عين الشارع على الخضراء: جلسة مصيرية تحت ضغط الدستور والانقسام السني.. هل يفشل البرلمان في انتخاب رئاسته؟
انفوبلس/..
ترنو عين الشارع العراقي، إلى المنطقة الخضراء في قلب العاصمة بغداد، حيث مجلس النواب الذي سيعقد أولى جلسات دورته السادسة ظهر اليوم الاثنين، وسط خلافات مشتدة بين القوى السنية التي اتفق جزء منها على ترشيح النائب هيبت الحلبوسي، وسط رفض تحالف العزم المُصر على ترشيح رئيسه مثنى السامرائي.. وما بين هذين الاسمين والتنافس المحتدم يبرز سؤال جوهري: ماذا لو فشل البرلمان بانتخاب رئيسه ونائبيه اليوم؟
يستند الدستور العراقي إلى المادة 55 التي توجب انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه في الجلسة الأولى بالأغلبية المطلقة (نصف العدد الكلي زائد واحد) من خلال الاقتراع السري المباشر. إلا أن الدستور لم يعالج بشكل دقيق كيفية التعامل مع حالات مثل تساوي الأصوات أو عدم حصول أي مرشح على النسبة المطلوبة، وهو ما قد يسبب تأخيراً في إجراء الانتخابات.
الخلافات السياسية بين القوى المختلفة قد تؤدي إلى عدم تحقق النصاب القانوني المطلوب (نصف العدد الكلي زائد واحد)، مما يعرقل التقدم نحو انتخاب الرئيس ونائبيه في الجلسة الأولى، كما حدث في الدورات السابقة.
جلسة مفتوحة أو مستمرة
في تلك الحالات، قد يضطر المجلس إلى إبقاء الجلسة مفتوحة أو مستمرة إلى أن يتم التوصل إلى توافق أو تحقيق النصاب القانوني في جلسات لاحقة.
الخبير القانوني علي التميمي أوضح، أن المادة 55 من الدستور ليست حتمية بل تنظيمية، إذ لم تقترن بالجزاء في حالة المخالفة، مما يعني أن عدم انتخاب الرئيس ونائبيه في الجلسة الأولى لا يستدعي الطعن أمام المحكمة الاتحادية. ورغم ذلك، فإن المجلس سيكون مطالباً بتقديم تبريرات واضحة في حالة استمراره في تأجيل الانتخابات أو رفع الجلسات.
من جهة أخرى، أوضح التميمي أن الجلسة يمكن أن تكون مفتوحة أو مستمرة بناءً على قرار رئيس المجلس، ولكن في جميع الحالات، يجب أن يكون النصاب القانوني محققا حتى يتمكن البرلمان من اتخاذ القرارات اللازمة.
ويُتوقع أن تظل الضغوط السياسية قائمة لتسريع عملية انتخاب الرئيس ونائبيه في الوقت المحدد، على أمل تجنب حدوث مزيد من التأخير.
القضاء يؤكد على الحسم السريع
وكان رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان قد أكد أن الدستور نص على انتخاب رئاسة مجلس النواب في أول جلسة للمجلس.
وذكر مجلس القضاء في بيان، أن “رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، استقبل (الأربعاء الماضي) عضو مجلس النواب عامر الفايز الذي سوف يترأس جلسة مجلس النواب يوم 29 / 12 / 2025 باعتباره أكبر الأعضاء سناً”.
وشدد رئيس المجلس “على أهمية احترام النصوص الدستورية وتطبيقها كما وردت في الدستور وعدم تأويل النصوص باجتهادات لا أساس لها”.
وأضاف أن “المواد (54 و55) من الدستور نصت صراحة على انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه في اول جلسة للمجلس الجديد، وأي اجتهاد بخلاف ذلك يعد مخالفة دستورية صريحة تفتح الباب لمخالفات أخرى تعيق تشكيل السلطتين التشريعية والتنفيذية ضمن المدد الدستورية”.
الخلاف السني
وقبيل ساعات من عقد الجلسة الأولى لمجلس النواب للدورة السادسة، أعلن رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، أن المجلس السياسي الوطني، باستثناء تحالف العزم، توصل إلى اتفاق على ترشيح هيبت الحلبوسي لمنصب رئاسة البرلمان، فيما سارع مثنى السامرائي للرد على الخنجر، معلناً ترشيحه رسمياً مقابل هيبت الحلبوسي.
وقال الخنجر في مؤتمر صحفي، بحضور محمد الحلبوسي وثابت العباسي وأبو مازن، ليلة الأحد (28 كانون الأول ديسمبر 2025)، إنه “بعد مداولات ونقاشات بين قادة الكتل السياسية والأحزاب الفائزة في الانتخابات، والتي تمثل الأغلبية العظمة والمنضوية في المجلس السياسي الوطني، قررنا في حزب تقدم والسيادة والحسم والجماهير الوطنية، واتفقنا على أن يكون ممثلنا الوحيد لرئاسة البرلمان للدورة السادسة، من أجل إكمال الاستحقاقات الدستورية هو هيبت الحلبوسي”.
