الصراع الكردي يحتدم.. اليكتي والبارتي يفشلان بإيجاد مخرج لتشكيل حكومة كردستان
مواطنو الإقليم فقدوا الثقة
الصراع الكردي يحتدم.. اليكتي والبارتي يفشلان بإيجاد مخرج لتشكيل حكومة كردستان
انفوبلس/..
لا تزال الخلافات السياسية تعصف داخل إقليم كردستان، وتؤثر بشكل مباشر على مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة هناك، رغم استمرار المفاوضات بين قوى الحزبين الرئيسيين (الاتحاد والديمقراطي)، لكن مع ذلك تبقى المصالح الحزبية الضيقة والتناحر على المناصب أهم العوامل التي تحول دون التوصل إلى أي اتفاق يخدم المواطنين.
*المصالح فوق كل اعتبار
في هذا السياق، قال النائب الكردي السابق، غالب محمد، "الأحزاب الكردية الحاكمة تضع مصالحها الشخصية فوق كل اعتبار، فيما يعاني المواطن الكردي من أزمات معيشية وخدمية خانقة نتيجة لسياساتها الفاشلة"، محملاً تلك الأحزاب مسؤولية التدهور المستمر في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية داخل الإقليم.
وأضاف أن "المواطن الكردي لم يعد يكترث لأخبار تشكيل الحكومة، لأنها لا تقدم له شيئًا ولا تحل مشاكله، بل تصب في مصلحة الأحزاب المتناحرة التي تتقاسم السلطة والثروات"، واصفًا عائلة بارزاني بأنها "رأس الفساد في الإقليم"، حيث تهيمن على مقدرات الحكم وتحتكر القرار السياسي.
*الصراعات الحزبية
من جانبه، أكد عضو في حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، أن "المباحثات بين الأحزاب الكردية مستمرة، لكنها لم تسفر حتى الآن عن أي بوادر اتفاق نهائي بسبب التباين الكبير في وجهات النظر". وأوضح أن "الخلافات تتركز بشكل أساسي على آلية توزيع المناصب داخل الحكومة المقبلة".
وأشار إلى أن "الاتحاد الوطني الكردستاني يسعى إلى تحقيق تمثيل عادل وحقيقي في الحكومة المقبلة، يعكس تطلعات المواطنين الأكراد، ويضمن تلبية مطالبهم المشروعة"، مشددًا على ضرورة "إبعاد ملف رواتب موظفي الإقليم عن التجاذبات السياسية، وعدم استخدامه كورقة ضغط في الصراعات الحزبية، لضمان وصول المستحقات المالية إلى الموظفين دون تأخير".
*سيناريوهات متعددة
تتعدد السيناريوهات المطروحة لتشكيل الحكومة المقبلة في إقليم كردستان العراق عقب الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 20 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مما يضع الأحزاب الفائزة أمام تحديات كبيرة.
فبعد أن فقد الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، الغالبية التي كان يتمتع بها سابقا رغم حصوله على 39 مقعدا، وصعود نجم حراك الجيل الجديد بـ15 مقعدا، بات تشكيل الحكومة يتطلب توافقات دقيقة على النفوذ والمناصب.
ويواجه الديمقراطيون صعوبة في عقد تحالفات مع المعارضة التي أعلنت رفضها المشاركة في أي حكومة تقودها الأحزاب التقليدية. في المقابل، يسعى الاتحاد الوطني الكردستاني برئاسة بافل طالباني لانتزاع مناصب مهمة وفرض توازن جديد بعد حصوله على 23 مقعدا.
*شأن داخلي
في ظل هذه الظروف، يتطلب تشكيل أي حكومة كردية مفاوضات شاقة وتنازلات متبادلة بين جميع الأطراف، إذ يسعى كل حزب لتحقيق أقصى مكاسب ممكنة.
ونفى عضو الديمقراطي الكردستاني محمد شاكر وجود أي تدخلات خارجية أو داخلية في عملية تشكيل الحكومة الإقليمية، مؤكدا أنها "شأن داخلي خالص".
