البرلمان معطّل وحكومة الإقليم معلقة واتفاق النفط مجمّد.. ما الذي يربط هذه الخيوط؟
شلل يصيب الدولة
البرلمان معطّل وحكومة الإقليم معلقة واتفاق النفط مجمّد.. ما الذي يربط هذه الخيوط؟
انفوبلس/..
في قلب العاصمة العراقية، تتصاعد الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تُنذر بشلل شامل في مؤسسات الدولة، مما يثير العديد من التساؤلات حول الأسباب الحقيقية وراء تعطيل هذه الملفات الحيوية التي تهمّ المواطن العراقي. من مجلس النواب المعطل إلى حكومة الإقليم المعلقة، وصولًا إلى اتفاق تصدير النفط المجمّد، تصبح الصورة أكثر قتامة.
لكن ما الذي يربط كل هذه الملفات؟ هل هي صراعات سياسية داخلية، أم اختلالات في النظام الفيدرالي؟ أم أن الوضع يعكس أزمة حكم مستفحلة؟
*تعطيل مجلس النواب
يعاني مجلس النواب العراقي من تعطيل شبه كامل للعديد من القوانين الهامة التي كان من المفترض أن تُقرّ، وأبرزها قانون الحشد الشعبي. فالمجلس عاجز عن عقد جلسات مكتملة، بسبب الخلافات بين الكتل السياسية التي فشلت في التوصل إلى توافق حول القوانين المهمة.
وأعلنت كتلتا ائتلاف دولة القانون والصادقون النيابية، امس الجمعة، مقاطعتهما لجلسات البرلمان لعدم إدراج قانون الحشد الشعبي
وقال الناطق الرسمي باسم ائتلاف دولة القانون النائب عقيل الفتلاوي، في تدوينة على منصة (أكس): "ما زلنا على عهدنا لأبناء الحشد الشعبي الأبطال في إحقاق حقوقهم من خلال إقرار قانونهم".
وأضاف، "ما زال موقف كتلة دولة القانون ثابت بعدم حضور جلسات مجلس النواب غير المتضمنة لفقرة هذا القانون".
الى ذلك، أكد النائب عن كتلة الصادقون النيابية أحمد الموسوي في تدوينة على منصة (أكس): "قلنا سابقاً ونؤكد اليوم إن موقف الصادقون ثابت ولا نقاش فيه "لا حضور لأي جلسة إذا لم يُدرج قانون الخدمة والتقاعد لمجاهدي الحشد الشعبي".
وأضاف، أن "الإصرار على التفريط بحقوق ابناء الحشد سيزيدنا قوة وثبات وعزيمة وإصرار وصلابة في المطالبة بانتزاع حقوقهم ورد الجميل لتضحياتهم الكبيرة".
يذكر أن جدول أعمال جلسة غدا السبت تضمن 6 فقرات، فيما لم يتضمن الجدول إدراج قانون الحشد الشعبي ضمن فقراته.
*حكومة الإقليم
أما في إقليم كردستان، فالأمور لا تبدو أفضل حالًا. حيث تعاني الحكومة الإقليمية من تعثر في تشكيل الحكومة الجديدة، بعد الانتخابات الأخيرة. كانت الخلافات السياسية بين القوى الحاكمة في الإقليم سببًا رئيسيًا في تأخير تشكيل الحكومة، في وقت كانت الحاجة ملحة لوجود حكومة تعمل على حل الأزمات الاقتصادية المستمرة، مثل الديون المستحقة والتعامل مع الضرائب المتأخرة.
وفقًا لتصريحات سعدي أحمد بيره، المتحدث باسم الاتحاد الوطني الكردستاني، فإن الاجتماعات بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني لا تزال مستمرة، لكن التوصل إلى اتفاق نهائي بشأن برنامج الحكومة لم يتحقق بعد. وأوضح بيره خلال مؤتمر صحفي: “لا يمكننا تأجيل كل شيء إلى أجل غير معلوم، كما لا يمكننا الاكتفاء باللوم المتبادل. علينا البحث عن حلول للمشكلات العالقة بيننا، وهو ما نعمل عليه حاليًا”.
وأكد بيره أن مسألة توزيع الحقائب الوزارية لم تُحسم بعد، مشيرًا إلى أن “كل ما يتم الحديث عنه حاليًا حول المناصب الوزارية ليس سوى دعاية، ولم يتم الاتفاق على أي منصب رسمي حتى الآن”.
