عبد المهدي ينسف أكاذيب الكاظمي بشأن اتفاق الرياض وطهران.. تعرف على تاريخ الوساطة
انفوبلس/..
قصَّ رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي، رواية مختلفة لقصة الوساطة العراقية في إعادة العلاقات بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، لينسف مزاعم الروايات التي طرحها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.
*مزاعم الكاظمي
الكاظمي الذي ترأس الحكومة العراقية بين مايو/ أيار عام 2020 وتشرين الأول/ أكتوبر عام 2022، زعم أن حكومته قد أسّست للحوار الاستراتيجي بين الرياض وطهران وحصلت جلساته في بغداد وكانت على مستوى رؤساء الأجهزة وتناولت قضايا متعددة وكانت ناجحة جداً "وحققنا تقدماً كبيراً أوصل إلى المرحلة النهائية".
وذكر أيضاً، أن "هذا الحوار الذي بدأ عام 2021 كان صريحاً ومثمراً، وأول تقدُّم هو أنهم التقوا للمرّة الأولى وجهاً لوجه وتكلّموا بكل صراحة، والإيرانيون سمعوا وجهة النظر السعودية وسمع السعوديون وجهة النظر الإيرانية وحصل اعتراف بحدوث أخطاء بينها ما حصل للسفارة السعودية في طهران".
وتابع، أنه كان يحضر ويدير جلسات الحوار والتي كانت تستمر أحياناً خمس أو ست ساعات وتُعقد في مكان سرّي في بغداد حيث "كان أمنهم هاجساً جدياً لديّ، لئلّا يتعرّض أحد منهم لأي خطر".
*عبد المهدي ينسف
الفضل يرجع إلى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الشهيد قاسم سليماني
لكن، روى عبد المهدي، قصة مغايرة للاتفاق السعودي - الايراني، وقال، إن "الفضل" بذلك يرجع إلى قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الشهيد قاسم سليماني.
وقال عبد المهدي في مقال له، إن "الخطوة الأخيرة في بكين وصدور بيان ثلاثي بين الصين والسعودية وإيران ذات دلالات تاريخية وكثيرون ساهموا بصناعة هذا الحدث الاستراتيجي الذي إن نجح، من شأنه أن يغيّر وجه المنطقة، بل العالم. فالمسألة ليست مجرد إعادة علاقات بين بلدين قد اختلفا، على أهمية ذلك. بل إنها ستقود إلى تسوية كاملة لسلسلة ملفات حساسة وخطيرة".
وأضاف، إن "الجديد الحسّاس، الرعاية الصينية للاتفاق، بكل ما تمثله من دلالات وقدرات للمساهمة بإعادة بناء المنطقة. وللتوثيق السريع، أنقل بعض ما أعرفه، ولا شك أن آخرين لديهم أيضاً ما يعرفونه".
*تاريخ الوساطة العراقية
وتابع عبد المهدي، "كنتُ في زيارة رسمية إلى الصين (أيلول/ 2019)، وقبل اللقاء بالرئيس "تشي جي بينغ" الأمين العام للحزب، و"لي كه تشيانغ" رئيس مجلس الدولة (معادل لرئيس الوزراء) في 23/9/2019، اتصل قاسم سليماني وقال: هل تستطيع الذهاب إلى السعودية. سألته عن الغرض. قال للوساطة بيننا والمملكة، والأمر مستعجل. أجبته، سأذهب حال عودتي إلى بغداد. أخبرتُ الجانب الصيني بطلب سليماني، واستبشروا خيراً بذلك. استفسرتُ منه عمّا يقترحونه".
وقال عبد المهدي، "من النقاط التي طلب طرحها الآتي: - نستطيع المساعدة في حلّ الأزمة اليمنية عن طريق حكومة وحدة وطنية. – خلاف المُشاع، نرحب بتطور العلاقات السعودية/ العراقية، والانفتاح على شعبه. - الحوار والتنازل مع دول الجوار سهل، خلاف الخارج. – التعهد بتهدئة لعشر سنوات. - الاحترام المتبادل ولا غالب ولا مغلوب.- - ضمان الملاحة في الخليج. حل مشترك في سوريا وليبيا، وبقية المنطقة. - اجتماع وزراء الخارجية".
