الاجتماع الأول بغياب الحلبوسي والخنجر.. ما أسرار تجمع القيادات السنية تحت مسمى "خلية الملأ"؟
انفوبلس/ تقرير
بالتزامن مع الصراعات السياسية الداخلية، أثار تشكيل القيادات السنية "البارزة" في العراق، برئاسة رئيس مجلس النواب محمود المشهداني ما أسموه بـ"خلية الملأ"، التساؤلات والتكهنات حول الأسباب غير المعلنة من وراء هذا الاجتماع، فهل سيتم الإعلان عن "إطار تنسيقي سُني" يشابه الإطار التنسيقي الشيعي؟ وما الموقف الجديد من قانون العفو العام؟
والقوى السنية السياسية، تُعد الأكثر من ناحية تشكيل التحالفات السياسية والكتل، وغالبا ما تشهد انشقاقات، ولعل هذه الدورة النيابية (الخامسة) هي الأكثر بالانشقاقات، ولم تستقر على تحالف واحد يجمعها بالكامل.
*تفاصيل الاجتماع الأول لـ"خلية الملأ"
عقد رئيس مجلس النواب العراقي محمود المشهداني، في وقت سابق من أمس السبت، اجتماعاً مهماً في منزله بحضور ما سماها "خلية الملأ" من القيادات السنية البارزة، بغياب رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي ورئيس تحالف العزم خميس الخنجر.
وقال مكتبه الإعلامي، في بيان ورد لشبكة "انفوبلس"، إن "الاجتماع تناول الأوضاع السياسية في العراق والمنطقة، إضافة إلى تطورات الأحداث الراهنة والقضايا المحلية وتشريعات القوانين الهادفة لتحقيق العدالة الاجتماعية".
كما جرى، وفق البيان، "بحث الحلول اللازمة لمعالجة المشاكل العالقة، خاصة تلك المتعلقة بالمعتقلين، المهجرين، والنازحين، مع التأكيد على ضرورة إيجاد معالجات عادلة وشاملة لهذه الملفات". وشهد الاجتماع أيضاً، بحسب البيان، "التطرق إلى القضايا السياسية التفصيلية التي تضمن انسيابية العمل داخل مؤسسات الدولة، وتعزيز دور مجالس المحافظات في دعم الاستقرار والتنمية".
وأكد المجتمعون على أهمية "وحدة الموقف السني في التعامل مع القضايا الإقليمية، مع التشديد على ضرورة الحفاظ على أمن واستقرار العراق ودول المنطقة". كما تم الاتفاق على "السعي لتبني مواقف موحدة تنصف المظلومين والنازحين، بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة"، وفق ما جاء في نص البيان.
واختتم الاجتماع بالتأكيد على "تعزيز التنسيق والتعاون بين القيادات السنية لمواجهة التحديات الراهنة، والعمل على تلبية تطلعات العراقيين بما يحقق العدالة والاستقرار والازدهار".
*الأسباب غير المعلنة
لكن مصدر في تحالف القوى السنية أفاد بأن الاجتماع الموسع الذي عُقد في منزل رئيس مجلس النواب محمود المشهداني، ناقش بالتفصيل ملف العفو العام وآليات تنفيذه بما يضمن "تطبيق القانون للإفراج عن المغيبين قسرا والمعتقلين بتهم كيدية".
وبحسب المصدر، فإن المجتمعين اتفقوا على "تنظيم أجندة خاصة بمتابعة تطبيق قانون العفو العام كما ينبغي ومن بينها استضافة المسؤولين في وزارتي الداخلية والعدل للوقوف على ملفات المعتقلين من المكون السني تحديدا والاطلاع على تفاصيل قضاياهم والأحكام الصادرة بحقهم إلى جانب تنظيم زيارات ميدانية منتظمة إلى السجون من قبل لجنة نيابية خاصة بعد استحصال الموافقات الرسمية بذلك للإشراف على عملية الإفراج عن المشمولين بالعفو وإعداد كشوفات رسمية بذلك".
وأضاف، إن "القوى النيابية السنية أسهمت جميعها في تمرير قانون العفو العام وبالتالي لا يحسب إنجازا لصالح جهة أو طرف سني دون آخر لأن القضية تخص المكون ككل ولا يقتصر على طرف دون آخر وهذا يترجم تماسك الخطاب السني ووحدة حراكه".
كما وفق مصادر سياسية أخرى، فإن "رئيس البرلمان محمود المشهداني، يسعى ويعمل على تشكيل إطار تنسيقي سني، يشابه الإطار التنسيقي الشيعي، وجاء هذا التحرك لوجود مخاوف حقيقية لديه من أي تحرك لإقالته خلال المرحلة المقبلة"، مضيفة أن "هناك أهداف بعيدة من خلية الملأ خلال الفترة المقبلة وقد تكون خطوة أولية للانتخابات المقبلة".
وأظهرت الصورة المنشورة لـ"خلية الملأ" الكثير من القيادات السنية الحالية والسابقة من مختلف الأحزاب وحتى بوجود هيبت الحلبوسي عن حزب تقدم، لكن بغياب محمد الحلبوسي، فيما تشير المعلومات الى وجود نية لدى المشهداني لأنشاء ما يعرف بـ"الاطار السني".
وغالبا ما ترتبط الزعامة السنية السياسية، بمنصب رئيس مجلس النواب، فهو من يتزعم المكون سياسيا حتى انتهاء دورته، ومن ثم تسلم للرئيس الجديد.