التأخير في تشكيل الحكومة يثير قلق الشارع في إقليم كردستان الذي يواجه تحديات اقتصادية واجتماعية متزايدة، وسط تصاعد الأزمات في المنطقة. ويرى مراقبون أن استمرار الخلافات الحزبية ينعكس سلبًا على الأوضاع العامة، حيث يتطلع المواطنون إلى حكومة قادرة على إدارة الملفات العالقة، بدءًا من تحسين الاقتصاد إلى تعزيز الأمن والخدمات.
*اتفاق تصدير النفط: أزمة لا تُحل
أحد أبرز الملفات العالقة في العراق اليوم هو اتفاق تصدير النفط بين الحكومة المركزية وحكومة الإقليم. ورغم الاتفاقات التي أُبرمت سابقًا، لا يزال الملف يواجه تعثرًا مستمرًا، الأمر الذي أدى إلى تعليق الصادرات النفطية من إقليم كردستان إلى الأسواق العالمية. ويؤكد المراقبون أن هذا الخلاف حول النفط قد يعرقل خطط العراق الاقتصادية ويزيد من أزمته المالية.
وقبل يومين، كشفت لجنة النفط والغاز النيابية، عن وجود ما سمتها بـ"التحديات" بين الحكومة الاتحادية في بغداد وإقليم كردستان بشأن استئناف تصدير النفط الخام عبر ميناء جيهان التركي، وذلك في وقت تنطلق فيه جولة مفاوضات جديدة بين الطرفين.
وقال المتحدث باسم اللجنة علي شداد، إن "وزارة النفط استكملت كافة الإجراءات لتصدير النفط الخام عبر ميناء جيهان وأبلغت الجانب التركي بإنهاء استعداداتها لاستئناف التصدير، وذلك بعد تعديل قانون الموازنة لتصبح كميات النفط المصدرة تتراوح بين 300 ألف إلى 325 ألف برميل يومياً".
وأضاف، أن "الاجتماع الأخير المنعقد بين وزارة النفط وإقليم كردستان، ومطلب الإقليم بزيادة حصة الاستهلاك المحلي من 46 ألفا إلى 110 آلاف برميل في اليوم الواحد، يعد مخالفة صريحة للموازنة المصوت عليها من قبل نواب الإقليم في المجلس، ويعرقل إعادة تصدير النفط الخام عبر جيهان"، مشدداً على ان "الوفود التفاوضية قد انتهى دورها أمام مادة قانونية لا تقبل المفاوضة أو الاتفاق".
وتابع، أن "حكومة الإقليم تؤكد عدم إمكانية تصدير النفط الخام بهذه الكمية المنصوص عليها في الاتفاق والمثبت في قانون الموازنة، وهذا سيعطل القانون والتعديل الأخير ويؤخر استئناف التصدير عبر ميناء جيهان التركي، لذا نهيب بحكومة السوداني بتطبيق قانون الموازنة بشكل إجمالي مع التعديلات الأخيرة".
واكمل، إن "حكومة الإقليم ترى هذه القوانين و الاتفاقيات بمنظور سياسي ونحن نراها قانونية وفنية ونتمنى منهم العودة للجان المتخصصة لوضع آلية جديدة لتطبيق التعديل الأخير لقانون الموازنة"، موضحاً أن "العراق ملزم باتفاق أوبك بكمية -400 ألف برميل في اليوم الواحد تصدر عبر شمال العراق، و لكن ما هو مصدر عبر الإقليم 300 ألف برميل فقط، مما يجعلنا نفقد 100 ألف برميل من حصتنا طوال السنين السابقة".
ويوم الأربعاء الماضي، أفادت مصادر مطلعة، بأن استئناف تصدير نفط إقليم كوردستان عبر ميناء جيهان التركي يواجه عقبات تتعلق بآلية دفع نفقات الإنتاج والنقل، إذ تصرّ الشركات المعنية على الحصول على مستحقاتها مسبقًا، بينما ترفض الحكومة الاتحادية في بغداد تسليم أي أموال قبل تسوية المتعلقات المالية.
*ما الذي يربط كل هذه الخيوط؟
ويرى مراقبون أن الصراعات السياسية الداخلية بين الأحزاب والكتل السياسية التي تتنازع على المناصب والمصالح، هي التي تؤدي إلى تأخير تشريع القوانين وتشكيل الحكومات.