وزاد، "اتصلنا بالإخوة السعوديين، الذين سألوا عن سبب الزيارة، فكنتُ قد زرتُ المملكة في نيسان 2019. ذكرنا الطلب الإيراني للوساطة. سألوا عن الطرف الإيراني. قلنا سليماني، فرحّبوا. عُدنا صباح (25/9/2019). وغادرنا بغداد مساءً إلى السعودية يرافقني رئيس الوزراء السابق الكاظمي، (يومها مدير المخابرات)، ووزير النفط ثامر الغضبان، ومحمد الهاشمي مدير المكتب. استقبلنا خادم الحرمين، ثم عقدنا جلسة متأخرة في الليل مع ولي العهد".
وأوضح، "كانت منشآت أرامكو قد تلقّت ضربة صاروخية، واتُهِمت إيران بذلك، رغم نفيها المسؤولية. اتصل وزير الخارجية الأمريكي بومبيو يوم 5/9/2019 وقال، إن الصواريخ انطلقت من شمال الخليج وليس من العراق كما أُشيع وقتها. كان الجو في أعلى درجات التوتر. وكان ولي العهد يتكلم بتشدد. وعندما انتهى قلنا: سموّكم هل تريدون الحرب مع إيران. قال، كلا. قلنا إذاً لم نذهب إلى الحرب فإما أن تبقى الأوضاع متوترة، وتهددنا بالانفجار، أو التفاوض. قال لقد جرّبنا هذا الأمر مرات، ولم ننجح. ذكرتُ له كيف حُلّت المشاكل بين الراحلين الشيخ الرفسنجاني والملك عبد الله. قال ماذا تقترحون. قلت لنفتح نافذة. اُكتبوا رؤيتكم، وسننقلها للجانب الإيراني. ونحن واثقون أن هذا سيفتح باب الحوار. قال سأرسل لكم ورقة. وبالفعل وردت في (9/10/2019) بعنوان "ورقة لاستجلاء الموقف الإيراني". تتضمن 8 نقاط، طورت لاحقاً الى 9. مع ديباجة، تقول في جزء منها: "في الوقت الذي تحرص فيه المملكة على احترام مبادئ القانون الدولي، والالتزام العميق بأعرافه ومبادئه ومن بينها مبدأ حُسن الجوار، ومحاربة الإرهاب ومكافحة التطرّف، وتطوير علاقاتها مع دول العالم وبخاصة دول الجوار للإسهام في تمكينها من العيش في أمن واستقرار ورخاء"... الخ".
وأضاف "كانت الورقة "جافّة". طلب الجانب السعودي إن كانت لدينا مقترحات حولها. قلنا نعم. لم أُغيّر شيئاً جوهرياً، لكنني قمتُ بتليينها ببعض التعابير لمعرفتي بأن الجانب الإيراني "ناشف" أيضاً. وستكون هذه بداية سيئة. وبالفعل جاءت الورقة السعودية المعدَّلة، وفيها بعض الطراوة، دون الأخذ بكل مقترحاتنا. سلّمتُها إلى الشهيد. وكان قد اطلع على الورقة الأولى. قال حسناً فعلتُم، فالورقة الأولى كان سيصعب عرضها على القيادة الإيرانية. سألتُ سليماني قبل اغتياله بأسابيع عن الجواب الإيراني، فالجانب السعودي كان يطالب بذلك. قال إن القيادة الإيرانية ناقشت الموضوع وسأجلب الجواب عند عودتي إلى بغداد قريباً".
وتابع "للأسف الشديد، قامت الإدارة الأمريكية السابقة بعمليتها الجبانة/ الحمقاء. ولم يُعثر على حقيبته وفيها أوراقه، تركت المسؤولية في 7/5/2020، وتسلم الكاظمي الرئاسة. وفي زيارته الرسمية للمملكة، تقرر مواصلة المبادرة، وعُقدت الاجتماعات الأولى برئاسته في بغداد في نيسان/ 2021، وكان السيد محمد الهاشمي ينوب عنه عند تغيبه. ترأس الجانب السعودي الشيخ الفريق خالد الحميدان، والجانب الإيراني نائب أمين مجلس الأمن السيد سعيد إيرواني. وتوالت الاجتماعات وحضرها آخرون، إلى أن توِّجت بالاتفاق الاستراتيجي في بكين".
