وأضافت، إن "الرئيس العراقي عقب الموقف المذكور تعهّد بتقديم شكوى رسمية أمام المحكمة الاتحادية بهذا الشأن"، وقد حاولت "انفوبلس" التواصل مع أحد مستشاري الرئيس للتأكد من حقيقة الشكوى، لكن المستشار ذكر أنه ليس لديه أي علم بالأمر.
وبعد اكتشاف زيادة راتب رئيس الجمهورية، عبد اللطيف جمال رشيد، ربط الكثيرون بين ما قالته المصادر السياسية وهذه الزيادة، ويبدو أن قطع مبالغ النثرية هي السبب في قيام رشيد بزيادة راتبه من 20 مليون دينار إلى أكثر من 27 مليون دينار.
وجاء ذلك بالتزامن مع اعتصام المئات من موظفي إقليم كردستان المعتصمين والمضربين عن الطعام في محافظة السليمانية، بسبب أزمة رواتب إقليم كردستان.
وعاش الموظفون في الإقليم، أزمات متوالية طيلة السنوات الماضية، أدت إلى شلل تام في الأسواق نتيجة تأخر صرف الرواتب وتطبيق نظام الادخار الإجباري الذي مارسته حكومة إقليم كردستان لسنوات عدة، بعد اعتماد رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي سياسة "التقشف"، بالإضافة إلى الخلافات المالية بين بغداد وأربيل، مما أدى إلى أزمة خانقة وكبيرة.


