الدعاية المبكرة واستغلال المناصب وشعارات طائفية.. مخالفات تلاحق دولة القانون قبل الانتخابات
انفوبلس/ تقرير
وسط أجواء انتخابية يلفها الغموض السياسي والتوتر الإقليمي، تتوالى الاتهامات بشأن مخالفات انتخابية ارتكبها مرشحون وقوى سياسية بارزة في العراق. التقارير الرسمية للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، إلى جانب ما رصده مراقبون محليون، كشفت عن تجاوزات وصلت إلى شخصيات رفيعة المستوى، بدءًا من رؤساء كتل سياسية نافذة، وصولاً إلى نواب ومسؤولين في الحكومة والبرلمان.
وفي هذا السياق، يسلّط هذا التقرير الضوء على سلسلة المخالفات التي ارتكبها مرشحو ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والتي شملت الدعاية المبكرة، استغلال المناصب الرسمية، الخطاب الطائفي، والتمويل غير المشروع، مع تحليل قانوني للمواد التي تم خرقها والعقوبات المفترضة، فضلاً عن تساؤلات جدية حول قدرة المفوضية على فرض القوانين على أصحاب النفوذ.
وأعلنت المفوضية العليا قائمة بأسماء الشخصيات والقوى المدانة بعد المخالفات، وقد شملت أعلى هرم السلطة، رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ووزراء ومسؤولين بارزين في الحكومة ومجلس النواب، من بينهم وزير الدفاع ووزير التعليم، والنائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي، فضلاً عن مثنى السامرائي وسارة إياد علاوي وشخصيات أخرى.
نظام الحملات الانتخابية
حدد نظام الحملات الانتخابية رقم (4) لسنة 2025، أوقات انطلاق الحملات الانتخابية، وطرق الدعاية والعقوبات التي ستواجه المرشحين في حالات المخالفة قد تصل إلى إلغاء ترشحه للانتخابات.
ونصت المادة (2) على:
أولاً: تبدأ الدعاية الانتخابية للمرشحين والأحزاب والتحالفات السياسية من تاريخ إجازة المفوضية بدء الحملة الانتخابية رسمياً وتنتهي قبل (24) ساعة من يوم الاقتراع الخاص.
ثانيًا: لا يحق للمرشحين والأحزاب والتحالفات السياسية البدء بالدعاية الانتخابية قبل أو بعد المدة المحددة من قبل المفوضية.
واشترطت المفوضية في المادة (4)، أن تحدد أمانة بغداد والبلديات المختصة في المحافظات بالتنسيق مع المفوضية الأماكن التي يُمنع فيها ممارسة الدعاية الانتخابية ولصق الإعلانات الانتخابية طيلة المدة السابقة على اليوم المحدد للانتخابات ويمنع نشر أي إعلان أو برنامج أو صور للمرشحين في مراكز الاقتراع.
كما حظرت المفوضية في المادة (9) استعمال شعار الدولة الرسمي في الاجتماعات والإعلانات والنشرات الانتخابية وفي الكتيبات والرسوم التي تستخدم في الحملة الانتخابية.
وفي المادة (10)، نصت المفوضية على عدم جواز استغلال النفوذ الوظيفي من قبل موظفي الدولة والسلطات المحلية للترويج لصالح أنفسهم أو لمرشحين بينهم بما في ذلك الأجهزة الأمنية والعسكرية.
كما حظرت في المادة (11)، الاتفاق على الدعاية الانتخابية من المال العام أو من موازنة الدولة أو من أموال الدعم الخارجي.
ونصت المادة (12) على: يحظر ممارسة أي شكل من أشكال الضغط والإكراه أو منح مكاسب مادية ومعنوية بما فيها (كتب الشكر للموظفين) بقصد التأثير على الناخبين وتوجيه إرادتهم نحو مرشحين معينين.
فيما حظرت المادة (13)، على أي مرشح أو حزب أو تحالف سياسي إصدار بيانات زائفة أو استخدام أسلوب التشهير أو التسقيط والتركيز على البرامج الانتخابية فيما يتعلق بنهج إداري للدولة في المرحلة القادمة.
