الإمارات تخطط لترك أوبك وزلزال يضرب علاقتها مع السعودية.. النفط على المحك
إنفو بلس/..
تجري مناقشات داخل دولة الإمارات العربية المتحدة حول الانسحاب من منظمة أوبك في وقت تشهد فيه العلاقات الإماراتية - السعودية تراجعاً إلى مستويات غير مسبوقة، ما أدى إلى حدوث "جفاء سياسي" بين البلدين.
*تأثيرات على النفط
وبمجرد ورود أنباء عن تزايد حدّة الخلافات بين الرياض وأبو ظبي، ونية الأخيرة الانسحاب من أوبك، سجلت أسعار النفط انخفاضاً حاداً، فعند حلول الساعة 14:25 بتوقيت غرينيتش من يوم أمس، انخفض سعر العقود الآجلة لخام برنت تسليم مايو بنسبة 2.1% لتصل إلى 82.97 دولارا للبرميل، والعقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط تسليم إبريل - بنسبة 2.25% لتصل إلى 76.4 دولارا.
فيما كان سعر خام برنت قبل تلك الأنباء، حوالي 84 دولارا، وكان خام غرب تكساس الوسيط 77.5 دولارا. وتراجع الحد الأقصى لخام برنت بنحو 2.8% إلى 82.41 دولارا، وخام غرب تكساس الوسيط - بنسبة 2.9% إلى 75.88 دولارا.
إن قرار الإمارات بترك المجموعة القائمة على النفط والتي تمثل ما يقرب من 38٪ من إجمالي إنتاج النفط الخام في العالم سيقلل من قوى تحديد أسعار النفط للمجموعة.
وتنتج الإمارات العربية المتحدة حاليًا أكثر من 3 ملايين برميل من النفط الخام يوميًا، وهي ثالث أكبر منتج في منظمة أوبك.
بالنسبة لأسواق النفط، فإن حدوث كسر في أوبك من شأنه أن يمنح المزيد من نفوذ السوق للمنتجين من خارج أوبك مثل الولايات المتحدة وكندا والبرازيل – ومشتري النفط الخام مثل الصين والهند واليابان.
*نقاط الخلاف
تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال"، كشف أمس الجمعة، عن تصاعد حدة الخلافات بين الإمارات والسعودية بشأن عدة ملفات، أبرزها اليمن والنفط وغيرها، إذ تقول الصحيفة إن كبار قادة البلدين ابتعدا عن المشاركة في الأحداث التي استضافاها مؤخرا بشكل مقصود، وفقا لمسؤولين خليجيين.
واستشهدت بذلك بما شهدته قمة لقادة الشرق الأوسط عُقدت في أبوظبي الشهر الماضي وغاب عنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رغم حضور حكام الأردن ومصر وقطر وغيرهم فيها.
وتضيف، أنه قبل ذلك بنحو شهر لم يحضر كبار قادة الإمارات العربية المتحدة قمة صينية عربية رفيعة المستوى عُقدت في الرياض.
تشير الصحيفة، إلى أن هذا "التجاهل" المتبادل كشف عن تصاعد حدة الخلافات بين البلدين الجارين الحليفين للولايات المتحدة واللذان سارا على مدى سنوات بخطى متقاربة بشأن السياسة الخارجية للشرق الأوسط".
وعلى الرغم من أن السعودية والإمارات لا تزالان حليفتين بشكل رسمي، إلا أنهما تباعدتا على عدة جبهات، حيث تنافستا على الاستثمار الأجنبي والنفوذ في أسواق النفط العالمية واصطدمتا في تحديد اتجاهات حرب اليمن، وفقا للصحيفة.
وتتابع، أن "الخلافات اندلعت في البداية خلف أبواب مغلقة، لكنها بدأت تتسرب بشكل متزايد إلى العلن، مما يهدد بإعادة ترتيب التحالفات في الخليج، في وقت تحاول إيران ممارسة المزيد من النفوذ عبر المنطقة وأدت الحرب الروسية في أوكرانيا إلى ارتفاع أسعار النفط الخام وما تلاها من خلافات داخل منظمة أوبك".
تكشف الصحيفة، أن مستشار الأمن القومي الإماراتي الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان زار السعودية عدة مرات لمقابلة ولي عهدها، لكن مع ذلك فشلت هذه المحاولات في تخفيف التوترات، بحسب مصادر مطلعة.