وقال إن حزبه يسعى لإشراك جميع القوى السياسية الفاعلة في الحكومة المقبلة عبر إجراء مفاوضات مستفيضة مع جميع الأحزاب التي حازت مقاعد برلمانية، مشيرا إلى أن حزبه، بصفته الفائز الأول بالانتخابات بنحو 40% من المقاعد، يطالب باحترام إرادة الناخبين الكردستانيين.
*خلاف أساسي
من جانبه، أكد القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني محمود خوشناو أن الخلاف الأساسي بين القوى الكردية يدور حول منهجية الحكم وآلية تشكيل الحكومة والشراكة السياسية.
وأوضح أن أحد أهم أسباب تأخر تشكيل الحكومة هو عدم توصل القوى السياسية الفاعلة في برلمان الإقليم إلى اتفاق سياسي مشترك يؤدي إلى تكوين أغلبية برلمانية تسمح بانتخاب هيئة رئاسة البرلمان ورئيس الإقليم وتشكيل الحكومة.
وحسب خوشناو، تسير الحوارات على مسارين اثنين متوازيين:
الأول: هو الحوار بين الاتحاد الوطني الكردستاني والأحزاب الأخرى.
الثاني: هو الحوار بين الاتحاد الوطني، والديمقراطي الكردستاني اللذين يشكلان الأغلبية في البرلمان، مؤكدا أنهما يمتلكان نفوذا كبيرا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية في الإقليم، وأن الاجتماع الثالث بينهما المقرر في 7 يناير/كانون الثاني الحالي سيشهد مناقشة مسودة برنامج مشترك.
ووفقا له، فإن الأحزاب الأخرى تلعب دورا مهما ولكن ركيزة الحكم الأساسية في إقليم كردستان هي الاتحاد الوطني، والديمقراطي الكردستاني، مضيفا أن قضية المناصب ليست العقبة الرئيسية في تشكيل الحكومة، بل تكمن المشكلة في تحقيق التوازن والشراكة الحقيقية.
وأشار إلى أهمية دور الحكومة الاتحادية العراقية في دعم عملية تشكيل الحكومة في الإقليم، مؤكدا أن زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الإقليم، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ولقاءه قيادات الأحزاب الكردية كانت خطوة إيجابية.
وحذر من "وجود تدخلات خارجية في الشأن العراقي الكردي".
*الحل الأمثل
أما السياسي الكردي المعارض كاوه محمد فأكد أن الحل الأمثل لتجاوز الأزمات المتراكمة في إقليم كردستان يتمثل في تشكيل حكومة تكنوقراط مستقلة عن الأحزاب الرئيسية، قائلا إن "النفوذ الإقليمي والدولي يلعب دورا كبيرا في التأثير على طبيعة هذه الحكومة ومسار القرارات فيها".
وأبرز محمد عمق الخلافات بين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني، مؤكدا أن نفوذ كل منهما يتركز في مناطق محددة من الإقليم مما يعيق التوافق على تشكيل حكومة موحدة، مضيفا أن فشلهما في تحقيق التطلعات الشعبية في السنوات الماضية، وخاصة في مجال الإدارة الاقتصادية والأمنية، دفع بكثير من الناخبين إلى المطالبة بإصلاحات جذرية.
وبرأيه فشلت الأحزاب الحاكمة في بناء علاقات متوازنة مع بغداد ودول الجوار مما أسهم في تعقيد الأوضاع الداخلية في الإقليم، موضحا أن "التدخلات الخارجية تلعب دورا محوريا في التأثير على مسار الأحداث السياسية في كردستان، مما يعيق جهود الإصلاح والتغيير".
ورأى السياسي المعارض أن تشكيل حكومة تكنوقراط هو الحل الأمثل لإنهاء حالة الجمود السياسي والاقتصادي في الإقليم، وأشار إلى أن الأحزاب الحاكمة "ترفض هذا الخيار وتصر على الحفاظ على نفوذها ومصالحها الضيقة".