وفي المادة (14)، نص النظام على: يحظر على أي مرشح أو حزب أو تحالف سياسي مشارك في الانتخابات أن يتضمن حملاته الانتخابية أفكارًا تدعو إلى إثارة العنف الطائفي أو العرقي أو الديني أو المذهبي أو الطائفية القبلية أو الإقليمية، سواء كان ذلك عن طرق الشعارات أو الصور أو الخطب أو وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة أو أية وسيلة أخرى من وسائل الإعلام والاتصالات المختلفة.
ابن شقيق المالكي أبرز المخالفين
استغل النائب علي صبحي المالكي، ابن شقيق زعيم الائتلاف، منصبه بوصفه نائبًا في البرلمان للترويج لنفسه مرة ثانية ضمن ائتلاف دولة القانون في محافظة بابل، والتي تم رصدها كما يلي:
الدعاية المبكرة، إذ تحظر المفوضية بدء الدعاية الانتخابية قبل موعدها، أي قيام المرشح بكتابة رقم القائمة وتسلسل المرشح للانتخابات قبل الموعد المحدد، وهو ما قام به النائب المالكي من خلال منشورات مكتبه الإعلامي، والتي تضمنت كتابة تسلسل النائب في الانتخابات.
استغل المالكي منصبه في البرلمان لتوقيع كتب وتوجيه دوائر حكومية لإنجاز بعض المهام لقاعدته الانتخابية، وذلك في إطار حملته الانتخابية. كما استغل المالكي المناطق الريفية لعقد اجتماعات مع الأهالي وتقديم وعود بتحسين واقعهم المعيشي.
عباس رشيد الخزرجي
تسرع المرشح عن ائتلاف دولة القانون من محافظة كربلاء عباس رشيد الخزرجي، بحملته الانتخابية، حيث وضع رقم القائمة وتسلسله في الانتخابات، على واجهة صفحته في فيسبوك، وهي مخالفة صريحة لنظام الدعاية الانتخابية.
كما استغل الخزرجي تظاهرات أصحاب البطاقة الحمراء، للترويج عن نفسه انتخابياً حيث أنتج فيديو وهو يحضر التظاهرة وأضاف عليها دعايته الانتخابية وتظهر اسمه ورقم الائتلاف وتسلسله الانتخابي، إضافة للعديد من المخالفات نشرها عبر صفحته في "فيسبوك" من ضمنها استغلال موارد الدولة.
المرشح مرتضى نصيف الخزرجي
يخوض مرتضى نصيف جاسم الخزرجي الانتخابات في محافظة بغداد ضمن ائتلاف دولة القانون، وتم رصد العديد من المخالفات التي ارتكبها الخزرجي والتي قد تؤدي إلى شطب ترشيحه واستبعاده من السباق الانتخابي، ومن بين أبرزها طباعة كارت طبي يحمل اسمه وصورته ورقم قائمته الانتخابية، وتوزيعه على المرشحين، في مخالفة صريحة لنظام الحملات الانتخابية.
المرشح حيدر المولى
المولى كان نائبًا سابقًا، وقد عاد لخوض الانتخابات في محافظة ميسان ضمن ائتلاف دولة القانون. وارتكب المولى مخالفة الدعاية المبكرة أيضًا عبر تصميم الصور والفيديوهات الخاصة به، والتي تحمل رقم ائتلاف دولة القانون في الانتخابات، وهي مخالفة واضحة للقانون، قد تؤدي لاستبعاده من الانتخابات.
المرشح الشيخ محمد العصاد العبادي
يخوض رجل الدين محمد العصاد العبادي الانتخابات ضمن ائتلاف دولة القانون، تحت شعار "من أجل الدين والمذهب والوطن، ولكي لا يعود حزب البعث من جديد، انتخبوني"، وهو شعار مخالف للقانون حيث استعمل المرشح الدين والمذهب لأغراض انتخابية. وفي مخالفة أخرى قام الشيخ بإعلان تسلسله ورقم القائمة قبل انطلاق موسم الدعاية الانتخابية، وهي مخالفة تخل بترشحه أيضًا.