ودعا الخنجر، في المؤتمر الذي تابعته “انفوبلس”، “جميع الأحزاب في الفضاء الوطني إلى مراعاة هذا القرار الذي يمثل الأغلبية السنية في المجلس السياسي الوطني، من أجل استكمال الإجراءات الدستورية والمضي بتشكيل الحكومة العراقية”، مبيناً أنه “اتفقنا على هذا الاسم وهو يمثلنا جميعاً في هذه الدورة البرلمانية”.
العزم يرد بغضب
في المقابل، وبعد ساعات على مؤتمر الخنجر، رد رئيس تحالف العزم مثنى السامرائي، خلال مؤتمر صحفي عُقد قبيل فجر اليوم الاثنين، وتابعته “انفوبلس”، معلناً ترشيحه لرئاسة مجلس النواب في الجلسة الأولى للمجلس الجديد، والمقررة اليوم، قائلاً: إن “تشكيل المجلس السياسي الوطني للمكون السني جاء وفق اتفاق سياسي موقّع ونظام داخلي بين الأحزاب الفائزة بالانتخابات”، مشدداً على أن “جميع القرارات تُتخذ بالتوافق بين الكيانات المشكلة للمجلس”.
وأشار إلى أن تحالفه “حرص خلال الحملة الانتخابية والفترة السابقة على تجنّب الصراعات السياسية والمهاترات، وسعى إلى مدّ يد التعاون مع جميع الكتل، بهدف خدمة المواطنين وضمان تمثيل المكون السني بشكل إيجابي”، موضحاً ان ترشيحه “يهدف إلى أن يكون المجلس مثالاً للعمل الجماعي لخدمة جميع العراقيين من شمال البلاد إلى جنوبها”.
وقد أصدر تحالف العزم، عقب مؤتمر الخنجر مباشرة، بياناً رسمياً (28 كانون الأول ديسمبر 2025)، أوضح فيه، أن “جميع الأنباء المتداولة بشأن سحب ترشيح السامرائي أو استبداله غير صحيحة، ولا تمت إلى الحقيقة بصلة”، مشدداً على أن “موقف التحالف ثابت ولم يطرأ عليه أي تغيير”.
ونبه إلى أن “تحالف العزم ماض بترشيح السامرائي ضمن التفاهمات السياسية الجارية، وبما ينسجم مع الاستحقاقات الدستورية والاتفاقات بين القوى السياسية”.
اتهامات بالانقلاب
من جانبه، اتهم القيادي في تحالف العزم صلاح الدليمي، في تصريح متلفز (28 كانون الأول ديسمبر 2025) رئيس تحالف تقدم محمد الحلبوسي، بـ”الانقلاب” على النظام الداخلي للمجلس السياسي للتحالف، مؤكداً أن “ترشيح هيبت الحلبوسي تم بشكل منفرد، مخالفاً قواعد التوافق المنصوص عليها في النظام الداخلي، وأن هذه الخطوة تقرّب موت المجلس السياسي”.
وأضاف الدليمي، أن المجلس السياسي (السني) انقلب على نفسه مثل “إخوة يوسف”، لكنه شدد على أن تحالف العزم لن ينسحب، وسيواصل دعم ترشيح مثنى السامرائي لرئاسة البرلمان.
لا تمرير بلا توافق
وفي هذا الصدد، رأى النائب مختار الموسوي، اليوم الاثنين، أن جلسة مجلس النواب المقرر عقدها يوم غد لن تشهد حسم ملف انتخاب رئيس البرلمان ونائبيه.
وقال الموسوي، إن “الكتل السياسية تنتظر موقفاً سنياً موحداً للمضي بانتخاب رئيس مجلس النواب؛ كون منصب رئاسة المجلس يُعد من حصة المكون السني، ولا يمكن المضي بانتخاب الرئيس من دون اتفاق واضح بين القوى السنية نفسها”، مبيناً أن غياب التوافق داخل البيت السني سيقف عائقاً أمام تمرير هذا الاستحقاق الدستوري.
وأثبتت التجارب السابقة أن أي محاولة لفرض مرشح من دون توافق تؤدي إلى تعطيل الجلسات وإطالة أمد الأزمة السياسية، فيما قد تقتصر الجلسة على الإجراءات الشكلية، وفي مقدمتها تأدية اليمين الدستورية، في حال استمرار الخلافات وعدم الوصول إلى رؤية مشتركة.
وبين الموسوي أن “الاتفاق السني، متى ما تحقق، سيفتح الباب أمام انتخاب رئيس البرلمان بشكل سلس، ويُسهم في تسريع استكمال تشكيل رئاسة المجلس، مؤكداً في الوقت ذاته أن القوى السياسية مطالبة بتغليب لغة الحوار والتفاهم من أجل ضمان انطلاق عمل المجلس الجديد بعيداً عن التعقيدات والخلافات التي قد تنعكس سلباً على أداء السلطة التشريعية في المرحلة المقبلة”.