ويشهد العراق حالة من الإرباك بعد معركة قانونية بين مجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا حول وقف العمل بقانونية تمرير القوانين الجدلية في إشارة إلى العفو العام والأحوال الشخصية والعقارات المشمولة بقوانين البعث، لاسيما بعد اعتبار رئيس مجلس القضاء القاضي فائق زيدان، قرار المحكمة مخالفا للدستور خصوصاً أن القوانين لم تُنشر في الجريدة الرسمية حتى تكون واجبة التنفيذ وبدء سريان قانون العفو العام في محاكم الوسط والجنوب.
وقدّم نواب في البرلمان، يوم الخميس، دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية العليا، ضد تصويت البرلمان على القوانين الثلاثة المثيرة للجدل "تعديل الأحوال الشخصية، وإعادة الملكية، والعفو العام".
يشار إلى أن رئيس البرلمان السابق ورئيس حزب تقدم، محمد الحلبوسي، كان أول من أصدر بيانا شديد اللهجة ضد الأمر الولائي، إذ عبر عن رفضه لإيقاف تنفيذ قانون العفو العام، مؤكدًا أن القانون يهدف إلى إنصاف الأبرياء والمظلومين فقط، ولا يشمل الإفراج عن "الإرهابيين"، وفيما اتهم المحكمة بتسييس قراراتها، شدد على عزمه مواجهة القرار بكل الوسائل القانونية والشعبية، ودعا إلى تنظيم مظاهرات ومقاطعة المؤسسات التي لا تحترم إرادة الشعب.
ومع حلول مساء الثلاثاء الماضي، بدأت محافظات سنية تعطل الدوام الرسمي، احتجاجا على الأمر الولائي، بدءاً بمحافظة نينوى، ومن ثم تلتها محافظة الأنبار، ومن ثم التحقت صلاح الدين بهذه المحافظات، وأعلن أخيرا محافظ كركوك، ريبوار طه تعطيل الدوام الرسمي في المحافظة.
وفي مقابل ذلك، أعلن الإطار التنسيقي، دعمه للمحكمة الاتحادية العليا لإيقاف تنفيذ القوانين التي مُررت خلال جلسة مجلس النواب المنعقدة في 21 كانون الثاني يناير الماضي، مستغربا "الهجمة ضد المحكمة الاتحادية، في محاولة للنيل من سمعتها والسعي لسلب حقها الدستوري في الرقابة على دستورية القوانين".
وصوت مجلس النواب بجلسته الثالثة من فصله التشريعي الأول، السنة التشريعية الرابعة للدورة الانتخابية الخامسة، المصادف 21 كانون الثاني/يناير الماضي، برئاسة محمود المشهداني رئيس المجلس على ثلاثة قوانين.
وبحسب بيان للدائرة الإعلامية للبرلمان، صوت المجلس بالمجمل على مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959 المقدم من اللجنتين القانونية والمرأة والأسرة والطفولة والذي جاء انسجاماً مع ما أقرَّته المادة (2) من الدستور بأنه لا يجوز سَن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام وما أقرته المادة (41) من ضمان حرية الأفراد في الالتزام بأحوالهم الشخصية وحسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم، أو اختيارهم، ولوضع تلك المادة موضع التنفيذ وتنظيم تلك الحرية في إطار القانون بالشكل الذي يحافظ معه على المحاكم كجهة قضائية موحدة بتطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية وفقاً للقانون، وبالنظر إلى طلب مواطني المكون الشيعي في مجلس النواب تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 بما يتيح للعراقيين المسلمين من أتباع المذهب الشيعي تطبيق أحكام المذهب الجعفري الشيعي عليهم، وعدم موافقة المكون السني في مجلس النواب بعدم سريان هذا التعديل على العراقيين المسلمين من أتباع المذهب السُني.
وصوت المجلس بالمجمل على مشروع قانون إعادة العقارات الى أصحابها المشمولة ببعض قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) المقدم من اللجنة القانونية، لصدور العديد من قرارات مجلس قيادة الثورة (المنحل) باستملاك الأراضي العائدة للمواطنين ولأجل إعادة الحقوق الى أصحابها وإزالة الآثار الناجمة عنها.
كما صوت المجلس بالمجمل على مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم (27) لسنة 2016 المقدم من اللجان القانونية، والأمن والدفاع، وحقوق الإنسان، والذي يهدف إلى عدم إتاحة الفرصة لمرتكبي الجرائم الإرهابية والجرائم المنظمة لخطف الأشخاص لما تمثله من سلوك إجرامي خطير وما خلَّفته من آثار سلبية على المجني عليهم أو ذويهم وخطورتها على المجتمع وإعادة دمج ممن يشمل بقانون العفو بالمجتمع بعد إعادة تأهيله بدوائر الإصلاح ومنحهم الفرصة للعيش الكريم.
وشهدت الجلسة فوضى ومشادات بين عدداً من أعضاء مجلس النواب احتجوا على آلية التصويت على القوانين الثلاثة الجدلية، فيما لجأ البعض إلى الصعود فوق منصة المجلس، ما دفع النائب الثاني لرئيس المجلس شاخوان عبد الله إلى رفع الجلسة، وذلك بعد مغادرة المشهداني القاعة عقب إعلانه تمرير القوانين. وعقب الجلسة، جمع العديد من النواب، تواقيع لإقالة المشهداني، بسبب اعتراضهم على آلية التصويت على القوانين.
وجاء التصويت على هذه القوانين بعد أشهر من الخلافات بين الكتل السياسية، والاعتراضات من قبل المتخصصين والمنظمات المدنية، دفعت لإلغاء العديد من الجلسات نتيجة المشاجرات والسجالات حولها.