هل تشمل عقوبات المفوضية ائتلاف المالكي؟
وبالعودة إلى قرار مفوضية الانتخابات الصادر في 24 أيلول/سبتمبر 2025، فإنّ جميع المخالفات التي تم رصدها توجب إجراءات عقابية، إذ نص القرار فرض غرامات مالية بحق المرشحين المخالفين للفقرات التي تنظم الدعاية الانتخابية، وإزالة المخالفات فورًا، وكما يلي:
أولاً: فرض غرامة مالية عن كل مخالفة قدرها مليوني دينار بحق المرشحين الواردة أسماؤهم بالقائمة (أ) والأحزاب والتحالفات الواردة أسماؤهم بالقائمة (ب) المرفقتين ربطًا استنادًا إلى المادة (5/ ثانيًا) من نظام الشكاوى والطعون رقم (10) لسنة 2025 لمخالفتهم المادة (2/ ثانيًا) من نظام الحملات الانتخابية رقم (4) لسنة 2025 والمادة (18) منه، وتبليغ لجنة الرصد المركزية بالإيعاز إلى لجنة الرصد الفرعية تبليغ المخالف بإزالة المخالفة.
وفي حال عدم إزالتها سيتم مضاعفة الغرامة استنادًا إلى المادة (23) من نظام الحملات الانتخابية رقم (4) لسنة 2025، وكما جاء في مذكرة الأمانة العامة لمجلس المفوضين/ قسم الشكاوى والطعون بالعدد (ق/728/25) في 2025/9/23 المعنونة (مخالفة الحملات الانتخابية لجنة الرصد المركزي) بالعدد (۲۷).
المفوضية تتوعد
وسبق أنّ شددت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات على ضرورة التزام المرشحين بفترة الدعاية القانونية، مؤكدةً فرض غرامات وعقوبات بحق المخالفين، ممن يطلقونها قبل موعدها الرسمي، الذي يسبق عملية الاقتراع بثلاثين يومًا.
وقال عضو الفريق الإعلامي للمفوضية حسن هادي زاير، إن "المفوضية شكّلت لجنة مركزية ولجانًا فرعية في جميع المحافظات لمتابعة مخالفات الدعاية"، مشيرًا إلى أنّ "أبرز المخالفات التي رُصدت هي البدء المبكر بالحملات، وهو ما يعرض المخالفين للعقوبات والغرامات".
نشر الصور في الشوارع مخالفة
كما أصدرت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قرارًا يقضي باعتبار نشر صور المرشحين في الشوارع بالوقت الحالي مخالفة دعائية. وقال المتحدث باسم مكتب المفوضية في ديالى سلام مهدي، إنّ "الخروق التي تم رصدها خلال الأيام الماضية حول نشر الدعاية وغيرها بلغت 14 خرقًا، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية بشأنها وهي فرض غرامات ومعالجة الخرق".
وأضاف مهدي، أنّ "تعليمات جديدة وردت اليوم من المكتب الوطني للانتخابات في بغداد، تقضي باعتبار الصور المنتشرة في الشوارع للمرشحين خرقاً انتخابيًا"، مؤكدًا أنّ "فرق المفوضية تحركت لاتخاذ الإجراءات اللازمة مع الدوائر ذات العلاقة وأبرزها البلدية".
المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ذكرت أيضًا على لسان عضو الفريق الإعلامي حسن زاير، أنّ لجنة الرصد والمتابعة الخاصة بالخروقات في الدعاية الانتخابية سجلت عددًا من الشكاوى، أغلبها تتعلق باستباق وقت الحملة على منصات التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أنّ "المفوضية باشرت بفرض الغرامات المالية على المخالفين وفق الضوابط القانونية".
وبحسب زاير، فإنّ "مفوضية الانتخابات وفرت آلية خاصة لتلقي شكاوى المواطنين يوم الاقتراع عبر استمارة رقم 110، ويمكن تقديم الشكاوى من خلال مراكز الاقتراع أو مكاتب المحافظات، ليتم التعامل معها بسرعة وشفافية".