وختم بالقول، "الطرفان يفاوضان بحزم وقوة، وما كان يمكن للاتفاق أن يرى النور لولا التطورات الإقليمية والعالمية، وتصاعُد دور الصين، وأن هناك ضمانات لكلا الطرفين، وكذلك رؤى لعموم مسارات المنطقة، كما يمكن قراءته من البيان الختامي. ندعو العلي القدير أن يُزيل هذه الغمة عن هذه الأمة، وينصر إخواننا في فلسطين وبقية شعوبنا وبلداننا. الأمر سيبدو سهلاً عند اجتماع الكلمة. وسيبدو مستحيلاً، وكلمة الأعداء هي الأعلى، عند التنازع والاقتتال".
عموماً، استضافت بغداد - في المدّة من نيسان 2021 إلى نيسان 2022 - خمس جولات من المحادثات بين مسؤولي طهران والرياض. وقد أثارت الجولة الخامسة من المحادثات بين السعودية وإيران في بغداد شعوراً جديداً بالتفاؤل، إذ وصف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الجولة الخامسة بأنها كانت إيجابية، مشيراً إلى احتضان بغداد جولة جديدة. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده إنه يرى تقدماً في الجولة الأخيرة من المحادثات التي وصفها بـ"الإيجابية والجادة".
من الجدير بالذكر، أنه قبل وساطة الكاظمي، كان عبد المهدي قد تقدّم بمبادرة تقريب وجهات النظر بين الدولتين، وزار عاصمتيهما، ونقل رسائل مكتوبة بين الطرفين، حتى أنه أعلن أمام البرلمان العراقي مطلع 2020، وهو يشارك في جلسة خاصة بعد اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس، وقائد فيلق القدس الشهيد قاسم سليماني، أن القائد الإيراني كان يزور بغداد لإيصال رسائل تتضمن رد بلاده على رسالة سعودية سابقة نقلها عبد المهدي.
في طبيعة الحال، توقفت مساعي عبد المهدي بعد ذلك الاغتيال، وبسبب التطورات التي أعقبته، وكذلك بعدما استقال رئيس الوزراء العراقي نفسه، تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية، ويبدو أن خليفته - الكاظمي - قد بنى على تلك الوساطة، مستفيداً من تغير الأجواء في واشنطن بعد فوز بايدن ورحيل ترامب.
*عودة العلاقات
ايران والسعودية قدما شكراً إلى العراق بعد مساهمته في إعادة العلاقات بينهما
قبل خمسة أيام، أعلنت إيران والمملكة العربية السعودية استئناف علاقاتهما الدبلوماسية التي كانت مقطوعة منذ عام 2016، إثر مفاوضات استضافتها الصين، وفق ما جاء في بيان مشترك نقلته الجمعة الماضي، وسائل إعلام رسمية في البلدين.
وتضمن البيان الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية (واس) ووكالة أنباء "إرنا" الإيرانية الرسمية، أنه إثر مباحثات "تم توصل المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى اتفاق يتضمن الموافقة على استئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما وإعادة فتح سفارتيهما وممثلياتهما خلال مدّة أقصاها شهران".
يذكر أن العلاقات بين الرياض وطهران انقطعت في العام 2016، عندما هاجم محتجون إيرانيون البعثات الدبلوماسية السعودية في إيران بعدما أعدمت المملكة رجل دين الشيعي البارز نمر النمر.
وأوردت وكالة إرنا أن أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني الأدميرال علي شمخاني أجرى محادثات مكثّفة مع نظيره السعودي في الصين "من أجل حل المشكلات بين طهران والرياض بشكل نهائي".
واستضاف العراق سلسلة اجتماعات بين مسؤولين أمنيين من البلدين الخصمين لتقريب وجهات النظر.
وفي بيانهما المشترك، شكرت إيران والسعودية "العراق وسلطنة عمان لاستضافتهما جولات الحوار التي جرت بين الجانبين خلال عامي 2021-2022، كما أعرب الجانبان عن تقديرهما وشكرهما لقيادة وحكومة جمهورية الصين الشعبية على استضافة المباحثات ورعايتها وجهود إنجاحها".