*الخلاف الأكثر حدّة
تؤكد الصحيفة أن الخلاف الأكثر حدّة بين البلدين كان يتعلق باليمن.
وتنقل عن مسؤولين خليجيين القول، إن الإمارات سحبت معظم قواتها البرية من اليمن في عام 2019، لكنها ما زالت تخشى تهميشها من المناقشات حول مستقبل هذا البلد في الوقت الذي تواصل السعودية محادثات مباشرة مع أنصار الله "الحوثيين" بشأن إنهاء الحرب.
وأضاف المسؤولون، إن الإمارات ترغب بالحفاظ على موطئ قدم استراتيجي لها على الساحل الجنوبي لليمن وضمان وجود قوة في البحر الأحمر لتأمين الطرق البحرية من موانئها إلى بقية العالم.
في ديسمبر الماضي، وقّعت الإمارات اتفاقية أمنية مع الحكومة اليمنية المدعومة من الرياض تسمح للقوات الإماراتية بالتدخل في حالة وجود تهديد وشيك وكذلك تدريب القوات اليمنية في الإمارات وتعميق التعاون الاستخباراتي بين الجانبين، وفقا للصحيفة.
وتسعى الإمارات أيضا لبناء قاعدة عسكرية ومدرج على جزيرة في مضيق باب المندب في الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، بحسب مسؤولين خليجيين.
وأضاف المسؤولون الخليجيون، إن مسؤولين سعوديين اعترضوا سرّاً على الاتفاقية الأمنية وخطط بناء القاعدة، واعتبروا أن الإماراتيين يعملون ضد أهداف الرياض الرئيسية المتمثلة في تأمين حدود المملكة مع اليمن ووقف هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ التي يشنّها الحوثيون.
وردّاً على ذلك، نشر السعوديون قوات سودانية من التحالف العسكري العربي في مناطق قريبة من العمليات الإماراتية، وهو ما اعتبره المسؤولون الإماراتيون تكتيكا للترهيب، على حد قول مسؤولين خليجيين.
*اليمن
بالإضافة لليمن، حصلت جدالات بين البلدين، وهما اثنان من أكبر منتجي النفط في العالم، خلف أبواب مغلقة بشأن قضايا الطاقة.
داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) التي تقودها السعودية، كانت الإمارات ملزمة بضخ كميات أقل بكثير من طاقتها، مما يضر بعائداتها النفطية.
وقال مندوبو أوبك، إن الإمارات كانت تدفع منذ فترة طويلة باتجاه ضخ المزيد من النفط، لكن السعوديين رفضوا ذلك.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين إماراتيين القول، إن بلادهم تجري حاليا نقاشا داخليا بشأن مغادرة أوبك، وهو قرار من شأنه أن يهزّ المنظمة ويقوّض قوتها في أسواق النفط العالمية.
وتقول كبيرة مستشاري الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية دينا إسفندياري، إن "الإماراتيين قلقون من أن السعودية تعمل ضد مصالحهم، فيما السعوديون قلقون من الإمارات باتت تشكل تهديدا لهيمنة الرياض في الخليج".
*رد إماراتي
وردّاً على ما نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، نفى مسؤولون إماراتيون رفيعو المستوى نيّة بلادهم مغادرة منظمة "أوبك"، بحسب تصريحاتهم لوكالة "بلومبيرغ".
وأشار أحد المصادر، إلى أن السلطات الإماراتية كانت تفكر منذ عدة سنوات في تحديد التحالفات التي من شأنها أن تخدم المصالح طويلة الأجل للدولة على أفضل وجه، ومن وقت لآخر يقومون فعلا بإثارة مسألة الانسحاب من "أوبك".
وأكد المصدر أنّه على الرغم من ذلك، فإنه في الوقت الحاضر، لن تغادر الإمارات هذا التحالف، لأن مساوئ مثل هذا القرار تفوق الإيجابيات التي يتضمنها.
وأضاف، "إذا انسحبت الإمارات فجأة من أوبك، فقد يتسبب ذلك في انفصال سياسي ليس فقط مع المملكة العربية السعودية، وإنما أيضا مع حلفاء آخرين في منطقة الخليج، مثل الكويت والعراق".